السبت ٢٣ - ١١ - ٢٠٢٤
بيانات
التاريخ:
شباط ٥, ٢٠١٩
المصدر :
جريدة الشرق الأوسط
تونس: تحالف «الجبهة الشعبية» يدعو الشاهد إلى الاستقالة وإغلاق «مدرسة قرآنية» واعتقال مديرها
تونس: المنجي السعيداني
ألقت أجهزة الأمن التونسية القبض على مدير مدرسة قرآنية بمدينة الرقاب من ولاية (محافظة) سيدي بوزيد، وأجلت 42 طفلاً تتراوح أعمار معظمهم بين 12 و18 سنة، كانوا يدرسون بالمدرسة، وأكدت أنهم «محتجزون» في ظروف غير إنسانية من قبل شيخ يشرف على هذه المدرسة، واتهمته بالزواج العرفي، علاوة على وجود شبهة ارتكابه جريمة إرهابية. ولا تزال هذه الاتهامات محل تحريات أمنية وتحقيقات قضائية.
وأكدت السلطات التونسية أنها نقلت الأطفال المحتجزين بتلك المدرسة إلى مركز حكومي لرعاية الأحداث جنوبي العاصمة التونسية، في انتظار استكمال الأبحاث الأمنية.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر أمنية أنها أغلقت مدرستين عشوائيتين أخريين في ضواحي العاصمة التونسية.
وذكرت تقارير ميدانية أجرتها وزارة الأسرة والطفولة التونسية، أن الأطفال المعنيين بعملية الاحتجاز، كانوا يدرسون في ظروف قاسية، وينامون داخل غرف ضيقة، ومن أعمار مختلفة بالغرف نفسها، بما يشبه المدارس القرآنية التي يتم الكشف عنها في عدة بلدان، على غرار باكستان، وقد أدى هذا الأمر إلى إصابة كثير منهم بأمراض معدية. وأشارت إلى أن الأطفال منقطعون عن التعليم، ويمارسون أعمالاً فلاحية شاقة، كما يكلفون بأعمال البناء لساعات طويلة مقابل الغذاء والملبس والإقامة المجانية، وقد توجهوا إلى هذه المدرسة القرآنية لتعلم المسائل الدينية فحسب، وهو ما رجح شبهة تخرج أشخاص متطرفين بعيداً عن الاعتدال. ويوم أمس، نفذ عدد من أولياء تلاميذ هذه المدرسة التي صدر قرار بغلقها، وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية في سيدي بوزيد، وطالبوا بالإفراج عن أبنائهم.
ورفع الأولياء عدّة شعارات مندّدة بقرار «احتجاز الأطفال» وعرضهم على الفحص الطبي، باعتباره إجراءً غير طبيعي، وذكروا أن احتجاز أطفال قصر دون موافقة أهاليهم يعد جريمة وليست حماية لهم. كما أكدوا على حقهم في تعلّم القرآن، معتبرين إياه تواصلاً للدراسة وليس انقطاعاً عن التعليم، وطالبوا بالإفراج الفوري عن أبنائهم وإعادة فتح المدرسة.
من ناحيتها، حذرت منظمة العفو الدولية من تداعيات هذه الحادثة. وأفادت بأن قوات الأمن التونسي داهمت المدرسة، وقامت بإيقاف وجلب كل الموجودين بها، ومن بينهم 42 طفلاً. وأشارت إلى أن العملية الأمنية تم تنفيذها دون إذن أو علم أو مرافقة لأولياء أمور التلاميذ.
وأشارت إلى سماع شهاداتهم دون احترام الضمانات والإجراءات الوقائية المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، وفي القانون التونسي المتعلق بحماية حقوق الأطفال.
يذكر أن منطقة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، قد عرفت منذ سنوات بروز اسم الشيخ الخطيب الإدريسي، الذي تولت السلطات الأمنية التونسية إيقافه في أكثر من مناسبة، وهو معروف بكونه الأب الروحي للتشدد في تونس، وكثير من أتباعه تحولوا إلى التطرف وانضموا إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور، و«كتيبة عقبة بن نافع» الإرهابية المتحصنة بالمناطق الغربية للبلاد.
ويعد الشيخ الخطيب الإدريسي المصدر الرئيسي لأنصار السلفية في تونس، في أواخر عهد نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وكانوا يقصدونه للاستشارة والفتوى. وقد أفتى بجواز الخروج عن السلطة في أحداث سليمان الإرهابية التي جرت سنة 2006 جنوبي العاصمة التونسية.
تحالف «الجبهة الشعبية» يدعو الشاهد إلى الاستقالة
قبل يومين من إحياء الذكرى السادسة لاغتيال القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير (شباط) 2013، طالب حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري، حكومة يوسف الشاهد بالاستقالة، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة على أنقاضها، معتبراً أنها «حكومة النهضة»، في إشارة إلى الدعم الذي تلقاه من هذه الحركة.
وتلا الهمامي، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية أمس، بياناً اتهم فيه الحكومة الحالية بالفشل في حل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في تونس. وقال إن تحالف «الجبهة الشعبية» لم يشارك في «وثيقة قرطاج» التي حاولت إنقاذ الوضع في تونس، لإيمانه بأن المسار التنموي الحالي لا يمكن أن يفضي سوى إلى أزمات.
ودعا الهمامي إلى فرض استقالة حكومة الشاهد و«إنقاذ الشباب التونسي من الارتهان إلى القوى الأجنبية»، في إشارة إلى الشروط والإملاءات التي تفرضها هياكل التمويل الدولي، ومن بينها صندوق النقد الدولي، على تونس.
وكان تحالف «الجبهة الشعبية» قد رفض التصويت لصالح ميزانية الدولة المتعلقة بالسنة الحالية، واتهم الحكومة بالانصياع لـ«إرادة أجنبية» بدل البحث عن حلول تنموية مجدية تتماشى وحاجات المناطق الداخلية الفقيرة والمهمشة.
يذكر أن هذا التحالف السياسي اليساري قد دأب على تنظيم وقفات احتجاجية منذ سنة 2013، تاريخ اغتيال شكري بلعيد، للمطالبة بكشف الأطراف التي تقف وراء مقتله في السادس من فبراير (شباط) من السنة ذاتها.
ومن المنتظر أن يحيي تحالف «الجبهة الشعبية» الذكرى السادسة للاغتيال خلال نفس اليوم الذي تنظم فيه نقابة التعليم الثانوي «يوم غضب» لتحقيق مجموعة من المطالب المهنية.
وتمهيداً لإحياء ذكرى أحد رموز اليسار التونسي وأحد أهم مؤسسي «الجبهة الشعبية» (كان شكري بلعيد يرأس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وهو من مكونات الجبهة)، اتهمت هيئة الدفاع التي تتابع قضية بلعيد والقيادي اليساري الآخر محمد البراهمي، الذي اغتيل أيضاً سنة 2013، «حركة النهضة» بالضلوع في هذين الاغتيالين، كما اتهمت النيابة العامة وقاضي التحقيق المتعهد بالملفين بـ«التواطؤ الواضح والجلي بهدف طمس الحقيقة وإخفاء الأدلة التي من شأنها توريط الحركة وقياداتها، وفي مقدمتهم رئيس الحركة راشد الغنوشي»، الذي اعتبرته الهيئة فاعلاً أصلياً في القضية، على حد تعبير كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع. وتنفي «حركة النهضة» أي علاقة لها بالاغتيالين اللذين تورط فيهما متشددون إسلاميون، كما يُعتقد.
لكن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي أصرت على اتهام «حركة النهضة» بإدارة «جهاز أمن سري» يشرف عليه مصطفى خضر، وهو أحد العسكريين الذين أوقفوا في قضية محاولة الانقلاب على الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي فيما يعرف بقضية «براكة الساحل» التي تعود إلى بداية تسعينات القرن الماضي. وقالت هيئة الدفاع إنه مسؤول عن الاغتيالين السياسيين، زاعمة أن أدلة الجريمة محفوظة في «غرفة سوداء» بمقر وزارة الداخلية التونسية.
في المقابل، أكدت قيادات «حركة النهضة» زيف ما ادعته هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، واعتبرت الاتهامات «حملة انتخابية قبل الأوان» لتشويه الحركة التي التجأت إلى القضاء التونسي دفاعاً عن نفسها.
على صعيد آخر، أعلن 22 عاطلاً عن العمل من خريجي الجامعات التونسية بمنطقة ماجل بلعباس بولاية (محافظة) القصرين، وسط غربي تونس، عن قرارهم مغادرة المدينة مشياً نحو الحدود التونسية - الجزائرية «طلباً للجوء»، في رسالة واضحة لتسليط الضوء على معاناتهم التي قالوا إنها لم تجد سوى تجاهل ولامبالاة. وكان هؤلاء قد نظّموا قبل أربعة أشهر اعتصاماً بمقر السلطة المحلية، لكن تحركهم المطالب بالتشغيل والتنمية لم يجد تجاوباً.
يذكر أن احتجاجات مماثلة عرفتها مدن تونسية حدودية عدة مع الجزائر، على غرار التجمعات التي شهدتها ولاية (محافظة) قفصة الواقعة جنوب غربي تونس وكانت تطالب بدورها بنصيبها من التنمية والتشغيل.
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك
اطبع الكود:
لا تستطيع ان تقرأه؟
جرب واحدا آخر
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة