زياد ماجد الثلاثاء 18 كانون الثاني 2011 تثير احتفاليّات أطراف ومجموعات لبنانية تدور في فلك النظامين السوري والإيراني بالهبّة الشعبية في تونس مزيجاً من الشفقة والسخرية.
ذلك أن النظام التونسي المنهار، على دمامته وفساده وبوليسيّته الكريهة، يبدو نسخة باهتة عن الأصل السوري، وولداً فاشلاً إن قورن بالشقيق الإيراني الأكبر. وأَن يُهلّل لسقوطه من يصفّق ليل نهار لمن يبزّه على مختلف الصعد القمعية والزبائنية، ففي الأمر صفاقة لا تزيدها الاستشهادات بأبي القاسم الشابي إلا صفاقة.
والأنكى، أن بعض المهلّلين يربط بين انهيار الدكتاتور التونسي وبين علاقته بالغرب أو تحالفه السياسي مع أكبر دوله، في وقت لم تحمل الشعارات المرفوعة في المظاهرات والتجمعات الشعبية التونسية أي إشارة الى التطاحنات الخارجية ومقارعة الإمبريالية وما الى ذلك من شعارات صارت لكثرة الاستهلاك ووفرة الابتزاز بليدة فارغة. فالتونسيون اكتفوا بطلب العمل والخبز والحرية... وهي مسائل الحياة الأكرم، التي عادة ما يسخفّها أنصار التنقيب عن المؤامرات والبحث عن أمّهات المعارك وادّعاء خوضها، ثم طحن كل ما عداها بإسمها.
يمكن لقائل أن يعقّب، فيقول بالمقابل إن كثراً من اللبنانيين صمتوا أو كانوا ليصمتوا عن الحدث التونسي إغراقاً في "تَلَبنن" لا يكترث بما يجري في محيطه، أو تجنّباً لإحراج أنظمة حليفة لقواهم السياسية (في القاهرة والرياض وغيرهما) مستاءة من الهبّة الشعبية وقلقة من احتمالات عدواها. وفي قوله هذا صحّة لا شكّ فيها.
لكنّها صحّة، على رداءة ما تعكس، تبدو أقل نفوراً وضجيجاً من فجور انتصاريّة تعلن شراكة في الإنجاز التونسي من موقع سوري إيراني يكاد قادته، إن استمرّ رقصها وتطبيلها، يزجرونها كي لا تقتنع فعلاً بأن "انكسار القيد وجلاء الليل" أمران يستحقّان الاهتمام قبل مطاردة الاستكبار ومنازلة شياطينه...
|