موسكو - رائد جبر - لندن،
نيويورك - «الحياة» تواصل الجدل أمس في شأن التعزيزات العسكرية التي تُرسلها
روسيا إلى نظام الرئيس بشار الأسد. وفيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تساعد بالفعل
الجيش السوري النظامي على طريقة تشغيل أسلحة يتم تسليمها له، متمسكاً بمواصلة تقديم الدعم له على رغم
الانتقادات الغربية بحجة أنها «الوحيد على الأرض» القادر على مواجهة تنظيم «داعش»، تجنّب الكرملين تأكيد
معلومات عن مشاركة قوات روسية في القتال إلى جانب الجيش السوري أو نفيها، ما أبقى هذه المسألة محاطة
بالغموض.
في موسكو، أنكر الوزير سيرغي لافروف مجدداً قيام روسيا
بخطوات لتعزيز وجودها العسكري في سورية، وقال إن بلاده «لم تتكتم أبداً على الوجود العسكري (في سورية).
ويعمل هناك خبراؤنا العسكريون المعنيون بمساعدة الجيش السوري في التدريب على استخدام الأسلحة. ولا تتخذ
روسيا في الوقت الراهن أي خطوات إضافية». لكنه أشار إلى أن موسكو «ستتخذ خطوات ضرورية إضافية - إذا دعت
الحاجة - تراعي القانون الروسي والمعايير الدولية». وزاد أن بلاده «لم تقدم على أي خطوة إلا بطلب
وموافقة الحكومة السورية».
ورفض لافروف القلق الغربي من أن التدخل الروسي
المباشر سيفاقم الأخطار الإرهابية، قائلاً إن نظيره الأميركي جون كيري خلال محادثة هاتفية بينهما «أصر
على فكرة غريبة مفادها بأن دعمنا لبشار الأسد سيؤدي إلى تعزيز مواقع «داعش» لأن ممولي هذا التنظيم
سيوسعون إمدادهم له بالأسلحة والمقاتلين»، معتبراً ذلك «منطقاً مقلوباً ومحاولة لتشجيع الاعتماد على
الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية». وأكد أن موسكو لا تريد تكرار «السيناريو الليبي» في سورية، ولذلك تزود
الجيش السوري بما يحتاج إليه في محاربته «الإرهاب»، كما تفعل مع العراق.
في
غضون ذلك، شارك الكرملين الذي لا يعلّق عادة على تفاصيل مماثلة، في حملة «نفي المزاعم الغربية» وقال
الناطق باسمه ديمتري بيسكوف ان موق ف موسكو واضح حيال فكرة انه «من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة
عسكرية روسية في العمليات الجارية في سورية».
لكنه شدد على عزم موسكو مواصلة
تزويد النظام بالسلاح والمعدات لأن «القوة الوحيدة القادرة على التصدي لتقدم «داعش» هي القوات المسلحة
السورية».
وبعد أيام من تأكيد مسؤولين أميركيين أن الروس يدفعون بتجيهزات
وجنود إلى سورية، خرجت إسرائيل عن صمتها وأشارت إلى وصول قوات روسية في الأيام الأخيرة لمساندة حكومة
الأسد. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون قوله الخمس إن موسكو أرسلت
مستشارين عسكريين و «قوة فعلية» لإقامة قاعدة جوية قرب مدينة اللاذقية سيكون في إمكانها استيعاب طائرات
مقاتلة ومروحيات تشارك في ضرب «داعش».
ميدانياً، تقدم تنظيم «داعش» في اتجاه
مطار دير الزور العسكري وسيطر على كتيبة الصواريخ والمبنى الأبيض في محيط المطار إثر هجوم شنّه بدءاً من
أول من أمس، وسط معلومات عن مقتل عشرات من المهاجمين ومن حامية المطار. وسيطرة «داعش» على مطار دير
الزور تهدد بإنهاء وجود القوات الحكومية في كامل هذه المحافظة في شرق البلاد كون وجودها حالياً ينحصر في
المطار وفي بعض أحياء مدينة دير الزور.
وتحدث ناشطون سوريون أمس عن حال استياء
تشهدها مناطق موالية للنظام في محافظتي حماة واللاذقية على خلفية مقتل أو أسر عشرات الجنود الذين ظلّوا
محاصرين سنتين في مطار أبو الضهور العسكري في محافظة إدلب والذي سقط الأربعاء في أيدي «جبهة النصرة»،
فرع «القاعدة» السوري. وتحدث قيادي في «النصرة» عن أن مصير الأسرى سيكون الإعدام كونهم، كما قال، باتوا
«مرتدّين» بسبب قتالهم في صفوف النظام على رغم انتمائهم إلى الطائفة
السنّية.
على صعيد آخر، تنطلق اليوم في الأمم المتحدة في نيويورك ومنظمة حظر
الأسلحة الكيماوية في لاهاي الخطوات الإجرائية لتشكيل لجنة تحقيق دولية جديدة مشتركة بين المنظمتين
مهمتها تحديد الجهات التي تستخدم أسلحة كيماوية أو غازات سامة في هجمات عسكرية في سورية، في خطوة غير
مسبوقة يفترض أن تؤدي للمرة الأولى إلى تحديد أسماء متورطين في ارتكاب جرائم حرب في هذا
النزاع.
وستبدأ الأمم المتحدة اليوم مشاوراتها مع الحكومة السورية لصياغة
الإطار الناظم لعمل اللجنة التي كان مجلس الأمن قرر تشكيلها في قراره ٢٢٣٥، والتي يتطلب عملها داخل
سورية توقيع اتفاقية ئنائية بين المنظمة الدولية والحكومة السورية. وأفرجت روسيا الخميس، بعد تأخير لنحو
أسبوع، عن موافقتها على آلية تشكيل اللجنة، ما فتح الطريق أمام تحقق الإجماع في المجلس على هذا الإجراء.
وجاءت الموافقة الروسية بعد «إيضاحات» قدمها الأمين العام بان كي مون مساء الأربعاء الى المجلس، لطمأنة
هواجس روسيا حول عمل اللجنة.
«داعش» يتقدم في دير الزور ... وتهديد بـ «إعدام» عشرات الجنود في إدلب
حقق تنظيم «داعش» تقدماً ملحوظاً في اتجاه مطار دير الزور العسكري المحاصر في شرق سورية، بعد يوم من سيطرة «جبهة النصرة»، وهي فرع «القاعدة» السوري، على مطار أبو الضهور العسكري في محافظة إدلب بشمال غربي سورية، في هجوم أوقع عشرات القتلى والأسرى في صفوف جنود النظام. وإذا كانت «النصرة» بسيطرتها على مطار أبو الضهور قد أنهت وجود النظام في كامل محافظة إدلب، فإن سيطرة «داعش» على مطار دير الزور تهدد بدورها بإنهاء وجود القوات الحكومية في كامل هذه المحافظة في شرق البلاد كون وجودها حالياً ينحصر في المطار وفي بعض أحياء مدينة دير الزور.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن قائد قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) جوان إبراهيم تأكيده أن دولاً غربية دربت قوات الأمن الكردية التي تحارب تنظيم «داعش» على مكافحة الإرهاب في سورية. وأضاف أن أكثر من 450 فرداً من قوات الأسايش تلقوا تدريباً في شمال سورية بمنطقة تعرف باسم روجافا بالكردية وأن التدريب تضمن كيفية التعامل مع السيارات الملغومة والمباني المفخخة. وذكر أن الأسايش تحتجز نحو 30 من أفراد جماعة مسلحة موالية للحكومة السورية بعدما استسلموا للقوات الكردية أثناء القتال وبينهم أجانب (إيرانيون). وأشار إلى أن الهدف من احتجازهم هو مبادلتهم بأسرى لدى الحكومة السورية.
إلى ذلك، أوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير من إدلب أمس أنه «تأكد مقتل 56 عنصراً على الأقل من قوات النظام ... فيما أسر نحو 40 آخرين خلال سيطرة جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والفصائل الإسلامية على مطار أبو الضهور العسكري، آخر معاقل قوات النظام في محافظة إدلب». وأضاف أن «عشرات آخرين من عناصر قوات النظام ما زالوا مفقودين من ضمنهم قائد مطار أبو الضهور العسكري العميد إحسان الزهوري، ولا يعلم ... ما إذا كانوا متوارين في منطقة ما، أم أنه جرى قتلهم، أو تم أسرهم من قبل فصيل آخر» غير «النصرة».
وأشار «المرصد» إلى «حالة من الاستياء تسود مناطق ينحدر منها أسرى وقتلى مطار أبو الضهور العسكري، في الساحل السوري وريف حماة الغربي»، ونقل عن «مصادر أهلية» تعبيرها عن «استيائها الشديد لترك عناصر المطار يلقون مصيرهم من دون سحبهم منه على رغم الحصار المستمر منذ أكثر من عامين، وأعربوا عن خشية أن يكون مصير أبنائهم المحاصرين في مطار كويرس العسكري بريف حلب الشرقي كمصير عناصر وضباط مطار أبو الضهور العسكري».
وفي هذا الإطار، وزّع ناشطون شريطاً مصوراً ظهر فيه عبدالله المحيسيني القيادي المفترض في «جبهة النصرة» ورئيس «مركز دعاة الجهاد» وهو يقف إلى جانب أسرى من جنود النظام في مطار أبو الضهور، وقال إن هؤلاء الجنود سيقتلون على رغم أنهم «يقولون إنهم من أهل السنة ... لكنهم مرتدون لأنهم دخلوا مع النظام النصيري»، في إشارة إلى حكم الرئيس السوري بشار الأسد. ووجّه نداء إلى أمهات «الجنود السنّة» في الجيش النظامي داعياً إلى تأمين انشقاقهم وإلا فإنهم سيواجهون مصيراً مماثلاً لمصير أسرى المطار في إدلب (قال إن عددهم أكثر من 70). وحذّر من أن من سماهم «المجاهدين» يحضّرون خلال أيام لبدء «مرحلة ثانية» من الهجمات ضد مواقع للنظام لم يسمها، لكنه وعد بأن «آلاف الأسرى» سيقعون فيها. واتهم جنود النظام بأنهم يقاتلون في صف روسيا التي زعم أنها استخدمت صواريخ أُطلقت من طرطوس لمنع سقوط مطار أبو الضهور لكنها فشلت في مسعاها.
في غضون ذلك، أفاد «المرصد» بأنه «ارتفع إلى 36 على الأقل» عدد عناصر تنظيم «داعش» الذين قُتلوا خلال المعارك المستمرة منذ أول من أمس في محيط مطار دير الزور العسكري، مشيراً إلى أن من بين هؤلاء 13 عنصراً ينتمون إلى التنظيم المتشدد من محافظة الرقة وقد وصلت جثثهم إلى مشافي في مدينة الرقة. وتابع أن بين القتلى إثنين - أحدهما طفل - «فجّرا نفسيهما بعربتين مفخختين في كتيبة الصواريخ ومحيط مطار دير الزور العسكري. وزاد أن «التنظيم تمكن عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها ... من السيطرة على كتيبة الصواريخ والمبنى الأبيض». وتابع أن الاشتباكات أسفرت أيضاً «عن مقتل 18 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
وفي محافظة الرقة المجاورة، أشار «المرصد» إلى مقتل قياديين اثنين من «داعش» أحدهما سوري والآخر عراقي نتيجة قصف طائرات حربية يُعتقد بأنها تابعة للتحالف الدولي على محيط مدينة الرقة. وفي محافظة حمص (وسط سورية)، لفت «المرصد» إلى وقوع اشتباكات عنيفة منذ فجر أمس بين قوات النظام من جهة وبين عناصر «داعش» في محيط حقل شاعر بريف حمص الشرقي.
أما في محافظة ريف دمشق، فقد أشار «المرصد» إلى «استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات الفرقة الرابعة وحزب الله اللبناني وجيش التحرير الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية ومسلحين محليين من جهة أخرى، في مدينة الزبداني، وأنباء عن المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين»، متحدثاً عن مزيد من التقدم للنظام وحلفائه في المدينة. وافادت وسائل اعلام «حزب الله» بعد ظهر أمس ان المعارضة السورية شنت هجوماً على مواقع الحزب والجيش السوري في منطقة قصر العلالي وقصر موزة شرق مدينة الزبداني لكنها فقدت 30 من عناصرها بين قتيل وجريح. وقدمت مواقع معارضة حصيلة مختلفة متحدثة عن مقتل جنود وعناصر من حزب الله «نصرة للزبداني».
كذلك أشار «المرصد» إلى «اشتباكات عنيفة بين الفصائل الإسلامية من طرف، وعناصر جيش إسلامي من طرف آخر، في محيط منطقة الرحيبة بالقلمون الشرقي، عقب هجوم الأخير على حاجز الكتيبة التابع للفصائل الإسلامية، واستشهاد ومصرع ما لا يقل عن 3 عناصر من الطرفين». كذلك لفت «المرصد» إلى اشتباكات بين «الفصائل الإسلامية» وتنظيم «داعش» في أطراف بساتين بلدة يلدا بريف دمشق الجنوبي. |