القاهرة - أحمد
مصطفى عادت مشاورات تشكيل تحالفات حزبية لخوض الانتخابات التشريعية إلى واجهة
المشهد المصري مع تمرير الرئيس عبدالفتاح السيسي القوانين المنظمة للاستحقاق الذي يمثل آخر محطات «خريطة
المستقبل» التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
ولم تلبِ التعديلات
التي أجريت على القوانين استجابة لأحكام المحكمة الدستورية العليا مطالب غالبية الأحزاب السياسية، ما
يتوقع معه أن تقاطع الانتخابات كتلة من الأحزاب كان يعوّل عليها للعب دور المعارضة أسفل قبة البرلمان
الجديد.
وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت أحكاماً في آذار (مارس) الماضي
بعدم دستورية حظر ترشح مزدوجي الجنسية وتقسيم الدوائر الانتخابية المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي، ما
أدى إلى إرجاء التشريعيات وتشكيل لجنة قانونية لإجراء التعديلات المطلوبة على القوانين التي أصدرها
الرئيس مساء أول من أمس رسمياً، ليأذن بانطلاق التشريعيات.
ويتوقع أن يصدر
السيسي خلال أيام قراراً بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، برئاسة رئيس محكمة
استئناف القاهرة وعضوية أقدم نائبين من نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نائبين لرئيس مجلس الدولة، وأقدم
رئيسين في محاكم الاستئناف، على أن تعقد اللجنة بتشكيلتها الجديدة بعدها سلسلة من الاجتماعات لترتيب
الجدول الزمني للاستحقاق الذي تعهد السيسي الانتهاء من مراحله قبل نهاية العام
الجاري.
ووفقاً لقانون تقسيم الدوائر بعد تعديله، فإن البرلمان الجديد سيتألف
من 568 مقعداً بالانتخاب، مقسمة إلى 448 مقعداً موزعاً على 205 دوائر انتخابية للمنافسة بالنظام الفردي،
إضافة إلى 120 مقعداً موزعة على أربع دوائر مخصصة للمنافسة بنظام القوائم المطلقة
المغلقة.
وتوقع مسؤول حكومي تحدث إلى «الحياة» بدء إجراءات التشريعيات بفتح
باب قبول أوراق الترشح في أيلول (سبتمبر) المقبل، على أن يجري الاقتراع على مرحلتين أواخر العام الجاري،
مرجحاً التئام البرلمان الجديد قبل ربيع العام المقبل.
وسارعت أحزاب إلى ترتيب
اجتماعات مشتركة بينها لحسم مشاورات تشكيل التحالفات الانتخابية، فيما سعت أحزاب أخرى إلى لجم خلافاتها
الداخلية، وسط توقعات بإعلان أحزاب مقاطعة الاستحقاق.
وانتقد القيادي في
«التيار الشعبي» المنخرط في «تحالف التيار الديموقراطي» طارق نجيدة عدم إجراء الحكومة تعديلات جوهرية
على قوانين الانتخابات تستجيب لمطالب القوى السياسية، خصوصاً تقليص المقاعد المخصصة للنظام الفردي
واعتماد القائمة النسبية المفتوحة بدل القائمة المغلقة المطلقة، معتبراً أن ذلك «يعطي إشارة إلى اتجاه
لإقصاء القوى السياسية لمصلحة رجال الأعمال وأصحاب النفوذ».
وقال نجيدة لـ
«الحياة» إن «الحكومة تتعمد فتح الطريق أمام نظامي (الرئيس السابق حسني) مبارك والإخوان لخوض
الانتخابات»، مرجحاً إصرار التيار على موقفه السابق بمقاطعة التشريعيات، وإن أكد أن اجتماعاً سيعقد خلال
أيام لحسم الأمر.
وأعلن المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق تراجعه عن استقالته
من رئاسة حزب «الحركة الوطنية» ليضع حداً للخلافات الداخلية قبل انطلاق التشريعيات. وكان شفيق قدم
استقالته من رئاسة الحزب في حزيران (يونيو) الماضي، وعزا السبب إلى «الظروف الصعبة» التي يمارس فيها
عمله من مقر إقامته في الإمارات. لكن الهيئة العليا للحزب قررت رفض الاستقالة، وأعلنت تشكيل لجنة من
أعضاء الحزب «لمقابلته وإقناعه بضرورة الاستمرار في منصبه».
وقال شفيق في
بيان: «إشارة إلى ما كنت قد تقدمت به من استقالة من حزب الحركة الوطنية، ونظراً إلى ما تقرر من رفض
لقبول هذه الاستقالة، فقد قررت سحبها، راجياً أن يكون استئنافي لنشاطي الحزبي بالمشاركة مع الزملاء
والأبناء الأعزاء في الحزب هو سبيلنا لخدمة بلدنا الحبيب ومساهمتنا الفعالة مع كل مواطن مصري شريف في
العمل الجاد لدعم انطلاقتنا الوطنية».
وأضاف شفيق الذي أسس الحزب في كانون
الثاني (يناير) 2013 بعد خسارته الانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل أمام الرئيس السابق محمد مرسي: «رأيت في
هذا الشأن إجراء بعض التعديلات الجوهرية في المراكز القيادية والمركزية في محافظات الجمهورية كافة،
والتي تتمثل أساساً في إيجاد تمثيل قوى للزملاء أمناء المحافظات والكوادر الشبابية
والمرأة».
ويقيم رئيس «الحركة الوطنية» في الإمارات التي غادر إليها غداة
إعلان فوز مرسي بالانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) 2012. ولم يتمكن من العودة إلى مصر بعد عزل مرسي
بسبب عدم بت القضاء في اتهامات «فساد» تلاحقه في القضية المعروفة باسم «ارض الطيارين» المتهم فيها
بتخصيص أراضٍ لابني الرئيس السابق حسني مبارك بالمخالفة للقانون.
مبارك يطعن على حكم قضية «القصور
الرئاسية»
تقدم محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابنيه علاء
وجمال، بطعن أمام محكمة النقض على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في أيار (مايو) الماضي،
بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، بعد إدانتهم للمرة الثانية بالاستيلاء على نحو 125 مليون جنيه من
موازنة القصور الرئاسية.
وتسلمت نيابة شرق القاهرة الكلية الطعن في اليوم
الأخير من المهلة المحددة له. وطالب الدفاع عن مبارك وابنيه بإلغاء حكم الإدانة والقضاء ببراءتهم من
التهم المنسوبة إليهم. وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت حكمها بالإدانة بحق مبارك وابنيه في 9 أيار
(مايو) الماضي، وقضت بمعاقبتهم بالسجن المشدد 3 سنوات لكل منهم وتغريمهم متضامنين 125 مليوناً و779 ألف
جنيه، وإلزامهم متضامنين أيضاً بردّ 21 مليوناً و197 ألف جنيه.
وانتهت
المحاكمة الجنائية الأولى إلى إدانة مبارك وابنيه، وعوقب الرئيس السابق حينذاك بالسجن المشدد لمدة 3
سنوات، فيما عوقب ابناه بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكل منهما. غير أن محكمة النقض قضت بإلغاء الحكم
وإعادة محاكمتهم جميعاً أمام إحدى محكمة جنايات جديدة.
وكشفت تحقيقات النيابة
أن مبارك وابنيه «حصلوا على منفعة تطوير وإنشاء المقار المملوكة لهم ملكية خاصة من دون سداد مقابلها،
وقاموا بتحميل تلك المبالغ على الموازنة العامة للدولة المخصصة لوزارة الإسكان والخاصة بموازنة مراكز
اتصالات رئاسة الجمهورية بقيمة 125 مليون جنيه، على نحو ترتب عليه إلحاق الضرر بالمال العام، من خلال
تحميل هذه الأموال على الموازنة العامة للدولة من دون وجه حق».
إرجاء إقرار قانون «مكافحة الإرهاب» لتعديله
أرجأت الحكومة المصرية مناقشة قانون مكافحة الإرهاب إلى اجتماعها الأسبوعي الأربعاء المقبل للإفساح في المجال أمام إجراء تعديلات على نصوصه المثيرة للجدل، فيما انضم «المجلس القومي لحقوق الإنسان» التابع للدولة إلى صفوف المعارضين لمشروع القانون، وبينهم نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للقضاء ومنظمات حقوقية، منتقداً «عدم دستورية بعض نصوصه».
وكان رئيس الحكومة إبراهيم محلب اجتمع مساء أول من أمس بنقيب الصحافيين وعدد من رؤساء تحرير الصحف وكتاب، للبحث في الأزمة التي فجرتها مواد في قانون مكافحة الإرهاب، خصوصاً المادة 33 من مشروع القانون التي تنص على أن «يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية».
وقال لـ «الحياة» نقيب الصحافيين يحيى قلاش: «طرحنا وجهة نظرنا المطالبة بإلغاء المادة 33. هذه المادة ليس مجالها هذا القانون، ويعتريها عوار دستوري، وتفرض قيداً على عمل الصحافيين. هناك بدائل كثيرة لهذه المادة، سواء في قانون العقوبات أو في القانون العسكري. عندما نتحدث عن مواجهة شاملة للإرهاب ولحمة وطنية فيجب التعاون مع الإعلام وليس إرهابه، ليست هناك مصلحة في وجود هذه المادة». وأضاف: «لنا بعض الملاحظات على صياغة مواد أخرى في مشروع القانون، وسنتداول فيها خلال اجتماع (من المفترض أن يكون عقد مساء أمس) مع رؤساء تحرير الصحف وكتاب، قبل أن نرسل إليهم (الحكومة) ملاحظاتنا السبت المقبل».
ورأى أن الاجتماع مع رئيس الحكومة «سادته أجواء إيجابية وحرص على حل المشكلة. وهذا مؤشر طيب. أقروا بأنه كان من الضروري طرح القانون على الحوار المجتمعي. ولديهم ملاحظات أخرى من جهات عدة». وأشار إلى أن رئيس الحكومة «وعد بالاستجابة لمطالبنا، لكن لم نتفق على قرار حاسم». ورجح أن «الحكومة ستستمع إلى وجهات النظر المختلفة في مشروع القانون خلال الأسبوع الجاري، قبل أن تعقد اجتماعها الأسبوعي الأربعاء المقبل لمناقشة مصير القانون».
وأشار وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي إلى أن رئيس الحكومة سيعقد اجتماعاً في أقرب وقت، يحضره وزير العدل أحمد الزند للوصول إلى تصور في شأن المادة المثيرة للأزمة مع الصحافيين، لافتاً إلى أن الحكومة تسعى إلى إصدار القانون في أقرب وقت. وأوضح أن الصحافيين طرحوا خلال اجتماعهم بمحلب أول من أمس ثلاثة اقتراحات تتمثل في إلغاء المادة نهائياً، أو نقلها إلى قانون آخر، أو الإبقاء عليها في مشروع القانون مع تعديل العقوبة لتقتصر على الغرامة فقط من دون الحبس. وأكد أن نص المادة الرقم 33 «لم يستهدف أي مساس بحرية الصحافة».
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، فإن محلب أكد خلال الاجتماع أنه «عندما وافقنا على قانون الإرهاب، لم يكن قصد أي أحد التضييق على حرية الصحافة والإعلام، وإنما المقصود هو حماية الأمن القومي، وحماية الروح المعنوية للجنود الذين يدافعون عن هذا الوطن».
وأضاف محلب: «نخوض معركة حقيقية في مواجهة الإرهاب، ويجب علينا جميعاً أن نقدر هذه الحرب، وما تتعرض له الدولة من محاولات لهدمها... شئنا أم أبينا كل مواطن فينا مشروع شهيد دفاعاً عن الوطن». وأوضح أن «ما جرى الأربعاء الماضي من أحداث إرهابية (في مدينة الشيخ زويد) جعلنا نسرع بإصدار قانون الإرهاب الذي كان مطلباً شعبياً نُلام على تأخير إصداره، وهناك الآن قوانين للإرهاب في كل الدول الديموقراطية».
وأكد أن «هدفنا في معاركنا ضد الإرهاب واحد، إما النصر أو الشهادة». وانتقد «وسائل الإعلام المأجورة والمشبوهة التي قامت ببث أخبار خطأ عن سقوط أعداد كبيرة من الجنود المصريين تتراوح بين 60 و70 جندياً مصرياً»، معتبراً أن «هذه الأخبار كانت تستهدف الروح المعنوية للجنود لأن المستهدف في نهاية الأمر هو مصر». ونقل البيان تأكيد وزير العدل أنه «كان يجب أن يؤخذ رأي نقابة الصحافيين في هذا القانون، وأن يُعرض للحوار المجتمعي».
وانضم «المجلس القومي لحقوق الإنسان» إلى المعارضين لنصوص في القانون «لعدم دستوريتها»، منتقداً «عدم أخذ رأي المجلس في نصوص القانون المُقترح بالمخالفة لصريح أحكام الدستور وقانون المجلس اللذين يوجبان أخذ رأيه في أي قانون يتصل بحقوق الإنسان، وفقاً لنص المادة 214 من الدستور».
وأشار إلى أن «كل معلوماته عن مشروع القانون مما تنشره وسائل الإعلام»، منبهاً إلى أن «هذا المشروع الذي نُشر يمثل انتهاكات للعديد من أحكام الدستور». وشدد على «ضرورة التزام المشروع بالدستور واحترامه نصاً وروحاً باعتباره الوثيقة التي أقرها الشعب، خصوصاً ضرورة أن يكون القانون الجديد وقتياً وموقتاً بمدى زمني يرتبط بأسباب صدوره وأن تتم صياغته صياغة محكمة تتفق والمعايير التي استقرت عليها المحكمة الدستورية العليا في مشروعية النص الجنائي». وأوضح أن «الدستور جعل من المعاهدات الدولية التي سبق أن انضمت إليها مصر، جزءاً من التشريع الداخلي، ومنها حق الطعن في الأحكام الجنائية بطريق الاستئناف»، مشدداً على أن «مواجهة الإرهاب ضرورة لاستقرار الوطن والمواطنين، لكن مع عدم التعارض مع الدستور». |