عمرو حمزاوي
اتضحت معظم ملامح مشهد الانتخابات البرلمانية المصرية بحلوها ومرها.
فقد انتهت عملية تسجيل المرشحين والمرشحات، وانقضت أيضا المدة الزمنية المحددة لتقديم الطعون والأحكام القضائية من قبل المرشحين المستبعدين للجنة العليا للانتخابات. وباستثناء التأكد من تفاصيل قرار اللجنة العليا بتسجيل جميع المرشحين المستبعدين الذين حصلوا على أحكام قضائية بأحقيتهم في التسجيل والتثبت من الإمكانية الفعلية لتنفيذه، سيكون الناخبون المصريون في ما خص المرشحين أمام الحقائق التالية في 28 من الشهر الجاري:
- تجاوز إجمالي عدد المرشحين والمرشحات المسجلين للانتخابات الخمسة آلاف مرشح ومرشحة يتنافسون على 508 مقاعد منتخبة لمجلس الشعب. - من بين هؤلاء، نجحت أكثر من 390 مرشحة في التسجيل ويتنافس معظمهن على مقاعد الكوتا النسائية (64 مقعداً). - من بين هؤلاء أيضا، يزيد عدد المرشحين المنتمين لأحزاب سياسية مسجلة قليلا عن 1000 بينما يبلغ عدد المستقلين حوالى 4000. - باستثناء المرشحين المستقلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك أولئك الخارجين عن طوع الحزب الوطني الديموقراطي بعد استبعادهم كمرشحين للحزب وترشحهم كمستقلين، يقترب عدد المستقلين غير المنتمين بالفعل لأي تيار سياسي من 3800 مرشح ومرشحة. - للحزب الوطني الديموقراطي ما يقرب من 800 مرشح في الانتخابات، وهو ما يعني أن للحزب أكثر من مرشح على المقعد الانتخابي الواحد (وقد تعرضت في مقالات ماضية وتعرض غيري من الزملاء لدلالات ذلك في ما خص نواقص عملية الاختيار داخل الحزب ومحدودية انضباط أعضائه وغيرها). - من بين مرشحي الوطني في الانتخابات 69 مرشحة، وهو ما يشكل تطورا إيجابيا في ما خص دور وتمثيل المرأة في الحزب مقارنة بالانتخابات الماضية. - خرج عن طوع الحزب الوطني وتقدموا كمرشحين مستقلين ما يقرب من 145 من أعضائه. - لحزب الوفد 205 مرشحين في الانتخابات، بينهم 21 مرشحة. - لحزب التجمع 78 مرشحا، بينهم 10 مرشحات. - للحزب العربي الناصري 43 مرشحا، بينهم 8 مرشحات وللجناح المنشق عن أيمن نور بحزب الغد 32 مرشحاً، ضمنهم 8 مرشحات. - أما جماعة الإخوان المسلمين، فرغبت في تسجيل ترشح 135 من أعضائها وانتهت (حتى لحظة كتابة هذا المقال وبانتظار تنفيذ قرارات اللجنة العليا للانتخابات بشأن الطعون) إلى تسجيل ما يزيد قليلا عن 100 مرشح، وهو ما يعني أن ربع مرشحي الجماعة تم استبعادهم. - للجماعة 5 مرشحات، يشكلن، وعلى الرغم من التحسن داخل الجماعة إذا ما قورن عدد 5 بمرشحة واحدة في 2005، النسبة الأقل لترشح المرأة عن الأحزاب والحركات السياسية. - في مقابل التغير الإيجابي الذي رتبته الكوتا النسائية لجهة ترشح المرأة في الانتخابات، مازال ترشح المواطنين المصريين الأقباط يتسم بالمحدودية الشديدة ولا يرقى إلى تمثيل النسبة الفعلية لوجود الاقباط في المجتمع المصري. فالحزب الوطني، وبين ما يقرب من 800 مرشح لم يسجل سوى 10 مرشحين أقباط، بينما رشح حزب الوفد 5 أقباط وحزب التجمع 3 والجناح المنشق لحزب الغد 4. أما الحزب العربي الناصري فقد امتنع تماما عن ترشيح أي قبطي. والحقيقة أن مثل هذه الأرقام، وأمام وجود قبطي في المجتمع المصري يتجاوز نسبة 10% من السكان، تفرض على كل المهتمين بتماسك نسيجنا الوطني وبحياة عامة لا يغيب عنها الأقباط سرعة التحرك ودون خطوط حمراء مسبقة (كأن يقول البعض لا للكوتا القبطية) للحيلولة دون استمرار هذا التهميش الخطير. الى جانب هذه الحقائق المتعلقة بالمرشحين والمرشحات في الانتخابات، هناك مجموعة مكملة من الحقائق ذات ارتباط ببقية المشهد الانتخابي بناخبيه وحملاته ونشطائه ومراقبيه:
- يتجاوز إجمالي عدد الناخبين المقيدين على مستوى الجمهورية 40 مليون ناخب. إلا أن جداول الناخبين، ووفقا لتصريحات محمد رفعت قمصان مدير الإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية، تحفل بالأخطاء ولم يتم تنقيتها، وفي هذا عائق خطير لسير العملية الانتخابية. كذلك، اتسمت نسب مشاركة المصريين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالتدني الشديد (حول 20%)، وهو ما أتوقع استمراره كظاهرة خاصة في ظل الجدل المشروع حول المقاطعة-المشاركة في انتخابات 2010.
- على الرغم من الحظر القانوني لتوظيف الدين والشعارات الدينية ودور العبادة في الحملات الانتخابية، إلا أن الالتزام به مازال في حدوده الدنيا إن من قبل مرشحي جماعة الإخوان أو من قبل بعض المرشحين الآخرين (بينهم بعض المنتمين للحزب الوطني) الذين واصلوا توظيف الدين واستغلال دور العبادة. الأمر الخطير الآخر في الحملات الانتخابية هو شيوع ظاهرة المال الانتخابي وبلوغها حداً يهدد بنزع السياسة والمنافسة الحزبية تماما عن الانتخابات البرلمانية.
- يتعرض ناشطو أحزاب وحركات المعارضة، خاصة المحسوبين على الإخوان، لممارسات قمعية وقيود أمنية مستمرة تصبغ مشهد الايام الأخيرة قبل الانتخابات بعنف معيب وسترتب على الأرجح الكثير من العنف والفوضى يوم الانتخاب.
هناك أكثر من 15000 ناشط وناشطة من المجتمع المدني يسعون للحصول على ترخيص للرقابة على الانتخابات، إن من اللجنة العليا للانتخابات أو من المجلس المصري لحقوق الإنسان. وقد بدأت محاولات الترخيص منذ أيام ولم يتضح بعد إن كان التضييق على المراقبين الذي ميز انتخابات المجالس المحلية ومجلس الشورى الأخيرة سيتكرر في الانتخابات البرلمانية أم تتعامل اللجنة ويتعامل المجلس بصورة أكثر لبيرالية مع المراقبين المحليين، خاصة بعد الرفض القاطع للرقابة الدولية. وأكرر مجددا انه على كل من طالب بمقاطعة الانتخابات من أحزاب وحركات ونشطاء وبعد أن شارف قطار المشاركة على محطته النهائية أن لا يبتعد عن العمل الرقابي، فالرقابة هي الوسيلة الوحيدة أمامنا في مصر للوصول إلى تقويم موضوعي لسير العملية الانتخابية ومدى نزاهتها وحدود التجاوز والعنف والفوضى بها وحولها.
( باحث مصري في مركز كارنيغي للسلام)
|