الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢٨, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
ليبيا
«الجيش الوطني» يحشد لحسم معارك طرابلس وحكومة السراج تنفي تسخير المهاجرين لخدمة حربها
القاهرة: جمال جوهر
نفى جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة، التابع للمجلس الرئاسي في حكومة «الوفاق الوطني» في العاصمة الليبية، تقارير دولية تتحدث عن «تسخير مئات المهاجرين وإجبارهم على نقل السلاح إلى جبهات الحرب في طرابلس»، فضلاً عن «تعرضهم للعنف الجنسي»، وقال إن الجهاز «يولى اهتماماً لجميع نزلائه، ويسعى إلى تأمينهم وتوفير الرعاية الصحية المطلوبة لهم».

وقال مسؤول بالجهاز التابع لوزارة الداخلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «بعض المنظمات الدولية تتهم أجهزتنا الأمنية باستخدام المهاجرين في نقل السلاح إلى خطوط القتال الأمامية بالعاصمة، وهذه كلها تقارير عارية عن الصحة».

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن «لدينا بعض الأزمات والإخفاقات في عدد من مراكز الإيواء لأسباب خارجة عن إرادتنا»، لكنه أوضح أن «بعض المنظمات درجت منذ سنوات على توجيه الاتهامات المرسلة إلينا دون التثبت منها».

كانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد قالت مساء أول من أمس، إن «المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في ليبيا يتعرضون للتعذيب والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، وللعمل القسري والابتزاز والعنف الجنسي»، بالإضافة إلى تعرض بعض مقرات الاحتجاز التي تقع في الضواحي الجنوبية من العاصمة لمخاطر بسبب الحرب الدائرة بين «الجيش الوطني» وقوات موالية لحكومة «الوفاق» في تلك المناطق.

وأفادت المنظمة في بيانها بأنه من خلال جمع شهادات محتجَزين اثنين في مركز اعتقال في تاغوراء، ضاحية شرق طرابلس، تبين أنّ «مسلحين أجبروهما على إصلاح مركبات عسكرية»، وتحدث أحد المحتجزين عن إحضاره مع معتقلين آخرين إلى «منطقة شهدت قتالاً متكرراً».

وأضافت المنظمة أنه وفقاً لأحد المصادر، فإنّ أحد المحتجزين في مركز اعتقال طريق السكة في طرابلس قال إن «بعض أعضاء الميليشيات خزّنوا الأسلحة والذخائر، بما فيها الصواريخ المحمولة على الأكتاف والقنابل اليدوية والرصاص قرب مكان إيواء المحتجزين، وأُجبر المحتجزون على المساعدة في نقلها».

وتقول حكومة «الوفاق» إنها تسعى دائماً إلى تأمين المهاجرين غير الشرعيين، لحين نقلهم طوعاً إلى دول أخرى تفضل استضافتهم، مشيراً إلى أن هناك تقارير «موجهة تفتقر إلى النزاهة والحيادية، ولا ترى إلا ما يخدم مصالحها وتوجهها فقط».

ونقلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 325 لاجئاً الأربعاء الماضي من مركز احتجاز بمنطقة قصر بن غشير، جنوبي طرابلس، بسبب تصاعد العنف قرب العاصمة، إلى مركز احتجاز في الزاوية، شمال غربي ليبيا، حيث تقل المخاطر التي يواجهونها.

وقالت المفوضية إن عملية الإجلاء الأخيرة «ترفع عدد المهاجرين واللاجئين الذين نقلوا بسبب الاشتباكات إلى 825 في أربع عمليات خلال الأسبوعين الماضيين». وبينما تمسك المسؤول بجهاز مكافحة الهجرة برفضه للتقارير الدولية التي تتحدث عن «وجود سخرة» في بعض مراكز الإيواء، قال إن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، «لم تزر غالبية مراكز الإيواء، حتى تُصدر أحكاماً مشكوكاً في صحتها».

واستغرب المسؤول من أن بعض المنظمات الدولية ذكر أنه «يتم استخدام المهاجرين في تعلية مباني مراكز للإيواء، في حين أن المراكز المستهدفة مُشيدة من الصفيح». كما تصدى أيضاً في رده على الاتهام الذي أوردته «رايتس ووتش» بـ«حرمان المهاجرين من الطعام»، وقال: «ليس لدينا نزيل ينام من غير عشاء... رغم أن مركزي السبعة وتاغوراء لا يحتويان على مواد للإعاشة، ونضطر للاعتماد على صدقات المواطنين، والشركات المحلية لإطعام النزلاء».

وتابع المسؤول ذاته موضحاً: «منذ مطلع أبريل (نيسان) الجاري وبعض الشركات المحلية تورّد المواد الغذائية للمركزين دون مقابل مادي»، مشيراً إلى أن «بعض المواطنين يقدمون زكاتهم حتى لا يجوع أي لاجئ في ليبيا».

وانتهى المسؤول إلى أن بعض المنظمات، مثل «أطباء بلا حدود»، و«الدولية للهجرة» توجد بشكل يومي في مراكز الإيواء، وترصد ما يجري هناك، لكنها «لم تذكر أن المهاجرين يتعرضون للسخرة».

وأحصت المنظمة الدولية للهجرة 5,933 محتجزاً في «مراكز احتجاز» رسمية. لكن جماعات عسكرية تحتجز مئات آخرين في أماكن لا تخضع لأي إشراف.

وفي بيان صدر منتصف الأسبوع الماضي حول الوضع الإنساني في ليبيا، أشارت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة ماريا دو فالي ريبيرو، إلى «القلق» حيال وضع «المهاجرين، طالبي اللجوء واللاجئين، الذين يوجد 3,600 منهم في مراكز احتجاز ضمن مناطق قريبة من خطوط المواجهة، ولذلك تسعى المنظمة الدولية للهجرة إلى إجلائهم إلى مكان أكثر أمناً».

«الجيش الوطني» يحشد لحسم معارك طرابلس... و«حكومة الوفاق» تعزز ميزانية الحرب
مصادر أميركية تتحدث عن رغبة واشنطن في الجمع مجدداً بين حفتر والسراج على طاولة المفاوضات

القاهرة: خالد محمود
رغم الهدوء النسبي، الذي شهدته أمس مختلف محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي غازلته مجددا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس، وقوات تابعة لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، فإن مصادر عسكرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش «يسعى لكسب مزيد من الوقت لتعزيز قواته استعدادا لحسم المعارك»، بينما عززت حكومة «الوفاق» ميزانية تداعيات الحرب.

وأعلنت غرفة عمليات طرابلس، التابعة لـ«الجيش الوطني»، عن مغادرة موظفي بعثة الأمم المتحدة بالكامل من مطار معيتيقة الدولي بطرابلس إلى خارج ليبيا، فيما نشرت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش صورا فوتوغرافية لعملية المغادرة.

وتحدثت مصادر أميركية دبلوماسية وعسكرية لـ«الشرق الأوسط» عن رغبة واشنطن في الجمع مجددا بين حفتر والسراج على طاولة مفاوضات، لكنها امتنعت عن تأكيد أو نفي زيارة، قالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وفدا أميركيا رفيع المستوى قام بها إلى مقر المشير مؤخرا في الرجمة، خارج مدينة بنغازي، الواقعة شرق ليبيا.

وقال مسؤول أميركي بوزارة الخارجية، ردا على أسئلة لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لن يتحقق السلام الدائم والاستقرار في ليبيا إلا من خلال حل سياسي»، داعيا جميع الأطراف إلى «العودة بسرعة إلى وساطة الأمم المتحدة السياسية، التي يعتمد نجاحها على وقف إطلاق النار في طرابلس وحولها».

وأوضح المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه، أن «الولايات المتحدة تدعم الجهود المستمرة، التي يبذلها الممثل الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة، وبعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا للمساعدة في تجنب المزيد من التصعيد، ورسم طريق للأمام توفر الأمن والازدهار لجميع الليبيين»، معتبرا أن «القتال المستمر يعرض المدنيين الأبرياء للخطر، ويدمر البنية التحتية المدنية، ويعرض جهود مكافحة الإرهاب الأميركية الليبية للخطر».

وتطابقت هذه التصريحات مع تأكيد نات هيرنج، الناطق باسم قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم»، لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الأميركية «تعتبر أن الحل السياسي، وليس العسكري، هو الطريق إلى الأمام للمشكلة القائمة التي تواجه ليبيا... ونحن نواصل مراقبة الموقف من كثب، ونبقى في تنسيق وثيق مع وزارة الخارجية الأميركية».

وكانت تريش كانديس، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية لشؤون شمال أفريقيا، اعتبرت في تصريحات لقناة (الحرة) الأميركية أن الهدف الأساسي، الذي ينبغي تحقيقه في ليبيا «يتمثل في القضاء على جميع المجموعات الإرهابية قصد تمكين الليبيين من توحيد صفوفهم وبناء دولة ديمقراطية».

من جانبه، ناقش السراج أمس خلال اجتماعه بطرابلس مع عمداء أربع بلديات احتياجاتها، في ظل ما وصفه بـ«الظرف الاستثنائي»، فيما عبر العمداء عن دعمهم وتأييدهم لما اتخذه السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، من «موقف قوي وحازم للتصدي للعدوان، الذي يستهدف طرابلس عاصمة كل الليبيين»، مشددين على أنه لا حل عسكري للأزمة الليبية، وأن ما وقع من اعتداء «يعد انقلابا على الشرعية، وعلى الاتفاق السياسي والمسار الديمقراطي».

وكان الآلاف من سكان طرابلس ومصراتة تظاهروا، مساء أول من أمس، للجمعة الثالثة على التوالي منذ بدء المعارك في الرابع من الشهر الحالي، ورفعوا في ميدان الشهداء بطرابلس شعارات ترفض استمرار الحرب، وتطالب قوات «الجيش الوطني» بالانسحاب.

كما ارتدى بعض المتظاهرين سترات صفراء، احتجاجا على ما اعتبروه دعما فرنسيا للعملية العسكرية التي أطلقها الجيش.

ميدانيا، قال مصدر عسكري بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش عزز قواته الموجودة في محور مطار طرابلس الدولي بقوات مشاة، لافتا إلى أنها قامت أمس بأسر ثلاثة أشخاص، وأن «الموقف جيد في محور عين زارة ومطار طرابلس. لكن هناك مقاومة وكر وفر في محور الهيرة، الذي ما زال هو الأصعب لأنه يعتبر خطوط مواصلات القوات الموجودة في طرابلس». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه: «الجيش يكسب الوقت لدفع تعزيزات أكبر في كل يوم، وقد قمنا بتعزيز مجموعتنا في المطار بمجموعة أخرى وذخائر». بدوره، أوضح مكتب الإعلام بالكتيبة «155» مشاة، التابعة لـ«الجيش الوطني»، أن مناوشات واشتباكات متقطعة جرت أول من أمس في سبعة محاور خلال معارك العاصمة طرابلس، لافتا إلى أن قوات الجيش تُحافظ على تمركزاتها في منطقة وادي الربيع وعين زارة.

من جهة أخرى، اعترفت وزارة الداخلية بحكومة السراج بوجود سفينة شحن إيرانية، مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية في ميناء مصراتة، تحمل 144 حاوية. لكنها نفت في بيان، أمس، أن تكون محملة بأي مواد ممنوعة.

وكان «الجيش الوطني» قد لمح إلى أن السفينة تحمل معدات عسكرية لصالح الميليشيات المسلحة، التي تناصبه العداء في مصراتة، غرب البلاد.

إلى ذلك، قال علي العيساوي، وزير الاقتصاد بحكومة السراج، وفقا لـ«رويترز» إن حكومته جهزت ما يصل إلى ملياري دينار (1.43 مليار دولار) لتغطية تكاليف طارئة للحرب المستمرة منذ ثلاثة أسابيع للسيطرة على العاصمة، مثل علاج المصابين، وتقديم المساعدات للنازحين، وغير ذلك من نفقات الحرب الطارئة.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
سيف الإسلام القذافي يخطط للترشح لرئاسة ليبيا
اشتباكات غرب طرابلس... وحكومة «الوحدة» تلتزم الصمت
رئيس مفوضية الانتخابات الليبية: الخلافات قد تؤخر الاقتراع
خلافات برلمانية تسبق جلسة «النواب» الليبي لتمرير الميزانية
جدل ليبي حول صلاحيات الرئيس القادم وطريقة انتخابه
مقالات ذات صلة
دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة
كيف تتحول الإشاعات السياسية إلى «أسلحة موازية» في حرب ليبيا؟
لقاء مع غسان سلامة - سمير عطا الله
المسارات الجديدة للإرهاب في ليبيا - منير أديب
ليبيا من حالة الأزمة إلى حالة الحرب - محمد بدر الدين زايد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة