أخفق وزراء الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير والتركي فريدون سنيرلي اوغلو في حل الخلاف في ما بينهم على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، في اجتماع عقدوه في فيينا أمس، لكنهم قد يجتمعون مجدداً في غضون أسبوع لمناقشة سبل إنهاء الحرب في سوريا.
وقال الوزراء للصحافيين بعد ذلك إنهم عجزوا عن تضييق شقة الخلاف الرئيسي بين واشنطن وحلفائها الذين يقولون إنه ليس للأسد مستقبل في سوريا وروسيا التي أظهرت مساندتها له باستضافتها إياه في موسكو هذا الأسبوع.
وفي تطور منفصل صرّح لافروف بأن روسيا والأردن اتفقا على تنسيق أعمالهما العسكرية في سوريا بإنشاء "آلية عمل خاصة" في العاصمة الأردنية عمان. وأقر كيري بعد الاجتماع الذي استمر قرابة ساعتين بالخلاف الأساسي. وقال إن "الخلافات لا تزال قائمة في ما يتعلق بالعملية السياسية لانتقال السلطة في سوريا"، ولكن قد يتسنى التوصل إلى حل. وتحدث عن إمكان إجراء مزيد من المحادثات في غضون أسبوع. وأضاف: "أنا مقتنع... بأن اجتماع اليوم كان بناء ومثمرا ونجح في الخروج ببعض الأفكار التي لن أكشف عنها اليوم ولكن يحدوني الأمل في أنها تنطوي على إمكان تغيير دينامية الوضع في نهاية المطاف".
وأوضح ان: "ما اتفقنا على عمله اليوم هو التشاور مع كل الأطراف والسعي للعودة الى الاجتماع ونأمل في أن يكون الجمعة المقبل في اجتماع أوسع من أجل استكشاف ما اذا كان ثمة توافق كاف لحث خطى عملية سياسية جدية". ولم يستبعد إمكان اشراك إيران في المحادثات في مرحلة ما.
ولم يود كيري أن يستدرج للحديث عن احتمال إشراك إيران في المحادثات ومتى يمكن أن يحصل ذلك. وأكد أنه لا يعارض الاتفاق العسكري بين الأردن - وهي حليف للولايات المتحدة - وروسيا، قائلاً: "ليس لنا أي تحفظ عن هذا الجهد وقد يساعد على التأكد من أن الأهداف المقصودة هي الأهداف التي يجب أن تكون".
لافروف وأفاد لافروف أن المشاركين في اللقاء الرباعي اتفقوا على صيغة الدعم الخارجي للعملية السياسية في سوريا. وأوضح أن الصيغة التي جرى الحديث عنها، ليست نهائية، مبرزاً ضرورة إشراك إيران ومصر في المشاورات المقبلة في شأن سوريا وقال: "دعونا إلى إجراء المشاورات اللاحقة بصيغة أكثر تمثيلا".
وشرح أن روسيا قدمت خلال اللقاء أفكاراً معينة حول التسوية في سوريا، وأبلغت المشاركين الآخرين نتائج زيارة الأسد لموسكو الثلثاء الماضي. وذكر أن جميع الوزراء اتفقوا على ضرورة الحفاظ على سوريا دولة موحدة علمانية ذات سيادة.
ونفى الأنباء التي أشارت إلى أن اجتماع فيينا ناقش موعد رحيل الرئيس السوري عن السلطة، وقال: "تروج شائعات مفادها أننا نتوافق هنا على أن الأسد سيرحل بعد فترة ما... والأمر ليس كذلك". وكرر ان "مصير الرئيس السوري ينبغي ان يقرره الشعب السوري"، معرباً عن رفض روسيا لتنحي الاسد.
وشدد في تصريح منفصل للصحافيين على وجوب توسيع هذا الاجتماع بحيث يشمل دولاً أخرى، وقال: "الاجتماع الرباعي غير كاف... يجب توسيعه". ولفت خصوصا الى الاعضاء الدائمين في مجلس الامن واللاعبين الاقليميين مثل مصر وايران وقطر الى الاردن ودولة الامارات العربية المتحدة.
الجبير وقال الجبير إن جميع الأطراف متفقون على ضرورة تسوية الأزمة بالوسائل السياسية على أساس بيان جنيف وفي موازاة مكافحة الإرهاب. وأوضح أن الخلاف الوحيد بين الأطراف يرتبط بضرورة رحيل الأسد والمرحلة التي يجب أن يرحل فيها. وأشار الى أن الدول الأربع اتفقت على مواصلة المشاورات في شأن سوريا.
موغيريني وأعربت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني، التي حضرت الى النمسا للمشاركة في اجتماع للرباعية الدولية حول الشرق الاوسط، عن "الامل في ان تكون ايران طرفا في عملية" التشاور في شأن سوريا. وكان النشاط الديبلوماسي في العاصمة النمسوية بدأ صباحا باجتماع بين الولايات المتحدة وتركيا والسعودية من غير ان يدلي أي من الوزراء بتصريحات. كما التقى بعد ذلك كيري ولافروف اللذان يحافظان على قناة اتصال على رغم تدهور العلاقات بين بلديهما.
العمليات العسكرية ميدانياً، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقراً له، إن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سيطروا على جزء من طريق يمر جنوب شرق حلب في تهديد لخط الإمداد الوحيد لقوات الجيش السوري في المدينة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "الدولة الإسلامية" سيطر على أجزاء من الطريق بين مدينتي خناصر وأثريا. وقال عبد الرحمن إن القتال لا يزال مستمرا في المنطقة. ولم تورد الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" شيئاً عن الطريق ، لكنها قالت إن الجيش ومجموعات محلية سيطرت على أربع قرى جنوب غرب حلب أمس.
وقالت وكالة "فارس" الايرانية شبه الرسمية للأنباء ان ثمانية ايرانيين بينهم عنصران في الحرس الثوري الايراني قتلوا أخيراً في سوريا، بعدما عززت طهران مهماتها الاستشارية لمساعدة النظام في دمشق. ونقلت عن الناطق باسم الحرس الجنرال رمضان شريف ان "عنصري الحرس الثوري الايراني عبدالله باقري وامين كريمي، قتلا امس واليوم خلال مهمة في سوريا". وباقري (33 سنة) كان الحارس الشخصي للرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد وقتل في مدينة حلب في شمال سوريا.
"داعش" قطع طريق إمداد رئيسياً للقوات النظامية إلى مدينة حلب غارات روسية على حمص واتفاق موسكو وعمان على تنسيق عسكري
قتل 14 مدنيا على الاقل في غارات جوية استهدفت حمص الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في وسط سوريا، ولم يعرف ما اذا كانت شنتها طائرات تابعة للنظام أو روسية، فيما تمكن تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) من قطع طريق حيوي لقوات النظام في شمال البلاد، تستخدمه لنقل امداداتها من وسط البلاد الى مناطق سيطرتها في مدينة حلب.
قال مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقرا له: "قتل 14 مدنيا بينهم ستة أ اطفال في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي جراء ثلاث غارات لم يعرف ما اذا كانت من طائرات حربية تابعة لقوات النظام أم روسية".
وتسيطر الفصائل المقاتلة على تلبيسة منذ عام 2012، وفشلت كل محاولات قوات النظام لاستعادتها مذذاك. وتكمن أهميتها في انها تقع على الطريق الرئيسية بين مدينتي حمص وحماه في وسط البلاد. وتخضع مدينة حماه لسيطرة قوات النظام التي تسيطر ايضا على مدينة حمص، مركز المحافظة، باستثناء حي الوعر المحاصر. وبدأت قوات النظام بإسناد جوي روسي هجوما بريا في ريف حمص الشمالي في 15 تشرين الاول في محاولة لقطع طرق امداد الفصائل بين المحافظتين.
وتشن موسكو منذ 30 ايلول غارات جوية في سوريا تقول إنها تستهدف "المجموعات الارهابية"، لكن الغرب يتهمها بعدم التركيز على "داعش" بل استهداف فصائل المعارضة الاخرى التي يصنف بعضها في خانة "المعتدلة".
وتحدث المرصد عن مقتل 446 شخصا بينهم 151 مدنياً جراء الغارات الجوية الروسية في سوريا منذ نهاية الشهر الماضي. وأوضح ان "بين القتلى المدنيين 38 طفلا و35 مرأة"، فيما يتوزع القتلى في صفوف المقاتلين البالغ عددهم الاجمالي 295 بين "189 مقاتلاً من الفصائل و31 على الاقل من جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) مقابل 75 مقاتلا من تنظيم الدولة الاسلامية".
وفي شمال البلاد أحصى المرصد "مقتل سبعة مدنيين يبنهم طفلان بالاضافة الى 11 عنصرا من تنظيم الدولة الاسلامية"، نتيجة اكثر من عشر غارات جوية "نفذتها طائرات حربية يعتقد انها روسية" الخميس على مناطق ومقار تابعة للتنظيم في مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سوريا. وتشمل الغارات التي تشنها موسكو محافظة الرقة، التي يستهدفها ايضا الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بغارات منذ ايلول 2014.
وفي محافظة اللاذقية اعلن المرصد "تنفيذ الطائرات الحربية الروسية منذ الصباح سبع غارات على الاقل في منطقة سلمى ومحيطها في جبل الاكراد" وهي المناطق التي يتركز فيها وجود الفصائل المقاتلة.
وقال ان الطائرات الروسية شنت غارات جوية استهدفت مناطق في ريف حلب الجنوبي، حيث تستمر الاشتباكات منذ اسبوع بين الفصائل المقاتلة والاسلامية من جهة وقوات النظام من جهة اخرى على محاور عدة.
وفي ريف حلب الجنوبي الشرقي، أكد المرصد تمكن داعش من السيطرة على طريق خناصر اثريا، الذي يعد الشريان الوحيد يبن مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب ومناطق سيطرته في جنوب سوريا ووسطها وغربها.
وقال عبد الرحمن: "تمكن التنظيم من قطع طريق امداد حيوية للنظام، اذ سيطر على 12 كيلومترا منها قبل أن يتراجع، ولا يزال يحتفظ حاليا بمسافة تراوح بين خمسة وستة كيلومترات على الاقل". واشار المرصد الى اشتباكات عنيفة بين قوات النظام و"داعش" على هذه الطريق التي تربط حلب بمحافظتي حمص وحماه، تزامنا مع غارات روسية كثيفة على مناطق الاشتباك. وأحصى عبد الرحمن نتيجة الاشتباكات 16 قتيلا من تنظيم الدولة الاسلامية و30 قتيلا وجريحا في صفوف قوات النظام".
وأقر مصدر عسكري سوري بـ"قطع الطريق اثر هجوم لتنظيم داعش"، مشيرا الى "انسحاب وحدات تابعة للجيش السوري من ست نقاط محيطة بمناطق الهجوم الى حين وصول التعزيزات العسكرية". وقال ان "جواجز الجيش اقفلت الآن الطريق المؤدية الى السلمية اثريا حرصا على حياة المدنيين بعد تعرض الطريق للقنص".
وتبنى "داعش" في بيان تداولته حسابات جهادية "قطع طريق امداد النظام النصيري الى ولاية حلب"، مشيراً الى أنه "تمكن من السيطرة على ثمانية حواجز" في عملية بدأت فجر الجمعة بعمليتين انتحاريتين. وشن التنظيم هجماته آتيا من شرق بلدة خناصر التي هي في يد النظام.
مقتل حراس نجاد وفي طهران، أوردت وكالة "فارس" الايرانية شبه الرسمية للأنباء ان حارسا شخصيا للرئيس الايراني السابق محمود أحمدي نجاد قتل في سوريا بينما كان يدافع عن مزار ديني قرب مدينة حلب. وقالت: "استشهد عبدالله باقري نياراكي – الذي كان لفترة حارسا للرئيس محمود أحمدي نجاد – قرب حلب أمس (الخميس)". وأنه كان يدافع عن مزار ديني. ولم تحدد الوكالة ما اذا كان الرجل عضوا في الحرس الثوري الايراني. وقتل أربعة قادة ايرانيين هذا الشهر في القتال في سوريا. كما قتل قائد آخر في الحرس الثوري الايراني في سوريا في حزيران.
موسكو وفي موسكو، صرح الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف بأن روسيا تجد صعوبة في العثور على أي مسلحين معتدلين يمكن ان تعمل معهم في سوريا. وقال: "منذ بداية العملية (العسكرية الروسية) في سوريا، أعرب بوتين وغيره من المسؤولين الروس عن استعدادنا للتعاون مع ما يسمى المعارضة المعتدلة... وفي الوقت نفسه علينا ان نؤكد أننا لم نتمكن من العثور على ما يسمى المعارضة المعتدلة".
ولاحظ أنه "ليست هناك، ويا للأسف، قوة مركزية واحدة يمكن ان نتعاون معها". وان "جميع الصعوبات تنبع من ذلك". لم يتمكن زملاؤنا الاميركيون او الاوروبيون او غيرهم، ويا للأسف، من مساعدتنا على التعرف عليهم".
الى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات بثتها قناة روسيا – 24 للتلفزيون ان جيشي روسيا والاردن اتفقا على تنسيق تحركاتهما العسكرية في شأن سوريا من طريق اقامة "آلية عمل خاصة" في العاصمة الاردنية عمان. وأعرب عن اعتقاده "أن بلدانا اخرى تشارك في الحرب ضد الارهاب قد تنضم الى هذه الآلية ايضا".
|