أول أمس الجمعة 20/11/2015 ، ولدى تقديمه للتقرير الدوري الثالث للأردن عن مدى الإلتزام وتطبيق الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أمام لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب المنبثقة عن الإتفاقية، أكّد رئيس الوفد الحكومي الأردني على "أنه لا يوجد تعذيب في الأردن وإن أي وقائع تعذيب تحدث هي عبارة عن ممارسات فردية".
الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، وفي إطار التحالف المدني الأردني لمناهضة التعذيب، قدّمت ملخّصاً ل 8 حالات تعذيب وقعت خلال السنوات الأربع الماضية، أي بعد التعديل الدستوري الذي حظر التعذيب، وهي مستقاة من أرشيف الجمعية المتعلق برسائلها الموجهة إلى السلطات الرسمية بالأرقام والتواريخ. وهذه الحالات يوجد العديد مثلها لدى المنظمات الأردنية والعربية والدولية لحقوق الإنسان، ولدى المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي هو مؤسسة الدولة في هذا المجال.
الأسئلة التي تطرح نفسها بعد سماع وجهة النظر الحكومية كثيرة وهذه بعض منها : 1) لماذا لم يقدم الوفد إجابات شافية على بعض أسئلة اللجنة أول أمس في هذا المجال ؟ 2) ولنفترض جدلاً بأن ما جرى ويجري هو "ممارسات فردية"، لماذا لم يفتح تحقيق فيها ما دامت الجمعية (ومنظمات أخرى) بعثت للحكومة برسائل بشأن العديد من الحالات ولماذا لم تعلن نتائج التحقيقات ولماذا لم يحاسب الذين أمروا ب أو مارسوا التعذيب حتى يكونوا عبرة لغيرهم ؟ لماذا لا تتلقى الجمعيات التي ترسل شكاوى حول التعذيب اية ردود على رسائلها ؟ ولماذا لا تستجيب الحكومة الأردنية لتوصيات لجنة مناهضة التعذيب بضرورة إدماج بنود الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب في النظام القانوني الوطني الأردني ؟
إن من حق الرأي العام الأردني أن يعرف كل شيء حول هذا الملف الخطير والذي يراد له أن يظل عائماً وفي الظلال. من حق المواطنين الذين تعرضوا لسوء معاملة أو تعذيب (حتى ولو كان عددهم واحد) أن يعرفوا لماذا تعرضوا لسوء معاملة أو تعذيب وأن يُقدّم مرتكبو ذلك إلى العدالة وأن يحصل ضحايا التعذيب على تعويض ملائم ــ تماماً كما تنص على ذلك الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب المصادق عليها من طرف الأردن. إن إحترام حقوق الإنسان ليس مجرد كلام يُطلق في التصريحات أمام الكاميرات والميكروفونات وفي المحافل الدولية، بل هي إلتزام له استحقاقات قانونية وعملية. ونحن هنا نتحدث عن ملف التعذيب تحديداً، ولا نجري تقييماً شاملاً لوضع حقوق الإنسان في البلاد الذي ربما يكون له مكان آخر ومناسبة أخرى.
"حالات تعذيب" مستقاة من أرشيف الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خلال الفترة موضع التقرير (2010 ـ 2015) ، تعاملت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، وهي جمعية أردنية مرخصة وتعمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان منذ عام 1996، مع العديد من الشكاوى التي وصلت إليها وتتعلق بوقوع أعمال تعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة والعقوبة القاسية واللإنسانية والحاطة بالكرامة. ونقدّم فيما يلي عرضاً موجزاً لأبرز هذه الشكاوى إلى اللجنة الموقّرة المنبثقة عن الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والتي ستناقش قريباً التقرير الدوري للحكومة الأردنية عن مدى إحترامها وتطبيقها للإتفاقية المذكورة خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2015 ـ نقدّمها كأمثلة و أدلّة على وقوع أعمال تعذيب وسوء معاملة من قبل الأجهزة التابعة للحكومة الأردنية خلال الفترة المذكورة، علماً بأن الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان كانت تخاطب المسؤولين الأردنيين الحكوميين والعديد من الجهات بشأن تلك الشكاوى من خلال رسائل موثّقة.
جدير بالذكر أن جميع الحالات الثمانية التي سنعرض لها فيما يلي قد وقعت بعد صدور التعديلات التي أدخلت على الدستور الأردني بتاريخ 1/11/2011، وأبرزها في هذا المجال التعديل الذي طرأ على المادة الثامنة من الدستور حيث أصبحت الفقرة الثانية تنص على ما يلي : "كل من يقبض عليه أو يوقف أو يحبس أو تقيّد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز تعذيبه بأي شكل من الأشكال، أو إيذاؤه بدنياً أو معنوياً. كما لا يجوز حجزه في غير الأماكن التي تجيزها القوانين، وكل قول يصدر عن أي شخص تحت وطاة أي تعذيب أو إيذاء أو تهديد لا يعتد به".
إن هذا يعني ـ ببساطة ـ بأن الأعمال التي وردت في الشكاوى التي سنقدم ملخصاً لها بعد قليل مخالفة للدستور، مثلما هي مخالفة للإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، المصادق عليها من طرف الدولة الأردنية منذ عام 1991، وكان يجب ملاحقتها بمختلف الوسائل القانونية والسياسية والإدارية من طرف الجهات الرسمية الأردنية المخوّلة بتطبيق الدستور والقوانين، وإتخاذ الإجراءات الرادعة فضلاً عن ضرورة التحقيق فيها ومعاقبة المسؤولين عنها في حال إثبات صحتها، وتعويض ضحايا التعذيب وإتخاذ الإجراءات التي تمنع تكرارها. وللأسف الشديد إن شيئاً من ذلك لم يحصل أبداً بالرغم من المطالبة به.
الحالة الأولى : خلال المظاهرات التي وقعت في مدينة "ذيبان"، في إطار "الحراك السياسي والشعبي الأردني" المطالب بالإصلاح السياسي، اعتقلت قوات الأمن المواطن عدنان الهواوشة بتاريخ 16/11/2012 حيث جرى تعذيبه في مركز أمني تعرضت خلاله عينه اليسرى إلى أذى كبير. ثم حُوّل إلى مدعي عام محكمة أمن الدولة، ووجهت له تهمة "محاولة تقويض نظام الحكم" وفقاً للقانون المسمى قانون "منع الإرهاب". وبالرغم من ان تقريراً من مستشفى البشير الحكومي المركزي في عمان كان يوصي بضرورة "إرساله سريعاً" إلى "مركز طبي متقدم" لإنقاذ عينه، إلاّ أن مدّعي عام محكمة أمن الدولة تجاهل ذلك وأمر لاحقاً بإرساله إلى مستشفى السلط حيث صدر (أو استصدر ؟ !) تقرير يفيد بأن لا حاجة لمتابعة علاجه. وقد فقد عدنان الهواوشة عينه اليسرى نتيجة لهذا الإهمال المتعمد في علاجه. وقد تابعت الجمعية هذه الحالة يوماً بعد يوم وكتبت فوراً إلى وزير العدل وإلى المركز الوطني لحقوق الإنسان بخصوصها ضمن رسالة رقمها 12/م2/2012 وتاريخها 21/11/2012. ولم تتلقى الجمعية أي جواب على رسالتها من أية جهة رسمية. وعلى أية حال، فإن المواطن المذكور لا يزال على قيد الحياة وبالإمكان سماع شهادته منه مباشرة، مثلما هو الحال بالنسبة لحالات أخرى سنعرض ملخصاً لها هنا.
الحالة الثانية : أثناء وعقب مظاهرات الإحتجاج على قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات التي اندلعت في عمان ومدن أخرى منتصف شهر تشرين الثاني 2012، قامت الأجهزة الأمنية بإعتقال مئات المواطنين الذين شاركوا في تلك المظاهرات. بعد بضعة أيام ـ وتحت الضغط الشعبي والسياسي ـ اضطرت السلطات للإفراج عن عدد كبير من أولئك المواطنين. يوم الأربعاء الموافق 21/11/2012 نُظّم إجتماع في مجمع النقابات المهنية بعمان شارك فيه أهالي أكثر من ستين معتقلاً. وعلى مدى ثلاث ساعات، وبحضور نشطاء حقوق الإنسان وبعض وسائل الإعلام، قدّم العديد من المعتقلين المفرج عنهم وأهالي معتقلين آخرين تمكنوا من زيارة أبنائهم ـ قدّموا العديد من الشهادات عن أشكال مختلفة من التعذيب والمعاملة اللإنسانية التي تعرّض لها أولئك المعتقلين في مراكز الشرطة والسجون. وقد جمعت ووثّقت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان تلك الشهادات. وفي اليوم التالي بعثت برسالة إلى دولة رئيس الوزراء، د. عبدالله النسور تحمل الرقم 13/م2/2012 وتاريخها 22/11/2012 طالبت فيها بتشكيل لجنة تحقيق محايدة ومستقلة في الوقائع التي وردت في شهادات المعتقلين المفرج عنهم وذوي معتقلين آخرين ومحاسبة من تثبت مسؤوليته عن التعذيب، وتعويض ضحايا التعذيب وإنصافهم. كما طالبت الجمعية بالإفراج عن بقية المعتقلين (والتي وردت لاحقاً معلومات عن تعرضهم للتعذيب) أو تقديمهم لمحاكمة عادلة. ومن بين المعتقلين الذين أوردت الجمعية أسمائهم : 1) معين الحراسيس ؛ 2) عبدالله محادين ؛ 3) محمد الرعود ؛ 4) عبد المهدي العواجين ؛ 5) خالد الحراسيس ؛ 6) فادي مسامرة ؛ 7) عدي الختاتنة ؛ 8) هشام السراحين ؛ 9) سمير جبر ؛ 10) إبراهيم العبيدين ؛ 11) محمد الناطور ؛ 12) بسام العمايرة ؛ 13) حسين شبيلات ؛ 14) أحمد الجرارشة ؛ 15) محمد المغابرة ؛ 16) إبراهيم الضمور ؛ 17) رؤوف الحباشنة (هؤلاء كانوا في سجن الجويدة وتعرضوا لأعمال تعذيب) .18) سعود العجارمة (كان في سجن "الموقّر 2 "، ومنعت عنه الزيارات وكان في زنزانة إنفرادية). وفي رسالة لاحقة إلى رئيس الوزراء (رقم 15/م2/2013 بتاريخ 31/8/2013) أوردت الجمعية أسماء معتقلي الحراك السياسي الأردني التالية : 1) هشام الحيصة ؛ 2) باسم الروابدة ؛ 3) ثابت عساف ؛ 4) طارق خضر ؛ 5) مؤيد الغوادرة. ومما جاء في الرسالة المذكورة أنه وفقاً لشكاوى أهالي المعتقلين فإن هؤلاء يعاملون في السجن معاملة سيئة، كما لو أنهم مجرمين خطرين جداً، إذ "يتم تجريدهم من ملابسهم وتأخير وصول الدواء لهم"، على سبيل المثال. وقد دفعهم ذلك إلى القيام بالإضراب عن الطعام منذ نحو شهر، مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الصحيّة بشكل خطير". لم تستلم الجمعية أي رد على رسائلها تلك.
الحالة الثالثة : تتعلق بالمواطن جريس عيسى خليل حتر (مواليد 1968) من سكان مدينة الفحيص. اعتقل المذكور مساء يوم الجمعة 1/11/2013 من محل بيع الخضروات والفواكه الذي يملكه في المدينة، بعد أن قامت مجموعة من رجال قسم مكافحة المخدرات بمداهمته والتفتيش فيه عن مخدرات. وبالرغم من عدم العثور على أية مخدرات، قام رجال الأمن بضربه أمام محله التجاري ومعاملته بطريقة لاإنسانية أمام مجموعة من الناس كانوا شهوداً على ما حدث. اقتيد بعد ذلك إلى مركز أمني حيث قام رجال أمن بملابس مدنية (قيل انهم من مكافحة المخدرات) بضربه وجرّه بطرق وحشية وتوجيه الإهانات له، وتسبّب التعذيب له بكسور ورضوض. وعندما طلب العلاج حيث أنه يعاني من مرض السكري ومرض إرتفاع ضغط الدم رفضوا إحضاره له. وقُدّم لاحقاً لمحكمة أمن الدولة بتهمة "تعاطي المخدرات ومقاومة رجال الأمن". وقد حكمت المحكمة قبل شهر (تشرين الأول 2015)، وبعد مماطلات عديدة، ببراءته من التهمتين. وقد دافع عنه المحامي الأستاذ رياض العميان. وقد عانى معاناة شديدة بسبب مضايقات رجال الأمن له في معيشته وتكبّد خسائر مالية كبيرة نتيجة لكل ما حصل معه. وقد وجّهت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان بتاريخ 20/1/2014 رسائل بخصوص حالة تعذيب هذا المواطن، مرفقاً بها صورة عن تقرير طبي، إلى وزير الداخلية ووزير العدل، وإلى المركز الوطني لحقوق الإنسان وإلى لجنتي الحريات العامة وحقوق المواطنين في مجلسي النواب والأعيان وإلى نقابة المحامين ونقابة الاطباء (للإشتكاء على الطبيب الذي رفض معالجته وإعطائه تقريراً طبياً في مستشفى السلط) ... ولم تتلقى الجمعية أي ردٍ على رسائلها.
الحالة الرابعة : تتعلق بالمواطن حمزة كمال سليم أبو ردن، وهو من سكان ناعور / الحيّ الشرقي، قرب عمان. كان موقوفاً بتاريخ7/1/2014 لدى مديرية البحث الجنائي (العبدلي/عمان) بتهمة الإتجار بالمخدرات. لدى زيارة أهله له في سجن الجويدة بتاريخ 10/1/2014 لاحظوا آثار تعذيب على مواقع مختلفة من جسمه ؛ وعلموا منه أنه طلب من موظفي إدارة البحث الجنائي تقريراً طبياً عن حالته، فأجابوه بأنه يوجد تقرير طبي، والمقصود تقرير طبي قديم. ورفضوا إعطائه تقريراً طبياً حديثاً أي عن حالته الراهنة، إضافة إلى منع الدواء عنه. وقد وجّهت الجمعية رسالة إلى وزير الداخلية بشأن هذه القضية تحمل الرقم 25/م2 بتاريخ 12/1/2014. في هذه الرسالة طلبت الجمعية أن يعطى تقرير طبي للمواطن المذكور، وتوفير الأدوية له، حيث أنه كان يعاني من الربو وتسارع دقات القلب ؛ وتشكيل لجنة تحقيق محايدة في المعلومات الواردة في الشكوى ونشر نتائج التحقيق. وانتقدت عدم عرض الموقوف للمثول أمام المدعي العام طوال الفترة الماضية خلافاً لأحكام المادة 100 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وتلقت الجمعية وعوداً شفهية من "مديرية حقوق الإنسان" التابعة لوزارة الداخلية بمعالجة الموضوع ولكن دون تنفيذ شيء من مطالب الجمعية الواردة في رسالتها. وعلمت الجمعية لاحقاً بأنه تم توفير الأدوية اللازمة له.
الحالة الخامسة : تتعلق بالناشط السياسي الشاب راني إبراهيم حسن الزواهرة (26 سنة). قبض عليه يوم 19/9/2014، وأودع مركز أمن ضاحية الرشيد (عمان الغربية) بتهمة "إطالة اللسان"، ولاحقاً وجّهت له تهمة "محاولة تقويض نظام الحكم" (قانون "منع الإرهاب") وحوّل إلى محكمة أمن الدولة. وتعرّض أثناء توقيفه في سجن ماركا (ضاحية من ضواحي عمان)، ولاحقاً في سجن رميمين (محافظة البلقاء) لسوء معاملة شديدة ؛ وكان يُؤتى به مقيّداً بسلاسل في يديه ورجليه، واعتبر "سجيناً خطيرا" (أي مثل المجرمين المتهمين بالقتل!). ووجهت له شتائم وإهانات لفظية وجسدية، وتم إجباره على خلع ملابسه، وجرت محاولات عديدة للضغط عليه وإجباره على الإعتراف ب "التخطيط لإرتكاب جرائم خطيرة، وهي قلب نظام الحكم والتخطيط لإغتيال الملك". وتعرّض أيضاً لضغوط نفسية لا تطاق، وحاولت عناصر من الأمن الوقائي في السجن تلفيق تهم ضده مثل "الترويج للمخدرات". حكم عليه بالبراءة بعد ستة أشهر من توقيفه نظراً لعدم توفر أدلة ضده. طبعاً لم يحصل على تعويض ولم يحاسب أي من أفراد السجن الذين أهانوه وعاملوه معاملة سيئة على أفعالهم. كتبت الجمعية رسالة بشأن المواطن راني الزواهرة إلى وزير العدل حملت الرقم 32/م2 تاريخ 23/11/2014. وقد علمت الجمعية لاحقاً بأن تدّخلها قد أدى إلى التخفيف من الضغوط التي كان يتعرض لها، بل يمكن القول بأن المعاملة قد تحسنت. محامي الموقوف راني كان شقيقه الأستاذ رامي الزواهرة.
الحالة السادسة : تتعلق بالمواطن وائل خليل ثلجي الرفاعي (35 سنة). اعتقله الأمن الوقائي بتاريخ 25/3/2015 في مدينة جرش. اتهم بمخالفة قانون المطبوعات والنشر و ب"تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية". تم تحويله إلى محكمة أمن الدولة. يعاني من شلل دماغي وآلام في الظهر (معززة بتقارير طبية). لم توفر له الأدوية، وتعرّض لمعاملة قاسية من قبل إدارة مركز الأصلاح والتأهيل "باب الهوا" (إربد). محاميه هو الأستاذ طاهر نصار. تم منع الزيارات عنه.
الحالة السابعة : تتعلق بالشاب محمد عاطف حسن المحيسن (19 سنة). اعتقل في مدينة إربد بتاريخ 31/7/2015. وقد أمضى والده بضعة أيام وهو يبحث عنه في مراكز الأمن المختلفة. تعرَض الشاب للضرب والشتم والإهانة. ومما جاء في الشكوى التي قدمها والده : "رأيت منظراً ينتفي بَعده أي معنى للإنسانية" ؛ وأضاف : ": "شاهدنا شاباً ممدداً على الأرض وملطخاً بالدم ـ واضح أنه تعرض للضرب في مكتب النقيب ـ وأن أحد افراد البحث الجنائي واضع قدمه على رقبته ويقول له إعترف أحسن ما أرجع أنزّلك تحت واخلّيهم يحطو فيك ضرب حتى تنسى حليب امك يا كلب". (في مديرية الأمن العام / البحث الجنائي). بعثت الجمعية برسالة إلى وزير العدل بخصوص هذه الحالة تحمل الرقم 17/م م م /2015 تاريخ 19/8/2015. ولم تستلم أي رد. كما بعثت بنسخة من الشكوى إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي تابع الموضوع، ولكن لا نعلم شيئاً عن النتائج، أي هل فتح تحقيق مستقل بتلك الوقائع وهل تم إنزال العقاب العادل بالذين مارسوا التعذيب ؟
الحالة الثامنة : تتعلق بالمواطن المرحوم عمر محمد كامل النصر، من سكان عمان عمره يقارب الخمسين عاماً. توفي تحت التعذيب لدى البحث الجنائي بتاريخ 30/9/2015. بعثت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان برسائل بخصوص هذه الحالة بتاريخ 2/10/2015 إلى كل من وزير العدل والمركز الوطني لحقوق الإنسان والمنسّق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء. والقضية لا تزال قيد المتابعة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير (14/10/2015).
هذه الحالات وغيرها الكثير مما هو متوفر لدى منظمات حقوق الإنسان الأردنية والعربية والأجنبية تثبت وللمرة الألف بأن التعذيب ـ وكما اكّد مقرر الأمم المتحدة مانفريد نوفاك قبل عشر سنوات تقريباً ـ يُمارس بصورة منهجية في الأردن، وليست "مجرد ممارسات فردية"، كما يزعم المسؤولون الأردنيون منذ أكثر من عشرين سنة. للأسف لم يتغيّر الوضع كثيراً في هذا المجال منذ عام 1991.
باتت الحاجة ماسة جداً لكي يتوقف الأردن عن ممارسة التعذيب نهائياً في المراكز الأمنية والسجون الخاضعة للسلطات الحكومية، حتى وإن لم يكن ذلك يعكس "سياسة رسمية معلنة ومعتمدة". باتت الحاجة ماسة جداً لكي يبدأ الأردن الرسمي بإحترام دستوره والإلتزامات الدولية التي تعّهد بها من خلال التصديق على الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. وهذا يتطلب العمل وبأسرع وقت ممكن تكييف النظام القانوني الأردني بما ينسجم وبنود الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وإتخاذ جميع الإجراءات الإدارية والتنظيمية والعملية لمنع وقوع التعذيب وتعويض ضحاياه والحيلولة دون إفلات مرتكبيه من العقاب.
|