عمان - محمد خير الرواشدة تخشى الحكومة الأردنية ردود فعل على مقتل الكاتب الصحافي ناهض حتّر في عمّان صباح أمس، حيث أُطلِق الرصاص عليه أمام قصر العدل في منطقة العبدلي وسط العاصمة الأردنية. ويعدُّ الحادث سابقة، ودانته الحكومة معتبرة إياه «جريمة نكراء». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن الناطق باسم الحكومة محمد المومني قوله: «الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنية عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة النكراء»، و «اليد التي امتدّت إلى الكاتب المرحوم حتّر ستلقى القصاص العادل، حتّى تكون عبرة لكلّ من تسوِّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة».
وأكد «أن القانون سيُطبّق بحزم على من قام بهذا العمل، والحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يستغل هذه الجريمة لبثّ خطاب الكراهية الطارئ على مجتمعنا».
وقُتِل الكاتب اليساري المسيحي صباحاً بعدما استهدفته رصاصات أطلقها شخص أردني الجنسية يعمل ويقيم في عمان، اسمه رياض عبدالله (49 سنة). وفيما تضاربت المعلومات حول القاتل الذي عاد إلى الأردن بعدما أدى فريضة الحج، نقلت تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي أنه عمل إماماً لأحد المساجد شرق عمان، قبل أن يُفصل.
وروى شهود لـ «الحياة» أن اغتيال حتّر حصل أمام البوابة الرئيسية لقصر العدل حيث كان عدد من المراجعين، وترجّل شخص من سيارة «مرسيدس»، وكان ملتحياً يحمل مسدساً، وقف أمام حتّر أثناء خروجه من البوابة، وأطلق عليه الرصاص قبل أن يسلّم الأول نفسه للسلطات الأمنية.
وفشلت محاولات لإنقاذ حتّر، وتوفي أثناء نقله إلى مستشفى كما قالت مصادر أمنية لـ «الحياة»، ونُقل جثمانه إلى مستشفى لوزميلا القريب من قصر العدل، ثم نُقِل تحت حراسة مشددة إلى مستشفى البشير الحكومي، حيث شُرِّحت الجثة في المركز الوطني للطب الشرعي.
ويفيد تقرير طبي اطلعت عليه «الحياة» بأن حتّر تلقى خمس رصاصات، ثلاثاً بالرأس، أحدثت تهتكاً بالدماغ، وواحدة في الصدر أحدثت تهتكاً في الرئة اليسرى، فيما أصابت الرصاصة الخامسة ذراعه اليمنى. وحمّلت عائلة الضحية الحكومة مسؤولية الحادث ورفضت تسلُّم جثمان حتّر قبل القصاص من القاتل.
ونُقِل عن ذوي الصحافي أنه أبلغهم بتلقيه تهديدات بالقتل، عقب إطلاقه بكفالة قبل أسبوعين، وأنه أبلغ السلطات بهذه التهديدات ولم تحرّك ساكناً. واعتصم عشرات من أهالي مدينة الفحيص (مسقط رأس الكاتب) شمال عمّان، احتجاجاً على مقتل حتّر، ورفعوا صوراً له ووصفوه بأنه شهيد مطالبين بالقصاص لقاتله و «المحرّضين، وناشري خطاب الكراهية». في الوقت ذاته، عزّزت قوات الأمن الأردنية وجودها في البلدة ذات الغالبية المسيحية.
وكانت محكمة البداية في عمان أفرجت عن حتّر مقابل كفالة عدلية، في الثامن من الشهر الجاري، بعدما أوقف إثر نشره على صفحته على «فايسبوك» رسماً كاريكاتورياً، اعتُبِرَ «مسيئاً إلى الذات الإلهية». وأوعز رئيس الوزراء هاني الملقي في 12 آب (أغسطس) الماضي بتوقيف حتّر وتحويله إلى الحاكم الإداري.
وأسند المدعي العام الأول القاضي عبدالله أبو الغنم إلى حتّر جرم إثارة النعرات المذهبية والعنصرية، وفقاً لأحكام المادة 150 من قانون العقوبات الأردني.
ومع اتهامات وجّهها مؤيدو حتّر إلى الحركة الإسلامية بالتسبُّب في مقتله، نتيجة ما سمّوه تحريضاً عليه بعد نشره الرسم الكاريكاتوري، سارعت الحركة إلى إصدار بيان باسمها وباسم نوابها في البرلمان الجديد، يدين مقتل الكاتب اليساري. وجاء في البيان: «نستنكر مبدأ العقاب بصورة فردية ونحذّر من أن يكون هذا الحادث بداية لفتنة طائفية، ونسأل الله أن يحفظ بلدنا من كل مكروه». وشدّد على «ضرورة ضبط النفس وعدم إثارة الفتنة»، مؤكداً أن «حل الخلافات لا يكون في هذا الشكل في دولة المؤسسات والقانون». وأصدرت منظمات وهيئات رسمية بيانات تنديد بقتل حتّر، أبرزها بيان دائرة الإفتاء التي طالبت الأردنيين بـ «إغلاق باب الفتنة والوقوف صفاً واحداً». كما أبدى خصوم حتّر، استنكارهم ما حصل وأكدوا أنهم على رغم خلافاتهم معه، فإن ذلك «لا يبرر مقتله بهذه الطريقة».
وعُرِف الكاتب حتّر (56 سنة)، بمواقفه المناهضة لتيار الإسلام السياسي في البلاد، وعدائه لجماعة «الإخوان المسلمين» ورفضه الشديد لتوطين الفلسطينيين في الأردن. وكان أثار جدلاً نتيجة مواقفه المناصرة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. |