الأربعاء ٢٧ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ١٢, ٢٠١٢
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
الإسلاميون قادمون... أي إسلاميين؟ - هشام ملحم

جاؤوا الى واشنطن ونيويورك من مصر وتونس وليبيا والمغرب بحجة التعرف على اسئلة الاميركيين ومخاوفهم في شأنهم، وتعريف الاميركيين بهم. لكنهم في الواقع جاؤوا لشن حملة لسحر الاميركيين وإبهارهم ولاسماعهم ما يريدون ان يسمعوه: الاحزاب الاسلامية، وخصوصا جماعة "الاخوان المسلمين" في مصر وحزبها الجديد حزب الحرية والعدالة، هي احزاب معتدلة لن تميز ضد الاقليات والنساء وتعتزم اقامة "دولة مدنية ديموقراطية" حديثة في مصر، كما قالت سندس عاصم عضو الوفد المصري. هذه الوفود، واكبرها المصري، التي اجتاحت مراكز الابحاث والجامعات في واشنطن الاسبوع الماضي والتقت كبار المسؤولين في مجلس الامن القومي ووزارة الخارجية، سعت الى طمأنة الاميركيين كي لا يخافوا من بعبع فرض الشريعة الاسلامية في دولة مثل مصر، لان الدستور المصري الجديد سوف يكون مبنيا على "مبادئ الشريعة، وليس على قانون الشريعة" كما قال عضو الوفد المصري عبد الموجود الدردري. هل هذه فذلكة لغوية، أم تعميم لا قيمة له؟


"الاخوان" المصريون اختاروا وفدا يضم اعضاء درسوا في الجامعات الاميركية ولهم المام جيد بالانكليزية ويفترض انهم يعرفون كيف يتحدثون مع الاميركيين. والاهتمام الاكاديمي والاعلامي بهذه الوفود برر ما وصفه احد المراقبين بانه ظاهرة "علاقة الحب بين واشنطن والاسلاميين"، خصوصا ان هناك اكاديميين اميركيين اقاموا سمعتهم – وكراسيهم الجامعية الغالية- على مقولة ان الاسلاميين سيرثون مستقبل العالم العربي ولا بد من مد الجسور معهم، ومساعدة المعتدلين منهم، واعطائهم الفرصة لاثبات انفسهم في السلطة.


الاسلاميون، جريا على عادة معظمهم عندما يتحدثون مع الغرب وبلغاته، لجأوا الى العموميات والكلام المنمق والمبهم. ما هو موقفكم من حقوق الاقليات والنساء؟ "سوف نفعل كل ما يخدم الشعب المصري.. نقوّم الامور وفقا لما هو جيد لمصر في الامدين القريب والبعيد"، كما قال عضو الوفد خالد القزاز.


قبل حقبة الانتفاضات العربية، كانت واشنطن تتفادى الاسلاميين وتنظر اليهم بريبة وحتى تمنعهم من دخول الولايات المتحدة، الامر الذي ساهم في تغريب الاسلاميين وتعميق انتقاداتهم وعدائهم لاميركا. الآن تجازف واشنطن بتغريب القوى الليبرالية والديموقراطية واليسارية المصرية التي قادت وفجرت الانتفاضة حين تتجاهلهم وهي تخطب ود الاسلاميين وتسلم عمليا بأن المستقبل القريب هو ملكهم.


القوى الاسلامية العربية هي واقع لا يمكن انكاره. لكن هذا لا يعني ان قوى التغيير غير الدينية والولايات المتحدة يجب ان تصدق الضمانات اللفظية لهذه الحركات التي ينضح تاريخها بمواقف وطروحات سلطوية وتمييزية. هذا ايضا لا يعني انها غير قادرة على التطور، لكنه يعني ان اداءها هو المقياس، كما يعني انه على واشنطن ألاّ تجازف بتغريب الليبراليين والتقدميين العرب وكسب عدائهم. 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة