الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ٧, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
مصر
الراهب المقاري يعلن العصيان وضجة حول تأسيسه كنيسة قبطية منشقة في مصر
القاهرة - ياسر خليل
أثار إعلان الراهب يعقوب المقاري انفصاله عن الكنيسة القبطية، بعد تجريده من الرهبنة، ضجة كبيرة في مصر، خصوصاً انه رافقت الإعلان أنباء عن نيته تأسيس كنيسة منشقة، سوف ينصب نفسه بطريركا لها، كما ظهرت صوره في زي يشبه زي البطريرك، ومن حوله مجموعة من الشبان في ملابس كنسية، رسمهم رهبانا بنفسه.

وكانت لجنة الرهبنة وشؤون الأديرة في المجمع المقدس، أصدرت قراراً بتجريد الراهب يعقوب المقاري من الرهبنة في 28 آب الماضي، وعودته الى اسمه العلماني شنوده وهبه عطا الله، نظراً الى ما وصفته بـ"التجاوزات العديدة" التي قام بها، وحذرت من التعامل معه، قائلة إنها غير مسؤولة عن الشبان طالبي الرهبنة في ما يسمى دير الأنبا كاراس بوادي النطرون، الذي يرأسه المقاري.

ويقود بطريرك الاقباط الأرثوذكس والكرازة المرقسية في مصر الانبا تواضروس الثاني جهودا إصلاحية، وضعته في مواجهة محمومة مع الحرس القديم المحسوب على الانبا شنودة الثالث، وأصدر تواضروس قرارات عدة حاسمة بعد حادثة قتل مروعة تعرض لها أحد أقطاب جبهته الإصلاحية، وهو الأنبا أبيفانيوس، الرئيس السابق لدير الأنبا مقاريوس بوادي النطرون.

وأصدر يعقوب المقاري بيانا باسم "رهبان دير السيدة العذراء مريم الانبا كاراس السائح"، جاء فيه أن رهبان الدير أعلنوا "انفصالهم عن إدارة الأنبا تواضروس وذلك الى حين عزله أو تعيين بطريرك جديد". وهاجم الانبا تواضروس، معتبراً أنه خرج على قوانين الآباء الرسل. ويجب عزله. واقترح في بيانه تشكيل لجنة من أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، لإدارة شؤونها الى حين انتخاب بطريرك جديد.

نهاية محسومة

ورأى الكاتب والمفكر القبطي كمال زاخر أن الضجة التي حدثت كانت أمراً طبيعياً، وصرح لـ"النهار: "من الطبيعي أن تحدث هذه الضجة، لأن الأمر يتعلق بمؤسسة تقليدية عريقة، لا يوجد الكثير من المعلومات عنها في الشارع المصري، الأقباط فقط هم من لديهم معلومات حولها".

وأضاف: "أتصور أن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه غيره، لأن المؤسسة (الكنيسة القبطية) عريقة إلى درجة انه من الصعب أن يتحداها أي شخص بالطريقة التقليدية، فسوف ينتهي الأمر به مثل الكثير من الرهبان الذين طردوا منها أو تركوها وعادوا إلى حياتهم العادية". وأوضح أن "ما أعطى قصة يعقوب المقاري زخما انه استطاع - من خلال بعض الاختلالات الموجودة في إدارة هذه المنظومة - أن يشتبك مع عالم الأعمال، وأن يجني مكاسب ومصالح شخصية له، وهذا باعترافه هو نفسه". وأكد "أن كل ما يقال عنه محض إشاعات، فهو لا يملك أن يؤسس كنيسة منشقة، لأن الظرف السياسي لا يسمح، والظرف الاجتماعي وتركيبة الأقباط لا يسمحان بذلك، وقد حاول اثنان قبله فعلاً ذلك، لأسباب مختلفة، وفشلا، على رغم أن أحدهما (وهو ماكسيموس)، كان مدعوماً بشكل مباشر من أجهزة الدولة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، خلال فترة صراعه مع الانبا شنودة الثالث. لكنه اليوم بلا ذكر، على رغم أنه لا يزال موجوداً، والمبنى الذي أسسه قائم، فهو لم يراع الأبعاد التاريخية، والتركيبة النفسية للأقباط".

وخلص الكاتب إلى أنه "مع كل هذه الضجة المثارة حول يعقوب المقاري، أتوقع أن ينتهي بأسرع ما انتهى إليه ماكسيموس، لأنه لا يملك ما كان يملكه ولا يحظى بدعم من الدولة، والصراع الذي يقوده المقاري شخصي، ولا يعتبر جزءاً من الصراع القائم داخل الكنيسة، والذي لا يستطيع أحد أن ينكره، لأنه صراع انتقال من مرحلة استمرت نحو نصف قرن كان الانبا شنودة مؤثرا خلالها بقوة في الكنيسة، سواء في فترة السنين العشر التي كان خلالها أسقف تعليم، أو في السنوات الاربعين التي تولى فيها بطريركية الكنيسة".

العصيان وسيلة

وقالت الصحافية المتخصصة في الشأن القبطي وفاء وصفي لـ"النهار": "البيان الذي أصدره يعقوب المقاري مثير للاستغراب، فقد تضمن مجموعة من الاتهامات التي ترددت من قبل في حق الانبا تواضروس وسط الصراع الذي شهدته الكنيسة، أخيراً، وتولى تفنيدها الأنبا إبيفانيوس مستنداً الى حجج لاهوتية قوية، وقال إن هذا لم يحدث في تاريخ الكنيسة أصلا". وأضافت :"إذا كان (يعقوب المقاري) يتحدث عن اللاهوت والعقيدة والأمور الكنسية، فمن باب أولى أن يلتزم هو واحدة من أهم قواعد الرهبنة، وهي الطاعة، لأنها شرط مهم وإن لم يكن حتى مقتنعاً بالتعاليم".

وذكّرت بأنه "أثيرت حول هذا الراهب المشلوح الكثير من المشاكل المالية. في عام 2015 حدثت فضيحة لأنه جمع أكثر من 30 مليون جنيه، أكثرها من رجال أعمال، وحينذاك أصدر دير الأنبا مقاريوس بوادي النطرون بياناً بأنه لا صلة له به، ولا يحق له إجراء أي تعاملات مالية باسم الدير".

وروت أنه "بعد رحيل الأنبا متى المسكين، مؤسس دير الأنبا مقاريوس، رفض يعقوب المقاري، الذي كان مسؤولا عن ورشة النجارة في حينه، تسليم الدير المبالغ المالية المحصلة من بيع منتجات الأخشاب... قال إن الورشة ملك له، وهذا مخالف لقواعد عمل الأديرة. وحينذاك انتقل إلى تأسيس مزرعة أطلق عليها مزرعة الأنبا كاراس".

وأفادت وصفي أنه "بعد حادثة مقتل الأنبا إبيفانيوس، وصدور قرارات لجنة الأديرة، والتي تضمنت أن أي راهب موجود في مكان غير معترف به، سوف يتم تجريده، ولم يكن في قائمة الأديرة التي تعترف بها الكنيسة مزرعة الأنبا كاراس، ولأن الكنيسة تعطي فرصة للمخطئين كي يتوبوا، فقد سمحت لمن يقيمون في أماكن غير مصرح بها أن يوفقوا أوضاعه". ولاحظت أن الراهب المشلوح من الكنيسة الأرثوذكسية "أمامه حل من اثنين: إما أن يعلن العصيان، وهذا ما يبدو أنه يتجه إليه بدعوته المجمع المقدس الى عزل البطريرك، وإما أن ينضوي تحت طائفة مسيحية أخرى، مثل الطائفة الإنجيلية، لكن هذا لن يلبي طموحه على الأرجح".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة