بغداد - نصير الحسون توقع عدد من أعضاء البرلمان العراقي، حدوث انقسامات داخل قبة البرلمان بسبب العديد من الفقرات التي استحدثت في قانون الموازنة العامة للعراق لعام 2017، محذرين الحكومة من انهيار سريع للاقتصاد العراقي فيما لو أقرت سياسات تقشفية زيادة على المعمول بها حالياً.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، عن تصويت مجلس الوزراء على مشروع قانون موازنة 2017، فيما أشار إلى أن العراق سيدعم قيام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتثبيت إنتاج النفط من أجل دعم الأسعار.
مستشار العبادي المالي مظهر صالح سبق أن أكد لـ «الحياة» أن «إقرار موازنة 2017 من جانب البرلمان سيكون نهاية السنة المالية الحالية».
نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية نورة البجاري أكدت أن القيمة الإجمالية لموازنة العام المقبل ستبلغ 103 تريليونات دينار- 86 بليون دولار، وذلك بالاعتماد على بيع برميل النفط بسعر 35 دولاراً».
وحذرت البجاري من اعتماد سياسات تقشفية إضافية من جانب الحكومة، كونها ستكون سبباً في حدوث انهيار سريع للاقتصاد المحلي الذي يعاني حالياً حالة من الركود والجمود في عموم قطاعاته بخاصة الإنتاجية والخدمية».
وتابعت أن «الحكومة تعتبر تخفيض رواتب الموظفين والمتقاعدين أمراً جيداً ونوعاً من التقشف، وهذا أمر خاطئ لأن الرواتب حالياً هي المصدر النقدي الوحيد للمجتمع، وخفضه يعني إلزام هذه الشريحة بالتقشف أيضاً وهنا سيتم الاستغناء عن العديد من الفقرات المعيشية التي سينجم عنها مزيد من البطالة ورفع أسعار السلع والفقر وتوقف عن الإنتاج وتسريح عمالة وغيرها».
وأوضـــح عضو اللجنة المالية النيابية عبد السلام الــمالكي لـ «الحياة»، أن اجتماعات عديدة عقــــدتها لجنته مع مسؤولي وزارة التخطيط، «توصلنا من خلالها إلى وجود عجز بقيمة كلية قد تصل إلى 30 بليون دولار، وهذه المرة عجز حقيقي كونه ليس ضمن الموازنة الاستثمارية بل وصل للتشغيلية».
وتابع أن «الحكومة بحاجة إلى 4 بلايين دولار شهرياً لتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين البالغ عددهم 5,3 مليون فرد وإذ ما أضيفت إليهم رواتب الرعاية الاجتماعية والحشد سيرتفع العدد إلى 7 ملايين فرد الدولة مسؤولة عن معيشتهم، فيما تبلغ عوائد النفط الشهرية ثلثي المبلغ أعلاه».
وأكد المالكي أن «لجوء الحكومة إلى الاقتراض سيكون المنفذ الوحيد المتبقي أمامها لسد العجز، بخاصة أن زيادة الواردات غير النفطية في ظل هذه الأزمة أمر شبه مستحيل، كون الأزمة شلت حركة الاقتصاد المحلي».
عضو مجلس النواب حارث الحارثي كشف عن آليات ستتبعها الحكومة لتقليل تأثيرات العجز بخاصة على الوزارات، ومنها لجوء بعض الوزارات لبيع بعض من أراضيها للقطاع الخاص لتأمين نفقاتها، وكذلك تحويل التجارية منها للاستثمار، وأيضاً فرض مزيد من الرسوم والضرائب على بعض القطاعات بخاصة التجارية عبر تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية».
وفي شأن اعتماد سعر بيع 35 دولاراً للبرميل الواحد في الموازنة، قال الحارثي أن «هذا السعر واقعي جداً، ولن يتدخل البرلمان لتعديله كونــه السعر الأقرب للأسعار العالميـــة ولا يوجد مبرر باعتماد سعر أعلى من الأسواق وتبنى موازنة عام كامل عليها بخاصة أن العراق يبيع بأسعار أقل من المعتمدة عالمياً».
وكان مجلس الوزراء، ناقش في جلسته الثلثاء المــاضي، قانون الموازنة المالية لعام 2017 والتعديــلات المقترحة على النسخة المقدمة من وزارة المالية وقال في بيان لها أنه «تمت مناقشة الموازنة بشكل موسع ووصلت لمراحلها النهائية لتقديم مشروع القانون لمجلس النواب».
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن «موازنة 2017 تعاني من عجز مالي كبير بسبب قلة الواردات النفطية مقابل ارتفاع سقف رواتب الموظفين والمتقاعدين»، مشيراً إلى أن الحكومة «حددت سعر 35 دولاراً لبرميل النفط ضمن موازنة 2017».
ولفت العبادي إلى «تخصيص درجات وظيفية للقطـاع الصحي والشرطة المحليـــة والحشد الشعـــبي فـــي الموصل»، مؤكداً «سعي مجلس الوزراء إلى تقديم الموازنة إلى مجلس النواب قبل 10 أيلول المقبل».
وأضاف العبادي: «لدينا عجز كبير في الموازنة ولحد الآن، فإن مبالغ إنتاج النفط تصل إلى 48 تريليون دينار سنوياً وما نحتاجه لتوزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين يبلغ 51 تريليون دينار».
وأعلن العبادي أيضاً أن المجتمع الدولي تعامل للمرة الأولى مع العراق في شأن الأموال المهربة والعقارات في خارج البلاد. وقال، أن «الحكومة ستلاحق الأموال المهربة والعقارات في الخارج بمساعدة المجتمع الدولي»، مبيناً أن «هذه هي المرة الأولى التي يتعاون فيها المجتمع الدولي معنا بهذه الطريقة».
وسبق أن حذر تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن، من أن عجز الموازنة العراقية بات يهدد قطاع النفط العراقي في شكل واضح.
ووفق التقرير، إن تجاوز العجز مبلغ الـ50 بليون دولار فإن العراق سيكون عرضة لخطر الإفلاس في العام 2017، وسيكون العراق عاجزاً عن دفع رواتب موظفيه.
وفي شأن الحلول المقترحة لتغطية العجز في الموازنة العامة، أوضح نواب اللجنة المالية أنها «ستتم عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإسلامي والقروض الخارجية وإصدار سندات الخزينة».
وأعلن عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي سرحان أحمد، أن «موازنة العام القبل ستكون 102 تريلون دينار - 85 بليون دولار، بإيرادات مالية نفطية وغير نفطية قدرت بـ70 تريليون دينار - 58 بليون دولار».
وأضاف أحمد، أن «قيمة العجز المالي في الموازنة 32 تريليون دينار - 26.6 بليون دولار، وسيتم تعويضه من خلال الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي».
وحصل العراق الشهر الماضي، على قرض مالي من صندوق النقد الدولي، تبلغ قيمته الإجمالية 5.3 بليون دولار أميركي، موزعة على 13 دفعة، منها 3 دفعات ستقدم خلال 2016 «واحدة منها قدمت فعلياً الشهر الماضي بقيمة 634 مليون دولار».
ويعتبر العراق واحداً من أكثر البلدان النفطية تضرراً بهبوط أسعار النفط، خصوصاً بعد تدني الأسعار إلى نحو 40 دولاراً، ما يعني مضاعفة العجز المالي في الموازنة السنوية.
ويعتمد العراق على نسبة تتجاوز 90 في المئة من إيراداته المالية من مبيعات النفط الخام.
وقرر مجلس الوزراء العراقي الموافقة على توصية لجنة الشؤون الاقتصادية السير في إجراءات اتفاقية القرض مع الحكومة البريطانية، بمبلغ عشرة بلايين جنيه إسترليني، وتشكيل لجنة للتفاوض وتقديم مسودة التفاوض إلى مجلس الوزراء أصولياً».
وأعلنت اليابان إطلاق مساعدات إنسانية للعراق ومنطقة الشرق الأوسط بقيمة 6 بلايين دولار.
كما وأعلن البنك المركزي العراقي عن أن «البنك الإسلامي للتنمية تعهد بشكل أولي تمويل العراق بثلاثة بلايين دولار، لافتاً إلى أن المبلغ سيكون على شكل منح وقروض ميسرة». |