الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٨, ٢٠١٥
المصدر : جريدة الحياة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تفجيرات باريس: خيط استخباراتي مغربي قاد التحقيق إلى حي مولانبيك البلجيكي
باريس- رندة تقي الدين وآرليت خوري؛ بلجيكا، لندن – «الحياة»  
مع اتساع نطاق التحقيقات والملاحقات في إطار اعتداءات باريس، طلبت فرنسا المساعدة من الدول الأوروبية بموجب معاهدة مشتركة، لدعمها في عمليات لمحاربة الإرهاب في العراق وسورية وصولاً إلى غرب أفريقيا. ووصلت حملة الملاحقات لمشبوهين بالتورط في اعتداءات باريس، إلى مدينة أخن الألمانية، حيث اعتقلت الشرطة ألمانيَّيْن وثلاثة أجانب هم امرأتان ورجل، فيما استمرت الأجهزة البلجيكية والفرنسية في ملاحقة الفرنسي البلجيكي المولد صلاح عبدالسلام الذي نفذ شقيقه إبراهيم الهجوم الانتحاري في مسرح باتاكلان خلال مسلسل الاعتداءات الدموية في باريس يوم الجمعة الماضي.

ودهم المحققون الفرنسيون مخابئ استخدمها منفذو اعتداءات باريس الثمانية، وعثروا في داخلها على أسلحة ومواد كيماوية تستخدم في صنع متفجرات، كما عثروا على سيارة أخرى استخدمت في الاعتداءات وهي من طراز «رينو» وتحمل لوحة بلجيكية ويعتقد أن عبدالسلام تركها خلال فراره مستقلاً سيارة صديق من بلجيكا استنجد به. واعتقلت أمس عشرة مشبوهين أضيفوا إلى 23 موقوفاً غداة الاعتداءات. كما ركزت الأجهزة في بلجيكا تحقيقاتها وملاحقاتها في ضاحية مولانبيك التي شكلت ملاذاً مهماً للخلية المتورطة بالاعتداءات.

وأمام كم هائل من الأدلة والخيوط التي تقود الى «داعش» في الرقة وتحديداً الى عبد الحميد أباعود الذي وصف بأنه صديق عبد السلام، برزت دعوات في الولايات المتحدة وكندا الى وقف استقبال اللاجئين السوريين تحسباً لتسلل إرهابيين بينهم، فيما جددت الأمم المتحدة التحذير من تحويل اللاجئين «كبش فداء للإرهاب».

وطلبت فرنسا من الاتحاد الأوروبي تفعيل «معاهدة برشلونة» التي تتيح لها الحصول على مساعدة عسكرية في مهماتها ضد الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إن الطلب يهدف الى تخفيف بعض العبء عن بلاده التي تقوم بأكبر نشاط عسكري بين الدول الأوروبية. وأكد في مؤتمر صحافي أثناء اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، أن دول الاتحاد قبلت طلب فرنسا و «يتوقع أن يقدم الجميع المساعدة بسرعة في مناطق مختلفة».

وأبلغت مصادر في بروكسيل «الحياة» أن الطلب الفرنسي لا يعني تجاوباً فورياً من الدول المعنية التي قد يضطر بعضها الى نيل موافقة برلماناته، للقيام بعمليات عسكرية في الخارج، لكن المصادر ذاتها رأت أن التجاوب الأوروبي مع الطلب الفرنسي يرتبط بمدى خطورة المعطيات التي تقدمها باريس، والصفة الطارئة التي تلحقها بطلبها. وقالت المصادر إن اعتداءات باريس ستدفع بلا شك في اتجاه تقديم دعم مادي وسياسي للفرنسيين في تحركهم ضد الإرهاب في مناطق مختلفة.

في المقابل، أعلن هولاند أنه سيلتقي الرئيس الأميركي باراك اوباما في واشنطن الثلثاء المقبل، كما يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 26 الشهر الجاري، لمناقشة تشكيل تحالف دولي واسع ضد «داعش». وصرح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بأن أجهزة الأمن مستمرة في التضييق علي العناصر الإرهابية المعروفة لديها والتي من شأنها أن تمثل تهديداً أمنياً ونفذت 128 عملية دهم جديدة في مناطق فرنسية مختلفة. ووصفت مصادر قضائية فرنسية صلاح عبد السلام، الفار، بأنه «منسق اعتداءات باريس»، مشيرة إلى أنه «عنصر خطر»، وقد يكون قيد الإعداد لعمليات إرهابية جديدة بالتنسيق مع أباعود الذي يعد المسؤول عن عمليات «داعش» في أوروبا وفرنسا، والأخير كان أيضاً من سكان مولانبيك حيث يمتلك والده متجراً.

وفي لندن حضر رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون والامير وليام المباراة الودية لمنتخب انكلترا مع نظيره الفرنسي مساء على ملعب ويمبلي في تضتامناً مع فرنسا. وحضر المباراة ايضاً الامير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الاردني والمرشح لانتخابات رئاسة الاتحاد الدولي. وألغت الشرطة الألمانية مساء أمس مباراة ودية بين ألمانيا وهولندا في هانوفر لمخاوف أمنية.

التحقيقات تركز على ملاحقة مهاجم فار في بلجيكا وتحديد هوية آخر الانتحاريين

بعد 4 أيام على اعتداءات باريس التي أسفرت عن 129 قتيلاً، تواصلت حملة مطاردة الفرنسي صلاح عبد السلام، المشبوه في أنه أحد المنفذين الثمانية للعملية التي تبناها تنظيم «داعش»، والتعرف إلى آخر الانتحاريين.

وزار وزير الخارجية الأميركي جون كيري باريس لتقديم دعم الولايات المتحدة، وناقش مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سبل تعزيز التعاون ضد «داعش»، مؤكداً «تصميم» الحليفين على محاربة التنظيم وهزيمته». أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فأبلغ هولاند في اتصال هاتفي أن «محاربة داعش بكل قوتنا أمر بالغ الأهمية».

وسيزور هولاند واشنطن وموسكو الأسبوع المقبل للقاء الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين، ومحاولة التوصل إلى تحالف موحد ضد التنظيم.

ونفذت قوات الأمن الفرنسية 128 عملية دهم ليل الاثنين - الثلثاء، في إطار حال الطوارئ المعلنة في البلاد منذ اعتداءات باريس الجمعة، واعتقلت عشرة مشبوهين أضيفوا إلى 23 موقوفاً احتجزوا في 168 عملية دهم شملت 19 مقاطعة ليل الأحد - الاثنين. وضبط 31 قطعة سلاح في العملية.

وفتشت الشرطة الفرنسية سيارة من نوع «رينو كليو» يشتبه في أن المهاجمين استعملوها، وعثرت على سيارة مشبوهة ثالثة مرخصة في بلجيكا في الضاحية 18 شمال باريس. كما فتـــشت منــزلاً في ضاحية بوبيني استأجره أحد الانتحاريين من دون أن تعثر داخله على دليل ذي فائدة.

إلى ذلك، أعلن مصدر قريب من التحقيق أن جواز السفر الذي عثر عليه قرب جثة جهادي فجر نفسه قرب ستاد دو فرانس شمال باريس قد يكون لجندي من قوات النظام السوري قتل قبل أشهر في سورية.

وكان مهاجر استخدم الوثيقة عند تسجيل اسمه في جزيرة ليروس اليونانية في 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وغادر حامل الجواز الذي يجري التحقق من هويته، اليونان في تاريخ غير معروف، ورصد للمرة الأخيرة في كرواتيا بعد أيام على تسجيل اسمه في اليونان.

وكانت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان طالبت بعد العثور على جواز السفر بـ «التوقف فوراً عن استقبال مهاجرين».

وذكر مصدر مقرب من التحقيقات أن فرنسياً يدعى فابيان كلان سجل الشريط الصوتي لتبني «داعش» اعتداءات باريس، وجرى بثه على الإنترنت.

وقال المصدر إن كلان (35 سنة) كان أحد عناصر الشبكات الإسلامية المتطرفة في مدينة تولوز، وكان مقرباً من محمد مراح الذي قتل سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال يهود في 2012.

ونشأ كلان وشقيقه جان ميشال في تولوز، واعتنقا الإسلام ثم انتقلا إلى التطرف في مطلع الألفية، وتقربا من مجموعة إسلامية يتزعمها فرنسي من أصل سوري يدعى أوليفييه كوريل أكبر منهما سناً واعتبراه مرشدهما الروحي.

ويشتبه في أن فابيان كلان، ولقبه عمر، هو أحد منظمي شبكة تجنيد لقتال القوات الأميركية في العراق. وحكم عليه بالسجن خمس سنوات في 2009. وخلال سجنه ضبطت السلطات رسالة كان وجهها إلى محمد مراح الذي تعرف إليه قبل ذلك ببضع سنوات.

وبعد الإفراج عنه، توجه فابيان كلان إلى سورية مع أفراد من المجموعة المتطرفة في تولوز. وظل هناك على اتصال مع طالبي جهاد في فرنسا، وهو يعتبر أحد المحرضين على الاعتداء الفاشل في نيسان (أبريل) ضد كنيسة في فيلجويف (منطقة باريس) الذي قاده الجزائري سيد أحمد غلام.

وفي إطار الملاحقات المستمرة في بلجيكا لـ «شركاء» العملية الفرنسية، نشرت وزارة الداخلية مزيداً من الصور للفرنسي صلاح عبد السلام، الشقيق الأصغر لإبراهيم أحد انتحاريي باريس، والذي يشتبه في أنه المهاجم الثامن، مع احتمال تلقيه مساعدة من 4 أشخاص على الأقل.

وعثرت الشرطة على طلقات رصاص لبندقية كلاشنيكوف ومادة نترات الأمونيوم الكيماوية يمكن استخدامها في صنع قنبلة داخل منزلين في بروكسيل مكث فيهما موقوفان على صلة باعتداءات باريس.

ونفى الرجلان شراء المادة التي تستخدم كأسمدة لصنع متفجرات، فيما قال محاموهما إنهما بريئان، وتورطا بالقضية لأنهما سافرا بسيارة إلى باريس السبت لإحضار صلاح عبد السلام بعدما اتصل بهما بحجة تعطل سيارته.

وألغى الاتحاد البلجيكي لكرة القدم «لأسباب أمنية» مباراة ودية بين المنتخب الوطني وإسبانيا كانت مقررة في بروكسيل.

في ألمانيا، اعتقلت الشرطة في مدينة اخن (غرب) ثلاثة مشبوهين في علاقتهم باعتداءات باريس، في حين كشفت وزيرة الداخلية النمسوية يوهانا ميكل لايتنر أن المشبوه صلاح عبد السلام سافر إلى النمسا من ألمانيا في أيلول (سبتمبر) الماضي «لأسباب غير معروفة».

 

تهديدات الانترنت

في بريطانيا، أعلن وزير المال جورج أوزبورن أن أجهزة الاستخبارات في بلاده تطور القدرة على شن هجمات إلكترونية على الإرهابيين والمتسللين والدول المارقة، محذراً من أن مقاتلي «داعش» يريدون شن هجمات إلكترونية توقع قتلى.

وأشار إلى أن مقاتلي التنظيم يحاولون تطوير القدرة على مهاجمة البنية الأساسية لبريطانيا، مثل المستشفيات وأنظمة التحكم في المسارات الجوية، «ما قد يجلب عواقب مميتة».

وقال في كلمة له أمام مركز جمع المعلومات الاستخباراتية الرئيسي في بريطانيا: «سندافع عن أنفسنا، لكننا سننقل القتال إليكم. الدفاعات القوية ضرورية لأمننا على المدى الطويل. لكن القدرة على الهجوم شكل من أشكال الدفاع».

وأكد أوزبورن، وهو حليف لرئيس الوزراء ديفيد كامرون، إن اعتداءات باريس أظهرت الحاجة إلى تحسين حماية بريطانيا من الهجمات الإلكترونية. وقال: «يستخدم داعش فعلاً الإنترنت لأغراض دعائية شائنة لنشر التطرف وتخطيط عمليات أيضاً، وهم غير قادرين حتى الآن على استخدامه لقتل الناس لكنهم يبذلون قصارى جهدهم لفعل ذلك. وحين نتحدث عن التصدي للتنظيم يعني ذلك التصدي لتهديدهم الإلكتروني إضافة إلى تهديدهم بشن هجمات بأسلحة وقنابل وسكاكين».

وأعلن أوزبورن مضاعفة الإنفاق على الأمن الإلكتروني وصولاً إلى 1.9 بليون جنيه استرليني خلال الفترة حتى 2020، وقال: «من الصواب أن نختار الاستثمار في دفاعاتنا الإلكترونية حتى حين نقلص مخصصات إنفاق أخرى. الإنترنت هو محور حساس لضعف محتمل».

كما أشار إلى أن عدد العاملين بوكالة الاستخبارات البريطانية سيزيد بنسبة 15 في المئة.




 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة