الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
بيانات
التاريخ:
تشرين الأول ٣١, ٢٠١٨
المصدر :
جريدة النهار اللبنانية
سنتان على العهد من نظرة معارضيه : لبنان معلّق في الهواء!
محمد نمر
730 يوماً على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ودخول لبنان عهد "الرئيس القوي". 17 ألفاً و520 ساعة علّقت لبنان في الهواء، على كل المستويات: السيادية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية. واليوم الذكرى الثانية للعهد، وفي الاحتفال قالب حلوى من الانجازات أراد الدكتور فارس سعيد، المعارض للتسوية والعهد، أن يقدمه إلى كل من شارك في صناعة العهد الحالي. صحيح أن اللبنانيين باتوا يغرقون في اليوميات الصعبة والأمور المعيشية الشاقة، لكن بالنسبة إلى سعيد "لا علاج للشؤون الاقتصادية أو الحياتية إلا إذا تحرر القرار الوطني وامتلك اللبنانيون قرار دولتهم".
لقالب الحلوى طعمات متنوعة، لكن سعيد يلخصها بوضوح وجرأة: "حزب الله اختار زعيماً مسيحياً مارونياً غطاء شرعيا لسلاحه غير الشرعي وجسر عبور من مرحلة سياسية إلى أخرى"، معتبراً أن "المقايضة التي اتبعها لحود مع السوريين أقل خطورة على لبنان من تلك التي أبرمها عون مع سلاح حزب الله، فالأولى كانت بسقوف عربية ودولية، ومضبوطة، وكانت هناك طائفة متمردة متمثلة بالمسيحيين والكنيسة، أما الثانية فهي خارج السقوف الدولية أو العربية ولم نجد أي طائفة متمردة على الوصاية الإيرانية. حتى الطائفة السنية تخلت عن مصالحها لمقايضة حزبية وفرعية يستفيد منها بعض الوزارء أو النواب".
ويعرض سعيد "إنجازات" العهد على الشكل الآتي:
"أولاً: أخرج العهد لبنان من الدستور ووثيقة الوفاق الوطني ووضعه في مجهول دستوري. وأصبح اتفاق الطائف الذي نعرفه في خبر كان من خلال الممارسة، بينما لم ندخل بعد إلى مؤتمر تأسيسي جدي كما يريد "حزب الله"، هو عهد الخروج من الطائف والدخول إلى نظام دستوري جديد يحكم لبنان على قاعدة موازين القوى وليس على قاعدة قوة التوازن، فدخلت العلاقات اللبنانية – اللبنانية المجهول، وبات المسلمون، خصوصاً السنة، ينظرون إلى العهد، بفضل علاقته المميزة مع سلاح حزب الله، على أنه نقل مركز القرار السياسي من مجلس الوزراء إلى قصر بعبدا، ويعتبر السنة أن هذه المقايضة تنعكس على الاصلاحات الدستورية التي حصلوا عليها من خلال وثيقة الوفاق الوطني، في الوقت نفسه إن الغالبية المسيحية ترى أن العهد عوّضهم خسارتهم في الطائف حتى لو كان ذلك على حساب تحالفهم مع حزب الله. وهنا تكمن الخطورة، أي أن تبدل موازين القوة لن يجعل عون يدفع الثمن وحده، بل أيضا كل المسيحيين.
ثانياً: كرّس العهد مبدأ الجيشين، ولم يعد هناك نظرة إلى سلاح "حزب الله" على أنه أمر واقع نتعامل معه، بل بات هناك نظرة جديدة تقوم على وجود جيش وطني يؤتمر من الحكومة اللبنانية وله مهمات داخلية محدودة، وجيش يؤتمر من إيران يحمي لبنان من إسرائيل والإرهاب، ما أدى إلى الحاق لبنان بالنموذج الايراني حيث هناك جيش وحرس ثوري إيراني، والنموذج العراقي حيث هناك جيش وطني وحشد شعبي، وبات لدينا في لبنان جيش وطني و"حزب الله".
ثالثاً: نقل العهد لبنان من عربي الهوية والانتماء إلى هوية قيد الدرس، وبتنا لا نعرف اذا كنا مشرقيين أو عربا أو فرسا أو غربيين أو ننتمي إلى تحالف الاقليات أو في مواجهة الغالبية العربية، بل تخلينا عن الهوية العربية ولم ننتم إلى هوية ثانية.
رابعاً: في لحظة استعداد العالم والعالم العربي لمواجهة إيران من خلال العقوبات الأميركية، حقق "حزب الله" في عهد عون إطباقه الكامل على الدولة، وآخر الفصول تشكيل الحكومة ووضع لبنان في مواجهة العالم العربي والعالم ووضع مصالح اللبنانيين في مواجهة العقوبات الأميركية. وكأن الحكومة المقبلة هي وسيلة من وسائل إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية. وربما تمسك "حزب الله" بوزارة الصحة قد يكون مناسبة لإغراق لبنان في إنتاج من الأدوية الإيرانية لا يمكن تصريفها في العالم، فتقوم بذلك في دول نفوذها كلبنان وسوريا والعراق واليمن.
خامساً: في لحظة تحولات كبرى في المنطقة وتبدلات في الأولويات لدى الجيل الجديد العربي وخصوصاً المسلم، لم تعد القضية الفلسطينية هي الأولوية بل أصبحت تأتي بعد عملية الإنتاج والرخاء الاقتصادي والرفاهية في لحظة تفاوض فيها إيران إسرائيل عبر مسقط، وفي وقت يقوم فيه العهد في لبنان بالكلام عن مواجهة إسرائيل عبر صواريخ حزب الله".
هذا في السياسة والسيادة وتموضع لبنان الاستراتيجي، أما عن حال الاقتصاد والمواطنين والمياه والكهرباء والفساد والنفايات والتلوث والمحاصصات، فحدث ولا حرج.
لا يزال أمام العهد 4 سنوات، ولكن إذا بات لبنان في سنتين معلقاً في الهواء، فما سيكون مصيره بعد 4 سنوات؟
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك
اطبع الكود:
لا تستطيع ان تقرأه؟
جرب واحدا آخر
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة