رام الله – محمد هواش تميزت الهبّة الفلسطينية أمس باتساع نطاقها في يوم غضب جديد لتشهد مسيرات شعبية واسعة ومواجهات في معظم المدن والقرى بالضفة الغربية وقطاع غزة.
واسترعى الانتباه أن مستوطنين حاولوا طعن حاخام هو زكريا السدة من منظمة "حاخامون من أجل السلام" في قرية بورين جنوب نابلس حيث كان يساعد الفلاحين في قطف الزيتون. وحاول مستوطن دهس فلسطيني في منطقة بيت لحم.
وفي قرى عدة بغرب رام الله وشرقها، وفي قرية نعلين بغرب المدينة، أصيب عشرات الفلسطينيين بالرصاص في مواجهات في مدخل رام الله عند مركز بيت ايل، وكذلك في منطقة بيت لحم عند مسجد بلال بن رباح ومخيم عايدة والخضر، احتجاجاً على الإجراءات الاسرائيلية بإقفال المناطق بالكتل الاسمنتية والسواتر الترابية.
وعلى رغم رفع قيود السن عن دخول المسجد الأقصى، مُنع كثيرون من الصلاة في المسجد الأقصى على خلفية إقفال الأحياء وبلدات المدينة وشوارعها. وتحولت المدينة القديمة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية بفعل الانتشار العسكري الواسع. وفي الخليل سجلت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وجنود اسرائيليين، وكذلك في مخيم العروب وبيت لحم وقلقيلية. وهاجم مستوطنو يتسهار بعض منازل قرية مادما جنوب نابلس.
وفي غزة أصيب 20 فلسطينياً برصاص جنود اسرائيليين. وتجددت المواجهات قرب معبر بيت حانون في شمال القطاع وقرب موقع ناحل عوز العسكري وشرق مخيم البريج وفي منطقة الفراحين. وأطلق جنود اسرائيليون قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط والحي على فلسطينيين حاولوا الاقتراب من السياج الفاصل.
وشارك آلاف من الفلسطينيين في مسيرة بمخيم النصيرات وسط القطاع دعت إليها حركتا "الجهاد الإسلامي" والمقاومة الإسلامية "حماس" من أجل "مواصلة الانتفاضة وعدم الاستجابة لدعوات التهدئة ورفض الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري لاجهاض الانتفاضة".
رفع القيود على دخول المصلّين الفلسطينيين المسجد الأقصى مواجهات الضفة مستمرة والسلطة تريد تسوية جذرية على رغم تخفيف القيود المفروضة عى المصلين في المجسد الأقصى منذ منتصف أيلول، لم يمر أمس من دون مواجهات جديدة باتت أمراً شبه يومي في مدن الضفة الغربية، وذلك بعدما دعت الفصائل إلى يوم غضب جديد.
أصيب 19 فلسطينياً برصاص الجيش الاسرائيلي في مواجهات في أماكن مختلفة في الضفة، خصوصاً مدن نابلس والخليل ورام الله وبلدة نعلين بغربها ومخيم الجلزون. وبين الجرحى أربعة اصيبوا بالرصاص الحي في اطرافهم السفلية، وكذلك أصيب ثلاثة في رام الله في إطلاق نار، أحدهم ولد في حال الخطر.
وتعرض العشرات لحالات اختناق وإغماء نتيجة قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقها الجيش الاسرائيلي بكثافة لتفريق عشرات المتظاهرين شمال مدينة البيرة التي تشهد مواجهات يومية منذ مطلع تشرين الأول. وألقى شبان حجارة بأيديهم وبالمقاليع على جنود اسرائيليين ردوا عليهم بعنف. وفي الخليل أصيب ستة فلسطينيين بالرصاص الحي، وشابان بالرصاص المطاطي في الرأس.
وطُعن جندي اسرائيلي قرب السياج الأمني في غوش عتصيون، مجمع المستوطنات في جنوب القدس. وأصيب المهاجم مصعب غنيمات (17 سنة) في رد بالنار من جنود اسرائيليين، وهو من قرية بيت صوريف المجاورة. والخميس هاجم شابان فلسطينيان من تلك القرية بسكين رجلاً في بلدة بيت شيمش قبل اطلاق النار عليهما، مما ادى الى مقتل أحدهما واصابة الآخر. ومنذ بداية الهبة الشعبية مطلع تشرين الأول، قتل 50 فلسطينياً وشخص من عرب اسرائيل، إلى عشرة اسرائيليين. كما قتل أريتري بأيدي اسرائيليين كانوا ظنوا أنه منفذ هجوم بئر السبع.
وأفادت الشرطة الاسرائيلية أن الاسرائيلي الذي طعن أشخاصاً قبل اسبوعين وأصاب أربعة عرب بجروح في بلدة ديمونا الجنوبية، سيوجه اليه الاتهام بشن "اعتداءات جسيمة"، و"ليس اتهامات تتعلق بالارهاب". وصف سياسيون اسرائيليون ما قام به بأنه "إرهاب"، معتبرين أنه يجب ان يعامل مثل أي مهاجم آخر، ذلك أن توجيه اتهامات أقل من شأنه اشاعة احساس بين الفلسطينيين بأن اسرائيل تطبق معايير مزدوجة.
ونشرت جماعة "بتسليم" الاسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان شريطاً يظهر جنوداً اسرائيليين يضربون الفلسطيني انصار العاصي (25 سنة) ويركلونه بضع دقائق وهو مرمي أرضاً في منشأة تخزين. وقالت إن هذا الشريط التُقط في 6 تشرين الأول في بلدة البيرة بالضفة الغربية، وأن العاصي كان يعمل في المكان، وعلى مقربة منه كان هناك مواجهات بين فلسطينيين وجنود اسرائيليين. وأقر الجيش الاسرائيلي بصحة الشريط وقرر التحقيق في ما ورد فيه. ويظهر العاصي يدخل إلى المنشأة حاملاً صندوقاً، ثم يقف ويتطلع خلفه ليرى جنوداً اسرائيليين يهرعون خلفه، يضربونه ويجرونه خارجاً.
وقالت "بتسليم" إن الشاب الفلسطيني خضع لعلاج طبي واحتُجز بعدما زعم جنود اسرائيليون أنه كان يرشق بعضهم بالحجار. وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة دعت الى مزيد من الاحتجاجات والمواجهات في الضفة الغربية.
واستبق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في عمان اليوم السبت بالقول إن أي "جهود للتهدئة في المنطقة لن تنجح من دون معالجة الأسباب الرئيسية للتوتر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية وسيكون ذلك بمثابة مجرد حديث علاقات عامة للإعلام". وحدد شروط الجانب الفلسطيني للتهدئة، وهي إنهاء احتلال والاستيطان والعقوبات الجماعية وهدم المنازل والإعدامات الميدانية ومحاولات تقسيم المسجد الاقصى.
الأقصى وفيما تواجه اسرائيل ضغوطاً دولية، آخرها من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتتكثف الجهود الدولية للتوصل إلى تهدئة، رفعت القيود على دخول المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، مما سمح للمسلمين من كل الأعمار كافة بأداء الفريضة، بعدما كان يُحظر دخول المصلين الذين تقل أعمارهم عن 50 سنة. وقدر مدير الوقف الإسلامي عزام الخطيب عدد المصلين بنحو 25 ألفاً، أي خمسة أضعاف عددهم الأسبوع الماضي. وفي المقابل، تحدثت الشرطة الاسرائيلية عن وجود نحو 30 ألف مصل.
وروى بعضهم أن "انعدام الاحترام ظل سائداً على الحواجز، وكذلك عمليات التفتيش المذلة". وقال احدهم :"يخشى الجميع أنه أثناء التفتيش، إذا قام شخص بحركة خاطئة، يمكن تعرضه للنار. الوضع رهيب".
وساهمت الهبة الأخيرة والقيود الاسرائيلية التي تلتها في تضييق فرص العمل على الفلسطينيين ، وخصوصاً أبناء القدس الشرقية. وقال محمد (29 سنة) إن الاسرائيليين مسؤولون، "نحن بلا عمل، لو كان هناك أعمال، وكان الناس بحوزتهم مال، لما حدث أي شيء".
وقف هدم منازل وفي غضون ذلك، أصدرت المحكمة الاسرائيلية العليا أوامر احترازية موقتة منعت بموجبه الجيش الاسرائيلي من هدم ستة منازل في الضفة الغربية لفلسطينيين متهمين بقتل اسرائيليين حتى جلسة مقبلة في 29 تشرين الأول. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر عملية هدم منازل الناشطين إجراء عقابياً لمنفذي الهجمات وعمليات الطعن.
ومنذ 15 تشرين الأول، أصدرت السلطات الاسرائيلية تسعة أوامر بهدم منازل ناشطين فلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بينهم معتقلون من دون إدانة. وقرر الجيش الاسرائيلي هدم منازل فلسطينيين من نابلس يُشتبه في قتلهم المستوطنَين ايتام ونعمة هانكين. ورد نتنياهو على قرار المحكمة بأن هدم المنازل "من الأدوات الأكثر فاعلية".
|