أثار توقيف أحمد المغسل (48 سنة)، العقل المدبر لتفجير سكن البعثة الاميركية في الخبر بالسعودية في 25 حزيران 1996، تساؤلات عن توقيت هذا الاختراق الامني الذي ينهي مطاردة استمرت عقدين لأحد أخطر المطلوبين على لائحة مكتب التحقيقات الفيديرالي "أف بي اي" الذي خصص خمسة ملايين دولار في مقابل معلومات تؤدي الى توقيفه .

ولم تتضح التفاصيل الرسمية لعملية توقيف زعيم ما يعرف بـ"حزب الله – الحجاز"، الا أن تصريحات متفرقة بدأت ترسم صورة أولية للعملية.

ونسبت صحيفة "النيويورك تايمس" الى مسؤول أميركي كبير أن السلطات الاميركية لا تزال تنتظر تفاصيل اضافية من المسؤولين السعوديين، مع تأكيده أن العقل المدبر لهجوم الخبر الذي سقط فيه 19 من سلاح الجو الاميركي وجرح 372 آخرون لم يعد طليقاً.

ونقلت وكالة "الاسوشيتد برس" عن مسؤول سعودي أن المغسل أوقف قبل أسبوعين بعد وصوله الى بيروت من طهران، وأنه حاول على ما يبدو الاختباء في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، معقل "حزب الله". وأشار الى أن المخابرات السعودية تعتقد أن أربعة مطلوبين آخرين في هجوم الخبر يعيشون في ايران.

وأبلغ مسؤول أمني لبناني "وكالة الصحافة الفرنسية" أن المغسّل أوقف قبل نحو ثلاثة اسابيع في مطار بيروت لدى وصوله من طهران، قبل تسليمه الى الرياض، وقال: "اوقفت قوة في فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي في الثامن من آب أحمد المغسل في مطار بيروت الذي كان وصل اليه آتياً من ايران بجواز سفر مزور"، و"تم تسليمه الى السلطات السعودية في اليوم التالي".

افترض بعض المحللين والمسؤولين الاميركيين أن تنظيم "القاعدة" اضطلع بدور في تفجير الخبر. ولكن عام 2006 خلصت محكمة في كولومبيا بالولايات المتحدة الى ان ايران هي مسؤولة عن التفجير، وأنها نفذت العملية من طريق "حزب الله - الحجاز" المرتبط بـ"حزب الله"، وأن المغسل هو زعيم هذه الجماعة.

والمغسل من مواليد القطيف في شرق المملكة عام 1967، ويعرف عنه اتقانه الفارسية.

ويقول توبي ماسيزن الذي تناول شيعة السعودية في كتاب عنوانه "السعوديون الآخرون" يقول إن ثمة شائعات عن أن المغسل ذهب الى ايران بعد الثورة الاسلامية ويعتقد أنه حارب في لبنان خلال الحرب الاهلية. و"حزب الله - الحجاز" تأسس عام 1987 في المنطقة الشرقية بالسعودية بعد مقتل أكثر من 400 ايراني في مواجهات مع شرطة مكافحة الشغب في مكة.

ويضيف أنه بعد هجوم الخبر، فكك "حزب الله - الحجاز" الى حد كبير، وان أعضاءه اما فروا وإما اعتقلوا. ولا يزال تسعة سعوديين آخرين على صلة بالهجوم مسجونين في السعودية منذ 19 سنة ويواجهون أحكاماً سرية.

اسمه وارد على لائحة "الاف بي اي" لأخطر المطلوبين الإرهابيين مع ثلاثة من عناصر "حزب الله - الحجاز"، هم: إبرهيم الياقوب، وعبدالكريم الناصر، وعلي الحوري.

وأورد موقع "سبق" السعودي الإخباري أن الحزب تورط في عمليات أمنية وهجمات أخرى، منها أحداث الحرم المكي عام 1987، إلى جانب الإعلام عن مسؤوليته عن استهداف منشأة نفطية في رأس الجعيمة شمال مدينة رأس تنورة في المنطقة الشرقية وتفجير منشآت شركة "صدف" البتروكيميائية في الجبيل.

وقال مدعون أميركيون إن المغسل الذي كان مستقراً في بيروت ويسافر الى القطيف بين الحين والاخر وجه أتباعه لمراقبة الاميركيين في السعودية منذ 1993، وأن جماعته كانت تمرر تقارير الى مسؤولين ايرانيين وتأخذ توجيهات من القادة العسكريين الايرانيين.

وكتب الرئيس الاميركي سابقاً بيل كلينتون في مذكراته أن "تورط ايران (في تفجير الخبر) أثار تساؤلات صعبة وخطيرة".

وفي ربيع 1996، قبض على أحد اتباع المغسل بينما كان يحاول دخول السعودية بسيارة محملة متفجرات حصل عليها من لبنان. وأوقف معه ثلاثة أشخاص آخرون. الا أن المغسل وجماعته واصلا نقل مزيد من المتفجرات عبر الحدود واخفاءها في القطيف، كما جاء في القرار الاتهامي، وهو ما اتاح لهم تنفيذ هجوم الخبر بصهريج مفخخ.

وجاء في مقال لبروس ريدل الباحث في معهد "بروكينغز" والذي كان مساعداً لنائب وزير الدفاع الاميركي كتبه أمس أن المغسل كان في تسعينات القرن الماضي ينشط من مسجد السيدة زينب في دمشق. وقال إن الانباء عن توقيف هذا الرجل في هذا الوقت يثير تساؤلات كبيرة: "هل يهدف خبر كهذا الى تذكير الاميركيين بالتاريخ الطويل لايران في التورط في الارهاب، وقت بلغ النقاش في الكونغرس للاتفاق النووي مداه؟". وفي رأيه أنه حتى لو كان توقيت توقيف المغسل محض مصادفة، فان قرار تسريب الخبر عنه في هذا الوقت قد يهدف الى التأثير على النقاش.