علي عواضة في تطور هو الأول من نوعه، زار زعيم "عصائب أهل الحق" العراقية المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي قيس الخزعلي جنوب لبنان، وتحديداً الحدود اللبنانية ـــ الفلسطينية. في رسالة سياسية واضحة اعتُبرت خرقاً للقانون اللبناني والقرارات الدولية خصوصاً القرار 1701، والتي تمنع أي تواجد عسكري لغير الجيش اللبناني بعد نهر الليطاني.
وبحسب الفيديو المتداول، فقد ظهر الخزعلي بلباسه العسكري الكامل عند بوابة فاطمة في كفركلا الجنوبية، متفاخراً أنه على أتم الجهوزية لمؤازرة "المجاهدين المقاومين"، قائلاً "نحن هنا مع حزب الله نعلن جهوزيتنا التامة للوقوف صفاً واحداً مع الشعب اللبناني والقضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي".
وسارع لمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى اصدار بيان وفيه ان "الفيديو استدعى قيام الرئيس سعد الحريري باتصالات مع القيادات العسكرية والأمنية المعنية لإجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ الاجراءات التي تحول دون قيام اي جهة او شخص بأي أنشطة ذات طابع عسكري على الاراضي اللبنانية، ودون حصول أعمال غير شرعية على صورة ما جاء في الفيديو، ومنع الشخص المذكور من دخول لبنان".
"عصائب أهل الحق"... كيف ترد؟
وبعد الفيديو وردود الأفعال المعترضة عليه، كيف علقت "عصائب أهل الحق" العراقية، وما هي الرسائل التي أرادت إيصالها في هذا التوقيت الحساس، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس؟ أسئلة طرحناها على المتحدث الإعلامي لـ"عصائب أهل الحق" نعيم العبودي، حيث أكد في حديثه لـ"النهار" أن الزيارة قام بها الخزعلي قبل نحو أسبوع من اليوم، وتوقيت نشر الفيديو فيه رسائل سياسية للعدو الإسرائيلي. وقد وصلت تلك الرسائل القائلة إن إسرائيل لو فكرت بشن أي حرب حمقاء على لبنان أو أي جهة، فإنها ستواجه مقاتلين من العراق واليمن ولبنان، فزمن الهزائم قد ولّى إلى غير رجعة، ونحن جيل بعيد كل البعد عن جيل النكبة والنكسة". وأكد أن أي حماقة ستقوم بها إسرائيل باتجاه لبنان، فالجبهات جميعها ستفتح والمعركة المقبلة لن تقتصر على "حزب الله" بل سنكون في طليعة المقاتلين المدافعين عن المقاومة في لبنان وبالتنسيق الكامل مع شرفاء هذه الأمة".
وحول الانتقادات التي وجهت للزيارة، أكد العبودي "أن الزيارة هي رسمية وليست خرقاً للقانون اللبناني ولا العراقي، فلم يظهر أي شخص في الفيديو حاملاً سلاحه، بل في لباسه العسكري، وهي رسالة للداخل الإسرائيلي وليست للداخل اللبناني أو أي جهة أخرى، والهدف منها قد وصل، وهو تأكيد على خطاب السيد حسن نصرالله قبل فترة، أن في أي حرب مقبلة سيواجه العدو مقاتلين من جنسيات أخرى. فالمحور أصبح متمدداً من اليمن وصولاً إلى لبنان وسوريا".
الزيارة المفاجئة لم تأخذ حساسية الوضع اللبناني بالاعتبار، وعاد لبنان إلى موقع ايصال الرسائل المباشرة وغير المباشرة، حيث اعتبرها عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، "خرقاً للتفاهم المستجد بين مكونات الحكومة اللبنانية. والرسائل التي أراد القائمون على الزيارة إيصالها من خلال الجولة، ما هي إلا مسرحية وجولة استعراضية. وإذا كان الهدف فتح الجبهات، فلتفتح جبهة الجولان ومعها جميع الجبهات لدعم فلسطين، أو أقله إرسال صواريخ بالستية من قبل الحرس الثوري الإيراني لا زيارة على الحدود وخرقاً واضحاً للقانون اللبناني والقرار الدولي 1701.
حركة "عصائب أهل الحق" تردّ: بيان الحريري حول زيارة الخزعلي فيه مغالطات وتناقضات
رأت حركة "عصائب أهل الحق" في بيان أنّ "زيارة الأمين العام للحركة قيس الخزعلي الى الحدود جاءت للتعبير عن التضامن بين الشعوب الاسلامية والعربية للوقوف بوجه الكيان الصهيوني وتجديد للعهد للقدس المحتلة"، لافتةً إلى أنّ "بيان رئيس الحكومة سعد الحريري عن الزيارة يحمل الكثير من المغالطات والتناقضات، حيث أن الزيارة جاءت وفق الاصول وبجواز سفر عراقي، أما اللباس العسكري فهو تعبير عن رسالة تضامن مع الشعبين اللبناني والفلسطيني ضد العدو المشترك".
وجاء في البيان: "بمسعى يستهدف حرف مسار الأنظار والتشويش على حقائق الأمور، حاول المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري التعاطي بشكل مغلوط مع زيارة الخزعلي إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية، الّتي جاءت للتعبير عن التضامن المستمرّ بين الشعوب الإسلامية والعربية للوقوف بوجه الكيان الصهيوني الغاصب وتجديد العهد لقدسنا المحتلة. بيان مكتب الحريري يحمل من المغالطات والتناقضات الكثير، حيث انّ زيارة الخزعلي إلى الشقيق لبنان، جاءت بصفة أصولية وبجواز سفر عراقي، أمّا اللباس العسكري الّذي ارتداه هو تعبيراً عن رسالة التضامن مع الشعبين اللبناني والفلسطيني ضدّ العدو المشترك للإسلام والإنسانية المتمثّل بالكيان الصهيوني. والهدف من الزيارة هو التأكيد على الوقف إلى جانب الشعب اللبناني العزيز ضدّ التهديدات الإسرائيلية، وإعلان جهوزيتنا في مواجهة أي اعتداء أو حماقة يقوم بها هذا الكيان الغاصب، على أي شبر من دولة لبنان الشقيقة".
وتابع البيان: "هنا، حري بنا السؤال عن الّذي يقصده بيان مكتب الحريري بوصف المليشيا؟ فإذا قصد حركة عصائب أهل الحق، فنقول إنّ حركتنا كيان سياسي عراقي مسجّل وفق قانون الأحزاب العراقي"، مسجّلاً اعتراضه واستغرابه من "التناغم الّذي أبداه مكتب الحريري مع وسائل إعلام صهيونية وأخرى تابعة لأنظمة عربية، طالما تخادمت مع الصهاينة والمشروع الأميركي. ختاماً، نجدد الموقف الداعم لدولة لبنان، شعباً وجيشاً ومقاومةً لنصرة القضية الفلسطينية والوقوف ضدّ التكفيرين الإرهابيين في كلّ مكان في العالم، وستبقى المشاريع الأميركية الصهيونية في المنطقة، أحلاماً لا تتحقّق طالما أنّ المقاومين الأحرار يمتلكون القدرة في كل مكان وزمان".
مصدر في الحكومة اللبنانية يردّ على بيان "عصائب أهل الحق"
تعقيباً على بيان صدر عن "عصائب أهل الحق" في العراق، ادلى مصدر مسؤول في الحكومة اللبنانية بالآتي: "هذا البيان مردود لصاحبه شكلاً ومضموناً. إن لبنان في غنى عن أي عصائب للدفاع عنه، والدولة اللبنانية وحدها معنية بمواجهة اي عدوان على ارضها وسيادتها. والعراضة التي ارادها صاحب البيان على الحدود الجنوبية، مسألة تخالف أبسط مقتضيات الإخوة والتضامن، ورسالة مرفوضة تتجاوز القوانين اللبنانية، وتدخل غير مقبول في شؤون داخلية لبنانية هي من اختصاص اللبنانيين دون سواهم".
كيف يرى القانون اللبناني الزيارة؟
من الناحية القانونية فإن المادة 144- معدلة بالمرسوم رقم 1460 تاريخ 8/7/1971، تنص على أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين كل شخص يُقدم علانية وبدون حق على انتحال صفة أو رتبة عسكرية أو على حمل وسام أو رصيعة أو شارة من الأوسمة أو الرصائع أو الشارات العسكرية اللبنانية، أو على ارتداء زي أو لباس من الأزياء أو الألبسة العسكرية، بحسب ما أكد المحامي الدكتور بول مرقص رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية. وأشار إلى أن أحكام هذه المادة تطبق على كل شخص يقدم، وهو عالم بالأمر، على تصريف أو حيازة أو استرهان أو نقل أي شيء من أشياء الجيش. كذلك المادة 145- التي تنص على أنه يعاقب بالعقوبة نفسها كل عسكري يحمل وساماً أو رصيعة من الأوسمة أو الرصائع أو الشارات الأجنبية بدون أن يؤذن له بحملها مسبقاً من السلطات اللبنانية.
واعتبر مرقص أن العمل، وبغض النظر عن كونه يمكن أن يكون رادعاً للعدو الإسرائيلي، ولكنه يخالف القوانين اللبنانية الأَولى بالتطبيق، بعيداً من الاعتبارات وراء هذه الجولة. فالقانون يحظّر أي ظهور بالبذات العسكرية لمن هو ليس في القوات المسلحة النظامية اللبنانية، وحتى أفراد القوات المسلحة النظامية عليهم تقييد في ارتداء اللباس العسكري خارج الخدمة. مؤكداً أن الفعل محظور قانونياً لأنه أتى من قبل أشخاص أجانب وبلباس عسكري لا ينتمون إلى إحدى القوى المسلحة اللبنانية في الخدمة، ناهيك عن أن هذه المظاهر قد تستدرج ردود أفعال وذرائع من قبل العدو الإسرائيلي.
تعليقات على الزيارة
وفي أول رد على زيارة الخزعلي، علق الوزير السابق أشرف ريفي في تغريدة له على موقع "تويتر" قائلاً": "جولة قيس الخزعلي على الحدود برعاية "حزب الله" رسالة تحدٍّ وضرب لسيادة لبنان والقرارات الدولية. وهي تنسف النأي بالنفس ومفاعيل مؤتمر باريس. وتؤكد أن السلطة الحقيقية بيد "حزب الله" ومشروعه الإيراني".
وأضاف: "نسأل هل بات لبنان جمهورية للحشد الشعبي بغطاء رسمي. وما هو موقف الرئيسين عون والحريري؟".
بدوره غرد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط: " يا أهلا يا أهلا يا أهلا بالأستاذ قيس الخزعلي في ربوع لبنان. شو هل الطلة الحلوة. في المرة القادمة حابين أن نقوم بالواجب في الجبل. أقترح منسف عند الشيخ علي .بالمناسبة اشتقنا للشيخ علي. ولماذا ربط زيارتو بالنأي بالنفس، هذا موقف قد يضر بالسياحة. الاستاذ قيس بحقلّو سياحة بعد قتالو لداعش".
سعيد لـ"النهار": بيان الحريري عن الخزعلي غير كافٍ
وصف النائب السابق فارس سعيد جولة الأمين لـ"عصائب أهل الحق" في العراق الشيخ قيس الخزعلي في الجنوب بأنّها "رسالة إيرانية للعالم تقول إن الامر في لبنان لا يعود للحكومة بل للحرس الثوري الإيراني وان لا وجود لها ولا للقرار 1701".
وقال سعيد لـ"النهار" أن "البيان الذي أصدره الرئيس سعد الحريري غير كاف، لأنّ المسؤول يأخذ تدابير ومن يكون في المعارضة يصدر بيانات".
|