الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آب ٣١, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
«مرصد سورية» يحذر من الغارات
معر شورين (سورية) - أ ف ب
كان خالد الإدلبي منهمكاً بالعمل في منزله حين وصلته رسالة عبر الهاتف جعلته يقفز من مكانه مسرعاً للإبتعاد عن المنطقة، وما هي إلا دقائق حتى استهدفت غارة جوية بيت جيرانه في محافظة إدلب في شمال غربي سورية.

قبل عامين أطلق شابان أميركيان وآخر سوري نظاماً أطلقوا عليه «مرصد سورية» هدفه تنبيه السوريين من أي طائرة حربية تتجه نحوهم، ما يتيح لهم الفرار من أي مكان قد يكون وجهة لها.

وستساعد هذه الدقائق الإضافية الحاسمة التي يمنحها نظام الإنذار في إنقاذ أرواح المدنيين عند شن النظام السوري هجومه المتوقع على محافظة إدلب، أخر معاقل الفصائل المقاتلة.

ويعتمد النظام على مراقبين على الأرض وأجهزة إستشعار لرصد انطلاق الطائرات الحربية السورية والروسية التي تقصف مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في سورية. وما أن يتم رصد طائرة ما، حتى يطلق النظام صفارات إنذار في المنطقة المعنية كما يرسل رسائل تحذيرية عبر تطبيقات مختلفة على الهواتف النقالة.

سمع خالد الإدلبي (23 عاماً) بخدمة «مرصد سورية» من أحد أصدقائه، وقد نجحت فعلاً في إنقاذه من القصف في بلدة معر شورين في ريف إدلب الجنوبي.

في العاشر من حزيران (يونيو) 2017، وبعد غارة جوية على المنطقة عاد خالد إلى منزله لتجهيز بعض الأغراض والفرار بها، وأثناء انهماكه بالعمل وصلته رسالة على هاتفه لتحذيره.

ويقول الناشط الإعلامي لوكالة (فرانس برس) «كان للخدمة فضل كبير علي (...) أثناء تواجدي في المنزل وصلني تنبيه على تطبيق تلغرام يفيد بأن الطيران الحربي أقلع من جديد تجاه المنطقة ذاتها».

ويضيف «غادرت فوراً، وبعدما قطعت مسافة كيلومتر واحد تقريباً استهدفت غارة منزل جيراننا».

وأصيب جراء الغارة ثلاثة أطفال، وفق إدلبي الذي توقع أن 15 شخصاً قد يكونوا لاذوا بالفرار بعد تلقيهم التحذير من «مرصد».

أطلقت خدمة «مرصد سورية» في آب (أغسطس) العام 2016 بالشراكة مع منظمة «الخوذ البيض» (الدفاع المدني) في مناطق المعارضة، لتتحول لاحقاً إلى خدمة لا بد منها عند الكثير من السوريين في مناطق سيطرة الفصائل.

ويعتز مهندسو الخدمة بها خصوصاً بعد نجاحها خلال حملة القصف العنيف التي تعرضت لها الغوطة الشرقية قرب دمشق العام الجاري، قبل أن تتمكن قوات النظام بدعم روسي من استعادة السيطرة عليها في نيسان (أبريل) الماضي.

ويقول جون ياغر، أحد مؤسسي شركة أنظمة «هالا» التي طورت النظام المستخدم في «مرصد سورية»، لـ «فرانس برس» «شهدنا ارتفاعاً كبيراً في استخدامها مع تزايد حملة القصف» في الغوطة.

وأسفر القصف الجوي في الغوطة عن مقتل 1700 مدني، وفق حصيلة لـ «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وياغر دبلوماسي أميركي سابق ومبرمج إلكتروني يصب جام اهتمامه في البحث عن وسائل تحمي المدنيين في سورية، ومن هنا وضع نظام «مرصد سورية» بالتعاون مع رجل الأعمال دايف ليفين ومبرمج سوري لم يُكشف عن هويته.

ويتطلب النظام الممول حالياً، وفق ياغر، من بريطانيا وكندا وهولندا والدنمارك تدخلاً من أشخاص على الأرض لمراقبة حركة الطيران من جهة، ووضع أجهزة الاستشعار من جهة ثانية.

ولذلك لم تشمل الخدمة مناطق سيطرة تنظيم «داعش» والتي تستهدفها غارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن وأسفرت أيضاً عن مقتل مدنيين.

وتقدر»هالا» أن «مرصد» متوفر لحوالى مليوني شخص في سورية، غالبيتهم في محافظة إدلب، آخر أبرز معاقل الفصائل المقاتلة وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).

وعلى رغم عدم توفر إحصائيات دقيقة، يقول ياغر «إن تحليل البيانات أظهر أن «مرصد» خفض قتلى الغارات بنسبة 27 في المئة.

ويمنح التحذير للمدنيين، الذين يعتمدون على خدمة «مرصد» إن كان عبر صفارات الإنذار أو وسائل التواصل الاجتماعي أو محطات الراديو، معدل حوالى ثماني دقائق للفرار، وفق ياغر.

ولخدمة «مرصد» حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، فعلى موقع تويتر ينشر تغريدات متتالية عن حركة الطيران، على الشكل التالي «4:08: مطار حميميم- الآن طائرة حربية روسية تحلق باتجاه جنوب شرقي».

ولمنظمة «الخوذ البيض» دور في تطوير هذه الخدمة، خصوصاً أنها تمنح طواقمها بعض الوقت للتجهيز قبل التدخل في منطقة معينة.

ويقول إبراهيم أبو ليث، منسق الإنذار المبكر في الشمال السوري في المنظمة، «يحاول التقنيون التابعون لنا تطوير هذه الخدمة بحيث تصل للمدنيين حتى من دون إنترنت».

وتقوم المنظمة أيضاً بحملات توعية لترويج لنظام «مرصد سورية»، وقد أجرت أخيراً أكثر من 190 جلسة توعية في غالبية مناطق سيطرة الفصائل في شمال سورية، وفق أبو ليث.

وأسفر النزاع السوري منذ العام 2011 عن مقتل أكثر من 350 ألف مدني، وفق حصيلة لـ «المرصد السوري»، وبين هؤلاء نحو 33 ألف مدني في قصف روسي وسوري.

لم يرصد ياغر أي محاولة لتعطيل «مرصد سورية» خصوصاً من قبل قوات النظام، بل يوضح «لا يقولون إنهم يدعمونه لكن أعتقد أن عليهم أن يقوموا بذلك، فلا أحد يهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين».

ويضيف «إذا أرادت الطائرات الحربية الروسية أو التابعة للحكومة استهدافك، فإن الخدمة لا تستطيع القيام بالكثير. كل ما نريده هو تفادي سقوط القتلى بأكبر قدر ممكن».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة