دخل الرئيس سعد الحريري مجدداً السرايا الحكومية، بعدما أخرج منها بانفراط عقد حكومته في 12 كانون الثاني 2011، اثر استقالة وزراء 8 آذار، ومن سمي آنذاك "الوزير الملك". وعاد امس بتفاهم سياسي، حمل الى بعبدا الرئيس ميشال عون، وقضى بتوليه رئاسة الوزراء، في تركيبة ركزت التوازنات القائمة في البلد. وتسلم أمس أيضاً عدد من الوزراء حقائبهم من اسلافهم، لتنطلق اليوم العجلة الحكومية مع الجلسة الأولى لمجلس الوزراء الجديد برئاسة رئيس الجمهورية، تتبع الصورة الرسمية التذكارية في قصر بعبدا. واذا كان البيان الوزاري سلك طريقه مبدئياً باتفاق سبق تكليف لجنة وزارية لاعداده، فإن السؤال يطرح عما بعد، وعما يمكن ان تنجزه الحكومة الجديدة، وعن الملفات الموروثة من الحكومة السابقة بل من الحكومات السابقة بعدما صارت تلك الملفات، وما يتفرع عنها من مشكلات، مزمنة. ويأمل اللبنانيون مع كل عهد جديد ومع كل حكومة جديدة ان توضع حلول الحد الادنى على السكة، وخصوصاً اذا كانت الحكومة تحظى بتوافق كل الافرقاء السياسيين ما يسمح لها بالعمل.
ليل أمس كانت جلسة جديدة للحوار بين "المستقبل" و"حزب الله" بنكهة مختلفة عما سبق، ذلك انها تأتي بعد "تسهيل" عملية تأليف الحكومة، على ان تتبعها منذ اليوم اجتماعات متلاحقة لاقرار قانون جديد للانتخابات، أفادت مصادر متابعة ان مسودته الأولى قد أعدت ضمن الاتفاق الذي سبق تأليف الحكومة، ولم يعلن عنها في انتظار بلورتها بعد التشاور مع مختلف الأطراف.
وقد خرجت جلسة الحوار الـ 38 أمس ببيان بارك فيه "المجتمعون للبنانيين بالاعياد المجيدة، وهنأوا الحكومة الجديدة معربين عن نظرتهم الايجابية حيال تشكيلها وآملين أن تسرع في مهماتها لمعالجة الملفات الحيوية و في طليعتها وضع قانون عصري للانتخابات النيابية تمهيداً لاجرائها في مواعيدها".
وعلمت "النهار" من مصادر المجتمعين ان البحث لم يتطرق الى تفاصيل قانون الانتخاب مع تأكيد عدم تاجيل الاستحقاق، والاسراع فيه انطلاقاً من المهل الدستورية الداهمة.
وأفادت المصادر ان الاجتماعات التي ستتم بالتوازي مع العمل الحكومي وستضم ممثلين للاحزاب الى خبراء للوقوف على هواجس عبر عنها خصوصاً أمس النائب وليد جنبلاط يتعلق أكثرها بالنسبية الكاملة، فيما يبرز ميل الى قانون مختلط يكمن الشيطان في بعض تفاصيله. وقد نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه انه سيبذل "ما في وسعي للتعامل مع هذه الهواجس بواقعية".
ويأمل بري ان تعقد جلسة نيل الحكومة الثقة قبيل رأس السنة الجديدة أو في الأسبوع الذي يلي، لتتمكن الحكومة من مناقشة قانون الانتخاب وإقراره في المهل المحددة. وفيما كان بري صرح سابقاً بان الاتجاه هو الى اجراء الانتخابات على مرحلتين، أكد الأمر النائب ألان قائلاً إن عون "طرح الانتخابات على مرحلتين هو الذي يمكن ان يجيب عن هواجس الافرقاء القلقين من النسبية بما انه سيكون هناك تأهيل ضمن طوائفهم، وهذا المشروع سيأخذ نقاشاً جدياً واعتقد انه الأوفر حظاً".
في المقابل، أكدت كتلة "المستقبل" النيابية أنها "تتمسك بصيغة القانون المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي، والذي تشاركت في تقديمه مع القوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي كصيغة مرحلية قابلة للتطبيق، إلى أن تزول سلطة منطق السلاح الميليشيوي الذي يشوّه التوازنات التي يتمتع بها لبنان". عبرت مصادر مستقبلية لـ"النهار" عن تخوّفها من أن يكون إصرار "حزب الله" على النسبية الكاملة مقدمة لفرضها أمراً واقعاً على غرار ما حصل في الانتخابات الرئاسية، ويكون شعار "النسبية الكاملة" ممراً إلزامياً لإجرائها.
أما النائب جنبلاط فغرّد عبر "تويتر": "كفى تنظيراً وتطبيلاً حول نسبية ملزمة آتية ولازمة وإلا بطل التمثيل. لسنا قطيع غنم ليسلّم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب. ميزة لبنان احترام التنوع وتأكيده فوق كل اعتبار".
ايرولت على صعيد آخر، يصل مساء اليوم إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لتهنئة العماد ميشال عون بانتخابه رئيساً للجمهورية والرئيس سعد الحريري بترؤسه حكومة الوحدة الوطنية، والتحضير لاجتماع دولي للدول الداعمة للبنان. وكان وزير الخارجية الفرنسي الذي سيبدأ صباح الخميس جولته، رحب أمس في بيان أصدره بـ"تأليف حكومة وحدة وطنية".
وسيلتقي في بيروت رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وقيادات. ومن المتوقع ان يوجه الى عون دعوة رسمية لزيارة باريس على عادة الرؤساء اللبنانيين في اطلالتهم الأولى على العالم. |