الناصرة – أسعد تلحمي رأى باحثان في «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» أنه حيال التفاهمات الأميركية – الروسية حول الأوضاع في سورية التي لا تتناغم مع المصالح الإسرائيلية، «يقترب اليوم الذي ستضطر فيه إسرائيل لأن تشمّر عن ساعديها وتغمس يدها في الأمور إذا رغبت في لجم النفوذ والتمركز الإيرانيين في سورية». وأضافا أن لدى إسرائيل قدرات على»هدم المشروع الروسي– الإيراني في سورية والمساس بسنَد الرئيس بشار الأسد».
ورأى الباحثان أودي ديكل وتسفي ماغين أنه يترتب على إسرائيل أن تُظهر عزيمة وإصراراً في مطالبتها بإبعاد القوات الإيرانية وميلشيات شيعية تتحرك تحت سيطرتها في الجولان السوري ومنع إقامة قواعد عسكرية إيرانية في سورية تعزز قوة الرئيس الأسد والميلشيات الشيعية و «حزب الله». وأكدا أنهما يدركان أن ما يقولانه يعني تصعيداً على الحدود الشمالية مع سورية ولبنان على السواء.
واعتبر الباحثان أن التفاهمات التي تمت الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن وقف النار وإقامة مناطق خفض توتر جنوب سورية هي الثانية من نوعها في الأشهر الستة الأخيرة «التي تتم خلف ظهر إسرائيل». وأضافا أن التفاهمات قضت بالسماح بنشر قوات إيرانية وميلشيات تحت سيطرة إيرانية في مدى قريب من الحدود في الجولان.
وذكّر الباحثان بأنه خلال المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة التي تمت في عمان في تموز (يوليو) الماضي، تحركت إسرائيل «وراء الكواليس» وطالبت بإبعاد القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها حتى مسافة 60 كلم من الحدود وإقامة منطقة فاصلة حتى السويداء شرقاً ودمشق شمالاً، لكن تم التجاوب جزئياً مع المطلب، إذ تم وعدها بإبعاد هذه القوات مسافة 20-30 كلم، ليتبين لاحقاً أن التفاهمات التي أنجزت تحدثت عن 7-20 كلم فقط، «فضلاً عن أن التفاهمات لم تتطرق إلى الطلب الإسرائيلي منع إقامة قواعد برية وبحرية وجويّة إيرانية وبنى تحتية لإنتاج وتخزين وسائل قتالية متطورة». وأعرب مسؤولون إسرائيليون عن خيبة أملهم من أن التفاهمات لا تتجاوب مع المصلحة الأمنية الإسرائيلية في سورية». وعليه، برأي الباحثين، فإن إسرائيل ليست ملزمة بهذه التفاهمات وستواصل الحفاظ على الخطوط الحمراء التي وضعتها، وهو ما أكده رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بقوله إنه أوضح «لأصدقائنا في واشنطن وموسكو بأننا سنتحرك في سورية وتحديداً في جنوبها طبقاً لفهمنا ووفقاً لحاجاتنا الأمنية»، كما قال مضيفاً أن هذا الموقف يدمج بين الصرامة الشديدة والمسؤولية.
وتابع الباحثان أنه «رغم أن الطريق لإنهاء الحرب في سورية ما زالت طويلة، إلا أن إيران هي المنتصرة الأكبر فيها، «إذ قدمت لها الولايات المتحدة وروسيا على طبق من ذهب السيطرة والتأثير في سورية»، وأنهما لا تعتزمان مواجهتها» وهو ما دفع بإيران بالشروع في الفترة الأخيرة بتجنيد مواطنين سوريين، وتحديداً شيعة لإقامة ميليشيات جديدة على غرار «حزب الله»، على أن تنخرط هذه القوة في المستقبل ضمن قوات الجيش السوري النظامي، وهكذا يتم «طمس حقيقة أن هذه القومة إيرانية، لكنها ستكون قوة شيعية مقاتلة في سورية».
وأشار الباحثان في مقالهما إلى أن إسرائيل تعمدت أن لا تفصّل «الخطوط الحمراء» كي يبقى أمامها مجالاً من المرونة في التحرك العسكري «أي أن تقرر هي بنفسها متى يتم تجاوز هذه الخطوط وطبقاً لتقديرها للتهديد الذي تشكله إيران عليها». وختما: «واضح أنه لا الولايات المتحدة، وبالتأكيد ليس روسيا، ستقوم بالعمل بالإنابة عن إسرائيل، ويفترض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتتحرك وفقاً لرؤيتها الأمور وبأي قوة تختار، لكن هذا لا يعني أنه يؤمّن لها شبكة أمان في حال تورطت، ما يحتم على إسرائيل أن تكون متأهبة للتحرك ومستعدة للتصعيد وأن تدرس انعكاسات تحركاتها». |