أعرب مدير العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفن أوبراين من دمشق عن "ذهوله" غداة غارات جوية شنتها قوات النظام السوري على مدينة دوما وتسببت بمقتل نحو مئة شخص، معظمهم من المدنيين، في اعتداء يعد من الاكثر دموية منذ بدء النزاع عام 2011.
صرّح اوبراين خلال مؤتمر صحافي في دمشق: "هالتني اخبار الغارات الجوية أمس على وجه الخصوص" والتي "تسببت بسقوط عشرات القتلى من المدنيين ومئات الجرحى في وسط منطقة دوما المحاصرة في دمشق". وأضاف: "أصبت بالذهول من جراء التجاهل التام لحياة المدنيين في هذا الصراع"، مشدداً على ان الاعتداء على المدنيين "غير قانوني وغير مقبول ويجب ان يتوقف". وناشد "كل اطراف هذا النزاع الطويل حماية المدنيين واحترام القانون الانساني الدولي".
وأفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ بريطانيا مقراً له ان مدينة دوما تعرضت لخمس غارات جوية، من دون معلومات عن الأضرار. وتحدث عن "ارتفاع حصيلة القتلى جراء مجزرة نفذتها طائرات النظام الحربية باستهدافها لسوق في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية الى 96 شهيداً على الاقل بينهم أربعة اطفال، فيما اصيب 250 آخرون بجروح". وأشار الى ان عدد القتلى "مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة".
وروى مصور لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" في دوما ان الاهالي انصرفوا الى تشييع القتلى بعدما حالت الغارات الجوية التي شملت موقع المقبرة دون تشييعهم الاحد. وقال إنه "بعد كل مجزرة يضطر الاهالي الى دفن أربعة أشخاص بعضهم فوق البعض نظراً لارتفاع عدد القتلى". وأوضح ان ما رآه في المدينة الاحد كان "أشد قسوة مما شاهده بعد قصف المدينة بالسلاح الكيميائي قبل سنتين". وشرح كيف ان سكان الحي المنكوب اصيبوا بحال هستيريا وهم ينقلون الجرحى الى مستشفى ميداني وكان عدد كبير منهم ملقى على الارض لعدم وجود اسرة كافية.
واعتبر مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان قصف دوما "يأتي في اطار سياسة الارض المحروقة التي يتبعها النظام السوري... يريد النظام ان يظهر انه قادر على قتل العدد الذي يريده من المدنيين من غير ان يبدي أي اهتمام بالمجتمع الدولي".
خوجة واتهم رئيس "الائتلاف الوطني لقوة الثورة والمعارضة السورية" خالد خوجة في مؤتمر صحافي في اسطنبول، النظام بـ"تعمد" قتل المدنيين، منتقداً تقصير المجتمع الدولي. وقال ان "جرأة النظام وتماديه في ارتكاب المذابح بحق المدنيين... تعتمد على صمت دولي يصل إلى حد التواطؤ". وأضاف: "من يسلح نظاماً مثل هذا النظام ويحميه من المحاسبة في مجلس الأمن شريك في المسؤولية عن جريمة قصف مدنيين محاصرين ومجوعين منذ سنوات بالطائرات الحربية... من يعارض قيام مناطق آمنة للسوريين على أرضهم ويمنع تزويدهم سلاحاً للدفاع عن أهلهم وأطفالهم فهو يرسل رسالة واضحة الى النظام بأنه مسموح له بارتكاب ما يشاء من فظائع".
قصف اللاذقية وفي غرب سوريا، استهدفت قذائف صاروخية احياء سكنية في مدينة اللاذقية الساحلية موقعة ضحايا للمرة الثانية في غضون أقل من أسبوع. وبث التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل ان ستة اشخاص قتلوا وأن 19 آخرين جرحوا نتيجة"قذائف حقد الارهابيين على المدينة". واكد المرصد السوري استهداف المدينة، مشيراً الى مقتل ثلاثة أشخاص فقط. وكانت المدينة تعرضت الخميس لقصف مماثل أدى الى مقتل شخصين واصابة 14 بجروح.
الزبداني وعلى جبهة اخرى، أعلن مصدر عسكري سوري أن "وحدات من الجيش السوري، بالتعاون مع المقاومة اللبنانية، أحكمت سيطرتها الكاملة على 46 كتلة بناء داخل بلدة الزبداني بعد القضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية التكفيرية فيها". ونقلت عنه الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" إنه "تمت ملاحقة أفراد التنظيمات الإرهابية التكفيرية وتكبيدهم خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد في عدد من المحاور والنقاط داخل مدينة الزبداني". وأضاف أن "ملاحقة أفراد التنظيمات الإرهابية متواصلة من حي الجمعيات باتجاه ساحة العجان وساحة الجسر ومن ساحة المحطة وسكر برهان باتجاه مركز البلدة"، مشيراً إلى "مقتل العديد من أفراد التنظيمات الإرهابية التكفيرية بينهم أحد المسؤولين الميدانيين في ما يسمى حركة أحرار الشام الإسلامية المدعو أبو علي شديد".
القتال ضد "داعش" وتمكنت قوات المعارضة السورية المسلحة من السيطرة على معمل الغاز شرق أعزاز في ريف حلب الشمالي بعد معارك مع تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). ونقلت قناة "الغد العربي" الإخبارية عن مصادر في المعارضة السورية أن الاشتباكات تتواصل قرب معمل الغاز في منطقة دوديان في ريف حلب الشمالي، وسط تقدم للمعارضة التي استطاعت السيطرة على المعمل.
وشنّت طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة غارات عدة على مناطق سيطرة التنظيم في قرية أم حوش في ريف حلب الشمالي. وكانت فصائل عدة من المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي قد أعلنت عن عملية عسكرية واسعة ضد "داعش"، تهدف إلى السيطرة على القرى الحدودية في الريف الشمالي لحلب، وذلك بمشاركة كل من "الجبهة الشامية" و"حركة أحرار الشام" و"لواء السلطان مراد".
إصرار روسي - إيراني على التمسُك بالأسد
العواصم – الوكالات جنيف – موسى عاصي أظهرت زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لموسكو ولقاؤه نظيره الروسي سيرغي لافروف أن موسكو وطهران لا تزالان على اتفاق واضح وصريح على عدم التخلي عن الرئيس السوري بشار الاسد في أي مقاربة لحل الأزمة السورية، وان يكمن تباين ظاهر برز بين الطرفين حيال التفاصيل وأسس المسار السياسي وأدوات الحل. أما واشنطن، فكررت انها تعمل من أجل عملية انتقال سياسي من دون الاسد.
واتفقت تصريحات كل من ظريف ولافروف في المؤتمر الصحافي الذي عقداه خلال زيارة المسؤول الايراني للعاصمة الروسية على أن "السوريين هم الذين يقررون مصير الاسد". وقال لافروف: "إذا اعتقد بعض شركائنا أن علينا أن نوافق مقدماً على أن يترك الرئيس منصبه في نهاية فترة موقتة فلن يكون مثل هذا الموقف مقبولاً بالنسبة الى روسيا". وأضاف: "إننا لا نزال متمسكين بالقاعدة المتينة المتمثلة في بيان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012، والذي ينص على حل جميع مسائل تجاوز الأزمة السورية عبر مفاوضات بين الحكومة السورية ووفد للمعارضة يمثل جميع أطياف خصوم القيادة السورية".
وقال ظريف إن "على السوريين أن يقرروا مصيرهم ومستقبلهم بأنفسهم، أما الدول الأجنبية، فيجب أن يقتصر دورها على تسهيل تحقيق هذه المهمة بالنسبة الى السوريين".
وأوضحت أوساط ديبلوماسية مقربة من الجانب الروسي أن الجانبين الروسي والايراني بحثا في تفاصيل المبادرة الايرانية الأخيرة لحل الازمة السورية وبندها الاساس تأليف حكومة وحدة وطنية، وبالتوازي مجلس وطني تشريعي. وكشفت هذه الأوساط أن الروس يملكون مثل الرؤية الايرانية لتأليف حكومة وحدة وطنية، لكن التباين بين الطرفين يكمن في طبيعة هذه الحكومة وكيفية تأليفها.
وفي معلومات "النهار"، ان طهران تقترح ضم كل أطياف المعارضة السورية الى حكومة الوحدة وتسليم كل الحقائب الوزارية الى شخصيات سورية "لم تتلطخ اياديها بالدم السوري"، عدا حقيبتي الدفاع والداخلية اللتين ستبقيان في يد الرئاسة السورية. ويقضي المقترح الايراني بتسليم رئاسة هذه الحكومة الى واحدة من ثلاث شخصيات محسوبة على المعارضة وهي: معاذ الخطيب أو هيثم مناع أو قدري جميل.
وستكون لحكومة الوحدة، بحسب المبادرة الايرانية، "صلاحيات كاملة لادارة البلاد"، وستتولى تصريف الاعمال الاجرائية بحرية تامة وخصوصاً الملفات الانسانية والاقتصادية والاجتماعية، في حين يتولى المجلس الوطني السوري وضع أسس الدستور والتشريعات الجديدة، على أن يُحافظ على موقع الرئاسة السورية في يد الرئيس بشار الاسد الى حين اجراء انتخابات رئاسية جديدة وعندها "يختار الشعب السوري رئيسه بنفسه".
وعلى رغم اتفاقه مع الجانب الايراني على مسألة تأليف حكومة وحدة وطنية تدير المرحلة الانتقالية، يرى الجانب الروسي أن المبادرة الايرانية لن يكتب لها النجاح، بصرف النظر عن مضمونها، وذلك "بسبب المواقف المسبقة" منها من معظم القوى الاقليمية ولا سيما منها تركيا والمملكة العربية السعودية، ويفضل الجانب الروسي "حلاً ينبثق من تحرك الامم المتحدة" الذي يقوده المبعوث الخاص ستيفان دو ميستورا.
وقالت الاوساط الديبلوماسية المقربة من الجانب الروسي إن موسكو نصحت طهران بتركيز الجهود على المسار الاممي للحل، وعملية تشكيل اللجان التي اقترحها دو ميستورا أخيراً، ولا سيما منها اللجنة الدولية - الاقليمية التي ستقوم بمهمة رعاية الحل في سوريا، وعضوية ايران في هذه اللجنة ، ودعت في هذا الاطار الى العمل الجدي من أجل تعديل موقف السعودية "الرافض حتى الآن" لعضوية ايران تلك.
مواجهة "داعش" وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الروسية أن الوزيرين لافروف وظريف أكدا تقارب مواقف بلديهما من ضرورة إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعزيز تصديهما المشترك للتهديد الناجم عن تنظيم "الدولة الإسلامية" وغيره من الجماعات المتطرفة.
واشنطن: نعمل على انتقال سياسي من دون الاسد أما في واشنطن، فقد نددت الولايات المتحدة "بشدة" بالغارات "الوحشية" التي شنّها طيران النظام السوري الاحد على مدينة دوما في ريف دمشق والتي أوقعت نحو مئة قتيل، مستنكرة "استخفاف النظام (السوري) بحياة البشر". وكررت وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان واشنطن "تعمل مع شركائها من اجل انتقال سياسي فعلي يقوم على التفاوض، بمعزل عن الاسد".
وصرّح الناطق باسم الوزارة جون كيربي بأن "الهجمات الوحشية لنظام الاسد على مدن سورية أسفرت عن مقتل الاف الاشخاص ودمرت مدارس ومساجد وأسواقاً ومستشفيات". وجدد الموقف الديبلوماسي لواشنطن منذ أكثر من أربع سنوات ومفاده أن "الاسد لا يتمتع بأي شرعية لقيادة الشعب السوري".
|