الاحد 28 تشرين الثاني 2010
عمان ـ خليل رضوان
يكتمل المشهد السياسي في الأردن اليوم عبر اللقاء الاول للسلطتين التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية (مجلس الامة بشقيه النواب والأعيان)، ويستهل بخطاب للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يحدد فيه اولويات الحكومة المستقبلية.
وتنتظر حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي الثانية التي شكلها الأربعاء الماضي، ملفات شائكة ومعقدة، غالبيتها مرحَّلة من حكومته الأولى والحكومات السابقة، ومن أبرزها تنفيذ برامج الإصلاح السياسي والملف الاقتصادي والعلاقة مع مجلس النواب.والملفات هذه خلافية، وخاصة الإصلاح السياسي في البلاد المطروح منذ عام 1989، والذي شهد منذ طرحه تراجعا سريعا وتعرضت مسيرته لحزمة ضربات وتشريعات وإجراءات مبرمجة.
كذلك تكمن صعوبة الإصلاح في كون تطبيق الإصلاح السياسي في الأردن لن يأتي بسهولة، خصوصا في ظل وجود انقسام على الإصلاح الذي يصنف على انه انقسام عمودي وأفقي. وقد تطرق للإصلاح كتاب رد حكومة الرفاعي على كتاب التكليف السامي الذي انتقد بوضوح تعثر الإصلاح، حيث أكد رئيس الوزراء عزم حكومته على "المضي قدما في تنفيذ برامج الإصلاح والتحديث والتطوير"، وفق برامج تنفيذية، وآلية توفر ما يلزم من معايير لقياس الأداء وضمان الإنجاز.
إلا أن تأكيدات الحكومة، قابلتها تحذيرات، تعود الى عوامل وأسباب تراجع الإصلاح السياسي منذ البداية، خصوصا أن هذه العوامل ما زالت حاضرة وذات وزن فاعل ومؤثر في المشهد السياسي الأردني ليومنا هذا، ويمكن لها أن تشكل تحدياً موضوعياً للعملية برمتها، يعيق زخمها ويغير من مسارها وهويتها.
ورغم أن عملية الإصلاح، شأن داخلي أردني، إلا ان مراقبين يعتبرون أن مسيرة التسوية السياسية في المنطقة تعد على رأس العوامل المؤثرة في عرقلة مسيرة الإصلاح وتشذيبها، إذ ان مخرجات الحل النهائي المتعلقة بمسيرة التسوية للقضية الفلسطينية، لجهة أن ما يقارب من نصف الشعب الأردني، والذين هم من أصول فلسطينية، لا يزالون يشكلون مادة للحوار والحسم على طاولة مفاوضات الحل النهائي، تحت عنوان عودة اللاجئين وتعويضهم، وفي الأمر إشارة واضحة إلى أن مسألة حسم الهوية في الكيانات القائمة والمحتملة ما زال قيد البحث.
الى جانب ذلك، هنالك قوى تقليدية مستفيدة من هذا الواقع، ومن فساده السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما أن هذه القوى تمتاز بسيطرتها على مفاصل هذا الواقع، ما قد يقود الى القول بأنها المتضرر الأول من عملية الإصلاح السياسي، والتي بموجها سيعاد توزيع السلطة والقوة وربما الثروة في المجتمع. وهكذا حالة دفعت هؤلاء المتضررين باتجاه تشكيل ممانعة حقيقية ومصيرية لعملية الإصلاح، وساعدهم في ذلك مواقعهم المفصلية في النظام السياسي وكذلك توقيت تحالفهم مع توجه النظام السياسي إبان فترة التسوية، مما مكنهم من إبقاء حالة السبات العام في المشهد السياسي، لتتضافر في حينها قوى الإعاقة وتتوحد صفوفها وتحقق ما تريد. ولعل ما يبرر إطلاق وصف "المعقد والصعب" على الملف السياسي، بحسب مراقبين، هو صعوبة وتعقيد "الملف الاقتصادي"، إذ أن الحكومة، خصوصا الفريق الاقتصادي فيها، ينتظر تحديات كبيرة سواء في المالية العامة أو على مستوى الاقتصاد الكلي.
وتظهر أرقام موازنة الدولة 2011 ، ان حجم العجز يبلغ 1,5 مليار دولار بعد تسلم المنح الخارجية بارتفاع نسبته 3,6% و1,9 مليار قبل المنح، انخفاض نسبته 7,1%، في وقت تشير المعلومات الى أن حجم المساعدات والمنح العربية والخارجية يتناقص.
الى جانب تراجع معدلات النمو الاقتصادي مقارنة بالسنوات الخمس الماضية بالمتوسط عند 5%، ما يشكل ضرورة لمعالجة الأوضاع والنهوض بالاقتصاد. وتؤكد مصادر رسمية أن رئيس الوزراء الرفاعي سيتولى إدارة الملف الاقتصادي بنفسه إلى جانب الوزراء المعنيين في مسعى لتحقيق إنجازات تنعكس إيجابا على مسيرة الاقتصاد الوطني. وهو ما تشير اليه معطيات تشكيلة الحكومة الجديدة، من حيث خروج نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور رجائي المعشر الذي كان يتولى مهمة إدارة الفريق الاقتصادي، من تشكيلة الحكومة، والإبقاء على الطاقم الوزاري الاقتصادي.
وأصدر رئيس الوزراء سمير الرفاعي حديثاً بلاغاً، لإعداد الموازنة العامة لمشروع قانون الموازنات الموحدات الحكومية للسنة المالية 2011 بسقف إجمالي 6239 مليون دينار ما يعادل أكثر من 8,7 مليارات دولار.مقارنة مع 5875 مليون دينار بارتفاع مقداره 364 مليون دينار أي بزيادة نسبتها 6,2%.
وقال نائب رئيس الوزراء الناطق الرسمي للحكومة أيمن الصفدي في أول تصريح له، ان هنالك آلية برامجية ومعايير حقيقية لقياس الأداء، "فعندما تعمل الحكومة وفق برامج وتضع مواقيت وأهدافا ومعايير فمن السهل التقييم وفق هذه المعايير بعد شهر او شهرين، ويمكن القول حينها ان هذا الملف أنجز وان هذا الملف لم ينجز وينظر الى سبب عدم الإنجاز إذا لم يتحقق وبالتالي اتخاذ الخطوات اللازمة".
وأشار الى ان البرنامج التنفيذي التنموي للحكومة للأعوام 2011 2013 وضع أكثر من 600 مؤشر قياس للأداء، ومن اجل ضمان التقدم نحو هذا العمل يجب عدم إضاعة الوقت في مواجهة التحديات وبالتالي ينبغي ان تكون المرحلة مرحلة شراكة متكاملة بين الحكومة ومجلس النواب.
|