القاهرة – أحمد مصطفى بعد جدل استمر طيلة الأسبوع الماضي جاءت اختيارات رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل لأعضاء حكومته خالية من التغييرات الدراماتيكية، إذ أتت تقليدية وعلى الطريقة القديمة بالاعتماد على التكنوقراط والأكاديميين، وتغييب كامل للسياسيين، فيما كانت العلامة الأبرز في تعزيز نفوذ أعداء جماعة «الإخوان المسلمين»، مع الحفاظ على حصة حكومية للمرأة، فيما عيّن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس الوزراء المستقيل إبراهيم محلب في منصب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية.
وكان إسماعيل وأعضاء حكومته الجديدة أدوا صباح أمس اليمين القانونية أمام السيسي، وشملت الحكومة الجديدة 33 حقيبة وزارية بعد دمج ثلاث وزارات، ولم تطاول التغييرات الحقائب السيادية (الدفاع والداخلية والخارجية)، كما حافظ على تركيبة المجموعة الاقتصادية باستثناء وزارة الصناعة والتجارة، فيما شملت التغييرات 16 وزيراً جديداً، بينهم وزيران شغلا مناصب في حكومات سابقة هما وزير السياحة هشام زعزوع والذي كان خرج من حكومة محلب في تعديل حكومي جرى قبل أشهر، وأحمد زكي بدر الذي عين وزيراً للتنمية المحلية، وكان شغل منصب وزير التربية والتعليم في أواخر عهد الرئيس السابق حسني مبارك. ومعروف عن بدر عداؤه الشديد لجماعة «الإخوان»، وهو نجل وزير الداخلية السابق زكي بدر.
وجاء الوزراء الجدد في أغلبهم من قلب الجهاز الحكومي، بالإضافة إلى الاعتماد على الأكاديميين، وكان لافتاً الغياب التام للسياسيين عن التشكيلة الحكومية الجديدة بعد إطاحة القيادي البارز في حزب «الوفد» منير فخري عبدالنور عن وزارة التجارة والصناعة، وعين بدلاً منه طارق قابيل.
لكن العلامة الأبرز في الحكومة الجديدة كانت تعيين رئيس دار الكتب والوثائق الكاتب حلمي النمنم وزيراً للثقافة، ومعروف عن النمنم عداؤه الشديد للإسلاميين عموماً ولـ «الإخوان» خصوصاً، كما أنه طالما انتقد الأزهر وشيخه أحمد الطيب. وعين مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح محمد العصار وزير دولة للإنتاج الحربي. ويمتلك العصار علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، وكان لعب دوراً في المفاوضات مع «الإخوان» عقب إطاحتهم من الحكم وقبل فض اعتصامي رابعة والنهضة.
ويعزز تعيين النمنم والعصار أدوار أعداء «الإخوان» داخل الحكومة، لا سيما مع استمرار وزيري الأوقاف مختار جمعة والعدل أحمد الزند والمعروفَين بعدائهما للجماعة. وحافظ التشكيل الجديد على حصة وزارية للنساء، إذ رغم الإطاحة بوزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني، جاءت محلها عضو المجلس الاستشاري الرئاسي سحر نصر، واستحدثت وزارة لشؤون المصريين بالخارج شغلتها نبيلة مكرم عبيد، التي فصلت عن وزارة القوى العاملة، فيما حافظت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي على منصبها، مدعومة على ما يبدو بمواجهتها الشديدة للجمعيات الأهلية المحسوبة على «الإخوان».
وعقب أداء اليمين القانونية اجتمع السيسي مع أعضاء حكومته، محدداً لهم أولوية عملهم بـ «استكمال البنية الديموقراطية للدولة المصرية وتحسين مستوى معيشة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية وإيلاء الأهمية للفئات الأولى بالرعاية وزيادة كفاءة عمل الحكومة وتحقيق المزيد من الشفافية والنزاهة والحفاظ على الأمن القومي المصري وتعزيز دور مصر الرائد على الأصعدة العربية والأفريقية والدولية». ودعا الى «بذل كافة الجهود الممكنة لإرساء دعائم الدولة المصرية وتثبيتها والحفاظ على كيانها ومؤسساتها».
وشدد السيسي على «مضاعفة وتيرة العمل وإيلاء مزيد من الأهمية لإنجاز المشروعات الوطنية الكبرى كافة في المدى الزمني المقرر لها، وفي مقدمها مشروع الشبكة القومية للطرق ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان، وكذلك مشروعات إنتاج الطاقة ومواصلة أعمال الكشف والتنقيب عن مصادر الطاقة، ومشروعات التطوير الحضاري»، وعزا السيسي استحداث وزارة دولة للهجرة والمصريين في الخارج، إلى «تفعيل التعاون مع أبناء مصر المهاجرين والعاملين في الخارج، والاستفادة من خبراتهم وتوفير قناة تواصل مباشر معهم تتلقى أفكارهم».
من جانبه تعهد رئيس الحكومة الجديد «العمل بأقصى طاقة لتحسين معدلات الأداء والإنجاز، وأن الحكومة الجديدة تدرك أن مصر تسابق الزمن من أجل الانتهاء من المشروعات القومية كافة».
وعقب ذلك عقد شريف إسماعيل جلسة لحكومته أوضح بعدها أن تشكيل الحكومة الجديدة «لم يواجه اعتذارات من قبل المرشحين، وأنه التقى ما يقرب من 50 مرشحاً، بينهم بعض الوزراء الحاليين ليس من منطق الترشيح وإنما للتوافق حول الرؤى»، وقال إنه فوجئ «بوجود عدد من المرشحين يرغبون في خدمة بلادهم بغض النظر عن ضيق الوقت».
وأبدى إسماعيل تفاؤله باستمرار حكومته عقب تشكيل البرلمان الجديد، مشيرا إلى أن «هناك برنامجاً للحكومة سيتم إعداده لعرضه على مجلس النواب المقبل»، وتعهد بأن «يتم التعامل مع الانتخابات، وهي استحقاق دستوري، بكل شفافية ونزاهة، وهو جزء أساسي من التكليف»، وشدد على أن «الفساد لا مكان له حيث نقف بشدة أمام هذه الظاهرة، وسنعمل بحزم على حل المشاكل القائمة».
وأشار رئيس الوزراء إلى أن خطاب تكليف الرئيس السيسي للحكومة يشتمل على العديد من المحاور، أبرزها إتمام العملية الانتخابية، الخدمات التي تتعلق بالمواطنين والتعليم والصحة والإسكان والمشروعات الكبرى. وأقر بـ «إننا في مرحلة صعبة. ستكون هناك خطة قصيرة الأجل وهى التي تعتمد على إيجاد حلول سريعة للموضوعات العاجلة؛ وخطة طويلة الأجل، ومنها التي تتعلق بالمشروعات الكبرى»، لكنه لفت إلى «وجود عجز في الموازنة وأنه مطلوب منا تحقيق معدلات نمو لجذب الاستثمارات؛ وأنه لا بد من وجود رؤية واضحة واستقرار السياسة».
في غضون ذلك أصدر السيسي قراراً جمهورياً بتعيين، نائب رئيس محكمة النقض المستشار نبيل أحمد صادق، نائباً عاماً لمدة أربع سنوات، حيث أدى اليمين الدستورية صباح أمس، قبل أن يجتمع به السيسي الذي أكد «المهمة السامية التي يضطلع بها النائب العام، ولا سيما في المرحلة الراهنة، التي تتطلب جهداً مضاعفاً من أجهزة الدولة كافة، ومن بينها مؤسسة القضاء المصري الشامخة، لتحقيق العدالة وإنفاذ القانون، وحفظ حقوق المواطنين وضمان التزامهم بواجباتهم». |