لم يعد واضحاً ما اذا كان اشتداد الأزمة الداخلية يقود الى انفراج وفق المقولة المعروفة، أو إنه سيؤدي الى "انفلاج" مع استمرار التعقيدات واستفحال المعوقات. فـ"الحكومة في موت سريري" في رأي الوزير اشرف ريفي، ولا جلسة لمجلس الوزراء بعدما أعلن العماد ميشال عون ان وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" لن يعودوا الى الحكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش "ولي الارجحية المسيحية في تعيينه"، وتالياً فان التوقعات ان يدعو الرئيس تمام سلام الى جلسة الجمعة أو الاسبوع المقبل لحل مشكلة النفايات دخلت في علم الغيب، في ظل اعتبار عون ان لا حاجة الى الجلسة ما دام مجلس الوزراء أقر خطة الوزير أكرم شهيب في وقت سابق، مما يعطي الضوء الاخضر لتنفيذ الخطة التي اعتمدت "الشركة الحقيقية" كما صرّح الوزير شهيب لـ"النهار". وأضاف: "ان فاعليات البقاع الشمالي أبدت تعاوناً باقتراحهما أكثر من موقع تعمل اللجنة الفنية على دراستها بيئيا وجغرافيا، على ان ترفع تقريرها بتحديد الموقع المناسب لاعتماده مطمراً". وأشار الى ان العمل جار لتذليل العقبات من امام مطمر سرار في عكار.
وعلمت "النهار" أن المعطيات التي برزت في الاجتماع تفيد ان "حزب الله" قرر تسهيل مهمة الحكومة وأبلغ المعنيين عن موقعين لاختيار أحدهما مطمراً في البقاع، على ان تبدأ اليوم الدراسة البيئية في الموقعين المقترحين تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب غداً في اجتماع جديد للجنة النفايات يعقده الرئيس سلام استكمالا للبحث الذي جرى أمس.
مجلس النواب وفي ساحة النجمة، لن تتعطل الثلثاء المقبل جلسة التجديد لهيئة مكتب مجلس النواب ولجانه بعد غياب تعدى السنة وأربعة أشهر. ومن المرجح التجديد لكل اللجان، والتغيير الوحيد في رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بناء على رغبة رئيسها النائب عبد اللطيف الزين الذي لم تعد تسعفه صحته لاداء مهماته. ومن المتوقع ان يحل النائب علي بزي مكانه.
عون أما العماد عون الذي أطلّ ليل أمس عبر قناة "أو تي في"، فسجّل مواقف عدة منها: ما طوّر المشكلة هو التمديد لقائد الجيش مرة ثانية. (الوزير سمير) مقبل ومعلمه لا يعرفان كيف تحصل الترقية في الجيش ولو كان يعرف بالقانون لما كان مدّد لقائد الجيش. (الرئيس) ميشال سليمان و(النائب سامي) الجميّل هما الواجهة المسيحية لتعطيل التعيينات العسكرية. أضع ميشال سليمان وتيار المستقبل و14 آذار في خانة واحدة و هم يوزعون الأدوار في ما بينهم.
تقرير فاتيكاني وفي موضوع غير متصل، سألت "النهار" مصدراً في البطريركية المارونية عن مضمون التقرير الذي نشرته "المركزية"، فأجاب بأنه لم يطلع عليه، ولا علم له به. وان ثمة كرادلة يزورون لبنان في مناسبات مختلفة وهم يعدون تقارير عن زياراتهم.
وكانت "المركزية" نقلت عن مصادر سياسية مطلعة أن أحد كبار الكرادلة في الفاتيكان المطلّع على الملف اللبناني زار بيروت أخيراً واجتمع مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والزعماء الموارنة وقيادات لبنانية، رفع على الاثر تقريراً الى البابا فرنسيس عن نتائج اجتماعاته واتصالاته في بيروت، أطلقت عليه تسمية "التقرير الاسود" نسبة إلى ما تضمن من أجواء سوداوية عن أوضاع المسيحيين في لبنان والمنطقة والشغور الرئاسي طوال أكثر من سنة ونصف سنة، وفيه اشارة واضحة الى "تغييب دور بكركي واضعافها على مستوى القرار الوطني المسيحي أمام تقدم واضح للقادة الموارنة الذين يتخطونها بسبب غياب الموقف والرؤية والحزم وانحلال العصب المسيحي لدى الزعماء الموزّعي الولاء بين المكونين الطائفيين السني والشيعي وبين المحاور الاقليمية الممثلة بسوريا وايران والسعودية، مما أفقد المسيحيين دورهم الفاعل وحضورهم المميز على المستوى الوطني العام".
وبعدما يصف التقرير الوضع بدقته وتفاصيله، يقدم جملة مقترحات وخطوات عملية للحد من تغييب دور مسيحيي الشرق، تبدأ بتدعيم وضع الكنيسة المارونية لجهة استعادة دورها وتأثيرها في الشارع المسيحي والقادة السياسيين من خلال تفعيل هذا الدور والعمل السريع على انتخاب رئيس ماروني من نبض الشارع يتمتع بالعصب المسيحي والنظافة والكفاية، رؤيوي من خارج الاصطفافات السياسية ونادي القادة الاربعة، رئيس مقبول من الجميع قادر على اعادة تثبيت الحضور المسيحي في لبنان وانعكاسه على سائر دول المنطقة، وازالة حال الاحباط التي تولدت في جانب منها نتيجة العجز عن انتخاب رئيس للبنان.
واستناداً الى هذا التقرير، كثف الكرسي الرسولي اتصالاته مع فرنسا وروسيا وبعض الدول المؤثرة من أجل تسهيل انتخاب رئيس. وأثار البابا فرنسيس الموضوع مباشرة كما تقول المصادر مع الرئيس الاميركي باراك أوباما أثناء اجتماعه به في واشنطن، حيث استند في مقاربته الى مضمون التقرير المشار اليه وخطورته.
ورجحت مصادر مارونية لـ"النهار" ان يكون معد التقرير هو الكاردينال دومينيك مامبرتي الذي زار بيروت على رأس وفد فاتيكاني موفداً من البابا فرنسيس في ايار الماضي للاطلاع على الاوضاع اللبنانية وعلى سير عمل المحاكم الروحية المسيحية في لبنان.
اعتصامان أمنياً، انتقل الحراك المدني من وسط بيروت الى محيط المحكمة العسكرية حيث تجمع أهالي الناشطين الموقوفين وأصدقاؤهم، وعمد بعضهم بعد قرار رد طلبات تخلية الى قطع الطريق بعض الوقت. وصودف مرور سيارة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب كامل الرفاعي في المحلة، فقرر بعض الناشطين منعها من اكمال طريقها. ولاحقا استقدم الناشطون خيمة ونصبوها امام المحكمة، مؤكدين استمرار الاعتصام الى حين إطلاق الموقوفين.
من جهة أخرى، بدا ان التدخل الروسي في سوريا يجد صداه في الشارع اللبناني، وقد دعت "هيئة العلماء المسلمين" الى اعتصام قبل ظهر اليوم أمام السفارة الروسية في بيروت "احتجاجاً على قتل الطيران الروسي مدنيين سوريين".
الثلثاء المقبل يفتح المجلس لكن ليس للتشريع تجديد لمكتبه واللجان... ماذا عن الجلسات؟
منال شعيا الثلثاء المقبل سيفتح مجلس النواب ابوابه، وهذه المرة للتمديد ايضاً، انما للجانه والتجديد لهيئة مكتبه. هذه المعادلة تكرّست منذ فترة، كما لو ان ثمة عرفاً في التمديد والتجديد "للمطبخ" الداخلي للمجلس، فكيف اليوم، وسط الجمود المسيطر والعجز عن حل الازمات؟!
معلوم ان مجلس النواب يفتتح العقد العادي الثاني له في اول ثلثاء يلي 15 تشرين الاول وينتهي آخر السنة. وبحسب المادة 3 من النظام الداخلي للمجلس انه "في كل مرة يجدّد المجلس انتخابه، وعند افتتاح عقد تشرين الأول من كل عام، يعمد المجلس الى انتخاب أميني سر وفقاً للاجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة. ثم يجري انتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية. واذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً"، فيما تنص المادة 19 من النظام على انه "في الجلسة التي تلي انتخاب هيئة مكتب المجلس بعد الانتخابات العامة وفي بدء دورة تشرين الأول من كل سنة، يعمد المجلس الى انتخاب لجانه الدائمة.
يجري الانتخاب بالاقتراع السري وفقاً للمادتين 11 و12 من هذا النظام وبالغالبية من أصوات المقترعين. واذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً".
ووفق النظام الداخلي ايضا، فانه بعد ثلاثة ايام، حداً اقصى، "تجتمع اللجان بعد انتخابها بدعوة من رئيس المجلس وبرئاسته فتنتخب كل منها رئيساً ومقرراً بالاقتراع السري، ويكلف رئيس المجلس أمين سر لها من موظفي المجلس لضبط وقائع الجلسات، ولا يعتبر اجتماع اللجنة لانتخاب الرئيس والمقرر قانونياً الا اذا حضرته الغالبية المطلقة من أعضائها".
لا انتخابات وكالعادة، "لا جو انتخابات" يخيّم في ارجاء المجلس. فالقديم سيبقى راسخا، وخصوصا في هيئة مكتب المجلس التي تتألف حاليا من الرئيس نبيه بري ونائب الرئيس فريد مكاري، وأميني السر النائبين مروان حماده وانطوان زهرا، والمفوضين الثلاثة النواب سيرج طورسركيسيان واحمد فتفت وميشال موسى.
واذا كانت معادلة التجديد ليست بجديدة على صعيد هيئة مكتب المجلس، الا انها اليوم تأخذ منحى مختلفاً لكون المجلس مقفلا منذ فترة، والحكومة شبه معطلة، والرئاسة الاولى فارغة من رئيسها، فكيف سيحكى عن تغيير في مطبخ داخلي حيث تقرّ اقتراحات القوانين والمشاريع؟!
يقول زهرا لـ"النهار": "جرت العادة الا يكون هناك تغيير اساسي في الهيئة واللجان، ولا سيما ان الحكومة الحالية مر على تشكيلها اكثر من سنة، وبالتالي ليس هناك من تضارب بين موقعي الوزير والعضوية في احدى اللجان، والتي يمنعها النظام الداخلي للمجلس، مما يحتم ان القديم سيبقى على قدمه. وقد تكون هناك بعض التعديلات، والتي ستبقى مرسّخة بين الكتل النيابية نفسها والفريق السياسي ذاته".
وفيما تتجه كل الكتل الى التسليم بمعادلة التمديد لهيئة المجلس واللجان، فان كل "المعارك السياسية" التي فتحت اخيرا على خلفية "الاحتكاك الكهربائي" في لجنة الاشغال لن تصل الى امكان تغيير رئيس اللجنة النائب محمد قباني، فالمعركة في مكان آخر، ولان "رؤوسا كثيرة اخرى ستطير"، وفق ما قال النائب فتفت. من هنا، ليس ثمة مصلحة لاحد في فتح هذا الباب.
ماذا عن التشريع؟ أبعد من اللجان، ماذا عن التشريع. منذ الاسبوع المقبل، يصبح المجلس في العقد العادي، وبالتالي لا حاجة الى مرسوم فتح دورة استثنائية للتشريع، فهل سيفتح الباب امام اقرار قوانين تنتظر في ادراج المجلس وعلى باب الهيئة العامة؟ حتى اللحظة، يبدو ان كل فريق لا يزال على موقفه. اقلّه عند الطرف المسيحي الذي يرفض التشريع في غياب رئيس الجمهورية، ولم يطرأ اي جديد يبدّل المواقف.
يشرح زهرا: "نحن عرضنا التشريع في غياب الرئيس، حين كان المجلس في عقده العادي، وبالتالي لا تغيير في موقفنا الآن". ويذكّر بان "الاولوية اليوم هي لانتخابات الرئاسة، واذا كان لا بد من تشريع، فاننا لا نزال مع تشريع الضرورة فقط والذي يشمل اقتراحين لا اكثر: قانون الانتخاب، وقانون استعادة الجنسية". ويلفت الى انه كونه عضواً في هيئة مكتب المجلس، فانه سيرفض اي جدول اعمال آخر، "ما دمنا في هذا الواقع السياسي، موقفنا ثابت". يبدو اننا لا نزال ندور في الحلقة المفرغة نفسها. الكتائب ايضا على موقفها من التشريع، لا بل من "اللا - تشريع".
هكذا، سيحضر النواب الثلثاء المقبل، لا للتشريع ولا لانتخابات الرئاسة، انما لتكريس ما هو قائم في هيئة المكتب واللجان، وبالتالي فان "الستاتيكو" سيّد الموقف. فهل تتركز مساعي بري على العمل على تحريك التشريع في ظل العقد العادي، ام ان طاولة الحوار "المترنحة" هي الاخرى، ستكون البديل من المجلس والحكومة معا، اقلّه في الوقت الراهن؟ وفي الاساس، هل هناك من "استثناءات سياسية" في ظل العقد العادي للتشريع، تمنع ان يكون التشريع مفتوحا؟
|