يسود توتر شديد محافظة السويداء بجنوب سوريا في ظل تظاهرات وهجمات طاولت مقار امنية في المحافظة أوقعت ستة قتلى من رجال الامن بعد التفجيرين اللذين اسفرا عن مقتل 38 شخصاً بينهم الشيخ وحيد البلعوس المعارض للنظام الجمعة. واعلنت السلطات القبض على عنصر من "جبهة النصرة" فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا يدعى الوافد بو طرابه قالت انه هو الذي يقف وارء التفجيرين.
في غضون ذلك، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف السبت أن واشنطن تشعر بقلق عميق من تقارير مفادها إن موسكو تتجه الى دعم عسكري كبير في سوريا يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يهدف إلى تعزيز وضع الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن السلطات الأميركية اكتشفت "خطوات تمهيدية مقلقة" تشمل نقل وحدات إسكان سابقة التجهيز لمئات الأشخاص الى مطار سوري في ما قد يشير إلى أن روسيا تعد لنشر معدات عسكرية ثقيلة هناك.
وأوضح إن من أحدث الخطوات التي قامت بها روسيا تسليم وحدات إسكان موقت ومركز متنقل للمراقبة الجوية الى مطار قرب مدينة اللاذقية الساحلية وهي أحد معاقل الأسد. وأضاف إن الروس قدموا أيضا طلبات لدول مجاورة للسماح بتحليق رحلات جوية عسكرية. لكنه أقر بانه "لا يُعرف على وجه الدقة ما هي نية الروس. لم نر انتشارا فعليا لمعدات عسكرية أو طائرات أو قوات". وإن النتائج استُخلصت من "مصادر شتى".
ولفتت وزارة الخارجية الأميركية إلى روايات إعلامية تلمح إلى "تعزيز عسكري روسي مدعم وشيك". وقالت إن "وزير الخارجية رأى أنه إذا كانت مثل هذه التقارير صحيحة فقد تؤدي هذه الأعمال إلى تصعيد الصراع بشكل أكبر وتؤدي إلى إزهاق المزيد من أرواح الأبرياء وزيادة تدفق اللاجئين وتخاطر بحصول مواجهة مع التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يعمل في سوريا".
وأوردت صحيفة "النيويورك تايمس" إن روسيا أرسلت فريقا عسكريا إلى سوريا. ونسبت الى مسؤولين أميركيين لم تؤكد أسماءهم إنه على رغم عدم وجود ما يشير إلى اعتزام روسيا إرسال قوات برية ضخمة، فإن وحدات الاسكان يمكن أن تؤوي نحو ألف مستشار عسكري وافراد آخرين وتتيح أن يصير المطار مركز إمدادات أو نقطة إنطلاق لغارات جوية روسية. ونشرت صحيفة "لوس انجلس تايمس" أن الاستخبارات الأميركية جمعت الادلة من صور التقطتها أقمار تجسس.
وقال مصدر أمني أميركي لـ"رويترز" إن هناك علامات على تحرك روسي للتدخل في سوريا على نحو أبعد من دور الدعم العسكري القوي الذي تقوم به موسكو فعلاً والذي يتضمن تقديم أسلحة وتدريب. وأعلن إن الولايات المتحدة ستراقب الوضع لترى ما إذا كان أي تزايد للوجود العسكري الروسي في سوريا سيستخدم لصد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أم لدعم الأسد.
ونقلت "رويترز" عن مسؤول عسكري سوري إنه كانت هناك اخيراً "نقلة كبيرة" في الدعم العسكري الروسي بما في ذلك أسلحة جديدة وتدريب. وقال: "علاقتنا تتطور دوماً ولكن في هذه الأيام حدثت نقلة نوعية. نصفها بالعربية بانها نقلة نوعية وهو ما يعني كبيرة".
هجمات على فروع الأمن في السويداء وتحطيم تمثال حافظ الأسد والنظام أعلن توقيف عنصر من "النصرة" اعترف بتفجيرات الجمعة
قتل ستة من رجال الامن في السويداء على ايدي مؤيدين للشيخ وحيد البلعوس الذي قتل الجمعة في احد تفجيرين بسيارتين مفخختين، بينما أعلنت السلطات السورية انها قبضت على منفذ التفجيرين وانه يدعى الوافد ابو طرابه وينتمي الى "جبهة النصرة" فرع "القاعدة" في سوريا.
أوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" خبرا جاء فيه: "ألقت الجهات المختصة في السويداء اليوم (أمس) القبض على الارهابي الوافد أبو طرابه الذي اعترف بالمسؤولية عن التفجيرين الارهابيين اللذين وقعا يوم الجمعة الماضي". وبث التلفزيون السوري الرسمي أن أبو طرابه ينتمي الى "جبهة النصرة".
ونقلت "سانا" عن رئيس اللجنة الامنية في محافظة السويداء "ان الارهابي اعترف بالمشاركة في الاعتداء على فرع الشرطة العسكرية والامن الجنائي ومحاولة الاعتداء على مبنى المحافظة اضافة الى اعمال التخريب والسرقة للممتلكات الخاصة في مدينة السويداء".
ونسبت الى شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الشيخ حكمت الهجري أن اعترافات أبو طرابه "تكشف الفكر الإرهابي والظلامي الذي يرمي إلى الايقاع بين أبناء المحافظة الصامدين في وجه المخططات المشبوهة لتشويه العلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة". ودعا أبناء السويداء إلى التنبه لما يحاك من محاولات ومخططات مشبوهة لإثارة الفتن والفوضى، مؤكداً ضرورة "تحكيم لغة العقل قبل توجيه أي اتهام" من دون التأكد من الحقائق والحفاظ على القيم الأصيلة التي تربى عليها أبناء الجبل الأشم والحفاظ على صمودهم ووحدتهم ضد أعداء الوطن".
وانفجرت سيارتان مفخختان الجمعة في منطقة السويداء مما أسفر عن مقتل 31 شخصاً، استنادا الى حصيلة جديدة لـ"المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له، بينهم رجل الدين الدرزي البارز وحيد البلعوس المعروف بمواقفه الناقدة للنظام السوري ومعارضته للاسلاميين المتطرفين. وقال الاعلام الرسمي الذي لم يشر الى مقتل البلعوس، إن الاعتداء أسفر عن مقتل 38 شخصاً وجرح العشرات.
وفور انتشار خبر مقتل البلعوس الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الدروز، خرج عشرات المواطنين في تظاهرات احتجاج أمام مقار حكومية وأحرقوا سيارات وحطموا زجاجا. كما هاجم مسلحون فرع الامن العسكري في المدينة، مما تسبب بمقتل ستة عناصر أمنية. وقال المرصد إن المتظاهرين الذين اتهموا النظام بالوقوف وراء مقتل البلعوس "حطموا تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد في وسط السويداء". وكان البلعوس يتزعم مجموعة "مشايخ الكرامة" التي تضم رجال دين آخرين وأعياناً ومقاتلين وتهدف إلى حماية المناطق الدرزية من تداعيات النزاع السوري. وقد عرف بمواقفه الرافضة لقيام الدروز بالخدمة العسكرية الالزامية خارج مناطقهم.
وكانت السويداء شهدت خلال الايام التي سبقت التفجيرين تظاهرات شعبية حاشدة، قال سكان إنها كانت حظيت بدعم البلعوس، طالب خلالها المتظاهرون السلطات بالكهرباء والطحين وتأمين امور حياتية أخرى. كما طالبوا باستقالة محافظ السويداء.
ونقلت قناة "سكاي نيوز" بالعربية التي تتخذ دبي مقراً لها السبت عن مصادر أمنية أن السلطات السورية أوقفت الموظفين والطلاب على طريق دمشق - السويداء، مشيرة إلى أن المحافظة باتت معزولة تماما اذ تمنع القوات الحكومية دخول أي شخص إليها، خصوصا أن الطريق الوحيد لدخولها هو من دمشق.
ونشر موقع إلكتروني تابع لـ"الجبهة الجنوبية" - وهي تحالف لجماعات مسلحة أكثر اعتدالاً - بياناً من جماعة في درعا تتعهد دعماً مسلحاً للاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقال ان هذه الجماعة مستعدة "لتأمين كل خطوط الامداد" التي تؤدي إلى السويداء ودخول المدينة للقتال إلى جانب المحتجين. وبثت قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية نقلاً عن المكتب الإعلامي لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أن "تجمع رجال الكرامة" في محافظة السويداء "سيطر على جبل العرب وأبطل دور اللجان الأمنية التابعة للنظام، كما سلم الشؤون الأمنية للثوار في كل مدينة وبلدة من المحافظة، وذلك بعد اندلاع الاحتجاجات الجمعة". وتحدث ناشطون في المدينة عن "سيطرة ثوار السويداء بشكل كامل على كل من فرع المخابرات الجوية والأمن العسكري والأمن الجنائي والشرطة العسكرية وفرع حزب البعث". واضافت ان قوات النظام منعت دخول المحافظة والخروج منها، وقطعت خدمة الإنترنت تماما عنها إثر الاحتجاجات التي عمت المدينة.
قتال "داعش" والمعارضة على صعيد آخر، أعلن ناشطون سوريون مقتل أكثر من 27 عنصراً من تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) ونحو 20 من مقاتلي المعارضة في معارك بين الجانبين على جبهات مارع وحربل بريف حلب. ونقلت قناة "العربية الحدث" الإخبارية التي تتخذ دبي مقراً لها عن الناشطين أن المعارك أسفرت عن استعادة فصائل المعارضة مزارع قرية الكفرة بريف حلب الشمالي وأسر عنصرين من التنظيم.
وكانت اشتباكات عنيفة رافقها قصف مدفعي متبادل بين مقاتلي المعارضة ومقاتلي تنظيم "داعش" قد دارت السبت في مناطق الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق. |