غابت الحركة السياسية في عطلة عيد الإستقلال ونهاية الأسبوع لكن الضجة التي أحدثتها الأنباء والشائعات الكثيفة عن لقاء جمع في باريس الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية قبل أيام ظلت حديث الصالونات والمنتديات السياسية، وراجت تكهنات فحواها أن الرئيس الحريري استدعى إلى مقر إقامته الموقت في الرياض عدداً من أركان "تيار المستقبل" ليبحث معهم في احتمال تأييد ترشيح النائب فرنجية للرئاسة.
لكن المعلومات التي توافرت لـ"النهار" من مصادر ثقة ذكرت أن لقاء باريس لم يحصل في الواقع، خلافاً لكل ما ذهبت إليه الأنباء الصحافية والإعلامية، وأوضحت هذه المصادر أن الإجتماعات التي انعقدت في الرياض لم تكن مخصصة للبحث في هذا الموضوع، وإن كانت تطرقت إليه من ضمن قضايا أخرى تركز عليها البحث، ولا سيما منها دعوة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى "تسوية سياسية شاملة" والسبل الفضلى للتعامل معها من زاوية أنها يمكن أن تفتح أفقاً للحل إذا ما توافرت الظروف والإرادات لإنجاح التسوية.
وأضافت المصادر أن ذلك لا يعني عدم وجود اتصالات بين الحريري وفرنجية، فهي قائمة ومستمرة، لكنها تحتاج إلى استكمال والتعمق في مواضيع متعددة داخلية وخارجية ، تختلف حيالها وجهات النظر وتتباعد. وليست المسألة تالياً ببساطة أن يتفق رئيس "المستقبل" وزعيم "المردة" على أن يكون أحدهما رئيساً للجمهورية والآخر رئيساً للحكومة، بل هي أكبر بكثير، علماً أن اللقاء بينهما يمكن أن ينعقد فعلاً لتتويج نتائج الإتصالات القائمة في حال تكللت بالنتائج.
وبطبيعة الحال، تقول المصادر أن الرئيس الحريري يستشير حلفاؤه تباعاً في هذه المسائل وقد بدأ بالحلقة الأقرب أي من البيت الداخلي لـ"المستقبل"، وسوف تشمل مشاوراته الحلفاء في قوى 14 آذار إلى الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي توجه مساء امس والوزير وائل ابو فاعور الى باريس للقاء الحريري وسواهم انطلاقاً من اقتناعه بوجوب السعي بلا كلل إلى ملء الشغور الرئاسي مقدمة لإعادة المؤسسات الدستورية إلى العمل الطبيعي.
على صعيد آخر، تبددت المخاوف من تهديدات مزعومة لتظيم "داعش" عبر وسائل التواصل الإجتماعي تستهدف لبنان ولا سيما "يوم العمل الرعوي" الذي ألغته جامعة الروح القدس- الكسليك أمس. وأكدت مصادر أمنية أن هذه التهديدات غير جدية واستغربت الزج باسم الجيش في معرض الحديث عن صحة هذا التهديد، مشيرة إلى حصول احتفال كبير في عنايا – جبيل، وأيضاً إلى يوم فرح شعبي في منطقة مار مخايل في بيروت، وأيضاً إلى تسيير تظاهرات لطلاب حزب الكتائب و"الحراك المدني " في وسط بيروت مناسبة عيد الإستقلال وعشرات الإحتفالات والتجمعات الشعبية لأسباب دينية ومدنية في كل المناطق اللبنانية، الأمر الذي يؤكد أن الناس ليسوا في حال قلق ويدركون أن الوضع الأمني ليس مهتزاً في البلاد.
ونفت المصادر أن يكون أي جهاز أمني قد أكد صحة التهديد إلى جامعة الروح القدس، وتخوفت جهات سياسية أن يكون ثمة من يتقصد إشاعة جو من الخوف في البيئات اللبنانية قبل أيام من حلول شهر الأعياد .
في هذاالوقت ، انتهت قضية تغيير مسارات الطائرات المدنية المغادرة مطار الرئيس رفيق الحريري والواصلة إليه بانتهاء المناورات البحرية والجوية الروسية وفقاً لما أعلنه وزير الأشغال العامة غازي زعيتر.
إلا أن الحدث البارز المتعلق بلبنان كان مصدره واشنطن في الساعات الماضية، إذ أقر مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة ديموقراطي والجمهوري من الحزبين المشروع قرار ضد "حزب الله" يشدد الخناق عليه وعلى المؤسسات المالية والأفراد الذين يدعمونه، كما ربط أنشطة الحزب المزعومة بتهريب المخدرات بالعقوبات الأميركية الجديدة عليه. ويجيء هذا القرار بعد أربعة أشهر على الاتفاق النووي الإيراني، وهو يرمي بعرض الحائط أي فرص لإعادة النظر أميركياً في موضوع "حزب الله".
ويدعو القرار إلى إجبار الخارجية الأميركية على التعريف بوسائل الإعلام الداعمة للحزب والتي تموله ، "مثل المنار وتوابعها"، في تقرير سنوي وتحديد الأطراف الداعمة بالاسم ، والطلب من وزارة الخزانة فرض شروط قاسية على فتح أي حساب لأي جهة خارجية تسهل تعاملات "حزب الله" أو تغسل أموالاً للحزب أو "تتآمر" بارسال تحويلات لأشخاص أو مؤسسات على صلة بالحزب.كما يطلب القرار تقارير عن "إدراج حزب الله كمنظمة تهريب مخدرات أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود". كما يطالب الرئيس الأميركي ووزارة الخارجية بإرسال تقارير إلى الكونغرس عن نشاطات "حزب الله" المالية وفي مجال تنظيم تهريب المخدرات . وجاء في الفقرة الأخيرة منه: " إجبار الرئيس على رفع تقارير إلى الكونغرس حول: الدول التي تدعم "حزب الله"، حيث للحزب شبكات لوجيستية وشبكة تبرعات وتمويل وغسل أموال. ورفع تقارير عما اذا كانت هذه الدول تأخذ الاجراءات الكافية لضرب شبكة "حزب الله" التمويلية". |