الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ١٩, ٢٠١٦
المصدر : جريدة الحياة
لبنان
من يوحي باحتمال تأييد «المستقبل» عون لتغطية مقاطعة «حزب الله» الجلسات ؟
بيروت - محمد شقير 
لن تحمل الجلسة النيابية الـ45 المقررة الأربعاء في 28 أيلول الجاري لانتخاب رئيس جديد للبنان مفاجآت، على رغم أن «التيار الوطني الحر» يمارس سياسة الانتظار الإيجابي لعلها توصل مؤسسه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى في بعبدا. ولا شيء في المدى المنظور ينبئ بأن هذه الجلسة ستكون غير سابقاتها من الجلسات التي تعذر انعقادها بسبب عدم توافر النصاب القانوني، وإلا لماذا يعدّ التيار العدة للبدء بتحركٍ تصعيدي تحت عنوان الدفاع عن «الميثاقية» لا يلقى التجاوب لدى حلفائه، أو لدى بعضهم على الأقل ممن يرون ضرورة تصويب بوصلة التحرك وحصره بالمطالبة بقانون انتخاب جديد يؤمن صحة التمثيل المسيحي في البرلمان لئلا يكون المستهدف منه تيار «المستقبل» الأقوى في الشارع الإسلامي.

وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية أن حزب «القوات اللبنانية» حليف «التيار الوطني» ليس في وارد المشاركة في أي تحرك يأتي تحت عنوان الدفاع عن «الميثاقية»، لأن اختيار مثل هذا العنوان يتناغم تلقائياً مع الحملات السياسية والإعلامية التي يرعاها حليف العماد عون -أي «حزب الله»- ضد «المستقبل»، وبالتالي يفضل أن لا يكون طرفاً في حملة تستهدف حليفه الأوحد في الشارع الإسلامي.

وفي هذا السياق، توقفت المصادر نفسها أمام الجهات التي تتولى الترويج مباشرة، وأحياناً أخرى بالمراسلة، لإشاعات عن أن «المستقبل» أوشك أن يحسم موقفه في اتجاه التصويت للعماد عون، وسألت عن مصدرها خصوصاً بعدما بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة.

ولفتت المصادر عينها إلى أن هناك من ينظم إطلاق هذه الإشاعات في محاولة مكشـــوفة لإخراج «حزب الله» من إرباكه بسبب مقاطعته جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بذريعة أن مشاركته فيها مشروطة بانتخاب حليفه العماد عون رئيساً للجمهورية، مع أن الجميع يعرف أن غيابه عنها هو قرار متخذ نظراً إلى عدم جاهزيته، ومن خلاله النظام في إيران، لانتخاب الرئيس ما لم يتبلور الوضع في سورية لمعرفة موقعه في التسوية في حال حصولها.

وقالت هذه المصادر إن « حزب الله» يربط الاستحقاق الرئاسي في لبنان بالاستحقاق السياسي الأكبر المتعلق بمستقبل الوضع في سورية، وهو لذلك يرمي مسؤولية تعطيل جلسات الانتخاب على «المستقبل»، الذي لم يسجَّل غياب نوابه عن الدعوات التي يوجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى انتخاب الرئيس.

«حزب الله» - «المستقبل»

أما لماذا يتعامل «حزب الله» مع «المستقبل» على أنه الحلقة الأضعف في الاستحقاق الرئاسي ويصر على رمي كرة التعطيل في مرماه، فتجيب المصادر السياسية عن هذا السؤال بقولها إن الحزب لا يود الدخول في سجال مع حليفه الرئيس بري الذي لا يبدي حماسة لانتخاب عون وأيضاً مع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي يهمه انتخاب رئيس بأي ثمن.

ورأت أن «حزب الله» لا يزال ضد الاحتكام إلى اللعبة الديموقراطية، وإلا كيف يبرر مقاطعته جلسات الانتخاب إلا إذا كان الهدف منها أولاً وأخيراً «تعيين» حليفه رئيساً للجمهورية ولا رئيس آخر... وقالت إنها تقدر الظروف التي تدفع «التيار الوطني» إلى البقاء في حال استنفار ولجوءه إلى التهويل باستخدام الشارع لأن عامل الوقت لم يعد لمصلحته في حال بقي تمديد الفراغ في رئاسة الجمهورية قائماً إلى أمد ليس بقصير، في ظل عدم وجود ما يشير إلى أن لبنان سيدرج كأولوية في جدول أعمال الدول الكبرى ذات التأثير المباشر على مجريات الأحداث فيه، وان كانت تحرص من حين لآخر على تكرار موقفها لجهة حرصها على الاستقرار ودعمها الجيش والقوى الأمنية في تصديها للمجموعات الإرهابية، إضافة إلى حضها اللبنانيين على الإسراع في انتخاب الرئيس لأن تمديد الفراغ سيدفعه إلى الانتحار.

وسألت المصادر «التيار الوطني» على ماذا يراهن لإقناع زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري في الاستدارة باتجاه انتخاب عون؟ هل لأنه يتزعم أكبر كتلة نيابية في البرلمان أم لأنه سبق له وتحاور معه منذ أكثر من عامين من دون أن يأخذ منه حقاً أو باطلاً حول التساؤلات المشروعة التي طرحها عليه في حال انتخابه رئيساً والتي لا علاقة لها برئاسة الحكومة، على رغم أن كثيرين من «التيار» يروجون من حين إلى آخر أنهم يتحركون لدى «حزب الله» لإقناعه بدعم ترشح الحريري لرئاسة الحكومة.

واعتبرت أن حصر الموضوع بمسألة رئاسة الحكومة ينم عن رغبة «التيار» في الهروب إلى الأمام بدلاً من الإجابة عن هذه الأسئلة التي تمس جوهر علاقة عون بـ «حزب الله». وقالت إن «المستقبل» كان قرر دعم ترشح زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الحكومة وإن موقفه لم يتبدل حتى الساعة، مع أن الأخير لا يود أن يحشر حليفه «حزب الله» في الزاوية ويسأله إلى متى يبقى داعماً عون ومقاطعاً جلسات الانتخاب.

ورأت المصادر أن هناك غرفة عمليات تقوم من حين إلى آخر بالترويج للقاءات على مستوى عال بين «المستقبل» و «التيار الوطني» في محاولة لإرباك «المستقبل» وتقديمه إلى جمهوره بأنه يعاني من انقسام عمودي لا يزال يفعل فعله ويمنعه من أن يحسم أمره من الاستحقاق الرئاسي. مع أن بعض من كان يتعاطف مع ترشح عون اضطر حالياً إلى ملازمة الصمت في انتظار القرار الذي سيتخذه التيار في اجتماعه برئاسة الحريري لأن دعم الأخير يكون في الوقوف إلى جانبه بدلاً من التقدم عليه لحسابات سياسية خاصة، لئلا يضعفه في موقفه.

ودعت إلى عدم إخضاع رئاستي الجمهورية والحكومة إلى المقايضة كما لمح عدد من مسؤولي «التيار» بقولهم في رسالتهم إلى «المستقبل»: «لن ننتخب رئيسكم إذا لم تنتخبوا رئيسنا»، بدلاً من الاحتكام إلى اللعبة الديموقراطية في النزول إلى البرلمان والمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس.

تعميم الإرباك

ويبقى السؤال: «هل يحلم عون بالوصول إلى بعبدا بدعم الحريري أم لديه من الضمانات ما يدعوه إلى التفاؤل، وهي ما زالت مستورة وستظهر في الوقت المناسب، على رغم أن الأجواء لا توحي بتبدل موقفه باتجاه الانقلاب على دعم ترشيح فرنجية؟

هناك من يقول في معرض إجابته عن السؤال إن «التيار» ومن خلفه «حزب الله» يلعب لعبة تعميم إرباكهما على الآخرين ليقولا معاً إن الحريري راغب في دعم ترشح عون لكنه غير قادر بسبب معارضة المملكة العربية السعودية ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ومعه عدد من نواب الكتلة.

وبكلام آخر، يخطط «التيار» لتصنيف «المستقبل» بين حمائم برئاسة الحريري وصقور يتزعمهم السنيورة قبل أن يكتشف أن رهانه ليس في محله، وتحديداً فور صدور الوثيقة «السياسية» المنتظرة عن «المستقبل» والتي ستكون بمثابة خريطة طريق يحدد فيها المسار السياسي العام لتعاطيه مع أبرز المحطات السياسية، وأولها رئاسة الجمهورية.

والى أن يحين موعد صدورها، تسجل المصادر السياسية مجموعة من الملاحظات تتعلق أولاً وأخيراً بإدارة ملف الاستحقاق الرئاسي وكيفية تعاطي عون معه سواء بالنسبة إلى حلفائه أو المعترضين على تأييده.

وفي هذا السياق تعترف المصادر بأن بداية التعاطي مع الملف الرئاسي، وتحديداً في أعقاب انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، حفلت بمجموعة من الأخطاء والهفوات على السواء، أبرزها أن تقديم الاستحقاق الرئاسي على أنه يخص المسيحيين من دون الآخرين لم يكن في محله، وبالتالي حصره بالمرشحين الأربعة الكبار، أي عون وفرنجية وجعجع وأمين الجميل، أدى إلى إقفال الباب أمام الوصول إلى تسوية من خارج هؤلاء الأربعة.

الرئيس القوي والرئيس التوافقي

وتؤكد أيضاً أن استحضار نظرية الرئيس القوي في بيئته لم يكن موفقاً، لأن القوي يعني أن يكون الأقدر على أن يكون له حضور في الطوائف الأخرى ولديه من المرونة ما يسمح له بأن يقدم نفسه الرئيس القادر على جمع اللبنانيين تحت سقف الدولة.

وتضيف المصادر هذه أن عون لم ينجح في أن يقدم نفسه كرئيس توافقي، بدلاً من أن يبقى لصيقاً بحليفه «حزب الله» يدافع عن مشاركته في الحرب الدائرة في سورية وعن سلاحه في الداخل، إضافة إلى وصفه خصومه في الشارع السنّي بأنهم من «الدواعش»، وقيل هذا الكلام من جانب مسؤولين في «التيار» ضد «المستقبل» ورئيس الحكومة تمام سلام.

كما أنه وفق المصادر، لم يطلق إشارة في اتجاه طمأنة الآخرين إلى أنه مع اتفاق الطائف وأنه لن يكون في عداد الأطراف الممانعة التي ترعاها إيران، إضافة إلى أن معظم وزراء «التيار» الذين يتحدثون باستمرار عن مكافحتهم الفساد وهدر المال العام لم يقدموا أنفسهم على أنهم قدوة في إصلاح الإدارة، وإلا ماذا يقولون عن سوء إدارتهم وزارتي الطاقة والاتصالات ومحاولات رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل خصخصة الوزارة باعتماده على فريق من خارج ملاكها من دون أن يغيب عن بال من لا يؤيد عون، اتهامه بأنه سيكون «رئيس ظل» إذا ما انتخب الجنرال رئيساً.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة