مع استمرار الجيش التركي في غاراته على مواقع لـ"حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق، وصفت بغداد هذه الغارات بأنها تصعيد خطير وانتهاك للسيادة العراقية، وحذر رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني من ان الانضمام التركي الى الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) يجب الا يكون ثمنه اكراد سوريا وتركيا. أعطت السلطات التركية رسمياً الضوء الأخضر للاميركيين لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب البلاد لضرب مقاتلي "داعش". وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية، بعد أيام من موافقة انقرة المبدئية على هذه الخطوة، إنه تم "توقيع" مرسوم حكومي وبات في امكان الاميركيين استخدام القاعدة "في اي وقت" في اطار الائتلاف الدولي ضد الجهاديين.
والاتفاق الذي كان موضع مفاوضات طويلة، سعت اليه واشنطن بقوة لان للقاعدة موقعاً استراتيجياً يقرب مقاتلات "ف -16" الاميركية من اهدافها، في حين انها مضطرة حاليا الى الاقلاع من قواعد أبعد في الاردن او الكويت مثلاً.
في غضون ذلك، عقد مجلس النواب التركي جلسة طارئة لمناقشة "الحرب على الارهاب" التي تشنها الحكومة على "داعش" و"حزب العمال الكردستاني"، الأمر الذي يثير شكوك المعارضة في أهداف الرئيس رجب طيب اردوغان.
وأمس، أقلع عدد كبير من الطائرات المقاتلة التركية من قاعدة ديار بكر في جنوب شرق البلاد، متوجهة إلى شمال العراق لقصف معسكرات "حزب العمال الكردستاني" في مناطق زاب وغارا ومتينا وهفتانين وآفاشين وقنديل. وبثت شبكة "خبر تورك" الفضائية التركية أن طائرات أخرى توجهت لضرب مواقع الانفصاليين الأكراد في جبال جودي وعابار وضواحي مدينتي سرناك وهكاري ذات الغالبية الكردية على الحدود المشتركة مع العراق.
وجاء في معلومات أولية من مصادر عسكرية، ان ما يقرب من 200 انفصالي قتلوا، وان نحو 13 مخبأ ومخزناً وبطارية مضادة للطائرات دمرت. وأكدت المصادر أن مواقع الأكراد في جبال قنديل تلقت ضربة كبيرة، كان هدفها تدمير مقر مراد كارايلان القائد العسكري لـ"حزب العمال الكردستاني" في الجبال.
تحذير الماني وحذرت وزارة الخارجية الألمانية من هجمات محتملة تستهدف شبكة قطارات الأنفاق ومحطات الاوتوبيسات في مدينة اسطنبول التركية. وقالت في بيان بموقعها الإلكتروني: "ربما ازدادت النشاطات الهجومية لحزب العمال الكردستاني... وعلاوة على ذلك هناك مؤشرات لهجمات محتملة تستهدف شبكة قطارات الأنفاق ومحطات الحافلات في اسطنبول".
وشن مقاتلو "حزب العمال الكردستاني" هجوماً بالصواريخ على مبنى مديرية أمن بلدة ليجه بمدينة دياربكر ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق تركيا، مما اوقع أضراراً مادية بالمبنى ولم يوقع أي خسائر في الأرواح.
وفي ضواحي بلدة ليجه أيضاً، خطفت مجموعة مسلحة من أعضاء الحزب شرطياً يعمل في مديرية أمن أورفة بعد عودته من إجازته السنوية من مدينة آرضروم بشرق تركيا. واضرم اعضاء الحزب النار في ثلاث سيارات على الطريق البري الذي يربط مدينة تونجلي ببلدة هوزات بجنوب شرق تركيا.
وفي مدينة هكاري، شنت مجموعة من العناصر الكردية هجوماً بالصواريخ والأسلحة البعيدة المدى على مجمع سكني للمبنى العدلي في بلدة يوكسك أوفا التابعة لمديرية أمن هكاري. وأعلن مكتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو احتجاز 1302 شخص في عمليات دهم استهدفت "داعش" و"حزب العمال الكردستاني" وجماعات يسارية غير مشروعة. من تدعم واشنطن وانقرة؟ وأفاد مسؤولون أن الولايات المتحدة وتركيا لم تتفقا بعد على أي جماعات المعارضة السورية يمكن تقديم الدعم لها ضمن جهد مشترك للمساعدة في تطهير الحدود التركية من "داعش"، مما يسلط الضوء على الغموض الذي يكتنف خطة الحملة. وأعربت واشنطن وأنقرة هذا الأسبوع عن عزمهما على توفير غطاء جوي للمعارضة السورية واجتثاث مقاتلي "داعش" معاً من القطاع الممتد على طول الحدود مع استخدام الطائرات الحربية الأميركية القواعد الجوية في تركيا لشن الغارات. ولكن يبدو أن التخطيط بدأ للتو وان الاتفاق على التفاصيل المهمة مثل أي جماعات المعارضة ستتلقى الدعم على الأرض قد يؤجج توترات قائمة فعلاً منذ أمد بعيد بين الولايات المتحدة وتركيا في شأن الاستراتيجية في سوريا. وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في إفادة للصحافيين مشترطاً عدم ذكر اسمه: "علينا أن نجلس مع الأتراك لنقرر ذلك". واعترف بأن هناك جماعات معارضة في سوريا "لن نعمل معها قطعاً". العراق وفي موقف لافت، نددت الحكومة العراقية بالهجوم الذي بدأته تركيا منذ ستة أيام على المقاتلين الأكراد في شمال العراق ووصفته بأنه تصعيد خطير واعتداء على السيادة العراقية. وفي بيان أورده موقع رئيس الوزراء حيدر العبادي على الإنترنت دعت بغداد تركيا الى تجنب المزيد من التصعيد والسعي الى حل للأزمة. البارزاني وحذر البارزاني من أن قرار الحكومة التركية الإيجابي المشاركة في الجبهة الدولية ضد "داعش" يجب ألا يكون ثمنه ضرب الأكراد في تركيا وسوريا. وقال: إننا "قلقون من تطور الخلاف بين الجانبين في تركيا. إن إقليم كردستان ليس من مخططي السياسة التركية ولا سياسة حزب العمال الكردستاني بل إن الإقليم يؤيد عملية السلام ويعتقد أن الحرب هي حل سيئ ويشجع الأطراف السياسيين على العودة إلى طاولة الحوار لأن السلام والنضال السياسي يخدمان المصلحة العامة للكرد وتركيا".
|