الأحد, 06 فبراير 2011
انتفاضة المصريين كشفت عن الوجه الحقيقي المغيب للشعب المصري. الجيل الجديد من المصريين قرر رفض العسكر، والخروج من حقبة الثورة المصرية. كل اللافتات التي رفعت في ميدان التحرير تخلصت من الشعارات الكاذبة التي حكم بها الثوار مصر أكثر من نصف قرن، وشكلت، عنوة، الخطاب السياسي في مصر، وغالبية البلاد العربية منذ النصف الثاني من القرن العشرين. تجاوز رفض هؤلاء الشباب شخص الرئيس، هم رفضوا فكر النظام وأسلوبه في الحكم، فضلاً عن انهم عبَّروا عن هذا الرفض بأدوات عصرهم الراقية. كانوا حضاريين على نحو كشف ان نظام الرئيس مبارك تجاوزه الزمن، وانتهت صلاحيته.
أكد شباب مصر ان مقولة «كما تكونوا يولَّ عليكم» ليست على إطلاقها، ان شئت غير صحيحة. هؤلاء الشباب عبروا عن مطالبهم بطريقة متمدنة. استبدلوا العنف وإشاعة الفوضى والتخريب والانتقام، بوسائل التواصل الاجتماعي، والاحتجاج السلمي. في المقابل، لجأ النظام الذي يحكمهم، الى التخوين، والقمع، والقتل، وهو سعى الى تقويض البلد، فأخلى الطرقات والمدن من قوات الأمن، وفتح السجون، ومارس «البلطجة»، كان لسان حاله يقول إما أن أبقى في الحكم أو تنهار الدولة، وتضيع البلد. فقام الشعب بحماية نفسه وممتلكات الناس. كان أكثر وطنية من الثوار والنظام.
لا شك في أن الزمن ليس في مصلحة الحكومة المصرية. كل يوم يمضي يزيد من خسائرها المادية والمعنوية، ويكرس ضرورة رحيلها، ناهيك عن ان هذه الانتفاضة فضحت نخباً إعلامية وثقافية وسياسية مصرية. يخرج صحافي، أو مثقف مشهور ويدّعي ان ملايين الشباب تحركهم إيران وحركة «حماس»، ويخوِّن شعباً بأكمله، وهو بهذا التجاوز الفج يظن انه يساعد النظام، ويحمي البلد، رغم ان هذا الاتهام المفزع، يعني ان النظام كان غائباً، فكيف تستطيع حركة سياسية في بلد محتل ان تحرك ملايين المواطنين، وتفعل كل هذا في غفلة من النظام. فضلاً عن أن هذا الاتهام سبب كاف لرحيل النظام.
الأكيد أن أحداث مصر كشفت ان الشعب المصري كان مختطَفاً. وان النظام شاخ وأصابه الخور، واستعذب البلطجة والقمع والفساد، وهو غير قادر على التعامل مع شعب متمدن غالبيته شباب. والنتيجة، التي شاهدها العالم، ان الأنظمة العسكرية في المنطقة يجب أن تزول. العسكر لا يفهمون إلا منطق القوة والبطش. والنظام الراهن في مصر يديره العسكر، وحان وقت رحيله.
|