أربيل – باسم فرنسيس شهدت أربيل حراكاً مكثفاً مع وصول رئيس الجمهورية فؤاد معصوم إلى المدينة أمس تزامن مع سلسلة اجتماعات يعقدها رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني مع القوى الكردية سعياً إلى إطلاق مفاوضات مع بغداد حول الملفات الخلافية العالقة، فيما وافقت الكتلة الكردية في مجلس كركوك على إقالة رئيس المجلس وكالة والبت في حسم منصب المحافظ.
وتزامن وصول معصوم إلى أربيل مع عقد رئيس حكومة الإقليم ونائبه قباد طالباني سلسلة اجتماعات مع قادة في الحزب «الديموقراطي» بزعامة مسعود بارزاني و «الشيوعي» و «الكادحين» تهدف إلى تحقيق موقف كردي جامع يمهد لمفاوضات مع بغداد.
وعزا الناطق باسم الحزب «الديموقراطي» محمود محمد أزمة الإقليم إلى «وجود عدة أيادٍ خارجية عملت على خلقها». وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع مع وفد الحكومة أنه «تم بحث الملفات في شأن الوضع السياسي في الإقليم والأزمة مع بغداد، وأكدنا أهمية وحدة الصف الكردي».
وإزاء مطالب بعض القوى لتشكيل حكومة انتقالية، قال إن «حل الحكومة وتشكيل أخرى سيدخلنا في إشكالات كثيرة ونحن ندرس طلبا من حركة التغيير إزاء ذلك، وهذا يتطلب وقتاً، وأكدنا أهمية إجراء الانتخابات في الإقليم قبل الانتخابات العامة في عموم العراق، لكن ذلك يتطلب توافقاً بين الأطراف السياسية، وكذلك عقد اجتماع للأحزاب الرئيسة الخمسة لم يحدد موعده بعد».
ولفت إلى أن «إجراء الحوار مع بغداد سيكون من قبل حكومة الإقليم حصراً، وسيحتل ملف تهدئة الأوضاع في كركوك وقضاء طوزخورماتو حيزاً مهما في أجندة المفاوضات».
واقترح حزب «الكادحين» على رئيس الحكومة «إجراء الانتخابات في الإقليم قبل المفاوضات مع بغداد في حال عدم حصول اجماع بين القوى السياسية الكردية مع الوفد الحكومي المفاوض». وقال القيادي في الحزب سعد خالد للصحافيين عقب الاجتماع مع بارزاني أن «اقتراحنا نابع من الخشية من حصول مزادات سياسية تعيق المفاوضات مع بغداد مع قرب حلول موعد الانتخابات، وتقديم موعدها سيقلل من سقف مطالب الأطراف السياسية بخصوص المفاوضات».
ولمح زعيم الحزب «الديموقراطي» رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني إلى تقديم الإقليم تنازلات للحكومة الاتحادية من أجل الدخول في مفاوضات، وقال خلال لقائه نواب وكوادر ومسؤولين للحزب عن السليمانية وحلبجة وأطرافهما «بادرنا بما يكفي من أجل أن لا تفرض بغداد شروطاً تعجيزية للبدء بالمفاوضات، لكن يبدو أنها (بغداد) غير جادة».
وشدد على أن «الشعب الكردي لم يهزم بل تعرض للخيانة (في إشارة إلى اتفاق قادة في حزب الاتحاد الوطني مع بغداد)، والوضع الحالي موقت وستنتصر إرادة الشعب في النهاية، ولن تجدي سياسة فرض الأمر الواقع على كركوك والمناطق المتنازع عليها».
وكان نيجيرفان اتهم الحكومة الاتحادية بـأنها «غير مستعدة للحوار رغم احترامنا لقرارات المحكمة الاتحادية (بطلان الاستفتاء للانفصال وما ترتب على نتائجه)»، وقال خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع للحكومة «نسأل ما الذي ترتب على الاستفتاء بعد إجرائه؟ بل على المحكمة إلغاء الإجراءات والقرارات غير الدستورية التي اتخذتها بغداد ضد الإقليم». الأزمة في كركوك وفي كركوك اعتبرت «الهيئة التنسيقية للتركمان» خلال مؤتمر صحافي أمس زيارة معصوم المحافظة «حزبية تهدف إلى إعادة الهمينة الكردية»، وأكدت أن «الحلول يتوجب أن تقدم من شخصيات محايدة لا مصلحة لها في شأن المحافظة، ونحن اجتمعنا ودرسنا الخيارات المتاحة لإدارة المحافظة بآلية ترضي الجميع، من خلال تقاسم السلطة بين المكونات، على أن يتم إيداع الملف الأمني إلى السلطة الاتحادية حصراً».
وطالبت بأن «يكون منصب المحافظ من حصة التركمان على أن تشارك المكونات في الإدارة، ورفض انفراد مكون دون غيره»، داعية رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى «إطلاق مبادرة وحلول سريعة لحسم ملف كركوك».
إلا أن محافظ كركوك وكالة راكان سعيد الجبوري قال في اجتماع مع رؤساء الدوائر الخدمية إن زيارة معصوم «كانت استطلاعية للتعرف عن كثب إلى أوضاع المحافظة والمساعدة في جهودها لإعادة الإعمار والاستقرار للمناطق المحررة وإعادة النازحين، والإصرار على إنشاء مطار مدني وضمان تمويل إكمال المشاريع المتلكئة».
إلى ذلك، خول مجلس المحافظة في اجتماعه أمس، عضو المجلس الأكبر سناً لإدارة الأمور المالية للمجلس، وذكر في بيان أن «القرار جاء بغية معالجة الفراغ الإداري الحاصل في المجلس خدمة للمصلحة العامة كإجراء موقت».
وفي تطور لافت، أعلنت الكتلة الكردية في مجلس كركوك موافقتها على «إقالة رئيس مجلس المحافظة وكالةً ريبوار طالباني (كردي) من منصبه واختيار العضو جوان حسن عارف خلفاً له»، بناء على طلب مقدم من الكتلتين العربية والتركمانية.
كما أكدت الكتلة الموافقة على «تشكيل لجنة توافقية لحسم منصب المحافظ ورئيس المجلس، على أن يكون التصويت على المرشحين في جلسة وبرزمة واحدة».
من جهة ثانية، دعا الناطق باسم حكومة اربيل سفين دزيي في تغريدة عبر «تويتر» «المنظمة الأممية إلى بحث الحالات المثبتة من الاعتداء على الكرد في طوزخورماتو، وتم توثيق أعمال تهجير وهدم منازل ومصادرة للأملاك بالقوة».
ولفت إلى أن «الأدلة تشير إلى تورط القوات العراقية والحشد الشعبي بهذه الأعمال، خصوصاً الحشد التركماني، إذ تمت مصادرة 3 آلاف منزل، وسرقة محتويات الفي منزل، وحرق 400، وتفجير 5 منازل»، مشيراً إلى أن ذلك «يعد عملية تمييز عنصري ضد الكرد».
وفي بغداد، حذرت النائب عن «ائتلاف دولة القانون» عواطف نعمة في مؤتمر صحافي من «وجود صفقة خلف الكواليس تقف وراء عودة النواب الأكراد إلى جلسات البرلمان، على رغم صدور قرارات صوت عليها البرلمان لتعليق عضوية النواب الذين أيدوا وروجوا للانفصال».
وتتصاعد في الإقليم حملة الأصوات المطالبة بالكشف عن حقيقة الادعاءات بهروب وزير الثروات النفطية آشتي هورامي في وقت يواجه الإقليم أزمة غير مسبوقة. ووقع حوالى 25 نائباً في برلمان الإقليم على مذكرة لاستجواب الوزير حول أسباب «اختفائه منذ نحو شهرين ومصير أموال واردات النفط وحجم وآلية دفع الديون المترتبة على الإقليم من الدول والشركات الأجنبية، وعدم الكشف عن بيانات الواردات للبرلمان، وخفايا فشل السياسية النفطية».
وكان النائب عن كتلة «التغيير» علي حمه صالح الذي يلقب شعبياً بـ «الحاسبة» لكشفه البيانات المتعلقة بملفات الفساد، قال إن هورامي «هرب قبل يوم من غلق مطاري أربيل والسليمانية بقرار من الحكومة الاتحادية، أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، في حين هناك 90 ملف فساد يتورط فيها كبار المسؤولين والوزراء وأبرزهم بارزاني وهورامي».
وفي خطوة لافتة، شدد النائب عن كتلة الحزب «الديموقراطي» الذي يقود الحكومة فرحان جوهر على ضرورة «مساءلة الحكومة حول ملابسات اختفاء الوزير من قبل البرلمان ومكان إقامته».
في المقابل، نفى رئيس الحكومة في مؤتمره الصحافي صحة اتهامات هروب الوزير وقال إنه «في مهمة حكومية خارج الإقليم ولا حاجة إلى مطالبة الشرطة الدولية (الإنتربول) بالقبض عليه».
|