بدأت محادثات السلام اليمنية في سويسرا في رعاية الامم المتحدة وحضور ممثلين للحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي والحوثيين وذلك بالتزامن مع سريان وقف للنار يفترض ان ينهي أشهراً من القتال.
أصدر الناطق باسم الامم المتحدة في جنيف أحمد فوزي بياناً صحافياً جاء فيه: "يعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد اليوم (أمس) بدء وقف النار باليمن والذي يعتبره خطوة أولى تجاه بناء سلام دائم في البلاد". وقال إن محادثات السلام في اليمن جارية وحض الاطراف على الحرص على الالتزام الكامل بوقف النار.
وسئل الناطق باسم التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية العميد الركن احمد عسيري هل دخل وقف النار المقرر في اليمن حيز التنفيذ في الوقت المحدد الساعة 9:00 بتوقيت غرينيتش، فأجاب: "نعم"، في رسالة نصية قصيرة.
وأكد المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة، بدء "وقف الاعمال القتالية"، واصفاً ذلك بأنه "خطوة أولى اساسية لاحلال السلام في البلاد". وحض الاطراف على "التزام هذه المبادرة والعمل على وضع حد نهائي ودائم للنزاع".
وقال أحد سكان صنعاء علي حسن: "نطالب اطراف النزاع بالقيام بتنازلات... لان جميع اليمنيين يريدون ان يروا اليمن يخرج من الازمة". ودعا رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح الحوثيين الى القاء أسلحتهم، وقال في الدوحة: "نريد استعادة الدولة".
وكانت قيادة التحالف أعلنت الاثنين التزامها موعد سريان وقف النار تماشيا مع طلب من الرئيس هادي، مؤكدة في الوقت عينه "احتفاظها بحق الرد على أي خرق لوقف النار". وكانت الرئاسة أوضحت الاسبوع الماضي ان وقف النار مقرر لسبعة أيام، وقابل للتمديد في حال التزام الحوثيين إياه.
خروقات وقد، سجلت خروقات محدودة بعد بدء تنفيذ وقف النار. وأفاد الضابط في الشرطة طه الصبحي ان "خمس قذائف هاون سقطت على مواقع للقوات الشرعية في الشريجة (بمحافظة تعز في جنوب غرب البلاد) بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ". كما تحدث شهود في تعز عن سماع دوي بعض القذائف في المدينة التي لا تزال في أيدي القوات الموالية لهادي، ويحاصرها الحوثيون وحلفاؤهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح منذ أشهر.
وقال أحد أفراد القوات الموالية لهادي: "بناء على اوامر قادتنا، لن نرد على النار من جانب الحوثيين الا اذا تقدموا في اتجاهنا".
وسبقت بدء سريان وقف النار، غارات للتحالف، تزامناً مع اشتباكات بين قوات هادي من جهة، والحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية لعلي صالح في مناطق عدة من جهة أخرى. وبثت قنوات سعودية للتلفزيون ان قوات التحالف استعادت السيطرة على جزيرة زقر في البحر الاحمر في منطقة مضيق باب المندب الاستراتيجي.
ونقلت قناة "العربية" السعودية الإخبارية عن ناطق باسم قوات التحالف العربي "أن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح كانت تتمركز في جزيرة زقر"، وإن سيطرة قوات التحالف على كامل الجزيرة يعمل على توفير حماية للممرات الملاحية في مضيق باب المندب. كما نقلت القناة عن مصادر أمنية يمنية "أن الجيش الوطني، وبدعم من مقاتلي المقاومة، استعاد السيطرة على مواقع عسكرية بمنطقة مجزر شمال مأرب".
وكان مصدر في الرئاسة اليمنية طلب عدم ذكر اسمه قال إن مبادرة وقف النار "جاءت حرصاً على التمسك بفرص تحقيق السلام ومحاولة تخفيف المعاناة عن شعبنا اليمني ووقف سفك المزيد من الدماء"، مشدداً على ان "التزام وقف النار من جانب الدولة مرتبط بالتزام الميليشيات الانقلابية".
وقال الحوثيون في وقت سابق ان التزامهم وقف النار مشروط بوقف "العدوان" عليهم، في اشارة في الدرجة الاولى الى غارات التحالف.
وقد شهد صباح أمس معارك بين الطرفين، استناداً إلى مصادر عسكرية يمنية. ودارت اشتباكات في محافظة مأرب الواقعة شرق العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أيلول 2014.
واعلنت منظمة الصحة العالمية انها تريد الافادة من وقف النار لايصال مساعدات طبية بعدما حصلت على ضمانات من جميع اطراف النزاع.
وفي محافظة تعز، شن التحالف غارات عدة على مواقع للحوثيين، تزامناً مع اشتباكات في شمال مدينة تعز حيث يحاول الحوثيون التقدم نحو حي الزنوج. وبدأت قوات هادي منتصف الشهر الماضي هجوماً واسعاً بدعم من التحالف، لطرد الحوثيين وحلفائهم من هذه المحافظة المحورية التي ستتيح السيطرة عليها تماماً، تأمين محافظات الجنوب والتقدم نحو مناطق يسيطر عليها الحوثيون في الوسط والشمال.
المحادثات وفي سويسرا، تدور المحادثات بين الاطراف اليمنيين بعيدا من الاعلام في مكان أبقي سرياً. وبثّت الاذاعة السويسرية انها بدأت في فندق في ماكولان شمال بيين في منطقة برن. وتنعقد محادثات السلام وسط جو من انعدام الثقة بين طرفي النزاع، وخصوصاً بعد فشل محاولات سابقة للاتفاق. كما لم يلتزم أكثر من اعلان لوقف النار، وخصوصاً في ايار وتموز.
وقال ولد الشيخ أحمد، ان المحادثات التي تجري في سويسرا وسط تكتم اعلامي، تهدف الى التوصل الى "وقف دائم وشامل لاطلاق النار، وتحسين الوضع الانساني والعودة الى انتقال سياسي سلمي ومنظم".
وبعد أكثر من سنة من دخول الحوثيين صنعاء، يتواصل النزاع بلا غالب ولا مغلوب. كما تحول تدريجاً الى ما يشبه المستنقع لدول التحالف، وخصوصاً مع استغلال الجماعات الجهادية الوضع الامني لتعزيز وجودها ونفوذها ولا سيما في جنوب اليمن. |