كرم سعيد الانتخابات البرلمانية المصرية المرتقبة يتنافس فيها 2573 مرشحاً فردياً و7 قوائم حزبية (قائمة في حب مصر- قائمة الجبهة الوطنية وتيار الاستقلال- قائمة حزب النور- قائمة صحوة مصر- قائمة نداء مصر- قائمة التحالف الجمهوري- جبهة فرسان مصر).
وشهدت الدعاية الانتخابية تجاوزات على قانون مباشرة الحقوق السياسية، وذلك بتعليق ملصقات الدعاية على جدران دور العبادة والمؤسسات التعليمية، ناهيك عن استخدام بعض المرشحين النكات الساخرة التي تكشف عن عمق الأزمة التي يمر بها المجتمع المصري من جهة، وهشاشة هؤلاء المرشحين من جهة ثانية. فعلى سبيل المثال جاء الشعار الانتخابي لأحد المرشحين معنوناً بـ «كينج كونج مش عضو مجلس شعب خرونج»، بينما كان الشعار الانتخابي لأحد المرشحين: «القرار مش قرارك شعب قويسنا اختارك... اترشح يا حنفي».
ولم تكن ساحات صلاة عيد الأضحى غائبة عن الاستغلال السياسي، إذ حرص مرشحون على توزيع ملصقات للتعريف بأنفسهم، فضلاً عن تقديم مساعدات عينية. وفي سياق متصل كان الفضاء الإلكتروني أحد المحطات الرئيسة لانطلاق الدعاية الانتخابية، فلجأ قطاع واسع من المرشحين للدعاية على صفحات فايسبوك وتويتر.
وتحت شعار «مصر اللي بنحلم بيها» انطلقت حملة حزب «المصريين الأحرار» على المقاعد الفردية، بينما تمثل شعار حزب «مستقبل وطن» في عبارة «مفيش مستحيل». ورفع حزب «التجمع»، شعار «معاً لمواجهة الفقر والبطالة والفساد والإرهاب». في المقابل انطلقت حملة حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» تحت 4 شعارات، تمثل ترجمة لمطالب وشعارات ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 وتعبر عن رؤيته لقضايا الحريات والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستدامة والسياسة الخارجية، وهي «الإنسان قبل الأرباح»، و»عيش وحرية وعدالة اجتماعية»، و»العدل والحرية سلاحنا في مواجهة الإرهاب»، «تضامن الشعوب في مواجهة مخططات الهيمنة والتقسيم والتفكيك». في سياق متصل جاء الشعار الانتخابي لحزب الوفد تحت عنوان «الوفد حلم المصريين... مستقبل له تاريخ».
ويلاحظ أن هذه الشعارات بسيطة إلا أنها تبدو بلا دلالة أو عمق ناهيك عن أنها فضفاضة ولا تحمل معنى واضحاً، بينما تحمل شعارات «التحالف الشعبي» بعداً أيديولوجياً يعبر عن فلسفة الحزب وتوجهاته اليسارية، أما شعار «الوفد» فيبدو مستهلكاً إذ رفعه الحزب في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، ولم ينجح في اجتذاب الناخب بالنظر إلى غياب الحزب عن الشارع السياسي وضعف قاعدته الانتخابية ناهيك عن تصاعد صراعاته الداخلية.
على صعيد ذي شأن؛ انطلقت الدعاية الانتخابية للقوائم الحزبية تحت شعارات متباينة، فجاء شعار تحالف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال تحت عنوان «معاً نبني مصر»، فيما اختارت قائمة «التحالف الجمهوري» التي تتصدرها تهاني الجبالي، العضو السابق في المحكمة الدستورية، شعار «معاً لصناعة التغيير». أما قائمة «في حب مصر» وهي الوحيدة التي تخوض المعركة الانتخابية على الأربع قطاعات في الجمهورية، وتضم نحو 20 حزباً إضافة إلى طيف واسع من الشخصيات العامة والعسكريين السابقين، فقد اختارت عنوان القائمة شعاراً لها. من جهته جاء الشعار الانتخابي لحزب «النور» تحت عنوان: «وضوح وطموح»، في محاولة لتحسين الصورة الذهنية للحزب بعد اللغط المثار ضده واتهامه بالعزف على وتر الدين لتحقيق أغراض سياسية.من جملة ما سبق، يتضح أن الشعارات الانتخابية لبرلمان 2015 تبقى هي العنوان الأبرز للمشهد الانتخابي سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الإلكتروني، باعتبارها تمثل حجر الزاوية في المنافسة.
أيضاً تبدو الشعارات فارقة في جذب الناخبين، فكلما كانت كلمات الشعار تغوص في عمق أزمات الناس وطموحاتهم تكون أكثر قدرة على جذب شرائح انتخابية متنوعة، وكان بارزاً، هنا، عزف طيف واسع من المرشحين على لقمة العيش والأمن واحتياجات البسطاء، بينما ركزت القوائم الحزبية في شعاراتها على أبعاد سياسية ونفسية، من خلال إبراز اهتمامها بالمستقبل المشرق والدعوة للأمل والعمل، وهي كلها شعارات تبدو قريبة مما يطرحه النظام السياسي في خطابات نخبه وأركان حكمه.
وتعكس الشعارات الانتخابية التي حملت بين جملها كلمة «مصر» تحدياً للقوى السياسية التي تحاول تشويه الصور الذهنية لأحداث 30 حزيران (يونيو) 2013. كما حمل بعض الشعارات رسالة غزل للقطاعات التي خرجت في 30 حزيران اعتراضاً على حكم جماعة «الإخوان» مثل شعارات «حزب التجمع»، و «المصريين الأحرار»، و «تيار الاستقلال».
على الضفة الأخرى، اعتمد بعض الشعارات كلمات أخرى عاطفية وثورية «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، أعلنها حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» في إشارة إلى ارتباطه بثورة 25 يناير وأهدافها التي لم يتحقق منها سوى النزر اليسير.
المهم أن شعارات الحملات الانتخابية على رغم أنها حاولت القفز على الأوضاع الراكدة في نهر الحياة السياسية والاجتماعية المصرية، إلا أن السؤال يظل مفتوحاً حول حدود تأثيرات للشعارات في دعم عملية المشاركة الانتخابية وجذب الناخب إلى صناديق الاقتراع، لا سيما أن قطاعاً معتبراً من الهيئة الناخبة في مصر، خصوصاً الشباب بات لا يؤمن بجدوى الانتخابات ناهيك عن أن السير الذاتية لبعض المرشحين تبدو منفّرة.
* كاتب مصري |