الخميس ٢١ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آذار ٢١, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
الجزائر

الملف: انتخابات
الحراك الشعبي يفكك أكبر حزبين مواليين لبوتفليقة
أنباء عن تنحي الرئيس «قريباً» استجابة لمطالب المحتجين
الجزائر: بوعلام غمراسة
فجّر تطور الحراك الشعبي في الجزائر صراعاً حاداً داخل حزبي السلطة الرئيسيين، ينبئ بانهيار منظومة الحكم التي بناها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على مدار 20 سنة، التي كانت حتى وقت قريب الدعامة، التي ارتكز عليها في رغبته تمديد حكمه. وبحسب قطاع من المراقبين وعدد من المقربين منه، فقد باتت أيام بوتفليقة في الرئاسة معدودة، وباتوا يتوقعون استقالته قبل نهاية ولايته الرابعة في 28 من الشهر المقبل.

وقال بيان لحزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده رئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى، أمس: إن المتحدث باسمه صديق شهاب «ابتعد عن المواقف المعروفة لحزبنا»، في إشارة إلى تصريحات قوية لشهاب، بثتها فضائية خاصة ليلة أول من أمس، جاء فيها أن «ترشيحنا للرئيس بوتفليقة وهو على هذه الحالة (مريض)، كان نقصان بصيرة من جانبنا. نعم، لقد أخطأنا التقدير، ويجب الاعتراف بذلك». وهذه هي المرة الأولى منذ انفجار الشارع ضد «العهدة الخامسة» في 22 فبراير (شباط) الماضي، التي يرد كلاماً بهذه الحدة على لسان أحد أبرز مؤيدي الرئيس.

وأفاد شهاب في تصريحاته، بأن «قوى غير مهيكلة وغير دستورية، سيرت البلاد في السنين الأخيرة»، من دون توضيح من يقصد. لكن فهم منه أن المعنيين بالأمر هم رجال أعمال يحيطون بالرئيس، ينسب لهم نفوذ كبير في تسيير الشأن العام خلال فترة مرض الرئيس.

وأفاد بيان الحزب، بأن النقاش في البرنامج التلفزيوني، الذي شارك فيه شهاب، «كان مستفزاً وموجهاً؛ ما أدى بزميلنا إلى الانفعال في بعض الأحيان... وأمام تساؤلات عدد كبير من مناضلي حزبنا حول هذه الواقعة، يؤكد التجمع الوطني الديمقراطي أن موقفه قد بلوره بوضوح في الرسالة التي وجهها السيد أحمد أويحيى، الأمين العام للتجمع، لمناضلي الحزب بتاريخ 17 مارس (آذار) 2019. سواء ما يتعلق بقراءة التجمع لمجريات الوضع السائد على الساحة الوطنية، أو فيما يتعلق بتقدير الحزب ووفائه للسيد رئيس الجمهورية، بما في ذلك مضمون رسالتيه الأخيرتين الموجهتين للأمة خلال الشهر الحالي».

وفي «الرسالة»، التي تحدث عنها البيان، دعا أويحيى المناضلين إلى «المساهمة في تجاوز الجزائر لأزمتها الحالية، وذلك من خلال تغليب التعقل خدمة للمصلحة الوطنية، وهي غاية وطنية نبيلة تستوقفنا جميعاً للعمل على رص صفوف حزبنا؛ بغية تجنيد كافة طاقاتنا الحية في المجتمع، لبسط السكينة والتعقل، ولتجسيد التغيير المنشود بطرق منتظمة تحمي استقرار الدولة وسلامة العباد».

وأكد أويحيى في الرسالة، أنه باقٍ على ولائه للرئيس بقوله «أخوكم قضى خمس سنوات متتالية (مديراً لديوان الرئيس، ثم رئيساً للوزراء) كعربون جديد في خدمة الجزائر، دون كلل أو ملل، وكذا في دعم رئيس الجمهورية في كل الظروف، وهذا بشهادة الخصم قبل الصديق».

من جهة أخرى، وقعت ملاسنات ومشادات، أمس، في العاصمة خلال بداية اجتماع حزب «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، وهو حزب الرئيس؛ إذ أعلن «أمناء المحافظات» (ممثلو الحزب بالولايات) أن بوشارب «منسق هيئة تسيير الحزب»، أصبح مرفوضاً لديهم ولدى المناضلين، واعتبروا أنفسهم «جزءاً من الحراك الشعبي المطالب برحيل النظام ورموزه». وصرح بوشارب بعد الاجتماع، بأن الحزب «متخندق مع الشعب ومع السيادة الشعبية». وأشاد بـ«المسيرات الشعبية التي كانت سلمية، والحزب كان دائماً مع كلمة الشعب، وكان شعاره دائماً من الشعب وإلى الشعب».

علماً بأن بوشارب كان قد تهكم قبل شهر من المطالبين بالتغيير، وقال: إن «بوتفليقة نبي بعثه الله لإصلاح أحوال هذه الأمة». وذكر قياديون في «جبهة التحرير»، لـ«الشرق الأوسط»، أن أيام بوشارب على رأس الحزب أضحت معدودة، وأن التحضيرات جارية لعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة.

وكان بوشارب برلمانياً مغموراً قبل أشهر معدودة، لكن قذفت به رئاسة الجمهورية إلى رئاسة البرلمان في ظروف غامضة، بعد أن تم تدبير انقلاب على رئيسه المنتخب سعيد بوحجة رغم ولائه الشديد لبوتفليقة. وبعدها عزلت الرئاسة أمين عام «جبهة التحرير» جمال ولد عباس، ووضعت مكانه بوشارب. في غضون ذلك، يتردد في أوساط الحزب أن بوتفليقة «سيعلن قريباً عن تنحيه من السلطة استجابة لإرادة الشعب». وسيكون ذلك بمثابة استقالة ينص عليها الدستور، ليتولى بعدها رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية في البرلمان) قيادة البلاد لمدة 90 يوماً، يليها تنظيم انتخابات رئاسية.

وفي سياق متصل، أصدر علي بن فليس، رئيس الحكومة سابقاً ومرشح رئاسية 2014، بياناً ذكر فيه أن «السلطة، التي أدخلها الحراك الشعبي في حالة هلع شديد وحالة ارتباك أفقدها صوابها، «بادرت بحملة دبلوماسية واسعة تجاه روسيا، وإيطاليا، وألمانيا، والصين، والباقي آتٍ. وكانت السلطة قد شنّت من قبل حملة مشابهة استهدفت فرنسا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة. وهذا التطور مقلق؛ والقلق الذي أثاره في نفسي أدى بي إلى التحذير من عواقبه الوخيمة مرتين في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة».

وأوضح بن فليس، أن «الحملة الدبلوماسية المتواصلة تدل صراحة على أن النظام وضع السياسة الخارجية للبلد، ليس دفاعاً عن المصالح العليا للدولة، وإنما للدفاع عن المصالح الآنية والضيقة لنظام سياسي، يريد الاستقواء بالخارج لضمان بقائه المرفوض من الشعب». مشيراً إلى «أننا شهود اليوم على خطوات أولى من طرف النظام السياسي القائم لتدويل شأن داخلي صرف؛ وهذه الخطوات غير مقبولة من باب الأخلاق السياسية؛ وهي غير مقبولة من باب المصلحة الوطنية، التي تقتضى أن نحل مشاكلنا بيننا، دون إقحام الغير فيها؛ وهي غير مقبولة أيضاً لأنها قد تغذي التوترات، وتساهم في تدهور الأوضاع».

وعلى صعيد متصل بالجهود الدبلوماسية التي يقودها لعمامرة، أجرى هذا الأخير، أمس، لقاءً مع نظيره الألماني هايكو ماس، أكد فيها أنه متفائل جداً بشأن مستقبل الجزائر، وإمكانية خروجها من هذه المرحلة الحرجة أكثر قوة، مضيفاً أن أي حلول «يجب أن تضمن استمرار الدولة الجزائرية في إنجاز واجباتها»، مشدداً مجدداً على أن بوتفليقة سيسلم مقعد الرئاسة لمن سينتخب بعد الاتفاق على الدستور الجديد.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
انطلاق «تشريعيات» الجزائر اليوم وسط أجواء من التوتر والاعتقالات
بعد عامين من اندلاعه... ماذا تبقى من الحراك الجزائري؟
لوموند: في الجزائر.. انتخاباتٌ على خلفية القمع المكثف
انتخابات الجزائر... الإسلاميون في مواجهة {المستقلين}
انطلاق حملة انتخابات البرلمان الجزائري وسط فتور شعبي
مقالات ذات صلة
فَراغ مُجتمعي خَانق في الجزائر... هل تبادر النُخَب؟
الجزائر... السير على الرمال المتحركة
"الاستفتاء على الدستور"... هل ينقذ الجزائر من التفكّك؟
الجزائر وفرنسا وتركيا: آلام الماضي وأطماع المستقبل - حازم صاغية
الجزائر بين المطرقة والسندان - روبرت فورد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة