أطلقت المعارضة السورية هجوماً جديداً أمس، في القنيطرة على الحدود مع الجولان المحتل، ونجحت في قطع طريق إمداد رئيسي لقوات النظام.
وأفادت وكالة «مسار برس» المعارضة، بأن «كتائب الثوار» نجحت أمس، في «قطع طريق إمداد قوات الأسد على أوتستراد دمشق - القنيطرة من جهة بلدة سعسع»، موضحة أن ذلك جاء بعدما أطلقت المعارضة «معركة «وبشّر الصابرين» للسيطرة على مواقع لقوات الأسد قرب بلدة طرنجة بريف القنيطرة، بهدف ربط ريف القنيطرة الشمالي بريف دمشق الغربي، وفك الحصار عن بلدتي بيت جن وخان الشيح المحاصرتين».
وأوضحت «مسار برس» أن «الثوار شنوا اليوم الجمعة (أمس)، هجوماً واسعاً على سرايا عدة لقوات الأسد، ومنها السرية الرابعة قرب بلدة طرنجة، في حين ردت قوات الأسد بقصف مدفعي وجوي على مواقع الثوار، وقاومت عناصرها داخل السرية محاولة الاقتحام».
ولفتت إلى أن قوات النظام حاولت أمس، «اقتحام بلدات وقرى زمرين والطيحة ومسحرة في منطقة «مثلث الموت» بريف درعا الشمالي، مستغلة انشغال الأهالي والثوار بالعيد، لتخفيف الضغط عن قواته (النظام) بريف القنيطرة الشمالي، وسط غطاء من القصف المستمر بقذائف المدفعية والهاون والصواريخ». وتابعت «أن الثوار تصدوا لهجوم قوات الأسد، الذي يعدّ أكبر محاولة اقتحام نفذتها الأخيرة في المنطقة المذكورة، والذي كان من 3 محاور».
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فذكر أن قوات النظام قصفت منطقة الحميدية بالقطاع الأوسط في ريف القنيطرة، فيما «تدور اشتباكات بين قوات النظام وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط بلدتي طرنجة وجباتا الخشب، إثر هجوم للفصائل في محاولة منها للسيطرة على عدد من النقاط العسكرية الاستراتيجية، والتي تتبع إدارياً للواء 90، وهي: سرية طرنجة، تل أحمر، تل يو إن (الأمم المتحدة) وقرية الحمرية... وترافق الهجوم مع قصف لقوات النظام على أماكن الاشتباكات وأماكن في منطقتي طرنجة وجباتا الخشب بريف القنيطرة». وأضاف المرصد أن الطيران الحربي نفذ 3 غارات على بلدة مسحرة، وغارة أخرى على مناطق في بلدة ممتنة، بالقطاع الأوسط لريف القنيطرة.
وفي محافظة درعا المجاورة، قال المرصد أن الطيران الحربي نفّذ غارتين على بلدة عقربا بريف درعا الغربي.
وفي ريف دمشق، تحدّث المرصد عن قصف الطيران المروحي بما لا يقل عن 28 برميلاً متفجراً، مزرعة بيت جن وأماكن قربها بريف دمشق الغربي، في حين شنّ الطيران الحربي غارتين على محيط مدينة دوما بالغوطة الشرقية. وأشار المرصد إلى أن تنظيم «داعش» أعدم «رجلاً كهلاً في منطقة سوق وادي بردى، بتهمة أنه قائد خلية نائمة تابعة للجان الشعبية».
وفي محافظة حلب (شمال)، أشار المرصد إلى اشتباكات «بين قوات النظام مدعّمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة، والكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية من جهة أخرى، في حي العامرية جنوب حلب والراموسة غرب حلب، فيما نفذت... طائرات تابعة للتحالف الدولي ضربات عدة على مناطق في قرية تل مالد بريف حلب الشمالي».
وفي محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، شنّ الطيران الحربي غارة على مناطق في مطار أبو الضهور العسكري، الذي تسيطر عليه «جبهة النصرة» والفصائل الإسلامية بريف إدلب الشرقي، كما أغار على قرية سرجة بجبل الزاوية، ومناطق أخرى في جبل الأربعين، على ما ذكر المرصد.
وفي محافظة حماة المجاورة، أغار الطيران الحربي على قرية البلعاس بريف حماة الشرقي، في حين قُتل عنصر من «داعش» من الجنسية السورية، خلال اشتباكات مع قوات النظام في محيط حقل شاعر بريف حمص الشرقي.
وفي محافظة الحسكة (شمال شرقي سورية)، لفت المرصد إلى أن قوات النظام قصفت قرى كاكا سعيد ورجم طفيحي وخويتلة بريف بلدة تل براك الجنوبي.
وفي محافظة دير الزور (شرق)، قصفت طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي، معمل غاز كونيكو ببادية خشام في ريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى اندلاع النيران في المنطقة المستهدفة، وفق المرصد.
تلاسن أميركي - روسي قبل قمة أوباما - بوتين
تنعقد بعد غد الإثنين في نيويورك قمة الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين على وقع تلاسن أميركي- روسي في شأن ترتيبات الاجتماع المتوقع أن يركّز في جزء منه على الأزمة السورية. فبعدما قال البيت الأبيض إن الروس طلبوا وبإلحاح، أن يقبل أوباما بعقد قمة مع بوتين، رد الكرملين بأن الأميركيين في الواقع هم من طلب اللقاء وأن روايتهم في شأن ترتيبات القمة «محرّفة»، علماً أن الرئيس الأميركي امتنع عن الاجتماع ببوتين منذ لقائهما الأخير في حزيران (يونيو) 2013 في إيرلندا الشمالية، رغبة منه بإظهار امتعاضه من سياسات موسكو في شأن أوكرانيا وسورية على وجه التحديد.
وعُلم أن بوتين يحمل معه إلى الاجتماع مع أوباما، الإثنين، «وديعة» تتمثل بموافقة الرئيس بشار الأسد على تشكيل «حكومة وحدة وطنية» من الراغبين من المعارضة للتمهيد لانتخابات برلمانية قبل شهرين من موعد انعقادها في أيار (مايو) المقبل، في وقت ذُكر أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا طلب مشاركة ٢٥ ممثلاً للفصائل المسلحة في وفد المعارضة في اجتماعات مجموعات العمل الأربع، الذي يضم حوالى ٦٠ شخصاً.
وكان الأسد استبعد في ظهورين إعلاميين في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) الماضيين أي حل سياسي قبل القضاء على «داعش»، غير أن بوتين أعلن من جهته استعداد دمشق لـ «تقاسم السلطة من المعارضة البناءة» إضافة إلى إجراء «انتخابات برلمانية مبكرة».
واستمر الجدل أمس في شأن دور الأسد في المرحلة الانتقالية في بلاده، بعد تصريحات للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس التركي رجب طيب اردوغان رأى فيها بعضهم «مرونة» إزاء الرئيس السوري. لكن الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال قال إن الاجتماع الذي عقد في باريس بين وزير الخارجية لوران فابيوس ونظيريه البريطاني فيليب هاموند والألماني فرانك فالتر شتاينماير بحضور ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية فيديريكا موغريني «أظهر تطابقاً واسعاً حول الانتقال السياسي الذي يعد السبيل الوحيد للتوصل إلى حل الأزمة السورية». وشدد على أن الانتقال السياسي «وحده يضع حداً للفوضى» وأنه «لو كان الأسد عنصراً من عناصر الحل لكنا لاحظنا ذلك منذ أربع سنوات»، لافتاً إلى أن «وجوده في الواقع يفاقم الأزمة ورحيله جزء من الحل». أما هاموند فقال في مقابلة صحافية: «يجب على الأسد أن يرحل ولا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية». لكنه أضاف: «سيكون من الضروري التحدث مع الأسد باعتباره طرفاً في هذه العملية إذا توصلنا إلى اتفاق في شأن سلطة انتقالية وكان الأسد جزءاً منه».
وكتبت وكالة «فرانس برس» تحقيقاً أمس من اللاذقية على الساحل السوري أشارت فيه إلى وجود لافت لـ «زوّار» روس في فنادق المدينة ومطاعمها، ناقلة عن سكان أنهم «ليسوا سياحاً» وان بعضهم طيارون، في إشارة إلى أنهم يمكن أن يكونوا جزءاً من التعزيزات العسكرية التي يدفع بها الكرملين منذ أسابيع إلى سورية. وفيما أشارت إلى أن هذا الوجود الروسي يجد ترحيباً واسعاً من المواطنين في هذه المدينة التي تُعتبر من معاقل مؤيدي النظام، نقلت عن مهندس يدعى عدنان (53 سنة) إن «السوريين بغالبيتهم يفضّلون الروس على الإيرانيين نظراً إلى صلات القربى التي تربط كثيرين بهم، وتحديداً الديبلوماسيين السوريين الذين درسوا في روسيا وتزوجوا منها». ويضيف: «هم يعتقدون (السوريون) أن لروسيا مصلحة جيواستراتيجية فقط، على عكس الإيرانيين الذين يملكون رؤية استعمارية».
وكتبت «فرانس برس» في تحقيق آخر من موسكو، أن الوجود الروسي القوي في سورية يثير قلقاً لدى الغربيين «الذين يتساءلون عما إذا كانت أهداف الرئيس فلاديمير بوتين تتضمن إنقاذ الرئيس بشار الأسد وهزيمة تنظيم داعش فقط أم ترسيخ حضوره في سورية».
وكان بوتين اقترح في أواخر حزيران (يونيو) الماضي تشكيل تحالف عسكري كبير يستند جزئياً إلى الجيش السوري لمحاربة «داعش». وبموازاة ذلك، كان وزير خارجيته سيرغي لافروف يحاول ترويج الفكرة لدى العواصم المؤثرة، فضلاً عن مختلف مجموعات المعارضة السورية، في حين بدأ المجمع الصناعي العسكري الروسي تسريع عملية تسليم الأسلحة إلى النظام في دمشق. وبعد ذلك، شهد مضيق البوسفور في إسطنبول مرور سفن حربية روسية متجهة إلى ميناء طرطوس السوري، حيث تحظى روسيا بمرافق لوجستية. وفي الأسابيع الأخيرة بدأ وصول الدبابات والطائرات الحربية والمروحيات.
ويلخّص مصدر ديبلوماسي روسي رفيع الذهنية السائدة في الكرملين بالقول: «ليس هناك من وقت للمماطلة، قررنا الانتقال من الأمور النظرية إلى التطبيق العملي لمقترحاتنا».
وهذه الخطوة ليست الأولى لبوتين في الأزمة السورية. ففي أواخر آب (أغسطس) 2013، تراجع الرئيس أوباما عن الضربات الجوية التي اقترحتها فرنسا على مرافق النظام السوري، وتحصن بوجهة نظر الكونغرس. فاقترح الرئيس الروسي تدمير الأسلحة الكيميائية السورية، وكانت النتيجة أن النظام تجنّب الضربات واستعاد بعض المصداقية والشرعية.
وبعد ذلك بعامين، تركز موسكو جهودها على الهدف ذاته، دعم الجيش السوري وترسيخ وجودها في سورية. وتقول المتحدثة باسم الديبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا إن «تكثيف أنشطتنا بدأ عندما أدركنا أن التحالف (بقيادة الولايات المتحدة) مصيره الفشل فضلاً عن عدم وجود خطة واضحة للمستقبل».
من جهته، يقول الخبير العسكري الروسي ألكسندر غولتس إنه إذا كان الجيش الروسي ينشر قوات في سورية، فإنه سيستخدمها. ويضيف أن الأمر «مماثل لمسرح تشيخوف. فإذا كانت هناك بندقية في الغرفة، فينبغي استخدامها»، مشيراً إلى عمليات قصف «محتملة».
بدوره، يقول مسؤول سوري رفيع المستوى، إن التدخل العسكري يشكل «نقطة تحول»، مضيفاً أن «موسكو تريد تذكير الولايات المتحدة بأن علاقاتها مع دمشق تمتد لأكثر من خمسين عاماً، وأن هذا البلد يقع ضمن مناطق نفوذها. كما أنه رسالة أيضاً إلى دول في المنطقة تعتزم روسيا العودة إليها كلاعب رئيسي». ويضيف «بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن سورية مسألة لا تؤثر على مصالحها القومية، وهذا هو سبب عدم تدخل أوباما. أما بالنسبة إلى روسيا، فإن القضية تؤثر بشكل مباشر على مصالحها نظراً إلى موقعها في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط».
|