الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢٣, ٢٠١٢
المصدر: جريدة الحياة
السباق الرئاسي في مصر يتجه نحو الوسط السياسي - صلاح سالم

تخلصت مصر بخروج عمر سليمان وخيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل من سباق انتخابات الرئاسة من خيارين متطرفين كانا يلقيان بظلال معتمة على مستقبلها السياسي: أولهما هو خيار إعادة إنتاج نظام عسكري متقادم، كان قد أخذ في التصاعد بذريعة مواجهة تديين الدولة وفي محاولة (رفع العمامة عن رأس مصر). وثانيهما هو خيار بناء نظام جديد مهجوس بالمرجعية الدينية سواء اللينة/ المضمرة؛ حال فوز الشاطر، أو الصلدة/ الزاعقة؛ حال فوز حازم أبو إسماعيل، بذريعة مواجهة عسكرة الدولة. إن الخلاص من سليمان والشاطر وأبو إسماعيل معاً، هو تطور محوري وحافز أساس، ليس فقط إلى تجاوز الأزمة الراهنة، بل ودفع المجتمع المصري نحو الوسط السياسي الذي يمثله بالأساس رجلان من طراز عمرو موسى وعبدالمنعم أبو الفتوح، فالأول ليبرالي ذو خلفية عائلية وفدية، وقدرات قيادية كارزمية، على رغم عمله ضمن فريق وزاري انتمى قبل أكثر من عشر سنوات للنظام البائد. والثاني مهني مثقف ومتفتح، تمتد جذوره في التربة الإسلامية ولكن لديه ميول ليبرالية واضحة عاينتُها عن قرب وعبر حوار مباشر معه في ندوة عصف ذهني حول مستقبل الديموقراطية في مصر جمعتنا لأكثر من ثلاثة أيام، قبل نحو خمس سنوات، في مدينة الإسماعيلية. يملك الرجلان الحظ الأوفر والفرصة الأكبر للفوز، ولكن الأهم من ذلك أن فوز أيهما يمثل فوزاً للثورة ولمصر، إذ يبقى الجميع (من الإسلاميين والليبراليين) في موقف مطمئن ويقلل من خوفهم على مستقبل الدولة. ناهيك عن أن موسى يلبي جزئياً حاجة المجلس العسكري إلى رجل دولة حقيقي ومجرب، يضمن نوعاً من الاعتدال عند التعاطي مع موقع القوات المسلحة في النظام السياسي، كما يضمن نوعاً من التعامل اللائق مع رجال المجلس أنفسهم بعد نهاية المرحلة الانتقالية، وهو أمر مهم لا بد أن تتفق عليه النخبة، فالخروج الآمن لهؤلاء الرجال هو مطلب حكيم، وضرورة لا بد منها لسلمية وسلاسة عملية انتقال السلطة. وفي المقابل يلبي عبدالمنعم أبو الفتوح جزئياً رغبة التيار الإسلامي في وجود مرشح ذي خلفية إسلامية، على نحو ينفي الحاجة إلى المرشح الاحتياط لـ «الإخوان» محمد مرسي، ما يعد تأكيداً لوعدهم السابق، وتطميناً للجميع برغبتهم في المشاركة وابتعادهم من نهج المغالبة، ولا حرج هنا أن يعلنوا تأييدهم لأبو الفتوح إذا ما نزعوا من أنفسهم مرارة عصيان الرجل قرارهم بعدم الترشح، وكذلك إذا ما تجاوز الرجل مرارة قرارهم غير العادل بإقالته من الجماعة، وجميعها أمور ممكنة إذا ما تحلى الجميع ولو بمقدار صغير من الرؤية الثاقبة، وبذرات قليلة من حب الوطن، الذي غضبوا جميعاً لأجله، وادعى كل منهم استعداده للتضحية في سبيل حريته والجهاد لأجل تقدمه قبل نحو عام ونصف العام فقط.

 

* كاتب مصري



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة