الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ٢٦, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
إردوغان يرفع ورقة الـ"7 ملايين"... وإدلب "تركية"؟
محمد نمر
وقت كان النظام السوري يدندن ألحان "تحرير كل شبر في سوريا"، كانت دول غير عربية (روسيا – تركيا – إيران) تعقد قمة تبحث فيها مصير هذا البلد العربي بغياب النظام. المشهد نفسه تكرر في سوتشي في اجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن هذه المرة كان بغياب إيران أيضاً.

وصول القوة الفاعلة إلى البحث عن حلول لإدلب فرض واقعاً أساسياً:

• تنحصر المرحلة الحالية في سوريا بين قوتين فاعلتين في سوريا الأولى اقليمية والثانية عظمى.

• تحولت تركيا لاعباً أساسياً تتنافس عليه القوى الغربية وأميركا وروسيا.

• بالنسبة إلى الروس، لن تكون إدلب أغلى من علاقة استراتيجية مع تركيا.

• لن يدخل النظام السوري إلى إدلب ومصيرها سيتم تنسيقه مع تركيا ضمن الحل السياسي الشامل.

• تسيطر تركيا اليوم على مصير 7 ملايين سوري، نصفهم يسكنون أراضيها كلاجئين.

• تتحكم أنقرة بنحو 17 ألف و500 كيلومتر مربع في سوريا لن تتنازل عن هذه المساحة بسهولة.

• ارتباط مصير إدلب بشبكة علاقات دولية حمى المدنيين من الكارثة وهي الإيجابية الوحيدة.

وتختلف وجهات النظر حول اتفاق لم تتضح معالمه الحقيقية حتى اللحظة. ويبني المحللون أراءهم على ما سُرّب من بنود وشروط، لكن الغالبية اتفقت على أن المهل التي وضعها الاتفاق لتركيا من أجل انشاء المنطقة العازلة وسحب السلاح الثقيل منها وبعدها "القضاء على الإرهاب"، لن تكون كافية لإتمام المهمة. فالاتفاق أعطى الأتراك حتى 15 تشرين الأول لإنشاء المنطقة العازلة وانسحاب الفصائل بالسلاح الثقيل، ومعطيات عن أن المهلة تحدد 9 كانون الأول للقضاء على الفصائل المدرجة أسماؤها على لائحة الإرهاب وهي ثلاثة (هيئة تحرير الشام – الحزب الاسلامي التركستاني – حراس الدين).

ويقول مصدر عسكري من المعارضة السورية إن حجم "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) في إدلب يقدر بأكثر من 10 ألاف مقاتل وسيتم العمل على إضعافها في المرحلة الأولى مما سيدفع الآلاف منها إلى الانسحاب والانضمام إلى فصائل أخرى أو "الهرب" ومرحلة ثانية تقضي بالقضاء على ما تبقى من عدم الملتزمين الاتفاق. أما "حراس الدين" من المعارضين لانفصال "النصرة" عن "القاعدة"، فإن أعدادهم القليلة لن تؤثر على مجرى الاتفاق والقضاء عليهم سهل، فيما من المرجح أن تتم تسوية أمور عناصر "التركستاني". وتالياً لا تنفي المعلومات حصول معركة، لكنها لن تكون مشابهة للمعارك الكلاسيكية، بل تأخذ طابع العمليات النوعية الداخلية، والضربات الجوية المحددة التي ستساهم في إضعاف المعترضين على الخيار التركي.

وبالنسبة إلى هذا القيادي العسكري، إن المنطقة العازلة هي "ليست الحل النهائي، بل بمثابة تنظيف الجرح قبل الجراحة، ولن تخلو من وجود مجموعات المعارضة بأسلحة خفيفة، لأن جزءاً منها يعيش في هذه المناطق ولا تخلو البيوت من أسلحة للحماية، لكن ذلك لن يكون إلا بإشراف تركي".

ولا تزال أسئلة عدة مطروحة أهمها: من سيشرف على الطريق الدولي؟ الأول معروف باسم ب"إم 4" من اللاذقية إلى حلب والثاني بـ "إم5" من حماه إلى حلب، ونقاط أي جهة ستتواجد على هذا الطريق؟

مصدر عسكري عربي آخر يرى أن "الاتفاق هو نتيجة فشل قمة طهران، ويعبّر عن علاقة استراتيجية تريدها روسيا مع صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي"، لكن هذا المصدر أيضاً يرى أن تركيا تحملت عبئاً لن تستطيع أن تنفذه، خصوصاً من ناحية الوقت. ويقول: "المهلة غير كافية، وقد نشهد تأجيلاً وتمديداً لمصلحة تركيا التي ستستغل الخلاف الغربي – الروسي لتكسب المزيد من الوقت". أما في مهلة "القضاء على الإرهاب"، فيعكس المصدر بوضوح رأي الشارع: "تكمن المشكلة بمن هو الإرهابي؟ ... إنه بشار الأسد".

وقيادي سوري معارض، يسجل صعوبات في تحقيق المنطقة العازلة: "مساحة جغرافية كبيرة، الفصائل المطلوب القضاء عليها تسيطر على مدينة إدلب وغالبية جسر الشغور وريف حماه وجبهة الساحل، فضلاً عن أن أي معركة للقضاء عليها ستكون صعبة لأنها تعتمد أسلوب العصابات والتفخيخ، لهذا قد نتجه إلى المزيد من الوقت، وستقدم روسيا ذلك لأن ليس من مصلحتها خسارة تركيا وتدمير مشروعي سوتشي وأستانا، فما لاحظناه أن قمة طهران شهدت صداماً بين أردوغان وبوتين، فيما سوتشي شهدت وئاماً، مما يعني أن إيران كانت المعرقل".

مصادر ليست بعيدة في قراءتها عن وجهة نظر النظام في قضية إدلب، تقول: "تركيا لا تستطيع أن تنفذ الالتزامات المطلوبة، فهي تريد شراء الوقت كي تحقق أهدافها وتزج المزيد من قواتها والمقاتلين السوريين في إدلب لتغير من الوضع الميداني ويكون لمصلحتها، وتالياً المعركة مستبعدة، وبعيداً عن التحالفات الدولية والضغوط وغيرها، فإن الوضع الميداني غير متوازن، ففي إدلب لا يقل عن 150 ألف مقاتل، أما الحشود من النظام السوري فلا تتعدى 35 ألفاً".

وعلى رغم الصعوبات، في رأي المصدر: "المنطقة العازلة ستتم لأنها واقع لا مفر منه، أما ما يُحكى عن القضاء على الإرهاب فأمر مستبعد، إذ من غير الممكن أن تقضي تركيا على جماعاتها، وإلا تكون تعادي سياستها بنفسها".

اهتمام تركيا بالعلاقة مع روسيا وعدم تفريط الأولى بجماعاتها العسكرية "ستاتيكو ايجابي فقط حيال المدنيين، لأن أي معركة ستؤدي إلى كارثة دموية فضلاً عن انها ستولد موجات نزوح كبيرة"، في رأي المصدر نفسه، ويذكّر بأن "تركيا تسيطر حالياً على 15 ألف كيلومتراً مربعاً في إدلب ومحيطها، وعلى 2500 كيلومتر مربع في شمال حلب، في الأولى لا خطر قومياً عليها ولا يوجد في إدلب كردي واحد حتى بين المدنيين".

ويخلص إلى أن "تركيا لن تخرج من إدلب، فهي تعتبرها جائزتها بعد نهاية الأزمة، ومن غير المتوقع أن تتخلى عنها، كما أن إيران هي من أكثر الدول الداعمة لتركيا ومشروعها ولا تعلن هذا الأمر، لأن من مصلحة إيران أن يكون هناك خزان سني في بقعة جغرافية واحدة بمثابة المغناطيس للسنة في سوريا، فتركيا اليوم تسيطر على قرار 7 ملايين سوري، 3500 في بلدها و3500 في إدلب والتمويل غالبيته من دولة عربية شريكة لأنقرة".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة