للمرة الأولى منذ أكثر من سنة، تحادث وزيرا الدفاع الأميركي آشتون كارتر والروسي سيرغي شويغو أمس ليكسرا حاجز الصمت بغية مناقشة الأزمة في سوريا بعدما زاد الوجود العسكري الروسي المتنامي هناك هامش التنسيق بين الخصمين اللدودين السابقين خلال الحرب الباردة.
وأفادت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أن المحادثة الهاتفية بين كارتر وشويغو دامت 50 دقيقة واتفق خلالها على مزيد من المحادثات الأميركية - الروسية في شأن سبل إبقاء جيشيهما بعيدين بعضهما من البعض، في ما يعرف في اللغة العسكرية "بتفادي الصدام".
وتعارض الولايات المتحدة بشدة الدعم الروسي للرئيس السوري بشار الأسد. وقطعت وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" محادثات عسكرية رفيعة المستوى مع موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا وتدخلها في النزاع هناك. غير أن التعزيزات العسكرية الروسية في قاعدة جوية بمدينة اللاذقية الساحلية السورية تزيد احتمالات تزامن الغارات القتالية الأميركية والروسية في الأجواء السورية.
وأوضح "البنتاغون" أن كارتر أبلغ نظيره الروسي أن المحادثات في المستقبل ستجري بالتوازي مع "محادثات ديبلوماسية تضمن الانتقال السياسي (للسلطة) في سوريا". وأضاف: "أشار إلى أن هزيمة (مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية") وضمان (حصول) عملية انتقال سياسية (للسلطة) هما هدفان يجب السعي الى تحقيقهما في آن واحد". وذكَر "البنتاغون" بأن المرة الأخيرة التي تحدث فيها وزير دفاع أميركي مع شويغو كانت في آب 2014 عندما كان تشاك هيغل لا يزال في منصبه.
وكشف مسؤول دفاعي اميركي ان شويغو قال لكارتر "إن النشاطات الروسية دفاعية بطبيعتها وإنها تدخل في إطار الوفاء بالتزامات للحكومة السورية". وأعلن مسؤول في "البنتاغون" أن ثمة أربع طائرات مقاتلة روسية في مطار قريب من اللاذقية. ورفض المسؤول الثاني الادلاء بتقدير دقيق لعدد المقاتلات.
وفي لندن صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن الولايات المتحدة تسعى "للعثور على أرضية مشتركة" مع روسيا. وقال: "الجميع استولت عليهم العجلة. كنا كذلك طوال الوقت، غير أن مستويات الهجرة والدمار المستمر وخطر توسيع رقعة الصراع عبر خطوات أحادية الجانب تضع ثقلاً كبيراً على الديبلوماسية في هذه اللحظة".
موسكو وفي موسكو، صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف بان المحادثة الهاتفية بين كارتر وشويغو استمرت ساعة وان المحادثات ستتواصل. وأبرز أن "ضرورة تنسيق الجهود الثنائية والمتعددة الطرف لقتال الارهاب الدولي كانت في أساس" المحادثات التي "أظهرت ان وجهتي النظر متشابهتان أو متطابقتان في شأن معظم القضايا التي نوقشت".
وفي وقت سابق أبدى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف استعداد روسيا لارسال قوات برية الى سوريا اذا طلب الرئيس بشار الاسد ذلك. وقال: "اذا كان هناك طلب (من دمشق) فسيناقش بطبيعة الحال وسيقوّم في اطار اتصالاتنا الثنائية... ولكن من الصعب الحديث عن ذلك لانه لا يزال افتراضياً".
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم صرح في مقابلة مع التلفزيون السوري الاربعاء بانه "حتى الآن لا قتال على الارض مشتركاً مع القوات الروسية ولكن اذا لمسنا وجود حاجة فسندرس ونطلب".
من جهة أخرى، نقلت وكالة الاعلام الروسية عن النائب الأول لمدير جهاز الأمن الاتحادي الروسي سيرغي سميرنوف أن نحو 2400 روسي يقاتلون مع "داعش"، الى نحو ثلاثة آلاف من مواطني آسيا الوسطى.
مقاتلات النظام شنّت 25 غارة على "داعش" في تدمر و"النصرة" تُهاجم الفوعة وكفريا بسيارات مفخّخة و250 قذيفة
كثف الطيران الحربي السوري خلال اليومين الاخيرين غاراته الجوية على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، اذ استهدف تدمر بوسط البلاد باكثر من 25 غارة في هجوم هو الاعنف على المدينة منذ سيطرة الجهاديين عليها في 21 ايار، فيما شنت المعارضة المسلحة هجوماً جديداً على بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ادلب بشمال غرب البلاد واللتين تقطنهما غالبية شيعية.
قال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له، إن الغارات على تدمر اسفرت عن مقتل "ثمانية مدنيين على الاقل والعديد من عناصر التنظيم"، مشيرا الى ان عدد قتلى الجهاديين غير محدد لأن التنظيم "يحاصر المناطق التي يسقط فيها قتلى منه". كما أشار الى سقوط جرحى من المدنيين، بينهم حالات خطرة.
واوضح ان غالبية سكان تدمر غادروها مع سيطرة "داعش" عليها، ولم يبق سوى البعض ممن رفض الرحيل أو عائلات الجهاديين "فهناك بعض عناصر التنظيم من سكان المدينة". وأضاف أن الغارات تعتبر "من الأقوى يشنها الطيران الحربي السوري على نقاط عدة في مدينة تدمر منذ سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية عليها". ولاحظ ان "النظام السوري كثف خلال اليومين الماضيين غاراته على مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية". وكان الطيران الحربي السوري استهدف الخميس مدينة الرقة باكثر من عشر غارات، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً على الاقل بين مدنيين وجهاديين. وشنت هذه الغارات العنيفة وقت تدعو موسكو الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الى ضم حليفها السوري في محاربة التنظيم المتطرف.
الفوعة وكفريا وفي محافظة ادلب، قال عبد الرحمن: "استهدفت جبهة النصرة (فرع القاعدة في بلاد الشام) وفصائل اسلامية أخرى بخمسة تفجيرات انتحارية بسيارات مفخخة مراكز للجان الشعبية الموالية للنظام في محيط بلدتي الفوعة وكفريا حيث يقطن مواطنون شيعة". وكشف ان "جبهة النصرة والفصائل الاسلامية، ومنها الحزب الإسلامي التركستاني وتنظيم جند الاقصى واحرار الشام ومقاتلون اوزبك وشيشانيون، تحضر منذ البارحة لهجوم واسع على البلدتين" الخاضعتين لسيطرة اللجان الشعبية الموالية للنظام بدعم من "حزب الله" اللبناني.
وتحدث مدير المرصد عن "استمرار القصف المكثف للفصائل الاسلامية للبلدتين، اذ استهدفتهما حتى الآن بأكثر من 250 قذيفة صاروخية، كما تدور اشتباكات كثيفة في محيط الفوعة". ويغير الطيران الحربي السوري على بلدات محيطة بالفوعة تنتشر فيها الفصائل الاسلامية. ويحاصر مقاتلو "جبهة النصرة" وفصائل اسلامية اخرى الفوعة وكفريا تماماً منذ نهاية آذار. ولم يعد للنظام وجود ملموس في محافظة ادلب في ما عدا هاتين البلدتين.
وفي آب الماضي، انهارت هدنتان أمكن التوصل اليهما بين الفصائل الاسلامية وقوات النظام واتفق خلالهما على وقف نار متزامن في مدينة الزبداني بريف دمشق وفي بلدتي الفوعة وكفريا بإدلب. وبدأت قوات النظام و"حزب الله" منذ 4 تموز هجوماً عنيفاً على مدينة الزبداني، وتمكنت من دخولها ومحاصرة مقاتلي المعارضة في وسطها. ورداً على تضييق الخناق على الزبداني، كثفت الفصائل المقاتلة عمليات القصف لبلدتي الفوعة وكفريا.
درعا وعلى جبهة اخرى، أعلن المرصد ان "الطيران المروحي ألقى براميل متفجرة على مناطق في مدينة بصرى الشام بريف درعا" مما أدى الى مقتل 21 مدنياً بينهم أربع نساء وطفلان. وأضاف إن "أماكن أخرى في مدينة بصرى الشام وبلدات علما والحراك والغارية الغربية تعرضت لقصف من قوات النظام". وان "رجلا من بلدة إبطع قضى تحت التعذيب داخل سجون النظام". وكان مقاتلو المعارضة السورية قد سيطروا تماماً على بصرى الشام في آذار الماضي.
|