جنيف - موسى
عاصي تصاعد التوتر على الحدود السورية - الاسرائيلية أمس مع شن اسرائيل غارات على
مواقع في القنيطرة تسببت بمقتل خمسة أشخاص قالت اسرائيل إنهم افراد خلية في حركة "الجهاد الاسلامي" في
سوريا مسؤولين عن اطلاق صواريخ على الجليل الاعلى والجزء المحتل من الجولان الخميس، فيما جددت الحركة
نفيها المسؤولية عن اطلاق الصواريخ.
ومع التوتر المستجد على جبهة الجولان،
يراوح المسعى الروسي للدفع في اتجاه حلٍ سياسي للأزمة السورية على أساس المبادرة الاممية في مكانه .
وتجد الديبلوماسية الروسية التي تعمل خلية نحل في جنيف من أجل التحضير للاستحقاقات المتعددة المنتظرة في
أيلول المقبل صعوبة في ترجمة هذه الجهود في أجندة واضحة المعالم . وعلم أن الصورة قد تتضح منتصف الأسبوع
المقبل، مع عودة المبعوث الخاص للامم المتحدة ستيفان دو ميستورا الى جنيف، ومحاولة اطلاق ورشة التحضير
الجدية لمجموعات العمل المقرر تشكيلها بموجب المبادرة الاممية.
لكن المواقف
التي أمكن رصدها لا توحي حتى الآن بأن الأمور باتت في مسارها الصحيح. فعلى مستوى تشكيل اللجان، والتي من
المقرر أن تنطلق أعمالها خلال الاسبوعين الاولين من ايلول ولفترة تراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، لم يتلق
الفريق الاممي في جنيف أي ردٍ واضح لا من الحكومة السورية ولا من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة
والمعارضة السورية" في شأن المشاركة أو عدمها. وتنتظر دمشق للمضي في تسمية ممثليها الى هذه اللجان، أن
"يقدم المبعوث الدولي شرحا مفصلا لمهمات هذه اللجان وطبيعتها وخصوصا هوية المشاركين فيها من أطياف
المعارضة السورية". وتأخذ دمشق على دو ميستورا "ضبابية الاقتراح الذي قدمه في مجلس الأمن وعدم اعطاء
البند المتعلق بمحاربة الارهاب أولوية في مهمات اللجان".
وفي المقابل، ينتظر
الائتلاف السوري المزيد من التفاصيل عن هوية وعدد المشاركين على مستوى أطياف المعارضة الأخرى، خصوصا أنه
يشعر بأن توسيع مروحة المشاركة للمعارضة لا يتماشى مع اصراره على اعتبار نفسه ممثلاً حصريا للشعب
السوري. ويرى بعض أطراف الائتلاف كرئيس اللجنة القانونية فيه هيثم المالح أن توسيع مروحة المشاركين من
المعارضة هو "تشتيت لها".
وأوضح عضو الائتلاف أحمد رمضان لـ"النهار" أن ليست
هناك أي تفاصيل عن اللجان بعد، وأن الهيئة السياسية تدرس موضوع المشاركة في هذه اللجان و"لم تتخذ حتى
الآن أي قرار". وعن نية موسكو عقد لقاء موسع لأطياف المعارضة السورية من أجل العمل على التوصل الى رؤية
موحدة في مفاوضات محتملة مع النظام، قال رمضان إن الائتلاف لم يتلق أي دعوة لحضور اجتماع للمعارضة و"سبق
لنا أن أبلغنا الجانب الروسي أن أي مسعى يجب أن يستند الى اعلان جنيف 1 ومخرجات مؤتمر جنيف 2 وأن يقود
الى تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات بالاستناد الى مرجعية قرارات مجلس الأمن"، مؤكدا أن
الائتلاف سيقرر موقفه من أي دعوة يتلقاها "بناء على مضمونها وأهدافها والجهات المشاركة
فيها".
وعلمت "النهار" من أوساط متابعة لتحركات المبعوث الاممي، أن دو ميستورا
يعمل حالياً على ترجمة الاقتراح الذي قدمه عن تشكيل اللجان بشكل عملي وواضح وكل التفاصيل عن مهمات هذه
اللجان وحجمها وأعداد المشاركين فيها وصلاحياتها، ومن المتوقع أن يقدم الاقتراح الاسبوع المقبل الى
الجهات المتعددة.
لجنة موسكو
ولافروف في هذه الأثناء، يعقد ممثلون للمعارضة السورية في الداخل والخارج، الذين
شاركوا في منتديي موسكو 1 و2، وهم أمين حزب الارادة الشعبية القيادي في جبهة التحرير والتغيير قدري
جميل، حسن عبد العظيم، محمد حبش، خالد عيسى ونمرود سليمان، لقاء في 31 تموز الجاري مع وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف في موسكو. وقال جميل لـ"النهار" إن هدف الاجتماع هو البحث في الخطوات
التي تؤدي الى انعقاد "جنيف 3 على أساس وثيقة جنيف 1" للحل في سوريا.
مقتل خمسة أشخاص في غارات اسرائيلية جديدة على القنيطرة
قتل خمسة أشخاص في غارة اسرائيلية جديدة استهدفت محافظة القنيطرة السورية في هضبة الجولان، بعد سلسلة غارات جوية على مواقع عسكرية في المنطقة، غداة سقوط صواريخ في اسرائيل انطلاقاً من مرتفعات الجولان، فيما هدم تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) ديراً تاريخياً في وسط سوريا.
صرح مصدر عسكري اسرائيلي بأن غارة جديدة شنت امس في القنيطرة، أدت الى مقتل افراد من حركة "الجهاد الاسلامي" في سوريا التي اتهمها مسؤولون اسرائيليون الخميس باطلاق صواريخ من الجانب السوري سقطت في شمال الدولة العبرية وفي الشطر المحتل من هضبة الجولان السورية.
وبث التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل: "طيران الاحتلال الاسرائيلي يستهدف سيارة مدنية في قرية الكوم" الواقعة في ريف القنيطرة بهضبة الجولان، مضيفا ان الغارة أدت الى "استشهاد خمسة مدنيين عزل". وتحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" عن مقتل شخص واصابة سبعة آخرين بجروح جراء غارات اسرائيلية على احد المواقع العسكرية الخميس.
وأكد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له شن غارة اسرائيلية جديدة، مشيرا الى ان بين القتلى الخمسة "عنصرين من قوات الدفاع الوطني" الموالية لقوات النظام السوري.
وسبق الغارة الجمعة اعلان مصادر اسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي نفذ مساء الخميس غارات جوية وقصفا بالمدفعية استهدفت مواقع للجيش السوري في هضبة الجولان، وذلك ردا على اطلاق اربعة صواريخ من الجولان السوري اتهم "الجهاد الاسلامي" في سوريا بالوقوف وراءها. وقال مصدر عسكري اسرائيلي: "تم استهداف أعضاء من المجموعة المسؤولة عن اطلاق الصواريخ امس (الخميس) والقضاء عليهم"، موضحاً ان عددهم راوح بين أربعة وخمسة اشخاص. واشار الى انهم ينتمون الى "حركة الجهاد الاسلامي في سوريا ويعملون في اشراف ايران".
وكان الجيش الاسرائيلي اتهم في بيان الخميس حركة "الجهاد الاسلامي" باطلاق هذه الصواريخ، وقال انها "منظمة تتحرك باوامر من ايران ونعتبر ان الحكومة السورية مسؤولة عن اطلاق الصواريخ وستدفع الثمن".
ونفى عضو المكتب السياسي لـ"الجهاد الإسلامي في فلسطين" محمد الهندي اتهامات للحركة بالوقوف وراء إطلاق أربعة صواريخ من الجولان السوري على الجليل الأعلى، قائلا إن هذه الاتهامات "باطلة وهدفها خلط الأوراق".
"داعش" هدم ديراً في حمص على صعيد آخر، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: "هدم تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) أمس دير مار اليان الواقع في مدينة القريتين في ريف حمص مستخدماً الجرافات بحجة انه "يعبد من غير الله"، اي بما يخالف عقائده الدينية". ونشر "داعش" صوراً تحت عنوان "هدم دير مار اليان" تظهر الدير وجزءاً من محتوياته وأخرى تظهر جرافة وهي تعمل على هدم جزء منه.
وكان سيطر في 5 آب على مدينة القريتين وخطف 230 مدنيا من سكانها بينهم 60 مسيحيا، أفرج عن 48 منهم على دفعات. وأكد المرصد الاشوري لحقوق الانسان هدم التنظيم الدير التاريخي التابع للسريان الكاثوليك والذي يعود تاريخ بنائه الى القرن الخامس، وقال إن مصير رئيس الدير الاب جاك مراد لا يزال مجهولاً منذ اختطافه في 27 ايار الماضي. وخطف ثلاثة مقنعين الأب مراد من دير مار اليان بعد سيطرة "داعش" في 21 ايار على مدينة تدمر الاثرية في محافظة حمص.
وتحول الدير الذي نشطت فيه خلال العقدين الاخيرين الرهبنة التابعة للاب الايطالي باولو دالوليو المخطوف منذ تموز 2013 في مدينة الرقة معقل "داعش"، مقصداً للزوار والمصلين. وبات مركزاً للحوار بين الاديان في قلب مدينة القريتين التي تعد بدورها رمزا للتعايش بين المسيحيين والمسلمين في وسط سوريا. وشكل الدير ملجأ للنازحين عند بدء المعارك في مدينة حمص قبل سنتين.
دفعة ثانية من برنامج التدريب الأميركي
في غضون ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية إن المجموعة الثانية من مقاتلي المعارضة السورية الذين دربهم في تركيا الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة يمكن أن تنشر في سوريا خلال أسابيع في إطار حملة لابعاد مقاتلي "داعش" عن حدود تركيا.
وتعتزم الولايات المتحدة وتركيا توفير غطاء جوي لمن تعتبره واشنطن من المعارضة السورية المعتدلة في عملية مشتركة لطرد التنظيم المتشدد من منطقة مثلثة على الحدود طولها تقريبا 80 كيلومتراً. وبدأت الطائرات الاميركية فعلاً شن غارات انطلاقا من قواعد تركية قبل الحملة.
وكانت "جبهة النصرة" جناح "القاعدة" في سوريا قالت أواخر الشهر الماضي إنها احتجزت عدداً من المجموعة الاولى التي دربتها الولايات المتحدة والمكونة من 60 مقاتلا في شمال سوريا بعد أسابيع من نشرهم وحذرت آخرين وطلبت منهم الانسحاب من البرنامج.
وقال مصدر ديبلوماسي إنه "على رغم ما أحاط به من تشاؤم، الا انه من السابق لأوانه استبعاد هذا البرنامج. موارد هائلة استثمرت في هذا كي ينجح ونعتقد انه سينجح في النهاية".
وتتدرب المجموعة الثانية من مقاتلي المعارضة في تركيا حاليا على أيدي مدربين عسكريين اميركيين وبريطانيين وسيرسلون الى سوريا فور انتهاء التدريب خلال الاسابيع المقبلة.
واضاف المصدر ان تحديد المكان الذي سيرسلون اليه في سوريا سيعتمد على "التطورات الاخيرة في مسرح المعارك". وتوقع نشر ألف مقاتل في سوريا بحلول نهاية السنة.
وفي كانبيرا، كشف رئيس الوزراء الأوسترالي طوني أبوت أن حكومة بلاده تدرس طلباً رسمياً من الولايات المتحدة للانضمام إلى الغارات الجوية على تنظيم "داعش" في سوريا.
|