موناليزا فريحة أمام شهادات مرعبة عرضتها "النيويورك تايمس" في تحقيق مطوّل عنوانه "داعش يكرس لاهوت الاغتصاب"، صرحت وكيلة الامين العام للأمم المتحدة والممثلة الخاصة للأمين العام لضحايا العنف الجنسي في النزاعات زينب بانغورا لـ"النهار": "هذا ليس الاسلام... إنه إرهاب يشن على أجساد الفتيات والنساء".
منذ بدأ مقاتلو "الدولة الاسلامية" في الثالث من آب 2014 التقدم في قرى الضفة الجنوبية لجبال سنجار، كثرت التقارير عن سبي فتيات ونساء ورق جنسي. تجارة جنس منهجية ومنظمة خططت لها "الدولة الاسلامية" بعناية وتأن. وبانغورا نفسها زارت المنطقة، بما فيها سوريا والعراق، في نيسان الماضي وسمعت بنفسها شهادات لفتيات "تم بيعهن مثل برميل النفط".
ما شهدته وسمعته كان كافيا للتأكيد ان العنف الجنسي يستخدم في ارض "الخلافة" أداة للارهاب، و"يروّج في شكل صارخ ويعطى طابعا مؤسساتيا لتسويق أجندة سياسية وايديولوجية".
يؤكد كلام بانغورا ما قالته ناجيات من قبضة "الدولة الاسلامية" روين معاناتهن للصحيفة الاميركية من أن "هناك أدلّة على شبكات من داعش تتاجر بآلاف النساء والفتيات وتبيعهن أو تحتجزهن من أجل فدية". وتؤكد ان "الفتاة الواحدة يمكن بيعها وشراؤها خمس مرات وست مرات، وأحيانا يبيع المسلحون الفتيات من أسرهن او أقاربهن بآلاف الدولارات على سبيل الفدية". وكل ذلك وفقا للائحة أسعار كانت متداولة على شبكة الانترنت وأكدتها بانغورا بعد زيارتها للمنطقة. فالأكبر سنا أرخص ثمنا، والاسعار كلها بالدينار العراقي، لكن القيمة المعادلة بالدولار الاميركي تدل على أن صغرى البنات اللواتي تراوح أعمارهن بين سنة وتسع يبلغ سعر الواحدة منهن 165 دولارا تقريبا، وسعر الفتيات المراهقات 124 دولارا تقريبا. أما النساء فوق سن الـ20 فهن أقل سعرا، والنساء فوق الـ40 الاقل على الإطلاق، بسعر 41 دولارا تقريبا.
والى الاتجار بسباياه، يستغل التنظيم الوعود بـ"زوجات" في حملاته الدعائية في اطار استراتيجية للتعبئة، كما يعامل الفتيات والنساء اللواتي يخطفهن كـ"غنائم حرب" وكممتلكات تابعة له. شهادة ف. ابنة الثانية عشرة في "النيويورك تايمس" مؤلمة ومخزية معاً. الفتاة التي وصلت الى مخيم للاجئين قبل 11 شهراً روت كيف كان المقاتل الداعشي يأخذ وقته ليشرح لها أن ما سيقوم به ليس خطيئة. ولأنها تنتمي إلى دين غير الإسلام، يقول إن "القرآن لا يعطيه الحق في اغتصابها فحسب، وإنما يشجعه على ذلك".
وكان يقيّد يديها ويكمّ فاها ويركع إلى جانب السرير للصلاة قبل أن يعتليها. وعندما يتنهي، يركع مجدداً للصلاة، مغلفاً الاغتصاب بأفعال تعكس تقوى دينية. وهو يقول إنه وفقا للإسلام "يسمح له باغتصاب شخص كافر"، وباغتصابها "يقترب أكثر من الله".
"وثيقة عتق" امرأة أخرى في الخامسة والعشرين هربت من قبضة "داعش" في تموز الماضي، عرفت عن نفسها بحرف أ. روت كيف سلمها "سيدها" الليبي ورقة منضدة وشرح لها أنه أنهى تدريبه كانتحاري وأنه يستعد لتفجير نفسه، لذلك فهو يحررها.
الورقة كانت "وثيقة عتق" وقعها قاضي الإقليم الغربي لـ"الدولة الاسلامية"، وقد استخدمتها المرأة الايزيدية على الحواجز الأمنية لمغادرة سوريا والعودة إلى العراق، حيث انضمت الى عائلتها.
الشهادات التي نشرتها الصحيفة تؤكد ان لا حدود لما هو مسموح به في الرق الجنسي المعتمد لدى "داعش"، بما فيه اغتصاب الفتيات اللواتي لم يبلغن سن البلوغ "إذا كن مناسبات للجماع".
امرأة ايزيدية في الرابعة والثلاثين اشتراها مقاتل سعودي واغتصبها مرارا في مدينة الشدادي السورية تروي كيف تحملت التعدي عليها أكثر من مرة. فتاة أخرى في الثانية عشرة اغتصبت أياما متواصلة على رغم اصابتها بنزف حاد. قالت: "لقد دمر جسدها، كانت مصابة بشدة. كان المقاتل يأتي الي باستمرار ويسألني لماذا رائحتها سيئة؟ كنت أقول له إنها تعاني إصابة داخلية وعليك الاعتناء بها".
لم يتأثر وواصل عادته بالصلاة قبل أن يغتصبها وبعد ذلك. وتذكرت: "كنت أقول له إنها فتاة صغيرة. كان يقول لا إنها ليست فتاة صغيرة. إنها عبدة وتعرف جيداً كيف يمارس الجنس... وممارسة الجنس معها يرضي الله".
عن كل هذا، تقول بانغورا: "هذا ليس الاسلام... إنه إرهاب يشن على أجساد الفتيات والنساء". من هذا المنطلق، ترى أن أي رد لمكافحة الارهاب يجب أن يحمي النساء والفتيات ويعززهن ويوفر خدمات للفتيات والنساء ومجتمعاتهن لإعادة بناء نفسها. |