استعادت القوات النظامية السورية بدعم جوي روسي بلدةً ومطاريها العسكريين شرق دمشق بعد ثلاث سنوات على خسارة هذه المواقع، في وقت قتل عشرات العناصر الشيعية الموالية للنظام في هجوم شنته «جبهة النصرة» في ريف حلب شمالاً.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تمكنت قوات النظام من السيطرة النارية على بلدة مرج السلطان ومطارها العسكري والآخر الاحتياطي بغوطة دمشق الشرقية، وسط معلومات مؤكدة عن انسحاب معظم المقاتلين من البلدة والمطار، بعد قصف صاروخي وجوي مكثف من قوات النظام والطائرات الحربية خلال الـ24 ساعة الفائتة على البلدة ومنطقة المطار، والتي كانت الفصائل قد سيطرت عليهما قبل ثلاث سنوات، عقب معارك عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين».
وتأتي سيطرة قوات النظام النارية على البلدة كخطوة لتعزيز الحصار على غوطة دمشق الشرقية وتضييق الخناق على مناطق فيها وتحصين مطار دمشق الدولي والطريق الواصل إلى المطار.
وارتفع إلى 25 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في مدينة داريا ومحيطها بالغوطة الغربية بالتزامن مع تنفيذ الطيران الحربي ما لا يقل عن أربع غارات على مناطق في أطراف بلدة النشابية وغارة أخرى على مناطق في مدينة دوما في الغوطة الشرقية. كما قصفت قوات النظام مناطق في مدينة حرستا بالغوطة الشرقية، وفق «المرصد» الذي أشار الى «اشتباكات بين قوات النظام والجبهة الشعبية- القيادة العامة من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة في مخيم اليرموك بجنوب العاصمة، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
وبين دمشق والأردن، قال «المرصد» إن الطيران المروحي قصف بـ «البراميل المتفجرة مناطق في درعا البلد بمدينة درعا، فيما قصفت قوات النظام مناطق في بلدتي زمرين وسملين»، في وقت «ارتفع الى 8 عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في درعا البلد بمدينة درعا»، وفق «المرصد».
في الوسط، دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى في محيط مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، ترافق مع تجديد قوات النظام فتحها نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في المدينة.
وفي ريف حماة المجاور، شهدت مناطق في بلدة سلحب التي تسيطر عليها قوات النظام ومناطق في بلدة محردة التي تقطنها غالبية من المواطنين من أتباع الديانة المسيحية بريفي حماة الغربي والشمالي، قصفاً مكثفاً من قبل الفصائل الإسلامية والمقاتلة، وفق «المرصد» الذي قال: «تمكنت قوات النظام والمسلحين الموالين لها من استعادة السيطرة على قريتي البويضة والمصاصنة بريف حماه الشمالي، عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجند الأقصى، التي تمكنت أمس من السيطرة عليهما، وترافقت المعارك العنيفة مع قصف مكثف من طائرات حربية ومروحية، وقصف من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك».
وأسفرت الاشتباكات بريف حماة الشمالي عن مقتل 22 مقاتلاً على الأقل بينهم 6 مقاتلين من جنسيات غير سورية، فيما قتل 9 عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين في المعارك. ونفذت طائرات حربية يرجح أنها روسية عدة غارات على مناطق في بلدة اللطامنة بريف حماه الشمالي. وشنت طائرات حربية يعتقد أنها روسية، عدة غارات على مناطق في قرية الحواش بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.
في الشمال الغربي، قصفت الفصائل الإسلامية والمقاتلة بصواريخ «غراد» مراكز قوات النظام في قمة النبي يونس وأطراف منطقة صلنفة بريف اللاذقية، ترافق مع قصف قوات النظام لمناطق في جبل التركمان «وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين حزب الله اللبناني وقوات النظام ومسلحين من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني من جهة أخرى في محيط جبل النوبة بجبل الأكراد، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين»، وفق المرصد.
في الشمال، نقلت شبكة «الدرر الشامية» عن مصادر «جبهة النصرة» تأكيدها «مقتلَ أكثر من 80 عنصراً تابعين للميليشيات الشيعية العراقية والإيرانية، في معارك ريف حلب الجنوبي»، مشيرة إلى أن «عناصر جبهة النصرة نَفَّذوا كميناً محكماً ضد الميليشيات التي كانت تحاول السيطرة على قريتي بانص ومريودة بريف حلب الجنوبي، حيث سبق تقدم تلك الميليشيات غطاءٌ جويٌّ وصاروخيٌّ كثيفٌ من الطيران الروسي، وراجمات الصواريخ، ليعمد عناصر الجبهة إلى الاختباء في الحفر الأرضية والخنادق المحفورة تحت الأرض».
ووفق المصادر، فإن اشتباكاتٍ فرديةً عنيفة اندلعت مع الميليشيات العراقية والإيرانية التي تقدمت إلى القرى المذكورة «معتقدةً أن الثوار انسحبوا، وأنها أحكمت سيطرتها على المنطقة، ليسقط في إثر ذلك عشرات القتلى والجرحى من المهاجمين قبل أن يتراجعوا من بانص ومريودة». وقالت «الدرر» إن «قتلى الحرس الثوري الإيراني وميليشيا «حزب الله» اللبناني والحشد الشعبي العراقي ارتفعت إلى مئات القتلى في معارك ريف حلب الجنوبي، خلال شهر من الحملة».
من جهته، قال «المرصد» إنه «ارتفع إلى 14 عدد عناصر حزب الله اللبناني الذين توثق المرصد مقتلهم خلال اليومين الفائتين، في هجومهم مسندين بقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية، وسيطرتهم على عدة قرى بريف حلب الجنوبي، عقب اشتباكات عنيفة وقصف متبادل مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة وتنظيم جند الأقصى والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة في ريف حلب الجنوبي».
ونفذت طائرات حربية يعتقد بأنها روسية، غارتين على مناطق في حي الجزماتي بمدينة حلب و «معلومات عن استشهاد مواطن وسقوط جرحى في حي الجزماتي». كما قصف الطيران الحربي مناطق في حي الراشدين وبلدة المنصورة غرب حلب، في حين سقط صاروخ أرض- أرض أطلقته قوات النظام على منطقة في حي الفردوس بمدينة حلب وأدى لسقوط جرحى، بينما تعرضت مناطق في محيط مطار النيرب العسكري لقصف جوي.
في شمال شرقي البلاد، قال «المرصد» إن «داعش» أعدم رجلاً بتهمة «الرِّدَّة»، وإن الرجل كان مقاتلاً سابقاً في «جبهة النصرة» وأعلن «استتابته» لدى التنظيم في وقت سابق، وهو من بلدة حطلة بريف دير الزور، حيث تمت عملية الإعدام بقطع رأسه بسيف.
ونفذت طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي بقيادة أميركا، غارات استهدفت آباراً للنفط في محيط حقل الجفرة النفطي عقب إلقائه مناشير تحذر المدنيين من الاقتراب من الآبار النفطية. وأعلنت قوة المهام المشتركة إن الولايات المتحدة وحلفاءها نفذوا 16 ضربة جوية ضد تنظيم «داعش» الأحد.
وذكرت القوة في بيانها الإثنين أن ضربة جوية قرب دير الزور في سورية أصابت محطة لفصل النفط والغاز يستخدمها التنظيم المتشدد بينما قصفت ضربتان أخريان وحدات تكتيكية وأهدافاً أخرى قرب منبج ومارع.
وأضاف البيان أنه في العراق نفذ التحالف 13 ضربة قرب ست مدن، من بينها ضربة قرب تكريت دمرت صهريجي نفط لـ «داعش». وقصفت الضربات الأخرى ما يصل إلى 12 وحدة تكتيكية وأهدافاً أخرى، منها عبوات ناسفة بدائية الصنع ورشاشات ومواقع قتالية.
رئيس سابق لـ «الائتلاف» يتهم روسيا بالسعي إلى «اختراق صفوف» المعارضة
الرياض - هليل البقمي؛ الدمام - منيرة الهديب أكّد الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الدكتور هادي البحرة، أن توحّد صفوف المعارضة السورية الذي تم أخيراً في مؤتمر الرياض، يضع المجتمع الدولي عموماً وروسيا خصوصاً على المحك لإثبات جديتهما في إيجاد حل جذري للأزمة، مضيفاً أن «تزايد حدة التصريحات الروسية وتشكيكها في المؤتمر، يضعان علامات استفهام حول نياتها بالدفع نحو حل سياسي».
وقال البحرة في تصريح لـ «الحياة»، إن «روسيا تسعى من خلال تصريحاتها إلى كسب المزيد من الوقت لإدخال أطراف داخل صفوف المعارضة تُعد أقرب في مواقفها إلى النظام منها إلى المعارضة»، معتبراً أن «الهدف من ذلك إعاقة جهود التسوية السياسية». وأردف أنه «على رغم أن مؤتمر الرياض يُعد الأوسع تمثيلاً لجميع أطياف المعارضة، سواء الداخلية أم الخارجية، مع وجود المعارضة المسلحة بجانب السياسية، إلا أن نيات روسيا بدت واضحة من خلال التشكيك في مستوى التمثيل، وادعائها أن المؤتمر لا يمثل جميع أطياف المعارضة».
وبيّن البحرة أن الهيئة العامة للمفاوضات تعكف حالياً على تسمية الوفد المفاوض الذي سيمثلها، ومن المنتظر إعلانه قريباً، كما تسعى إلى تنظيم نفسها لتسلّم المقر الرئيس لها. وأكّد أن المعارضة السورية «قامت بكل الخطوات المطلوبة منها، باتفاقها على بيان مشترك ومحددات مشتركة وتشكيلها هيئة مشتركة للمفاوضات وقيامها بتعيين وفدها الموحد، وتنتظر من المجتمع الدولي -ولا سيما روسيا التي تدعي أن المعارضة مفككة وليس لديها موقف موحد- إثبات الجدية في السعي إلى حل سياسي للأزمة».
الغامدي: الباب مفتوح أمام «النصرة» .. بشروط
في غضون ذلك، أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي، أن بيان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني جاء إثر استبعاد الجبهة من مؤتمر المعارضة السورية الموسع في الرياض، «ولذلك هو يرفض النتائج ويعتبرها مؤامرة». وقال لـ «الحياة»: «اجتماع الرياض جاء بموجب مطلب دولي كنتائج لمؤتمر فيينا... ونتائجه لا بد أن تعود إلى الدول التي طلبت الاجتماع، وهذه الدول ترفض مشاركة جبهة النصرة، بسبب تصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية».
وأشار الغامدي إلى محاولات سابقة لتغيير طبيعة «جبهة النصرة» وإلغاء تبعيتها لقيادة «القاعدة» وتحويلها مجموعة وطنية إسلامية سورية، لتمكينها من دخول العملية السياسية، «ولكن هذه الجهود لم تنجح، إذ أصرت النصرة على موقفها، ما أدى إلى استثنائها من العملية السياسية التي تمت في الرياض، وإذا حدث تغير في موقف قيادة النصرة، ربما يتغير الموقف الدولي ويمكنها بعد ذلك المشاركة في العملية السياسية».
وأضاف: «جبهة النصرة تسيطر على جزء من الأراضي والمدن السورية، وفي حال قبولها باتفاق سياسي على تحرير سورية من نظام الأسد وطرده وتحوّل البلاد إلى دولة تعددية بآليات ديموقراطية، يمكن استيعابها ضمن بقية الفصائل المقاتلة. أما في حال رفضها وبقائها على النهج نفسه، فستعامل كما يُعامل داعش».
هيئة أركان حمص
إلى ذلك، أكد مساعد رئيس هيئة الأركان قائد جبهة حمص العقيد ركن فاتح حسون، في تصريح لـ «الحياة»، نجاح مؤتمر الرياض في إظهار الفصائل المعارضة المشاركة بموقف واحد أمام المجتمع الدولي.
وعن المنسحبين من مؤتمر الرياض، قال حسون: «هناك تياران ضمن فصائل المعارضة المنسحبة، الأول يرى ضرورة إخراج النظام سياسياً، وآخر مسلِّم بأن المؤتمر لا يمكن أن يحل الإشكالات على الساحة السورية إلا عسكرياً، وبالتالي اعتبر هذا التيار أن اجتماع الرياض لن يحقق مبادئ الثورة السورية في مكافحة الإرهاب، وهم يقصدون الميليشيات القادمة من الخارج، إضافة إلى أنه سمح بشكل غير مباشر بفترة حكم انتقالية، ولو بشكل مبطن، وهذا يخالف المبادئ الخمسة للوثيقة التي وقع عليها المجلس الإسلامي السوري قبل شهرين، وتم التوقيع عليها أيضاً من جميع الفصائل، بما فيها أحرار الشام، الفصيل المنسحب من المؤتمر». وأكد أن هذا الفصيل «أمام تحد كبير، إما المضي في الحل السياسي، وإما الابتعاد عن هذا الحل واختيار العسكري»، مشيراً إلى أن قادة هذا الفصيل «غير متفقين إلى الآن حول اختيار الطريق». وعلّق على بيان الجولاني في خصوص رفضه مؤتمر الرياض، قائلاً: «البيان ينبع من المنهج الذي يتبعه تنظيم القاعدة الذي لا يؤمن بالوطنية والقومية، بل بتشكيل إمارة أو خلافة إسلامية تتجاوز الحدود... وبشكل عام هذا المنهج لا يمكن أن يوافق على مخرجات مؤتمر يكرس الحل ضمن أراضي قومية وطنية».
بدوره، أوضح رئيس جمعية تنمية الديموقراطية الدكتور ناصر العبدلي في تصريح لـ «الحياة»، أن «جبهة النصرة أحد التنظيمات المشاركة في العمليات العسكرية داخل سورية، وقيادتها تعتقد أن لهم حصة الأسد في ما بعد المفاوضات مع النظام السوري، ولهم الحق في أن يكونوا ضمن الطرف المفاوض فقط، ويمكن السماح لتنظيم أو تنظيمين بالمشاركة. أما بقية التكوينات السياسية فليس لها الحق في حضور أي ترتيبات بشأن المفاوضات. وهذا تعبير صارخ عما سيحدث لسورية في ما لو تركت من دون حل سياسي حقيقي».
|