الفيوم (جنوب القاهرة) – محمود دهشان في الطريق من القاهرة إلى الفيوم (90 كيلومتراً إلى الجنوب)، تلفت الزائر مظاهر التدين البادية على سكان قراها، من مساجد متراصة على الطريق العام المتاخم للقرى، إلى الشعارات الدينية على جدران المنازل، فضلاً عن لباس الجلباب للرجال، والنقاب للسيدات.
وتعد محافظة الفيوم تاريخياً أكبر معاقل الجماعات الإسلامية عموماً، وجماعة «الإخوان المسلمين» المصنفة إرهابية خصوصاً. وخلال السنوات الأخيرة، لجأ عناصر من «الجماعة» إلى الفيوم للاختباء من الأجهزة الأمنية عقب تنفيذها هجمات إرهابية. والفيوم جغرافياً حلقة وصل بين محافظات المنطقة المركزية والصحراء الغربية القريبة من الحدود مع ليبيا، والتي تستغلها الجماعات الإرهابية للتسلل وتهريب الأسلحة من الأراضي الليبية أو الفرار إلى ليبيا من طريق المنطقة الممتدة على حدود الفيوم التي تربطها بالواحات البحرية من طرق غير معبدة داخل الصحراء تمتد إلى 600 كيلومتر. ويتحدر من الفيوم قادة بارزون في الجماعات الإسلامية، بينهم قائد «تنظيم الشوقيين» شوقي الشيخ، كما تربى فيها زعيم «الجماعة الإسلامية» الراحل عمر عبدالرحمن، ومن سكانها الانتحاري محمود شفيق الذي نفذ عملية تفجير الكنيسة البطرسية في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة نهاية العام الماضي، والتي تبناها تنظيم «داعش». ولجماعة «الإخوان» فيها نفوذ واسع، من خلال السيطرة على مساجد قراها وزواياها، فضلاً عن تقديم مساعدات مالية وعينية للفقراء في المحافظة التي تعد الأكثر فقراً في مصر.
وقال وكيل وزارة الأوقاف في الفيوم الدكتور حسني أبو حبيب أن مديرية الأوقاف في المحافظة «سيطرت على جميع المساجد في قرى الفيوم ومراكزها ومدنها»، مؤكداً عدم وجد «أي شخص يعتلي منبراً في أي مسجد إلا إذا كان إماماً من الأوقاف أو خطيباً مصرحاً له من الوزارة». وأشار أبو حبيب إلى أن مديرية الأوقاف «أغلقت جميع الزوايا (مكان في أحياء القرى لتعليم الدين وصلاة الجمعة) غير المرخصة، كي لا تستغل من بعض العناصر التابعة للجماعات التي تروج لأفكار هدامة تتنافى مع التعاليم الإسلامية»، لافتاً إلى أن جماعة «الإخوان» استغلت فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وسيطرت على المساجد كافة في ذلك الوقت واستغلتها لأغراض أبعد ما تكون من الدين الإسلامي». وأوضح أن مديرية أوقاف الفيوم بدأت تنفيذ توصيات الوزارة منذ عام 2013 وسيطرت تماماً على جميع المساجد والزوايا.
|