الرباط - إقبال إلهامي وجّه ملك المغرب محمد السادس انتقاداً شديد اللهجة إلى الفاعلين السياسيين الذين ينكثون بوعودهم للناخبين بمجرد وصولهم للسلطة، معتبراً أن تدبير شؤون الناس وخدمة مصالحهم «مسؤولية وطنية وأمانة جسيمة لا تقبل التهاون ولا التأخير». وقال الملك في خطاب ألقاه مساء أول من أمس، أمام أعضاء البرلمان (مجلسي النواب والمستشارين) في افتتاح أعمال الدورة الخريفية الأولى له إن «الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي يجب أن يضع المواطن فوق أي اعتبار» ما «يقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له والتفاني في خدمته وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية»، متسائلاً: «إذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم ولا يهتمون بقضاء مصالح المواطنين، سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي، وحتى الوطني، فلماذا يتوجهون إلى العمل السياسي»؟ وعبّر محمد السادس عن أسفه لاستغلال بعض السياسيين التفويض الشعبي لتدبير الشأن العام «في إعطاء الأفضلية للمصالح الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية».
وقال ملك المغرب إن افتتاح السنة الاشتراعية «ليس مجرد مناسبة دستورية، للتوجه لأعضاء البرلمان، أو تقديم التوجيهات والنقد أحياناً وإنما هو منبر أتوجه من خلاله، للحكومة والأحزاب، ومختلف الهيئات والمؤسسات والمواطنين، وأستمع من خلاله لصوت المواطن الذي تمثلونه». وشدد على أن «المرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على الانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدماً بعمل الإدارة، وتحسين الخدمات التي تقدمها». وحذر العاهل المغربي من أن بلاده قد تتدحرج إلى ترتيب متدنٍ في التصنيفات الدولية في حال عدم وجود التزام حزبي وسياسي يضع المواطن المغربي في صلب الاهتمام.
ورسم صورةً قاتمة لأوضاع الإدارة المغربية، معتبراً أنها موطن لانتشار ظاهرة الرشوة واستغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة و«مخبأ يضمن للعديد من الموظفين راتباً شهرياً من دون محاسبة على المردود الذي يقدمونه».
وأشار العاهل المغربي إلى تلقيه طلبات شخصية كثيرة يلتمس فيها مغاربة المساعدة في تسوية مشاكلهم، متسائلاً: «هل سيطلب مني المواطنون التدخل لو قامت الإدارة بواجبها»؟
إلى ذلك، نوّه محمد السادس بسير الاستحقاق الانتخابي الأخير، معبراً عن تقديره لما وصفه بروح المسؤولية الوطنية التي رافقت مراحل الانتخابات الاشتراعية. وأضاف: «بصفتنا الساهر على صون الاختيار الديموقراطي، فإننا نؤكد تشبثنا بالتعددية الحزبية التي وضع أسسها جدنا المقدس جلالة الملك محمد الخامس، ورسخها والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله مثواهما وناضلت من أجلها الأجيال السابقة»، ما فُسر على أنه رد على اتهامات صادرة عن أحزاب من الموالاة والمعارضة عقب الانتخابات بعدم حياد وزارة الداخلية وتأثير بعض رجال السلطة على ميول الناخبين.
إلى ذلك، قال رئيس الحكومة المكلّف عبد الإله بن كيران خلال اجتماع عقده مع نواب حزبه قبيل افتتاح دورة البرلمان إن نتائج الاقتراع أظهرت أن الشعب «أعرض عن الذين توسلوا إليه بالأموال أو التخويف أو النفوذ»، منوهاً بـ«وقوف أناس بسطاء في البادية ضد هذا التيار ليس أمراً عادياً، بل هو أمر كبير جداً».
من جهة أخرى، دعا زعيم حزب «الاستقلال» المحافظ، حميد شباط برلمانيي حزبه إلى الانضباط حفاظاً على «استقلال قرار الحزب»، مطالباً برص الصفوف والتحلي بالشجاعة والجرأة في الدفاع عن مواقف الحزب وخياراته وبرنامجه، سواء كان في الحكومة أو المعارضة. |