أبلغ زعيم تيار «المستقبل» الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري أعضاء كتلته النيابية أمس أن الخيارات في شأن رئاسة الجمهورية مفتوحة، بما فيها إمكان تأييد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، وأنه يجري مشاورات موسعة في شأن ضرورة تسريع انتخاب الرئيس والخروج من الشغور الرئاسي.
وأكد الحريري لأعضاء الكتلة التي ترأس اجتماعها بعد ظهر أمس أنه سيجري مشاورات مع القيادات والزعامات اللبنانية كافة، وسيقوم بجولة اتصالات خارجية، وأنه سيعود الى الكتلة لاتخاذ القرار في شأن الاتجاه الذي يمكن أن ترسو مشاوراته عليه.
واستمع الحريري خلال الاجتماع الى آراء النواب أعضاء الكتلة الذين أدلوا بمواقفهم، وظهر بينهم اتجاه غالب ضد تأييد خيار العماد عون واستند هؤلاء الى أن مزاج الشارع المؤيد لـ «المستقبل» لا يحبذ هذا الخيار. وأكد الحريري في الاجتماع أنه يعتبر تعدد الآراء داخل الكتلة «عنصراً إيجابياً، فنحن اسمنا كتلة «المستقبل» فلماذا يكون عندنا رأي واحد؟». وقال نواب شاركوا في الاجتماع لـ «الحياة»، إن الحريري أكد أن وجود آراء متعددة مسألة صحية في إطار العمل الديموقراطي الذي نتميز به، لكن حين نتخذ القرار يفترض أن يلتزم به جميع أعضاء الكتلة.
وأوضح أحد النواب لـ «الحياة» أن الحريري أبلغ المجتمعين أن مشاوراته ستشمل إضافة الى لقائه مرشحه للرئاسة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ليل أول من أمس، رئيس البرلمان نبيه بري، البطريرك الماروني بشارة الراعي، العماد عون، الرئيس السابق أمين الجميل ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الرئيس السابق ميشال سليمان، النواب المستقلين الحلفاء، رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، وبعض رؤساء الحكومة السابقين.
وأضاف النائب نفسه أن الحريري أكد لنواب «المستقبل» أنه «ليس هناك قرار نافذ ونهائي جئت لأبلغكم إياه».
ونقل عدد من النواب عن الحريري قوله في مستهل الاجتماع: إن الخيارات الثلاثة «التي كنا طرحناها في اجتماع سابق (في الأول من آب - أغسطس الماضي) وهي إما بقاء الوضع على حاله مع استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية وهذا ما لا يحتمله أحد لما يترتب عليه من تداعيات سياسية واقتصادية تدفع البلد الى حافة الانهيار إضافة الى أن المواطنين لم يعد في مقدورهم الصمود ومن حقهم علينا أن يطالبونا بالعمل من أجل الخروج من المأزق الذي نحن فيه. فالتأزم لا يقتصر على فئة، بل ينسحب على كل الأطراف ولا يظن هذا أو ذاك أنه مرتاح طالما أن البلد متعب ومأزوم».
وبالنسبة الى الخيار الثاني نقل النواب عن الحريري قوله إن «المواجهة مكلفة ولا أظن أن شروطها متوافرة، والسير فيها يستدعي وقف الحوار والانسحاب من الحكومة ولا أعتقد بأننا في وارد إقحام البلد بمزيد من التأزم، فيما الخيار الثالث يفتح الباب أمام البحث في تسوية سياسية ومنها احتمال انتخاب عون رئيساً للجمهورية مع تمسكنا بالمبادرة التي كنا أطلقناها بدعم ترشح زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة».
ولفت الحريري - وفق بعض النواب - الى أن هذه «الخيارات ما زالت مفتوحة مع أن لا خيار منها على قلبي مثل العسل». وأكد أنه لن يتفرد في اتخاذ أي من هذه الخيارات من دون التشاور مع جميع الأطراف بلا استثناء لأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وليست على «المستقبل» وحده».
وأكد أنه سيعود الى كتلة «المستقبل» للتشاور معها في حصيلة المشاورات التي سيقوم بها وأيضاً الى فرنجية، وسنرى إذا كان هناك إمكان القيام بشيء لأن الفراغ أصبح قاتلاً للبلد».
وأضاف الحريري: «نهدف من خلال هذه المشاورات الى تحريك الوضع وإخراجه من الجمود المترتب أولاً على تعذر انتخاب رئيس للجمهورية لعلنا نتوافق في مكان ما على فتح كوة في هذا الجمود يمكن التأسيس عليها لإنقاذ البلد».
لقاء الحريري - فرنجية
وتطرق الحريري الى اجتماعه مع فرنجية وقال - كما نقل عنه النواب، إنه أكد له أن «المستقبل» لم يسحب مبادرته بدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية وأنه «على موقفه منها، خصوصاً أننا كنا تفاهمنا وإياه على عدد من العناوين لكن في ضوء الجمود الذي يتخبط فيه البلد وينعكس علينا جميعاً لا بد من القيام بشيء حتى لا نبقى في الفراغ الى الأبد».
وتمنى الحريري على فرنجية القيام بجهد مع حلفائه من أجل تحريك الوضع، مؤكداً أنه آن الأوان للتفكير معاً في كيفية الخروج من المأزق فيما أكد فرنجية استمراره في ترشحه.
وعلمت «الحياة» أن الحريري تمنى على النواب التكتم على ما دار في الاجتماع وانتظار نتائج التحرك الذي يقوم به في التعبير عن موقف «المستقبل» والاكتفاء بطرح الثوابت.
< أكدت كتلة «المستقبل» النيابية أن «انتخاب رئيس الجمهورية ما زال هو المدخل الصحيح الواجب لحل غالبية المشكلات التي تعصف بلبنان في هذه المرحلة الخطرة التي تعيشها المنطقة والبلدان المجاورة على كل المستويات».
وترأس الرئيس الحريري عند الواحدة والنصف بعد ظهر أمس في «بيت الوسط»، اجتماعاً لكتلة «المستقبل» في حضور رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة، وتم عرض الأوضاع في لبنان والمنطقة من مختلف جوانبها.
وبعد الاجتماع أصدرت الكتلة بياناً جاء فيه اولاً: «في المشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري، أطلع الكتلة على تصوره في المرحلة الراهنة لمقاربة الملفات الوطنية التي تواجهها البلاد. وأبلغها أنه بدأ مشاورات مع كل الأفرقاء السياسيين لتفعيل العمل بهدف تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، مستعرضاً التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، وعارضاً الجهود الحثيثة التي يقوم بها، على أن تتابع الكتلة في اجتماعات مفتوحة قادمة هذه المستجدات مع الرئيس سعد الحريري.
ثانياً: في أهمية حضور جلسة انتخاب الرئيس غداً (اليوم)، لمناسبة انعقاد جلسة المجلس النيابي، وهي الجلسة الـ45 المخصصة لانتخاب رئيس، تشدد الكتلة على أهمية مشاركة جميع النواب في الجلسة لممارسة واجبهم الدستوري في انتخاب رئيس البلاد، ومن أجل إنهاء الشغور في سدة الرئاسة، هذا الشغور الذي ما زال يتسبب به حزب الله، وهو بالتالي يضع البلاد في أحوال وظروف بالغة الخطورة على مختلف المستويات الوطنية والأمنية والاقتصادية والمالية والمعيشية».
وأكدت الكتلة «تمسكها بالثوابت التي طالما انطلق منها تيار المستقبل، وهي الثوابت القائمة على احترام اتفاق الطائف واحترام الدستور الذي هو المرجعية الحصرية للممارسة السياسية في لبنان والذي أصبح يحتضن جميع القواعد الميثاقية للوطن اللبناني، وهو الذي يؤكد العيش المشترك المسيحي - الإسلامي والسيادة والاستقلال والحرية والتعدد في وجهات النظر والنظام الديموقراطي البرلماني».
واذ اعتبرت الكتلة أن «استمرار المقاطعة لجلسات انتخاب الرئيس من قبل حزب الله وحلفائه أضرت بلبنان وبصورة مؤسساته وصدقية قياداته»، أملت بأن «تعيد تلك القيادات النظر في هذه السياسات والمواقف السلبية والإقبال على انتخاب الرئيس لكي يساهم اللبنانيون جميعاً في صنع أمل جديد يمكنهم من التغلب على المشكلات المتجمعة من حولهم والمبادرة الى محاكاة الآمال للأجيال اللبنانية الصاعدة في أن تبني مستقبلها في لبنان بديلاً عن الهجرة».
واستنكرت الكتلة، «ومعها قطاعات واسعة من الرأي العام»، «المجازر المروعة التي يتعرض لها السكان العزل في احياء مدينة حلب على ايدي النظام الجائر والمجرم والأطراف الحليفة له حيث تستعمل تلك الأطراف الساحة السورية حقل تجارب لتلك الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً ضد السكان الآمنين». وطالبت المجتمع الدولي بـ «وقف هذه المجازر التي يرتكبها النظام في سورية بمساعدة إيران وروسيا والأطراف الموالية لهما والتي تسير بركبها، لأن ما يجري في سورية ويتعرض له الشعب السوري من جرائم ضد الإنسانية سيبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والقوى التي ساندت المجرمين وسكتت عن جرائمهم».
لقاء بنشعي
وكان الحريري استهل، غداة عودته إلى بيروت، أولى محطات جولته السياسية على القيادات والمسؤولين بزيارة بنشعي حيث التقى مساء أول من أمس رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره غطاس خوري في حضور الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة وطوني فرنجيه والمحامي يوسف فنيانوس.
واكتفى الجانبان ببيان مشترك ورد فيه: «لبى الرئيس سعد الحريري دعوة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الى منزله في بنشعي، وتركز البحث على الاستحقاق الرئاسي وكل السبل الآيلة الى ضرورة احقاقه، وكان هناك تطابق في وجهات النظر». واتفق الجانبان على «ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع كل القوى السياسية في سبيل انتخاب رئيس جمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية». |