اتجه المشهد السياسي والحكومي، غداة الجلسة العاصفة لمجلس الوزراء التي انتهت الى هدنة الفطر نحو تبريد للأجواء المحمومة برزت معالمه المهمة، خصوصاً في المواقف التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجيه اللذان، وان أكدا دعمهما لمطالب رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، رسمت مواقفهما ما يشبه حدوداً واضحة للخلاف بحيث لا تهز الوضع الحكومي.
وعلمت "النهار" أن خطاب الرئيس سعد الحريري غداً الأحد في الافطار الذي يقيمه تيار المستقبل" سيتميّز بـ"نبرة هادئة ذات أفق وطني" على حد وصف مصادر الذين شاركوا في المشاورات في جدة لتحضير الإطلالة. وأفادت المصادر أن الرئيس الحريري سيؤكّد التمسك بـ"ثوابت الرئيس رفيق الحريري" في خيار الدولة والمناصفة والتوافق والدعوة الى الاعتدال في ظروف إقليمية معقّدة لحماية لبنان. ومن المقرّر أن يقام الافطار في 14 منطقة من لبنان ويحضرها 15 ألف مدعو.
فرنسا: تسهيل التوافق ولكن على أهميّة رصد المواقف الداخلية ونقاط التمايز التي برزت بين عون وحلفائه، فان تطوراً لافتاً في الموقف الفرنسي من أزمة الفراغ الرئاسي طغى على اهتمام المراقبين نظراً الى دلالات توقيته اقليمياً وداخلياً وما يمكن أن ينطوي عليه من استعدادات جديدة لتحريك المساعي الفرنسية في شأن الاستحقاق اللبناني. وتمثل هذا التطور في اعلان الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال أمس أن "فرنسا قلقة من الفراغ الدستوري الناشئ عن عدم انتخاب رئيس جديد"، معرباً عن "أمل بلاده في أن يتوحّد جميع الفاعلين السياسيين اللبنانيين لاختيار رئيس للدولة". وأضاف: "من غير أن نتدخّل في الحياة السياسية اللبنانية، فإن فرنسا تنشط لتسهيل حصول هذا التوافق". ولفت الى أن "فرنسا تتحرك مع كل الفاعلين القادرين على تسهيل وجود هذا التوافق".
أضف أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تناول الملف الرئاسي أمس، فرأى أنه "لا يجوز أن تبقى انتخابات الرئاسة رهنا بالسياسة في طهران". وانتقد تعطيل الرئاسة الذي "لم يأت بفخامة الرئيس القوي وإنما بفخامة الفراغ فحسب".
نصرالله وفرنجية وفيما اتخذت حركة الوفود السياسية التي شهدتها السرايا الحكومية أمس بعداً بارزاً في التضامن مع رئيس الوزراء تمّام سلام غداة مجريات جلسة مجلس الوزراء والحملة الحادة التي جردها "التيار الوطني الحر" على الرئيس سلام، رسمت كلمة نصرالله في مناسبة "يوم القدس العالمي" معالم الموقف المتوازن التي يعتمده الحزب بين دعم حليفه العماد عون وتمسكه بالاستقرار الحكومي. وحرص نصرالله تكراراً على تأكيد دعمه لمطالب عون ورفض استفراده "وإدارة الظهر" لمطالبه، لكنه شدّد على ثلاث نقاط أساسية هي "بقاء انتخاب رئيس الجمهورية أولوية للجميع، التفاهم على آلية واضحة وحاسمة لمجلس الوزراء الحالي نظراً الى الظرف الاستثنائي في غياب رئيس الجمهورية، والتأكيد أن لا العماد عون ولا أحد من حلفاء العماد عون يريد تعطيل حكومة، لا أحد يتّهم بتعطيل حكومة، ولا أحد يريد أن يسقط الحكومة، كلّنا ندرك أن إسقاط هذه الحكومة لأي سبب من الأسباب يعني أن البلد كله ذهب إلى الفراغ. في هذا الوضع الإقليمي هذه خطوة خطيرة جداً، لا أحد يريد إسقاط الحكومة ولا أحد يريد تعطيل الحكومة. لكن كل واحد يريد أن تعمل الحكومة بشكل صحيح، وضمن الدستور والآليات الدستورية والقوانين، وأيضاً بما يعزز الشركة". وحض على حوار ثنائي بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل"، لان المشكل الحقيقي هنا". وقال ان "لبنان في هذه المرحلة التاريخية والصعبة من تاريخ المنطقة هو بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الحفاظ على سلمه الأهلي وعلى استقراره السياسي وعلى مؤسساته الدستورية وعلى عيشه الواحد وعيشه المشترك، ولا مجال فيه لا للإقصاء ولا للإلغاء ولا للإستئثار".
أما النائب فرنجيه، فأكد بدوره وقوفه الى جانب العماد عون، لكنه أبرز نقاط تمايز في موقفه منتقداً طرح الفيديرالية أولاً، كما انتقد تبليغ "المردة" قرار "التيار الوطني الحر" وذلك "قبل ساعات فنحن نحترم موقفه ولكن نختلف معه على الوسيلة". وبدت معارضته للتحرك في الشارع واضحة من خلال قوله "ليس المطلوب لاستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية أن ننتقص من صلاحيات رئيس الحكومة".
"المستقبل" وقالت مصادر وزارية في "المستقبل" لـ"النهار" رداً على طرح السيد نصرالله إجراء حوار بين "المستقبل" والعماد عون على أن ينضم اليهما "حزب الله" لاحقاً: "هذه رغبته". وتوقعت في فترة الأسبوعين التي تسبق إنعقاد مجلس الوزراء "أن تبقى الأمور مفتوحة". وأضافت: "إن خطوطنا مفتوحة وعمرنا لم نقاطع أحداً. اننا نحاور "حزب الله" أكثر الأطراف خصومة، وإذا كان من حوار مع العماد عون فسيكون مفتوحاً وليس هناك من مجال لمقاطعة أحد. ولكن لسنا في صدد رفع سماعة الهاتف والقول له جايين نشوفك". وشددت على القول: "لسنا في جو المقاطعة مع أحد". ولاحظت أن العماد عون "يقول بالتفاهم والشركة ثم يقول إما أن تختاروا هذا الشخص وإلا فإنني أرفض. هل هذه شركة وهل هذا تفاهم؟". وتوقعت فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب قبل معاودة مجلس الوزراء جلساته، وسيوقع وزيرا "حزب الله" المرسوم، كما سينضم الى الموقعين أيضاً الوزير ميشال فرعون.
وفي هذا السياق، دعا وزير الداخلية نهاد المشنوق العماد عون الى "المجيء الى منطقة وسطى تحمي البلاد مع قوى الاعتدال الحقيقي"، معتبراً ان "المبالغة في رفع المظلومية المسيحية لا تخدم الا المغالين في المظلوميات السنية والشيعية وهذا فيه كثير من صب الزيت على نار الحرب الأهلية".
في سياق آخر، قام السفير البابوي غبرييلي كاتشا بجولة على مخيم للاجئين السوريين في انطلياس وعائلات عراقية في الدكوانة وعائلات لبنانية في برج حمود والنبعة ورافقه في الجولة راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران كميل زيدان.
حرب وشخصيات من 14 آذار في السرايا سليمان: الحكومة مستمرة وستكون أقوى
تلقى رئيس الحكومة تمام سلام مواقف داعمة امس كان ابرزها من الرئيس ميشال سليمان الذي زاره برفقة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ووزيري الشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي والمهجرين أليس شبطيني.
وقال سليمان ان "الزيارة لتأييد الحكومة وعملها. ثقتنا كاملة برئيسها وبادارته للجلسات. اما حقوق المسيحيين فلا تطرح من باب المشاركة كما طرحت. العنوان خاطئ، ولا يمكن القبول بالقول ان الرئيس سلام يأخذ صلاحيات المسيحيين او يمثل الداعشية السياسية بحق المسيحيين، هذا معيب". ودعا الى"التنبه لمقاربة الامور للحفاظ على حقوق المسيحيين وعدم التعرض للرئاسة. فتعطيلها ليس خدمة للمسيحيين". ورفض تصنيف وزراء درجة أولى وآخرين درجة ثالثة ، وأن وزراء الرئيس لا يمثلون." وقال:" لا نستطيع ان نتحدى الجيش ونُشهّر بقائده، وان نصفه بالمياوم، وفي الوقت نفسه نقول انا مع الجيش". وعن الانتخابات سأل: "أليس لنا رأينا ؟ أليس لبكركي رأيها لتدعونا للنزول الى الانتخابات ؟ فلنستطلع المسيحيين اذا كانوا يريدون رئيسا او لا؟ لا ان نستطلعهم بين فلان وعلان، اذا تنافس اثنان فلا يعني ان ذلك هو المعيار المسيحي". واضاف: "هل الفيديرالية لمصلحة المسيحيين؟ هي كانتون اساسي تمثّل جبل لبنان ونحن فرحون به ؟ اليوم يأخذه المسيحي وبعد عشر سنوات من يأخذه؟ هناك اللامركزية الموسعة التي تحد من كل المشاكل الا اذا كان هناك نية لإيصال شخص معين الى كانتون معين". وأكد ان "هناك ارادة كبيرة لعدم التعطيل، والحكومة مستمرة وستكون أقوى، ورئيسها مارس دوره المسؤول في شكل ممتاز".
واستقبل سلام وزير الاتصالات بطرس حرب الذي أكد أن ما جرى يشكل خرقا للقواعد الادبية والاخلاقية والسياسية، رافضا "ان تتحول العملية الى سوق مزايدات يلجأ اليها اطراف للتجارة بالهوية المسيحية".
وفي السرايا، مطران الأرمن الأرثوذكس شاهي بانوسيان يرافقه الامين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان فالمدعي العام التمييزي سمير حمود، ثم وفد من إتحاد جمعيات العائلات البيروتية برئاسة فوزي زيدان، فوفد من لقاء بيروت الوطني"، دعما لرئيس الحكومة.
ومساء، زار السرايا متضامنا وفد من الامانة العامة والمجلس الوطني لقوى 14 آذار ، تحدث بإسمه النائب السابق فارس سعيد الذي أكد التضامن مع سلام وتجديد الثقة الشعبية به والثقة البرلمانية التي حازها منذ نحو عام ونصف عام". وقال: "لم نسمع حتى خلال فترة الحرب الأهلية هذا الكم من التحريض الطائفي الذي سمعناه خلال هذين اليومين، ونعتبر أن وحدة اللبنانيين هي الكفيلة بحل كل المشاكل، والمواضيع لا تستقيم الا من خلال مساحة وطنية مشتركة، مقاربة لبنانية لبنانية، وحدة اسلامية- مسيحية، فنحن ضد الإنفصال، نحن مع الوصل في لبنان وضد الفصل". وتحدث بإسم المجلس الوطني نسيم ضاهر.
وزار السرايا ايضا، وفد من مجلس امناء جمعية المقاصد برئاسة امين الداعوق، ثم وفد من حركة التجدد الديموقراطي" برئاسة النائب السابق كميل زيادة عبرا عن تضامنهما مع سلام. |