القاهرة – أمينة خيري منافع موسم الانتخابات الرئاسية في مصر بعد سبع سنوات من هبوب رياح «الربيع العربي» كثيرة. والمتابع أجواء الانتخابات الرئاسية «الثرية» التي شهدتها البلاد وعاصرها العباد على مدار سنوات ما بعد الثورة يعرف أنها عادة ما تكون معبأة بالدهشة وعابقة بالإثارة مع بعض من الاستنارة.
النور الخافت المسرّب من غرفة التحليل الإخباري في إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة، يقف على طرفي نقيض من الوهج المشتعل الناجم عن صراع الضيوف المتأرجحين بين تأييد شديد جداً وتأييد شديد وتأييد مشروط لترشح الرئيس عبدالفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية، وآخرين يطالبون بفتح أبواب الترشح على مصاريعها أمام كل من يرغب وتتوافر فيه الشروط حتى تكون الأجواء التنافسية حامية والمناظرات السياسية ساخنة وفرحة المنتصر «زاعقة».
لكن الصراخ الصادر عن غرفة التحليل لا يقارن مع التنظير الآتي من «قهوة السواقين» في مثلث ماسبيرو العشوائي المتاخم لمبنى ماسبيرو. المقهى المزدحم بعشرات سائقي سيارات الأجرة والميكروباصات يتفجر على مدار ساعات الليل والنهار بأخبار وإشاعات وترجيحات وتكهنات تفوق غرف التحليل استنارة، وتنافس مراكز البحث استقصاء، وتغوص في أعماق المجتمع غوصاً لا علاقة له بمقالات المثقفين أو توكيدات المسؤولين أو حتى توكيلات المواطنين.
الغالبية المطلقة من الأسماء المطروحة على ساحة الترشح (الجادون منهم والهازلون) معروفة ومدروسة. والتكهنات المنطقية التي يأبى الإعلام بأجنحته الرسمية والخاصة والدولية أن تقر بها معروضة ومقبولة. وما لا يقال جهراً خوفاً من المحاسبة يقال وينال نصيبه من الشجب حيناً والتأييد حيناً آخر. ووفق «مقهى التحليل الشعبي»، فإن الرئيس السيسي سيفوز بولاية ثانية، وخالد علي سيضطر إلى الانسحاب أو سيبقى، لكن من دون أمل في النجاح، والفريق سامي عنان سيحاول البقاء لكن على الأرجح سيرحل إن لم يكن اليوم فغداً، والسادات أرغمته شعبيته المطموسة على الاعتذار، والباقون من الباحثين عن الشهرة أو جس النبض أو حتى من باب الدعابة سيتبخرون في هواء الجدية واقتراب المواعيد الرسمية.
يتابع المصريون رسمياً التزكيات والتوكيلات التي تبحث عنها حملة خالد علي متذمرة، والتي يسعى حزب «مصر العروبة» للحصول عليها لمصلحة الفريق عنان متعثراً.
يجري المواطنون يميناً ويساراً لمتابعة أعمالهم ومصارعة مشكلاتهم والبحث عن لقمة عيشهم، ثم يخلدون لسويعات من الراحة مع قليل من الترفيه والاجتماعيات فيتحدثون عن الانتخابات. الغالبية على يقين بأن الرئيس السيسي يتجه إلى فوز، وهذا اليقين نابع إما من تأييد وإيمان بالجدارة، أو قناعة واضطرار لعدم وجود البدائل، أو تشكيك في نزاهة، أو ارتياب في فتح الباب حقيقة أمام من يرغب.
|