بعد مؤتمر استمر يومين في الرياض، أبدت المعارضة السورية استعدداها للتفاوض مع النظام، مشترطة رحيل الرئيس بشار الاسد مع بداية المرحلة الانتقالية، لكن "حركة احرار الشام الاسلامية" انسحبت من المؤتمر احتجاجاً على اعطاء دور أساسي لمعارضة الداخل المقبولة لدى النظام.
وتضمن البيان الختامي للمؤتمر، وهو الاول يجمع مكونات سياسية وعسكرية للمعارضة قارب عدد ممثليها المئة، رؤية سياسية شاملة للمعارضة المدعومة من الغرب، والمعارضة المقبولة لدى النظام، والفصائل المسلحة "المعتدلة" التي تقاتل على الارض.
وجاء في البيان: "أبدى المجتمعون استعدادهم للدخول في مفاوضات مع ممثلي النظام السوري، وذلك استناداً الى بيان جنيف 1 الصادر بتاريخ 30 حزيران 2012 والقرارات الدولية ذات العلاقة... وخلال فترة زمنية محددة يتم الاتفاق عليها مع الامم المتحدة".
وأوضح ان المجتمعين شددوا "على ان يغادر بشار الاسد وزمرته الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية". وقرنت مختلف اطياف المعارضة استعدادها للتفاوض على حل النزاع بخطوات تثبت "حسن النيات" من النظام. وتشمل الخطوات مطالبة الامم المتحدة والمجتمع الدولي "باجبار النظام السوري على تنفيذ اجراءات تؤكد حسن النيات قبل البدء بالعملية التفاوضية"، على ان يشمل ذلك "ايقاف احكام الاعدام الصادرة بحق السوريين، واطلاق الاسرى والمعتقلين، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، والسماح بوصول قوافل المساعدات الانسانية الى المحتاجين، وعودة اللاجئين، والوقف الفوري لعمليات التهجير القسري، وايقاف قصف التجمعات المدنية بالبراميل المتفجرة".
كما تضمن البيان المؤلف من ثلاث صفحات، جزءاً طويلاً عن النظرة الى الدولة والمجتمع. واعرب المجتمعون عن "تمسكهم بوحدة الاراضي السورية وايمانهم بمدنية الدولة السورية، وسيادتها على كل الأراضي"، الى "التزامهم الديموقراطية من خلال نظام تعددي يمثل أطياف الشعب السوري كافة". وتعهدوا "العمل على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، مع ضرورة اعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الامنية والعسكرية، كما شددوا على رفضهم للارهاب بكل أشكاله ومصادره، بما في ذلك ارهاب النظام وميليشياته الطائفية، وعلى ان مؤسسات الدولة السورية الشرعية والتي يختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة، هي من يحتكر حق حيازة السلاح". وأكدوا رفض وجود "المقاتلين الأجانب كافة... والقوات المسلحة الأجنبية على الأراضي السورية، ومطالبتهم بطردها من أرض الوطن".
وتحضيراً للمفاوضات المحتملة، أعلنت مكونات المعارضة تشكيل "هيئة عليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية مقرها مدينة الرياض"، تكون بمثابة مرجعية للوفد المفاوض "وتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي".
وأفادت مصادر معارضة أن عدد أعضاء الهيئة يقارب 30 شخصا، ثلثهم ممثلون للفصائل المسلحة، الى حصة شبه موازية لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، وممثلين للمستقلين، وهيئة التنسيق، أبرز مكونات المعارضة المقبولة لدى النظام. وصرحت عضو الائتلاف سهير الاتاسي بان الاتفاق يضمن "رؤية موحدة لعملية التسوية". ورأى المعارض سمير نشار ان "كل ما يحصل هو لمواجهة استحقاق التوافق الدولي للدعوة الى محادثات" بين النظام والمعارضة.
انسحاب "احرار الشام" وقبيل خروج المعارضين المجتمعين من مكان اجتماعهم في فندق "انتركونتيننتال"، أعلنت "حركة أحرار الشام الاسلامية"، أحد أبرز الفصائل المقاتلة، انسحابها من المؤتمر. وعللت الحركة في بيان انسحابها بثلاثة أسباب رئيسية، هي منح "دور أساسي لهيئة التنسيق الوطنية وغيرها من الشخصيات المحسوبة على النظام"، و"عدم أخذ عدد من الملاحظات والاضافات التي قدمتها الفصائل لتعديل الثوابت المتفق عليها في المؤتمر في الاعتبار... وعدم التأكيد على هوية شعبنا المسلم"، و"عدم اعطاء الثقل الحقيقي للفصائل الثورية سواء في نسبة التمثيل أو حجم المشاركة في المخرجات".
الا ان الأنباء تضاربت عن توقيع الحركة البيان الختامي أم لا. فقد قالت مصادر ديبلوماسية غربية متابعة لمؤتمر المعارضة، ومصادر مشاركة في الاجتماع، إن الحركة وقعت. إلا ان نائب القائد العام للحركة ابو عمار العمر غرّد عبر موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي قائلاً ان الحركة "لم تتراجع عن موقفها ولم توقع البيان الختامي".
وانعقد اجتماع الرياض بعد اتفاق دول كبرى، بينها الولايات المتحدة والسعودية الداعمتين للمعارضة، وروسيا وايران المؤيدتين للنظام، إثر اجتماع في فيينا منتصف الشهر الماضي، على خطوات لانهاء النزاع تشمل تأليف حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج. كما نص الاتفاق على السعي الى اجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول الأول من كانون الثاني.
وهو يأتي عشية محادثات في شأن الملف السوري بين موسكو وواشنطن والأمم المتحدة اليوم في نيويورك، قبل أيام من اجتماع مرتقب للدول التي التقت في فيينا.
وغاب عن مؤتمر الرياض ممثلو الاكراد الذين تأخذ عليهم شريحة واسعة من المعارضة عدم انخراطهم في القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، متهمة اياهم برفض "سوريا الموحدة" نتيجة تمكسهم بالادارة الذاتية في مناطقهم. وصرح عبد العزيز الصقر الذي رأس مؤتمر الدوحة في مؤتمر صحافي بأن وفداً من المعارضة سيلتقي مسؤولين من الحكومة السورية في الأيام العشرة الأولى من كانون الثاني 2016.
مقتل المسؤول المالي لـ"داعش" وفي واشنطن، كشف الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" الكولونيل ستيف وارن بأن الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسوريا قتل وزير المال للتنظيم ابو صلاح وقياديين آخرين في غارات جوية أواخر تشرين الثاني.
وقال إن أبو صلاح "كان واحدا من أرفع أعضاء الشبكة المالية لتنظيم داعش وأكثرهم خبرة كما كان عضواً قديماً في تنظيم القاعدة". وأضاف ان أبو صلاح هو ثالث عضو في الشبكة المالية يقتل في غضون أشهر عدة.
وقال نائب وزير الخزانة الاميركي المكلف الارهاب آدم شوبين ان "داعش" يجني قسماً كبيراً من أمواله من الاراضي التي يسيطر عليها ولذلك يصعب الوصول الى مصادر تمويله وفرض عقوبات عليها. ولفت الى إن التنظيم الجهادي ضالع في تجارة نفط تقدر بنحو 40 مليون دولار شهرياً من خلال بيع كميات كبيرة لحكومة الأسد بينما تأخذ كميات أخرى طريقها إلى داخل تركيا. |