القاهرة - أحمد مصطفى تعهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إجراء الانتخابات التشريعية التي بدأت إجراءاتها التنفيذية أمس، في «أجواء آمنة ونزيهة»، كما وعد بـ «التعاطي بإيجابية» مع قضية صحافيي قناة «الجزيرة» القطرية المحكومين بالسجن في بلاده.
وجاءت تعهدات السيسي خلال مقابلة أجرتها معه قناة «نيوز آسيا» السنغافورية قبل وصوله إلى بكين أمس. ويلتقي السيسي اليوم نظيره الصيني شي جين بينغ، ويبحثان في «تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والملفات الإقليمية الشائكة، لاسيما جهود مكافحة الإرهاب»، وفق بيان رئاسي.
وفتحت المحاكم الابتدائية في مصر أبوابها أمس لقبول أوراق راغبي الترشح للبرلمان في الانتخابات التي تبدأ مرحلتها الأولى في 17 الشهر المقبل. وشهد اليوم الأول فوضى وارتباكاً وضرب التكدس والزحام مقرات المحاكم في عدد من المحافظات، ولم تحل الإجراءات الأمنية المكثفة دون حصول مشاحنات بين المرشحين وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي في أحيان.
واستنفرت السلطات لطمأنة المصريين إلى الوضع الأمني قبل انطلاق التشريعيات، فتعهد السيسي في المقابلة التلفزيونية أن يجرى الاستحقاق «في مناخ آمن، فهذه ليست المرة الأولى التي تعقد مصر فيها انتخابات بعد 30 حزيران (يونيو) 2013 (تظاهرات عزل الرئيس السابق محمد مرسي) إذ سبقها الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات الرئاسية».
وأشار إلى «تكليف الجيش والشرطة بتوفير المناخ الآمن في مصر بوجه عام، سواء للمواطنين أو للاستثمارات الأجنبية وغيرها، إلى جانب الانتخابات المقبلة». ووعد بأن تجرى الانتخابات «في مناخ كامل من الشفافية والنزاهة من دون أي تدخل، فالشعب المصري هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في اختيار من يمثله، وإذا استبعد بعض التيارات التي مارست العنف ضده فهذا حقه واختياره بإرادته الحرة، ومن ثم فإن اختيار المرشحين هو أمر يرتبط بالمزاج العام للشعب المصري وليس بالقيادة السياسية». ونفى السيسي في المقابلة استخدام قوات الأمن الذخيرة الحية في تأمين الاستحقاقات الانتخابية، مشدداً على أن قوات الجيش والشرطة «لا تستخدم القوة إلا ضد من يرفع السلاح على المواطنين، والتعليمات ليست جديدة ولكنها ممارسات مستديمة».
وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة عقب البرلمان ودورها في اختيار وزير الدفاع، أوضح السيسي أن «الحكومة الحالية في مصر مدنية بالكامل، ووزير الدفاع يتم ترشيحه من قِبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويخضع هذا الترشيح في ما بعد للقبول أو للرفض، وكون وزير الدفاع شخصية عسكرية فهذا أمر لا يؤثر من قريب أو بعيد في مدنية الحكومة».
وكرر مطالبة المجتمع الدولي بـ «وضع استراتيجية عالمية شاملة للتصدي للإرهاب لا تقتصر على البُعد الأمني فقط، لكن تشمل أيضاً إيجاد حلول عملية لكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والدينية التي لم يتم التعامل معها بالشكل اللازم على مدار سنوات مضت». ولفت إلى أن «الإسلام لا يختلف مع الواقع ولا مع الإنسانية وإنما يتم استخدامه لتحقيق أغراض سياسية وأجندات خاصة هي في الواقع بعيدة تمام البعد من صحيح الدين، وتُعد تطرفاً وإرهاباً».
وعزا انجذاب بعض المسلمين إلى «الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية» إلى «الفهم الخاطئ للدين ومشاكل أخرى لم تتم مواجهتها بالشكل المناسب، وبينها المشاكل الاقتصادية والبطالة، فيقوم الطرف الآخر بتقديم فكرة ظاهرها جذاب تختصر حلول المشاكل كافة في أمر واحد وهو إقامة الدولة الدينية، ومن ثم يتعين على الدول العربية والإسلامية الاضطلاع بدورٍ مهم في التنوير ونشر الوعي حتى لا يقع الشباب فريسة في براثن التطرف والإرهاب».
ودافع عن قانون مكافحة الإرهاب الذي وصفه محاوره بأنه «قاسٍ». وقال السيسي إن «الأمر القاسي بحق هو أن نحول أبناء الشعب المصري البالغ تعدادهم تسعين مليوناً إلى لاجئين في أوروبا يفقدون حياتهم لدى عبورهم المتوسط بصورة غير شرعية. رئيس الدولة المصرية تقع على عاتقه إعاشة هذا الشعب بأكمله وضمان حياته في أمنٍ واستقرار، هذا الأمر يُعد مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية». وتعهد «أننا لن نترك مصر لتسقط وننتظر من يقدم لها مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية»، ملقياً بمسؤولية تعديل القانون على البرلمان المقبل. وقال: «عما قريب سيكون لمصر برلمانها الجديد وسيكون له الحق في مناقشة القوانين كافة».
وتطرق إلى أحكام السجن التي أصدرتها محكمة مصرية قبل أيام بحق صحافيي «الجزيرة». ونقلت القناة عبر موقعها باللغة الإنكليزية قول الرئيس أنه «رغم الأنباء السيئة سنتعامل مع الأمر بإيجابية»، في تلميح إلى إمكان تدخله بعفو رئاسي. غير أن البيان الرئاسي المصري اكتفى بتأكيد السيسي «رفض التعقيب على أحكام القضاء، منوهاً بالمكانة والاستقلالية اللتين يتمتع بهما القضاء المصري الذي يمارس عمله من دون أي تدخل سياسي، ومعرباً عن تفهمه لاهتمام العاملين بالإعلام والصحافة بهذه القضية».
وكان الرئيس المصري وصل أمس إلى العاصمة الصينية قادماً من سنغافورة في زيارة تستمر ثلاثة أيام، يجري خلالها محادثات مع كبار المسؤولين الصينيين. ووفقاً لجدول أعمال الزيارة الذي وزعته الرئاسة المصرية، يفترض أن يكون السيسي التقى أمس رئيسة شركة «هاواوي» الصينية للاتصالات، فيما سيعقد اليوم لقاءً ثنائياً مع نظيره الصيني شي جين بينغ يخلص إلى التوقيع على عدد من الاتفاقات الثنائية من ضمنها اتفاق تعاون لتعزيز القدرات الإنتاجية، إضافة إلى اتفاق قرض بمبلغ 100 مليون دولار من «بنك التنمية الصيني» إلى «البنك الأهلي المصري» لتمويل مشاريع متوسطة وصغيرة في مصر. كما يلتقي ظهر اليوم «رؤساء كبريات شركات الاستثمار والأعمال الصينية، خصوصاً العاملة في مصر، وسيركز اللقاء على تنمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المصرية - الصينية، وتوجهات الدولة المصرية لإصلاح النظام الاقتصادي والسياسي، وعرض مجمل السياسة الاستثمارية في المرحلة المقبلة»، قبل أن يعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، وفي المساء سيحضر مأدبة عشاء رسمية يقيمها الرئيس الصيني على شرف حضور رؤساء الدول المشاركة في الاحتفالات بالانتصار في الحرب العالمية الثانية.
وفي اليوم الثالث للزيارة، يحضر السيسي العرض العسكري الذي يقام لمناسبة احتفالات الصين بعيد النصر بصحبة الرئيس الصيني وعدد من الزعماء، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى رؤساء عشر من المنظمات الدولية بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل أن يغادر بكين صباح الجمعة متوجهاً إلى المحطة الثالثة في جولته الآسيوية وهي إندونيسيا.
وأوضح السفير المصري في بكين مجدي عامر أن السيسي سيناقش مع نظيره الصيني «بعض الملفات الثنائية المهمة والوضع الإقليمي والعالمي، ومن المتوقع أن يتناول الجانبان الأوضاع في سورية وليبيا واليمن وسبل مكافحة الإرهاب الدولي». وكشف أن بين مقابلات السيسي الثنائية خلال زيارته للصين لقاء مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير وآخر مع رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما. |