السبت ٢٣ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ٢٧, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
روسيا تدق مسماراً أول في نعش إدلب... تركيا تواجه ضغوطاً!
موناليزا فريحة 
 جددت روسيا الضغط على أنقرة لإخراج المسلحين من المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب والتي تمكن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان من التوصل الى اتفاق في شأنها في آب الماضي، لتجنب الحرب في تلك المحافظة التي يسكنها نحو ثلاثة ملايين نسمة حالياً. وصار ما يعرف باتفاق سوتشي نفسه بخطر بعد تصعيد قوات النظام قصفها المدفعي والصاروخي تجاه ريفي حماة وإدلب يوم الأحد، غداة قصف جرجناز بجنوب إدلب الذي أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وسجلت اليوم خروقات جديدة في منطقة خفض التصعيد التي تضم محافظة إدلب مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، بموجب اتفاق وقع في أيلول 2017 في أستانة عاصمة قازاقستان. وسجل "المرصد السوري لحقوق الانسان" استهداف قوات النظام بالمدفعية والرشاشات الثقيلة مناطق في محيط بلدة مورك وقرية أبو رعيدة الواقعة ضمن المنطقة المنزوعة السلاح في الريف الشمالي لحماة. كذلك قصفت قوات النظام بقذائف الهاون والمدفعية، مناطق في بلدة التمانعة ومحيط قرية سكيك الواقعة في الريف الجنوبي الشرقي لإدلب. ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة.

ورغم الاتفاق الروسي –التركي، شهدت المنطقة المنزوعة السلاح التي امكن التوصل اليها بين أنقرة وموسكو في أيلول الماضي، مناوشات وقصفاً متبادلاً بين قوات النظام والفصائل وفي مقدمها "هيئة تحرير الشام".

وأطلق شرارة التصعيد الاخير هجوم كيميائي على ثلاثة أحياء في غرب مدينة حلب السبت قالت السلطات الطبية إنه أدى الى 107 اصابات بحالات اختناق. وهذا أكبر عدد للضحايا في حلب منذ استعادت القوات الحكومية مع حلفائها السيطرة على المدينة من المعارضة قبل قرابة سنتين.

ولا تزال ملابسات الهجوم غير واضحة. ففيما اتهمت السلطات السورية "تنظيمات إرهابية" بشن الهجمات، أكدت المعارضة السورية أن قذائف الهاون غير قادرة على تحويل سائل كيميائي إلى غاز، واتهمت النظام وروسيا باطلاق هجوم على منطقة "خفض التصعيد" من خلال تعطيل وقف النار في إدلب، بادعاءات كهذه.

كذلك، اتهم نصر الحرير رئيس هيئة التفاوض العليا، أبرز مكونات المعارضة السورية ومقرها اسطنبول، دمشق بالعمل على إيجاد "ذريعة" لشن هجوم على الفصائل المعارضة.

وفي الأشهر الأخيرة، اتهمت الحكومة السورية وروسيا الفصائل المعارضة والجهادية في محافظة إدلب بامتلاك أسلحة كيميائية، وحذرتا من إمكان استخدامها. والاسبوع الماضي، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة بالاستعداد لشن هجوم كيميائي.

المسمار الاول

ويقول الباحث في معهد كارنيغي جوزف باحوط إن التصعيد الروسي-السوري الاخير هو المسمار الاول في نعش اتفاق إدلب، مذكراً بأن النظام لم يهضم الاتفاق منذ البداية، وهذا الهجوم يبدو ذريعة ممتازة لتقويضه.

وخرجت الى العلن أخيراً تساؤلات روسية عن جدوى استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في معقل المعارضة، ولم يستبعد خبراء أيضاً شن هجوم كبير، خصوصاً أن نظام الأسد عاجز عن استعادة إدلب دون القوات الجوية الروسية.

وفي اجتماع بسوتشي يوم الثلثاء الماضي، ضغط وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، على نظيره التركي خلوصي أكار لفصل قوات المعارضة المعتدلة عن القوات المتطرفة في إدلب.

فمع أن تركيا أقنعت بعض ميليشيات المعارضة بالرحيل والقاء أسلحتها الثقيلة، لايزال هناك الآلاف من المسلحين في المحافظة، الامر الذي اعتبر اخفاقاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الوفاء بالتزاماته.

ويقول الباحث نيكولاس هيراس إن "الروس وقعوا الاتفاق مع تركيا أكثر منه مع المعارضة". وأضاف أن قصف الأحد يعتبر إشارة الى الاتراك أن عليهم تشديد قبضتهم مع المعارضة".

ولا شك في أن الانهيار المحتمل لاتفاق ادلب يعني هجوماً على المدينة ونزوحاً كبيراً للاجئين الى تركيا، اضافة الى تهديد المنطقة المنزوعة السلاح القائمة بفعل الامر الواقع بين سوريا وتركيا.

ويرى باحوط إن الخاسر الرئيسي من انهيار الاتفاق سيكون تركيا، مشيراً الى أنها "الضامن المفترض لتفكيك الفصائل الجهادية، وتحديداً هيئة تحرير الشام. وسيشكل فشلها الراهن في هذه المهمة تحدياً لها".

وتنبه المنظمات الانسانية الى ان الهجوم على إدلب يمكن أن يكون أسوأ من معركة حلب في 2016 التي خلفت أكثر من 30 ألف قتيل فضلاً عن تدمير الأحياء التي كانت واقعة تحت سيطرة المعارضة.

وحققت "هيئة تحرير الشام" مكاسب اقتصادية بالبقاء داخل منطقة وقف إطلاق النار، إذ أعادت الصفقة بين تركيا وروسيا فتح الطريق السريع الرئيسي الذي كان مغلقاً أشهراً، ما سمح للتنظيم ابفرض ضرائب على حركة المرور التجارية في نقاط التفتيش التي لاتزال في قبضتها. كذلك، تستفيد الجماعة المتطرفة من السيطرة على معبر باب الهوى الحدودي بين إدلب وتركيا الذي تسيطر عليه منذ 2017.

 وسط هذه الصورة، ثمة اعتقاد سائد أن النظام يحاول استغلال "الهجوم الكيميائي"، وبدعم ضمني وحتى عسكري من حليفته روسيا، لاستعادة السيطرة على كامل إدلب، الامر الذي ينذر بمعركة صعبة ودموية ويهدد باطاحة عملية أستانا التي تعقد اجتماعاً الاسبوع المقبل.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة