يعود اليوم الى بيروت راعي الحوار الرئيس نبيه بري الذي تشاور هاتفيا مع الرئيس سعد الحريري لنزع فتيل الانفجار بعد التصعيد الكلامي الذي بدأه الجمعة الوزير نهاد المشنوق ورد عليه امس الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الأمر الذي رأى فيه متابعون تهديدا للحكومة وللحوار الوطني والثنائي على السواء. هذا الامر استدعى حركة اتصالات واسعة دخل على خطها، الى بري، الرئيس تمام سلام. وينتظر تصويب البوصلة في مسألتي الحكومة والحوار في البيان الاسبوعي لكتلة "المستقبل" غدا الثلثاء، بما يعيد قواعد الاشتباك الى التموضع الذي كان قائما قبل أيام. وأكدت مصادر وزارية لـ"النهار" أن الحوار النيابي سيعاود في 26 تشرين الأول الجاري بعد انعقاد مجلس الوزراء إذا لم يطرأ طارئ، وبعد اجتماع الهيئة العامة لمجلس النواب غدا لانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان.
وانطلاقا من هذا الواقع المتشنج، يتريث الرئيس سلام في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء الى حين اكتمال كل عناصر ملف النفايات في مرحلة أولى، من أجل ان تكون الجلسة منتجة ومثمرة، وتنجح في إحاطته بكل ما يتطلبه من إجراءات وتحمل مسؤوليات ليسلك مساره نحو التنفيذ.
وهو إذ يأمل في أن يتوصل الى إنجاز ذلك هذا الأسبوع ليوجه الدعوة الى الوزراء، يتساءل: "هل المسموح المماطلة بعد في موضوع حساس ودقيق الى هذا الحد ولا يستدعي إجراءات تعجيزية، فيما الخلافات على أشدها وتعوق تحقيق أي تقدم؟". ويضيف: "إذا فقدت الدولة هيبتها في التوافق على إجراءات في ملف كهذا، فكيف ستنفذه".
أما اذا لم يسلك ملف النفايات طريقه في مجلس الوزراء الى التنفيذ، فإن سلام سيرمي قفازيه في وجوه المعطلين ويعتذر من اللبنانيين تحت وطأة الوضع القائم. ويستغرب سلام كيف ان الكل متمسك بالحكومة وبعدم انهيارها ولكن شرط ألا يكون ذلك من حسابه. ويسأل: "كيف يريدون الحكومة ولا يساعدون على تذليل العقبات التي تعترض سبيل تفعيلها"؟.
من جهة أخرى، أبلغت مصادر وزارية "النهار" أنه كان من المفترض توجيه الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في عطلة نهاية الاسبوع لكن التصعيد المفاجئ بين "المستقبل" و"حزب الله" أرجأ الأمر الى غد الثلثاء لترطيب الاجواء. وأوضحت أن اتصالات نهار امس أعادت الامور الى ما كانت عليه قبل ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن. وأشارت الى ان التصعيد جاء على خلفية الصراع المتنامي بين السعودية وايران، لكن التصعيد في لبنان لا يستهدف الحوار النيابي بل الحوار الثنائي في عين التينة. ولفتت الى ان موضوع المطمر في البقاع الشمالي قد سوّي وتحدد مكانه، وسيلتقي الوزير أكرم شهيب اليوم سلام لاطلاعه على أجواء الاتصالات.
مبادرة مصرية في غضون ذلك، أفادت المصادر الوزارية "النهار" أنه من المنتظر في الساعات الـ 48 المقبلة أن تطرح مصر مبادرة في اتجاه لبنان مهّد لها السفير محمد بدر الدين زايد، والذي أجرى اتصالات مع كل الاطراف خلال الايام الثلاثة الاخيرة.
الحراك الشعبي في الشارع، يواصل عدد من الناشطين في حملتي "بدنا نحاسب" و"طلعت ريحتكم" الاعتصام المفتوح امام المحكمة العسكرية في المتحف للمطالبة بإطلاق وارف سليمان وبيار حشاش الموقوفين منذ 8 تشرين الاول.
وبعدما غابت الإحتجاجات عن ساحة رياض الصلح أكثر من شهر، عاد الحراك المدني السبت الى الساحة مجدداً، للمطالبة بإطلاق الموقوفين ورفضاً لقرار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا إبقاء اثنين من المشاركين موقوفين. وتحت شعار "هزّ الشريط ... هزّ الطبقة السياسية وأزلامها"، نفذ العشرات من الناشطين وقفة تضامنية في الساحة، وهزوا الاسلاك الشائكة المحيطة بالسرايا الحكومية، وقدموا الورود الى العناصر الأمنية المكلفة حماية المنطقة، تأكيداً لكون "المعركة ليست مع عناصر الجيش والقوى الأمنية بل مع السلطة السياسية والقضائية".
عودة: الكنيسة لا تبارك الحروب ولا تقول عنها إنها مقدسة
أكد متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة "إن الكنيسة لا تبارك الحروب ولا تقول عنها إنها مقدسة، أي أنها لا تقدس الحروب ولا تقبل بهذا القول". وقال في كاتدرائية القديس جاورجيوس أمس: "(...) قال يسوع لتلاميذه "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون، طوبى للمطرودين من أجل البرّ لأن لهم ملكوت السموات، طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين، إفرحوا وتهلّلوا لأنّ أجركم عظيم في السموات".
عندما يقول الرب هذه الأقوال أو يعيش هذه الحياة أمامنا، فلكي يشدّدنا ويقوّينا وليجعلنا نحيا حياةً نجبه خلالها الشرّ بالخير والظالم بالمحبة. لهذا قال لتلاميذه وللمؤمنين به: إذا شئتم أن تكونوا تلاميذي أو إذا كنتم في الحقيقة تلاميذي، فأنتم تتصرفون مثلي وتكونون على صورتي لأنكم متحدون بي. لهذا السبب، الكنيسة لا تبارك البتّة من يقاتل الآخر، أو من يسيء إلى الآخر. الكنيسة لا تبارك من يقتل الآخر لأن حياة الإنسان هي مُلك الرب ومن يقتل الإنسان كأنه يشاء أن يقتل الله. وفي الحقيقة يذهب المقتول إلى الرب، أما القاتل فقلبه ظالمٌ ومظلمٌ يسكنه الشيطان، والشيطان لا يدخل ملكوت الله. لذلك أيضاً الكنيسة لا تبارك الحروب ولا تقول عنها إنها مقدّسة، أي أنها لا تقدّس الحروب ولا تقبل بهذا القول. كلّ كنيسة يجب أن تكون هكذا إذا كانت تعلّم تعليم الرب أو إذا كانت تسمع كلامه. لهذا السبب نحن الأرثوذكسيّين، وبالأخص في انطاكية، فيما نتألم ونُطرد من بيوتنا ويُشنّع بنا، لا نقاتل أعداءنا. وكما نرى، إنّ شعبنا في كلّ هذه المنطقة يترك بيوته ويهجرها ويعيش عيشةً تعسةً، ومنهم من يسافر لكنّهم لا يردّون الإساءة بالمثل. لذلك، فليكن واضحاً أنّ كنيستنا الأرثوذكسيّة التي نحن أعضاء فيها، لا تبارك ولا تقدّس الحروب ولا تقول عن أي حربٍ إنّها مقدّسة. ومن يقول هذا القول، أشك في أنّه سمع كلام الرب يسوع "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم"(...)". |