أعلن الجيش السوري أمس استعادته السيطرة على مدينة حلب كاملة و"عودة الأمن والأمان" إلى المدينة مع مغادرة المجموعة الأخيرة من مسلحي المعارضة. وبث التلفزيون العربي السوري الرسمي أن إجلاء مسلحي المعارضة الذين تحصنوا في الفترة الأخيرة في جيب صغير بالمدينة يجعل حلب بأكملها تحت سيطرة الجيش وحلفائه بعد سنوات من القتال.
وأوضح أن المرحلة الأخيرة من الإجلاء تمت عندما غادرت قافلة تنقل 150 رجلاً بينهم مسلحون وأسرهم نحو مناطق لسيطرة المعارضة خارج المدينة. وعرضت وسائل إعلام رسمية صوراً مباشرة لقافلة تعبر من الراموسة في جنوب حلب إلى الراشدين في الريف الواقع جنوب غرب المدينة.
وأفاد التلفزيون أن أوتوبيسين ينقلان أناساً من قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين اللتين تحاصرهما المعارضة في إدلب وصلا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في حلب.
وأصدر الجيش السوري بياناً جاء فيه: "هذا الانتصار يشكل تحولاً استراتيجياً ومنعطفاً مهماً في الحرب على الإرهاب من جهة وضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه من جهة أخرى". وظلت المدينة منقسمة طوال أربع سنوات بين القوات الحكومية في الغرب والمعارضة في الشرق. وطوق الجيش وحلفاؤه المدينة في الصيف قبل أن يلجأ إلى قصف مكثف وهجمات برية لاستعادة الجزء الشرقي منها.
"خسارة كبيرة" ورأى القيادي في "حركة نور الدين زنكي" ياسر اليوسف ان "خسارة حلب بالجغرافيا والسياسة هي خسارة كبيرة، وتعد في ما يتعلق بالثورة منعطفاً صعباً على الجميع". لكنه قال إن "زخم مشروعية مطالب الشعب السوري لا يزال قائماً، لن نتراجع عن مطالب اسقاط نظام القمع والفساد والتوريث الشمولي للحزب الواحد والعصابة الاسدية".
وأضاف: "الثورة حالياً في مرحلة انتكاسة عسكرية وفقدت الكثير من زخمها العسكري لأسباب مختلفة بينها ذاتية ودولية"، مشيراً في شكل خاص الى ما وصفه بـ"التدخل الروسي الايراني" الداعم لقوات النظام. واعتبر الناطق باسم "حركة أحرار الشام" احمد قره علي ان "حلب باتت تحت الاحتلال الروسي والإيراني".
وتشكل استعادة حلب تحولاً جذرياً في مسار الحرب بسوريا وتعد الانتصار الابرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعماً سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً وأبرزهم روسيا وايران. لكنها تشكل في المقابل ضربة قاسية للمعارضة السورية، كما تعد خسارة للدول الداعمة لها وتحديداً دول الخليج وتركيا ودول الغرب.
وبهزيمتها في حلب، باتت الفصائل المعارضة تسيطر بشكل رئيسي على محافظة ادلب، ومناطق متفرقة في محافظة حلب وريف دمشق وجنوب البلاد.
وعلّق اليوسف: "لقد خسرنا الزخم السياسي بعدما تخلت عنا الدول، وخسرنا الزخم العسكري جراء الشروط الاميركية التي منعت الاسلحة النوعية... بقي لدينا شيء واحد لم يفقد زخمه هو مشروعية مطالب الثوار".
وبدا المجتمع الدولي نتيجة العداء بين روسيا والقوى الغربية وتحديداً الولايات المتحدة، عاجزا عن القيام بأي خطوات لوضع حد للازمة الانسانية المأسوية التي شهدتها حلب وخصوصاً خلال فترة حصار الاحياء الشرقية التي استمر نحو خمسة أشهر.
المراحل الأخيرة لجلاء مدنيين ومقاتلين من شرق حلب والصليب الأحمر يتحدث عن خروج 34 ألف شخص
استمر اجلاء الدفعات الاخيرة من آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في حلب بعد ساعات من خروج أربعة آلاف مقاتل على الاقل من المدينة التي يوشك الجيش السوري أن يعلن استعادتها كاملة.
صرحت الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سوريا انجي صدقي: "ستستمر عملية الاجلاء طوال اليوم وعلى الغالب حتى يوم غد (الجمعة) أيضاً". وتحدثت عن "خروج أكثر من اربعة آلاف مقاتل في سيارات خاصة، حافلات صغيرة وشاحنات صغيرة من شرق حلب الى ريف حلب الغربي خلال ليل الاربعاء - الخميس في واحدة من آخر مراحل الاجلاء".
وشاهد مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" في منطقة الراموسة جنوب حلب، والتي تمر منها قوافل الخارجين، صباح الخميس عشرات السيارات الخاصة وسيارات الاجرة والشاحنات "بيك- أب" والباصات الصغيرة تخرج من شرق حلب. ونقلت الشاحنات مقاتلين يحملون سلاحهم الفردي.
وفي وقت لاحق، خرجت عشرة اوتوبيسات بيض تتقدمها سيارة تابعة للجنة الدولية للصليب الاحمر من شرق حلب لتصل بعد وقت قصير الى منطقة الراشدين، نقطة استقبال المغادرين، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة غرب المدينة.
وأفاد مراسل في الراشدين ان غالبية الخارجين الذين وصلوا سواء في السيارات الخاصة أو الاوتوبيسات هم من المقاتلين، مشيرا الى ان اوتوبيسين ينقلان مدنيين من الفوعة وكفريا غادرا المنطقة في اتجاه حلب ولا تزال اثنتان تنتظران الضوء الاخضر.
وينص اتفاق الاجلاء في اول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج المئات من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين اللتين تحاصرهما المعارضة في محافظة ادلب. وقالت صدقي إنه تم حتى الآن اخراج "الف شخص" من الفوعة وكفريا، ولا يزال المئات ينتظرون اجلاءهم.
ومنذ بدء عملية الاجلاء التي أمكن التوصل اليها بموجب اتفاق روسي- تركي- ايراني، بشكل متقطع الخميس، احصت اللجنة الدولية للصليب الاحمر خروج "نحو 34 الف شخص" من شرق حلب.
ولفت الناطق باسم "حركة أحرار الشام الاسلامية" احمد قره علي الى "صعوبة تحديد موعد انتهاء العملية لأن الثلوج تغطي الطرقات". ولم تتوافر أي احصاءات من أي جهة رسمية عن عدد الذين لا يزالون محاصرين وينتظرون اجلاءهم.
وعند انتهاء عمليات الاجلاء، يفترض ان يعلن الجيش السوري استعادة مدينة حلب كاملة، محققا بذلك أكبر نصر منذ بدء النزاع في البلاد عام 2011 والذي خلف أكثر من 310 آلاف قتيل. وتشكل استعادة حلب تحولاً جذرياً في مسار الحرب في سوريا وتعد الانتصار الابرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعماً سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً وأبرزهم روسيا وايران.
لكنها تشكل في المقابل ضربة قاضية بالنسبة الى المعارضة السورية التي سيكون من الصعب ان تعوض خسائرها ميدانياً وسياسياً، كما انها تعد خسارة للدول الداعمة للمعارضة وتحديدا دول الخليج وتركيا ودول الغرب التي رأت فيها بديلاً محتملاً من النظام السوري.
الاسد وقال الرئيس السوري بشار الاسد لدى استقباله مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابر أنصاري "إن تحرير حلب من الارهاب ليس انتصاراً لسوريا فقط بل لكل من يسهم فعلاً فى محاربة الارهاب وخاصة لايران وروسيا". وأضاف انه "في الوقت ذاته انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري والتي استخدمت الارهاب وسيلة لتحقيق مصالحها".
وساهم التدخل الجوي الروسي دعما لدمشق اعتبارا من نهاية أيلول 2015 في تقدم الجيش السوري على جبهات عدة كانت آخرها مدينة حلب. واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو انه "منذ بدء عملياته شن الطيران الروسي 17 الفاً و800 غارة جوية أصابت 71 الف مرة البنى التحتية للارهابيين وقضى بذلك على 725 مخيم تدريب و405 مصانع ومشاغل لصنع متفجرات و1500 من التجهيزات العسكرية و35 الف مقاتل بينهم 204 قياديين".
وتصنف دمشق وحليفتها موسكو جميع الفصائل المقاتلة في سوريا الى جانب تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقا) بأنها "إرهابية". ويبدو ان روسيا وايران، الداعمتين لدمشق، الى تركيا التي تدعم المعارضة، قد امسكت بزمام المبادرة في سوريا. وقد بدا ذلك واضحا من خلال رعاية تلك الدول الثلاث لاتفاق عملية الاجلاء من شرق حلب.
|